Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحلة البحث عن عبوة شامبو في غزة

بات السكان يغتسلون بسائل "الجلي" ويعتمدون على كيس البصل والخيش في تنظيف أواني الطعام

ملخص

هل استخدمت سائل "الجلي" لغسل شعر رأسك؟ هذا ما يفعله سكان غزة بسبب الحرب

بلهجته العامية كان منتصر يسأل أي بائع في السوق الشعبية "في عندك شامبو؟"، لكن جميع الإجابات عن سؤاله جاءت بالنفي، إذ بات الحصول على عبوة غسول للشعر أمراً شبه مستحيل في قطاع غزة، وأصبح الشخص الذي يملك القليل من مواد التنظيف الشخصية يصنف بأنه "برجوازي".

زار منتصر نحو 55 بسطة شعبية في سوق محافظة دير البلح وسط القطاع، وهو يبحث عن عبوة شامبو ليتحمم بها برفقة أطفاله، ولكنه لم يجد أي نوع بصورة قاطعة، يقول "حتى الشامبو من النوع التجاري نفد من غزة".

ثمن جنوني للصابون

فكر منتصر في الخيارات البديلة، وأخذ يبحث عن قطعة صابون ليستخدمها في غسل شعره وجسده، ولكن رحلة البحث عن هذا النوع من مواد التنظيف الشخصية كانت صعبة للغاية، دار الرجل في السوق من جديد لأجل ذلك الغرض وبصعوبة وجد ضالته.

عند بائع يجلس خلف بسطة صغيرة وقف منتصر يسأل عن سعر قطعة الصابون الكيماوية (أي صنف تجاري) ومن البائع جاء الجواب سريعاً "هذه بـ15 دولاراً، أما التي إلى جانبها فإن ثمنها 30 دولاراً فإن نوعيتها ممتازة ولطيفة على الجسم وتصنع رغوة".

عندما سمع منتصر أسعار الصابون أصيب بذهول، وبعد تفكير قرر شراء كمية محدودة من سائل "الجلي" ليستخدمها بديلاً عن مواد التنظيف الشخصية التي نفدت من غزة، لقد اشترى نحو 200 مللميتر من سائل "الجلي" المصنف أنه مذيب للدهون وبقوة 20 ليمونة، وغادر به إلى خيمته الصغيرة.

إغلاق المعابر وراء النفاد

لم تتفاجأ كارينا زوجة منتصر مما فعل زوجها، وتقول "معظم النسوة في مخيم النزوح يستخدمن مواد التنظيف الخاصة بالأواني لأجل الاستحمام، منذ أسبوعين وأنا أبحث عن شامبو شعر أو أي نوع صابون، لكن الحصول على ذلك ضرب من الخيال".

منذ بدء إسرائيل عمليتها العسكرية في محافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة وإغلاق معبر رفح لم يدخل إلى قطاع غزة أي مواد تنظيف شخصية، وبعد نحو شهرين من إغلاق المنفذ الحدودي مع مصر نفد ما تبقى من بضائع مخزنة من أصناف الشامبو والصابون وحتى إسفنج "الجلي" (الليفة الملونة) بات وجودها شحيحاً.

سائل "جلي" لفرك الرأس

في حمام صغير كانت سوسن تساعد أطفالها في الاستحمام، وبدلاً من شامبو الشعر وضعت الأم على فروة رأس صغارها سائل "الجلي" ومزجته بالقليل من سائل غسل اليدين، وأخذت تفرك شعر أبنائها، تضحك وهي تفعل ذلك، وتقول "لقد وصلت بنا الحال إلى انعدام وسائل النظافة الشخصية، ينطبق علينا المثل (همّ يبكي وهمّ يضحك)".

من مواد التنظيف نفسها المخصصة للأواني وضعت سوسن على أجساد أطفالها، لكنها لاحظت بعد عملية الاغتسال أن شعر صغارها بات خشن الملمس وبصعوبة يتم تمشيطه، وعلى رغم ذلك لم تتردد في غسل شعرها منه.

محظوظ وجد عبوة شامبو

كان هاني الشخص الأكثر حظاً من بين الأشخاص الذين يبحثون عن عبوة شامبو، إذ وجد ضالته في صيدلية بعيدة، ولكن كان ثمن العبوة ذات سعة 500 ملليمتر نحو 55 دولاراً، والليتر الواحد ثمنه يصل إلى 88 دولاراً.

على رغم الارتفاع الضخم لثمن الشامبو اشترى هاني عبوتين، يقول "بعد تسعة أشهر من الحرب لم يعد مع الناس أموال كافية لتلبية أبسط مستلزمات الحياة، وأعتقد أن عملية الاستحمام لمرة واحدة في غزة تعد الأغلى في العالم".

 

لم يحصل هاني على شامبو طبي وإنما كان صنفاً تجارياً، يضحك الرجل ويضيف "يكفيني ليتر الشامبو لنحو 20 مرة استحماماً، وهذا يعني أن كل مرة سيكلفني غسل شعري وجسدي قرابة الدولارات الثلاثة".

اشترى هاني عبوة مياه بسعة 16 ليتراً ليستحم فيها بكلفة خمسة دولارات، وسيضع القليل من الشامبو على رأسه وجسده بقرابة ثلاثة دولارات، يوضح الرجل أن حمامه هذا هو الأغلى في العالم، لأنه يستخدم مواد تجارية ويغتسل في خيمة.

من باب المزاح يقول هاني "إذا هاجرت وكلفني الاستحمام خارج غزة 100 دولار سيكون الثمن قليلاً، لأنني حينها أكون أغتسل في حمام فندق من جوكوزي وأفرك شعري في شامبو طبي، وجسدي في شامبو يصنع رغوة كثيفة، وأكسب ماءً نظيفاً وليس مالحاً من البحر".

بدائل ليف "الجلي"

في زاوية مخيم النازحين كانت السيدة فاطمة منشغلة بشيء آخر خلاف حديث عن الشامبو والصابون، إذ كانت تغسل مواعين طعامها بواسطة قطعة من كيس البصل، بعدما تعذر عليها العثور على إسفنج جلي (الليفة الملونة الصغيرة).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول فاطمة "نفدت ليفة الجلي من السوق، وكان لديَّ بصل وخيش، قمت بقص كل واحد منهما لأجزاء صغيرة، وأستخدمهما اليوم لتنظيف الأواني من بقايا الطعام، لقد وصلت بنا الحال في غزة إلى أردأ مستويات الحياة".

يعد حال فاطمة أفضل بكثير من وضع سماهر، فهذه السيدة تغسل أواني بواسطة الرمل، تشرح "أمسك حفنة من التراب وأمزجها بالماء ثم أفرك أواني الطعام بها، وبعد ذلك أغسلها بالماء، هذا ما وصلنا إليه بسبب الحرب".

اتهامات متبادلة

يتهم مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إسرائيل بالوقوف وراء منع توريد مواد التنظيف الشخصية إلى قطاع غزة، ويقول "تستطيع إسرائيل التحكم بكل شيء في غزة، واليوم تمنع الشامبو بذريعة أنه يحوي مواد كيماوية، وتبرر أن هذا يدخل ضمن المواد المزدوجة الاستخدام".

لكن منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية غسان عليان ينفي ذلك، ويقول "نحاول تخفيف معاناة سكان غزة، ونعمل على السماح بتدفق السلع بجميع أنواعها إلى القطاع، ولكن بصورة تدرجية وبما يضمن الأمن لنا، ونسعى إلى عدم وصول أي مواد كيماوية لأيدي (حماس)".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات