Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التخلي عن المقتنيات المتراكمة يجدد الروح ويحرر من العبء

يتضاعف حجم الأغراض في المنازل عاماً بعد آخر كما تزدحم الأحداث والذكريات

تحتشد الخزائن بالأغراض من سنة إلى أخرى وتقفل مسارات الطاقة (بكسلز)

ملخص

الأغراض التي تتراكم في غرفنا ومنازلنا ومكاتبنا، تلك المتروكة بلا مبالاة، وتلك التي تقتطع جزءاً من الذاكرة تؤثر في حياتنا وتسد الطريق ربما على أغراض جديدة. كيف نتخلص منها؟ وهي من فوائد بعد اقتطاعها من حياتنا؟

المزهرية إياها الفارغة من الأزهار والمليئة بأغراض صغيرة و"كراكيب" التي كثيراً ما دارت حولها الطرائف كونها تحوي كل شيء ولا شيء. فيها فواتير قديمة ونقود معدنية ومفتاح غير معروفة لأي باب وبطاريات فارغة بلا جدوى وقصاصة ورق عليها رقم هاتف من دون اسم وإبرة وخيط وضمادة جرح وغطاء ريموت كنترول، ولاصقة ونصف شمعة وقلم رصاص وطبقة قلم حبر لاستخدامات مختلفة، واللائحة قد تطول أكثر بحسب البيت وسكانه.

هذه المزهرية نفسها يمكن رمي ما فيها من دون أي أسف. وتشبه هذه المزهرية حياتنا في بعض جوانبها، إذ تتراكم الأغراض غير المفيدة التي ربما نسينا وجودها، لكننا لا نجرؤ لسبب أو لآخر على اقتطاعها من حياتنا. من أثاث وثياب وأغراض وحتى أفكار ترافقنا من فصل لآخر، ومن عام لآخر من دون النظر في أمرها، وأحياناً نتعلق بها ويصعب التخلي عنها، فتراكم على حياتنا طبقات وطبقات من الأشياء التي في المحصلة قد لا تساوي شيئاً. ولا يكفي أنها تتربع مرتاحة في أماكننا وتقلصها، فهي قد لا تسمح بدخول غرض آخر أحياناً، أو يصطف الغرض الجديد مع القديم يداً بيد ليكمل سور الحصار ويحصنه.

ازدحام الأماكن

تتراكم أغراضنا عاماً بعد آخر كما تتراكم الأحداث والذكريات، ونجد لها أماكن للتخزين إما في العلية أو المستودع أو صناديق مقفلة، مثلما نخزن ذكرياتنا في حصين الدماغ وقشرته. ويؤخر بعض الذكريات عن المضي قدماً، وتعكر الأغراض المكدسة صفو التخلي.

قد يكون البدو والغجر، وهم صورة الإنسانية الأولى بقبائلها، الأشخاص الأقل حملاً، والأكثر حرية، فاضطرارهم إلى الترحال الدائم يجعل صُررهم أقل وزناً، يحملون فيها ما يحتاجون إليه فحسب، تاركين وراءهم كل ما شطبته الحياة عن لائحة الحاجة.

كثيرة هي الأغراض التي لا نستخدمها، فيما يوصف الإصرار على الاحتفاظ بالأشياء على رغم عدم فائدتها بـ"اضطراب التخزين"، وتكون أسبابه إما نفسية كالقلق والاكتئاب والذكريات العاطفية، وإما اجتماعية كالتربية أو الإحساس بالتحكم.

متى نتخلى ونقتطع؟

تقول اختصاصية علم الطاقة و"الفنغ شوي" جيسيكا خديدة لـ"اندبندنت عربية" إن الفلسفة الصينية المرتكزة على العناصر الخمسة، وهي الخشب والنار والتراب والمعدن والماء، فيها فصلان مناسبان للتخلي عن الأغراض، واحد يمثل التجدد، والآخر التخلي.

