ملخص
يرى باحثون أن "الهجوم الإيراني يدل على قدرات إيران الباليستية منذ بدء الحرب قبل عام تقريباً، وتشير تقارير القيادة المركزية الأميركية إلى أن في حوزة إيران ما يزيد على 3 آلاف صاروخ باليستي".
أكد مسؤول أمني إسرائيلي أن الرد على هجوم إيران سيكون مختلفاً كلياً عن رد هجوم أبريل (نيسان) الماضي، ليتناسب والأهداف التي اختارتها إيران في هجومها الأخير، ولم تقتصر على القواعد العسكرية التي ألحق بها الهجوم أضراراً بالغة.
حتى يوم الجمعة الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، واصل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مشاوراته مع الأجهزة الأمنية وقيادة الجيش في طبيعة العملية، التي وفق هذا المسؤول الأمني، لا تتوافق مع مطالب واشنطن التي تريدها محسوبة، مؤكداً أن الرد قد يأتي بأسرع وقت وبشكل مفاجئ، وقال "واضح أن إسرائيل، هي الأخرى، تريد هجوماً محسوباً بما يمنع أن تكون الشعلة لحرب إقليمية ولكن في الوقت ذاته لن تكون ضربة عابرة و’ناعمة‘، كما المرة السابقة، ولن يقتصر الجهد الإسرائيلي على توجيه الضربة مباشرة إنما العمل على فرض عقوبات واسعة ضد إيران أيضاً".
وبينما ناقش اجتماع نتنياهو وقيادة الأجهزة الأمنية مختلف السيناريوهات من بينها مطلب ضرب النووي الإيراني، إلا أن ما عرضه مسؤولون أمنيون كان متجهاً نحو إصابة مصادر النفط في إيران، معتبرين أن "الولايات المتحدة تتفهم ضرورة رد إسرائيل على الهجوم الإيراني ولكن في الوقت نفسه لا تريد اتساع هذه الحرب بعد تهديد إيران برد أوسع إذا ما تصرفت إسرائيل بصورة لا تتناسب والهجوم".
وقال مسؤول إسرائيلي "لدينا علامة استفهام كبيرة حول نية الإيرانيين الرد على الهجوم، لكننا نأخذ في الاعتبار احتمال أن يذهبوا نحو رد وتصعيد، وعندها وستكون لعبة مختلفة تماماً".
ومن المتوقع اليوم الجمعة أن يناقش نتنياهو مع الرئيس الأميركي جو بايدن ما توصلت إليه إسرائيل من قرارات قبل تنفيذ الرد، الذي وصف في إسرائيل بالرد "واسع النطاق"، نظراً إلى حاجة إسرائيل إلى الحفاظ على علاقة جيدة مع واشنطن الداعمة لها، أيضاً في منظومات الدفاع التي تواجه إسرائيل نقصاً كبيراً فيها وزودتها واشنطن بكمية كبيرة من "القبة الحديدية" و"مقلاع داوود"، التي استهلك سلاح الجو كمية كبيرة منها منذ بداية حملة "سهام الشمال" على لبنان.
النفط والغاز شعلة الحرب الإقليمية
وفي حين تسرب عن أكثر من مسؤول إسرائيلي مطلع على محادثات متخذي قرار الرد على الهجوم الإيراني أن هدف إلحاق الضرر بمنشآت الغاز أو النفط هو هدف أعلى بدرجة من الرد على هجوم أبريل الماضي، ذكر مصدر أمني أنه "ليس من المؤكد أن الولايات المتحدة موافقة على خططنا وأهدافنا، ولكن استمرار المشاورات والدعم لنا لديه تفسير آخر، وهو أن واشنطن ترى أنه من الأفضل احتضاننا، فهم على قناعة بأننا سنرد وفق ما نراه مناسباً أيضاً في سياق استرجاع الردع الإسرائيلي والتفوق فيه".
وفيما لم يتطرق هذا المصدر إلى مدى استجابة واشنطن لخطة الرد الإسرائيلي، قال "يجب ألا نذهب بعيداً، ولكن إن فعل متخذو القرار عندنا ذلك فيمكن أن نذهب بعيداً بما فيه الكفاية".
ووفق أكثر من تقرير إسرائيلي، بما في ذلك تقارير تناقلت مواقف مسؤولين أميركيين، تشير المحادثات بين واشنطن وتل أبيب، إلى أن الأخيرة لا تشعر بالحاجة إلى رد فوري ومكثف على إيران، لكن الخوف في الولايات المتحدة وأوروبا هو أن يؤدي هجوم إسرائيلي على أهداف اقتصادية في إيران إلى رد خطر، بعدما اعتبرت طهران ضرب صناعة النفط والغاز خطاً أحمر. ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤول أميركي قوله إن واشنطن تشجع إسرائيل على التصرف بطريقة محسوبة، "لكن أوروبا تعتقد أنه لا يوجد ضغط كاف على نتنياهو وحكومته، وأن الأميركيين لا يقيدونه".
لا يخفي الإسرائيليون خشيتهم من اتخاذ نتنياهو قراراً متهوراً في ظل الضغوط من داخل ائتلافه الحكومي ولاعتباراته السياسية، كما أن تصريحات نتنياهو بعد الهجوم باعتبار أن إيران ارتكبت خطأ فادحاً ستدفع ثمنه باهظاً، مضيفاً أن "النظام الإيراني لا يفهم تصميمنا على الدفاع عن أنفسنا وتصميمنا على مهاجمة من يهاجمنا، كما فعلنا تجاه السنوار ونصر الله".
وإلى جانب ما ذكره مسؤولون من الاحتمال الأكبر بالرد على منشآت النفط والغاز، يناقش نتنياهو في إطار ضيق مختلف سيناريوهات الرد، ولكن في جميعها يؤكد الإسرائيليون أن "الرد سيكون مؤلماً ويستهدف مواقع استراتيجية".
وبحسب مصدر مطلع على الأبحاث فإن الهجوم لم يسقط عن طاولة النقاش أيضاً المنشآت النووية والمنظومة المضادة للطائرات، مع التركيز على النظام الذي يحمي المنشآت النووية ومراكز الأسلحة وحتى عمليات القتل المستهدف، ويقول المصدر إنه "كما في كل خيار استراتيجي، يمكن أن يشمل الرد أكثر من خيار واحد، يمكن التعبير عن الإبداع الإسرائيلي بجميع أنواع الطرق، وليس من الضروري أن يأتي الرد في شكل غارة جوية". وأضاف "هناك رغبة لدى إسرائيل بالرد بمفردها، وإظهار ما تستطيعه للإيرانيين والعالم، لا نريد أن نطلب المساعدة من الحلفاء".
وقال المصدر ذاته، "في سلة ردودنا هناك خيارات قد تؤدي إلى زيادة خطر الحرب، ولكن انطلاقنا للهجوم لن يكون ضمن كيفية تجنب حرب إقليمية أو زيادة خطر الحرب، إنما هناك حاجة إلى أن يفهم الإيرانيون أنه من الأفضل عدم تحدينا، وأن اعتباراتنا في الرد ليست تجنب الحرب، إنما تحقيق الردع وإلحاق الضرر وتغيير دوافعهم للتعامل معنا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
450 مليون دولار كلفة التصدي للصواريخ الإيرانية
وفقاً لتقرير للجيش الإسرائيلي أطلقت إيران 191 صاروخاً باليستياً باتجاه إسرائيل ووصلت إلى المركز والجنوب، ولم تستهدف القواعد العسكرية والمطارات، إضافة إلى محاولة استهداف مفاعل ديمونة فحسب، إنما أيضاً تجمعات سكانية، وهو ما سيجعل الرد أقسى مما تصورته إيران.
ويقول الخبير في شؤون التكنولوجيا الحربية عوديد يارون، إن "الهجوم الإيراني يدل على قدرات إيران الباليستية منذ بدء الحرب قبل عام تقريباً"، وبحسبه فإن "تقارير القيادة المركزية الأميركية تشير إلى أن في حوزة إيران ما يزيد على 3 آلاف صاروخ باليستي".
ولكن وفق يارون "من الصعب معرفة مدى دقة هذا التقدير، وكم عدد الصواريخ التي يمكنها ضرب إسرائيل، وما نسبة الصواريخ الدقيقة منها".
ووفق ما تبين بعد الهجوم الإيراني فقد شمل إطلاق صواريخ "فتح-1" المتطورة، وهو الصاروخ الذي كشف عنه للمرة الأولى العام الماضي، وبحسب إيران هو صاروخ "فرط صوتي" يحمل رأساً حربياً يصل وزنه إلى 450 كيلوغراماً ويبلغ مداه نحو 1500 كيلومتر. ويعرف الصاروخ على أنه "فرط صوتي" إذا كان قادراً على المناورة بسرعة "5 ماغ" أو أعلى (نحو خمسة أضعاف سرعة الصوت)، داخل الغلاف الجوي لفترة مستمرة من الزمن، وتساعد قدرة الصاروخ على المناورة خلال الثواني الأخيرة في تحسين دقته.