الفصل الأول فصل الربيع، ويمثل الطاقة الجديدة والمتجددة spring cleaning ويشبه  ما يعرف بـ "التعزيل" في المجتمعات العربية، إذ تنظف الأسقف والأرضيات والزوايا وندخل في عمليات تنظيف عميق، وينصح بأن تكون في الربيع الذي يرتبط بعنصر الخشب، والعضو المسؤول عنه في الجسد هو الكبد، ويؤدي عدم توازنه إلى تصرفات عصبية وآلام في الرأس واكتئاب وخلل في الهرمونات. والفصل الثاني هو الخريف الذي تمثله الطبيعة بتساقط أوراق الشجر فتتخلص مما لم تعد تحتاج إليه، ويستطيع الأشخاص التماهي مع الطبيعة بالتخلص مما لا يريدونه. ويرتبط هذا الفصل بعنصر المعدن الذي يؤثر توازنه في تنظيمنا بين الحياة والعمل، وعدم توازنه يؤدي إلى حزن شديد ومشكلات في التنفس لأنه يرتبط في الجسد بالرئتين، ونلاحظ أن عدم التوازن يجعل البيت فوضوياً ويجتاحنا شعور بعدم الرغبة في الترتيب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول جيسيكا "يعد هذان الفصلان الأفضل للاقتطاع والتخلي حتى نحصل على التجدد. والاقتطاع له بعد جسدي، إذ نشعر بعد التعب والمجهود الجسدي في التنظيف ونقل الأغراض بالراحة على الصعيد البصري، وبعد نفسي وفكري بسبب تعلق الناس بأغراضهم بصورة معنوية أو نفسية، بخاصة تلك التي تحمل ذكريات معينة.

ليس سهلاً على بعض الأشخاص التخلص من أغراضهم، وهذه الحالة قد تعود للطفولة ولعوامل نفسية. وآخرون يكون سبب التعلق عائداً إلى الخوف، فيصبح نمط الخوف قائماً في حياتهم من خسارة شخص أو التخلي عن غرض، فتتراكم الأغراض في بيوتهم.

والبعض لا يتخلص من أغراضه لأنها ذكرى من شخص فقده بالوفاة، فيتعلق عاطفياً بأغراض تلقاها منه، ويجد صعوبة كبيرة في التخلي عنها.

وتنصح اختصاصية علم الطاقة و"الفنغ شوي" بأن يبدأ هؤلاء بالتخلص من الأمور غير المتعلقة بصورة مباشرة وإبقاء الأغراض التي تجلب السعادة التي تذكرهم بأحداث جميلة في الطفولة أو الشباب والتبرع بالباقي لمن يحتاج إليها والشعور بفرح المتلقين لهذا التبرع، إذ أثبتت الدراسات أن العطاء أقصر الطرق إلى السعادة.

ولدى جيسيكا قاعدة تعتمدها في الاقتطاع، فأية قطعة مثلاً لم ترتدها ثلاث سنوات وما زالت جيدة نتنقل إلى صندوق التبرعات من دون أي تفكير إذا كنت تستطيع شراء غيرها. تقول "يجب تخفيف هيكلية الخوف لأنه يعلقنا بالخوف المادي، وتعد طاقته سلبية أمام الوفرة المالية. فالعيش بخوف والتعلق بالأغراض بدافع الخوف يتحكم في حياة الإنسان ويمنعه من التقدم في العمل ويجعله ميالاً لاتخاذ القرارات التي تحد من الوفرة".

البيوت الفوضوية

"إذا شعرت يوماً بالتوتر أو الإحباط أو الإرهاق عندما يكون منزلك في حالة من الفوضى فمن المحتمل أنك تدرك العلاقة بين النظافة والصحة العقلية. لهذا قد يكون التنظيف والتخلص من الفوضى في بعض الأحيان أمراً جيداً للغاية، بل وحتى علاجياً بعض الشيء"، هكذا تقول جيسيكا متوقفة عند الأبحاث التي أظهرت أن العيش في بيئة مزدحمة يزيد من التوتر لدى الكبار والصغار. فالتجارب التي أجريت على أطفال رضع مع أهاليهم في بيئة عادية وأخرى مزدحمة بينت أن الفوضى لا يبدو أنها تؤثر في الحالة المزاجية أو الاستجابة، إلا أن مستويات الإجهاد الجسدي كانت أعلى في المنازل المزدحمة. وأشارت النتائج إلى أنه يجب على الأهل التفكير في كيفية تأثير النظافة والفوضى في المنزل على مستويات التوتر لديهم ولدى أطفالهم. كما أن انخفاض جودة السكن، بما في ذلك مدى نظافة المنزل، يمكن أن يكون له تأثير في الصحة العقلية، فيما تؤدي الفوضى إلى انخفاض التركيز والارتباك والتوتر.

لذلك تقول جيسيكا "على الناس الذين يشعرون أن حياتهم خارجة عن السيطرة أو أنهم يعانون بعض الشكوك استخدام التنظيف وسيلة لتأكيد بعض السيطرة والتحكم في بيئتهم".

ووجدت دراسة أجرتها جامعة كونيتيكت أنه في أوقات التوتر الشديد يلجأ الناس إلى السلوكيات المتكررة مثل التنظيف لأنه يمنحهم إحساساً بالسيطرة خلال أوقات الفوضى. وقد وجدت أبحاث أخرى أن التخلص من الفوضى يمكن أن يساعد كبار السن على الاحتفاظ بشعور بالسيطرة على حياتهم مع تقدمهم في السن.