ونقل يارون قول الباحث في "معهد منع انتشار أسلحة الدمار الشامل" في كاليفورنيا جيفري لويس "إن الصور المنشورة للهجوم تظهر أن الصواريخ من هذا النوع (فرط صوتية) استخدمت على نطاق واسع، ويمكن الخروج بهذا الاستنتاج أيضاً من التقارير الواردة من إيران والشظايا العديدة التي صورت بعد الهجوم".
وإلى جانب صواريخ "فتح"، أطلقت إصدارات عدة متطورة تعتمد على صاروخ "شهاب-3" القديم وغيرها من الصواريخ.
وفي تقرير نشره موقع "واللا" الإخباري فإن تكاليف تصدي إسرائيل للصواريخ الإيرانية كان ضعف كلفة الصواريخ التي شملها الهجوم الإيراني، ووصلت إلى 450 مليون دولار.
وبحسب التقرير فإن عدداً قليلاً من الصواريخ التي شملها الهجوم الإيراني سقط على طول الطريق في إيران والعراق، إذ إن مدى الصاروخ الباليستي يتراوح ما بين 1500 و2000 كيلومتر، وهو سلاح باهظ الثمن. وبحسب التقديرات فإن تصنيعه يكلف الإيرانيين أيضاً ما لا يقل عن مليون دولار، واستخدم الإيرانيون في الوابل نماذجهم الصاروخية المتطورة، مثل "عماد" و"خيبر" و"فتح 1"، التي يزعم أنها تفوق سرعة الصوت، أي أنها تستطيع الطيران والمناورة بسرعات تزيد على خمسة أضعاف سرعة الصوت، في محاولة لخداع أنظمة الدفاع الجوي التي تحاول اعتراضها.
وتشير التقديرات إلى أن كلفة الصواريخ الإيرانية وصلت إلى نحو 200 مليون دولار، وهو بحسب التقرير الإسرائيلي ليس قسطاً بسيطاً من مخزون الصواريخ الإيرانية، ولكن في ما يتعلق بطهران فهذه ضربة طفيفة إلى حد ما من الناحية المالية".
وفي تصديه لهذه الصواريخ، أطلق سلاح الجو الإسرائيلي صواريخ "حيتس-2" و"حيتس-3"، ووفق السياسة الإسرائيلية لا يتصدى للصواريخ التي تحدد المنظومة أنها ستصيب مناطق غير مأهولة أو غير مهمة عسكرياً، على رغم أن الإيرانيين استخدموا هذه المرة صواريخهم الأكثر دقة بحيث كانت على الأرجح أكثر دقة في هدفهم مما كانت عليه في الماضي، مما استلزم استخدام مزيد من الاعتراضات"، وفق التقرير الإسرائيلي.
ولم يكشف الجيش الإسرائيلي عن عدد صواريخ "حيتس" التي استخدمها، وما إذا كان من الضروري أيضاً استخدام صواريخ "مقلاع داوود" و"القبة الحديدية" الاعتراضية لاعتراض شظايا كبيرة، أو أجزاء صواريخ إيرانية كبيرة ليست الرأس الحربي، بل خزانات الوقود والمرحلة الأولى وهي ما تزال في الجو ومنفصلة عنها".
وذكر تقرير موقع "واللا" أن كلفة صاروخ "حيتس - 2"، الذي يعترض هدفه على بعد عشرات الكيلومترات في الغلاف الجوي، يبلغ نحو 3 ملايين دولار. ويكلف صاروخ "حيتس-3" الأحدث، الذي يعترض الصاروخ الباليستي أثناء وجوده في الفضاء وعلى مسافة أكبر من حدود إسرائيل، نحو مليوني دولار. ولكن حتى لو كانت هناك حاجة إلى نحو 180 صاروخ حيتس واستخدم كلا النوعين من الصواريخ، فإن كلفة الاعتراض تبلغ نحو 450 مليون دولار، أكثر من ضعف ما كلف الوابل الإيرانيين، بحسب التقرير الإسرائيلي.