لكن ما المعيار لتحديد ما يجب التخلص منه؟

تقول اختصاصية علم الطاقة و"الفنغ شوي" إن هناك عديداً من الأنماط الشائعة عندما يتعلق الأمر بالاقتطاع، أولها التخلص من الأشياء التي توقفت عن العمل، عندما يتعطل شيء لا يمكن إصلاحه أو يتحول إلى مجموعة مكسورة، لا بد من التخلص منه، كما يمكن التخلص من الأشياء التي عفا عليها الزمن، مثل الملابس التي لم تعد رائجة أو الأشياء المتعلقة بحدث مضى غير ذي أهمية. فالكتل الموجودة في مساحتك المادية تمنع تدفق الطاقة، وتعوقها في مناطق معينة من منزلك، لا تؤثر في مساحة معيشتك فحسب، بل على حياتك أيضاً. وتشعرك بعدم الارتياح أو تعطيك شعوراً مزعجاً بأن هناك شيئاً ما معطلاً. حتى لو لم تكن على علم بها يمكن أن تؤثر الكتل بطريقة سلبية في عقلك الباطن، ومن ثم على حياتك.

وتضيف جيسيكا أن المساحة والكتل في حياتنا مرتبطة ببعضها بعضاً، فالكتل المتراكمة تقلص من طاقة المساحة، وهي تشبه الأبواب والنوافذ الموصدة التي توحي بمنع الدخول. فإذا تركت الأغراض متراكمة والأبواب موصدة وأشجار الحديقة متضخمة تحجب النوافذ، يكون الإصلاح أولاً بإزالة كل ما يحجب النوافذ أو يمنع الأبواب من الفتح بالكامل، من الداخل والخارج، ويجب أن تكون الأبواب قادرة على الفتح بنسبة 100 في المئة، ولا بد من تقليم أو إزالة أية شجيرات أو أشجار تسد النوافذ، مع تنظيف النوافذ والتأكد من إمكانية فتحها بالكامل.

تمارين الاقتطاع

ويعد تمرين الاقتطاع فرصة للاستماع بتجربة حسية لمعرفة الشعور الذي نحصل عليه أثناء قرارنا بالتخلي أو الإبقاء. وتشدد على أنه لا توجد إجابة صحيحة أو خاطئة، جيدة أو سيئة لهذا التمرين. قد يكون ما يعده شخص ما تجربة للانسجام هو تجربة للألم بالنسبة لشخص آخر. النقطة الأساسية هي أن لدينا تجربة ملموسة لأنماط الطاقة المتناغمة وغير المتناغمة للمساعدة في اتخاذ قرارات أكثر إدراكاً في حياتنا، لذا دع حواسك (الشم واللمس والبصر والذوق والسمع والمعرفة الداخلية) تتحدث عن نفسها وتسلط الضوء عليك، وكن شاهداً صامتاً على نفسك.

يبدأ هذا التمرين باختيار شيء صغير تحبه وشيء صغير لا يعني لك أو لا تستخدمه، والخطوة الثانية تبدأ في التركيز بحيث تضع الشيء الثاني الذي لا يعني لك خلفك، وتمسك الشيء الذي تحبه أمامك. كن مع الشيء الذي تحبه بكل حواسك. تسأل جيسيكا "ما الشعور الذي تحصل عليه؟ لاحظ جسدك أثناء حمل هذا الشيء. لاحظ أفكارك ومعتقداتك حول هذا الشيء. ما المعلومات التي يمكنك استخلاصها من مجرد الوجود مع هذا الشيء؟". ثم تأتي مرحلة التبديل والتكرار، فعندما تشعر بالانتهاء، ضع الشيء الذي تحبه خلفك، والذي لا يعني لك أمامك. كرر الخطوات السابقة. وأخيراً تأتي المقارنة، فبعد الانتهاء من هذه المهمة، ضع الشيئين جنباً إلى جنب أمامك. هل يمكنك أن تشعر بالفرق الطاقي بينهما عندما تشعر بأحدهما ثم الآخر؟ سجل جميع الإحساسات في لائحة التنظيف والاقتطاع الخاص بك. وهنا تدوين مشاعرنا للتأكد من التخلص من الأشياء المتراكمة هي فرصة للتفكير في تجربة تمارين الاقتطاع واستشعار الأشياء التي تريحنا، والأخرى التي لا تشعرنا بشيء.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات