Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عقارب وثعابين تظهر داخل خيم النازحين في غزة

عوامل عدة ساعدت في انتشارها أولها ارتفاع درجات الحرارة إضافة إلى أنه موسم تكاثر الحشرات والقوارض

منطقة المواصي بقعة صحراوية تكثر فيها الحشرات السامة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

تعرض كثير من سكان غزة للدغات أثناء النوم، واضطر عدد منهم إلى زيارة النقاط الطبية للحصول على مراهم مضادة للالتهابات

خرج جميل من خيمته وهو يصرخ "هناك أفعى… هناك ثعبان" بعدما قفز من فراشه المبسوط على الأرض والخوف يملأ قلبه، لكنه سرعان ما تدارك أن أطفاله ما زالوا داخل إيوائه المصنوع من قطع القماش، برفقة عدد من جيرانه النازحين الذين يعيشون معه في معسكر الخيام، فدخل على عجل لإنقاذ صغاره.

كانت زوجة جميل تصرخ من داخل الخيمة تطلب النجدة، وفور ما دخل النازحون لإنقاذ من في الإيواء، قفزت نحو زوجها هاربة من ثعبان صغير كان يسرح في خيمتها التي تنام فيها ليلاً وتقضي بها معظم وقتها.

في عز الظهر

كانت الساعة تشير إلى الواحدة ظهراً عندما تفاجأ جميل بوجود ثعبان يبلغ طوله نحو متر واحد في الأقل ولونه أصفر صحراوي في خيمته التي نصبها وسط منطقة صحراوية غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

يقول جميل "عوامل عدة ساعدت في ظهور الثعابين وسط خيام النازحين، أولها ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يقارب 40 مئوية، إضافة إلى أن هذا موسم تكاثر الحشرات والقوارض في فلسطين، فضلاً عن التغيرات البيئية التي طرأت على القطاع نتيجة الحرب".

يعيش جميل وزوجته في خوف شديد ومستمر بعد ظهور ثعبان في خيمتهم، ويفكر كثيراً في الانتقال للعيش في مكان نزوج جديد، لكن أخباراً تداولت في ما بينهم تفيد بانتشار القوارض بين معسكرات المشردين، مما دفعه إلى الاعتقاد بأن جميع أماكن النزوح تشبه بعضها وتعاني انتشار الحشرات والقوارض والثعابين.

 

المواصي الصحراوية

في الواقع، لظهور الثعابين والقوارض والحشرات الزاحفة والطائرة، إضافة إلى ظهور عقارب بين معسكرات إيواء النازحين في قطاع غزة بعد جغرافي وآخر علمي.

فالتضاريس الجغرافية في قطاع غزة صغير المساحة تنقسم إلى ثلاثة أنواع، الأول السهول الخضراء وتنتشر عادة في شمال قطاع غزة، والصحراء التي تقع في غرب خان يونس ورفح جنوباً وهذه المنطقة تسمى "المواصي"، وأخيراً بعض المرتفعات متناهية الصغر الموجودة غرب مدينة غزة.

عند بداية الحرب، طلب الجيش الإسرائيلي من سكان القطاع إخلاء منازلهم والانتقال إلى منطقة المواصي، وهي بقعة رمل صفراء صحراوية واسعة ومفتوحة، وصنفتها تل أبيب بأنها بقعة آمنة، مما دفع النازحين إلى إقامة معسكرات إيواء فيها.

في المواصي الصحراوية تختلف الحياة البرية بصورة كاملة عن بقية أنحاء القطاع، فحين ترتفع درجات الحرارة وتقارب 40 مئوية في فصل الصيف تكون العوامل المناخية مواتية لخروج الحشرات والقوارض والثعابين، وتجذب هذه الظروف الحشرات الضارة والسامة مثل العقارب، وتشجع القوارض على الخروج من جحورها.

وشكلت الحشرات والقوارض والثعابين خطراً على حياة النازحين بخاصة الأطفال، إذ باتت تلدغ المقيمين في الخيم وتسبب لهم أمراضاً تستدعي تدخلاً طبياً، لكن الواقع الصحي في غزة منهار للغاية ولا يستطيع التعامل مع حالات الأمراض الناتجة من القوارض.

فأر وعقرب

عند مغيب الشمس عادت نبيلة إلى خيمتها ودخلتها بهدوء، لكنها شهقت عندما صدمت بوجود فأر يأكل من طعام قليل كانت أعدته لصغارها، وعلى  الفور أمسكت الأم بالغذاء وقذفت به بعيداً نحو سلة القمامة، فهي تخشى من انتقال أي أمراض لأبنائها.

تقول نبيلة إنها رصدت أكثر من مرة انتشار القوارض في محيط مخيم الإيواء الذي تعيش فيه، واشتكت في حديثها مع جاراتها من هذه المعضلة، لكنه تبين لها أن الجميع بات يعاني مع وجود الفئران وأنواع أخرى من الزواحف والقوارض في بيئة المواصي.

 

ربما ما حدث في خيمة نبيلة يعدّ أمراً بسيطاً عند مقارنته بقصة السيدة نوال التي فجأة استيقظت من قيلولتها إلى جانب طفلها، لتجد عقرباً يقترب من قدم صغيرها، صرخت بجنون حتى تدخل الجيران لمساعدتها.

تقول نوال "رصدت أنواعاً من العقارب بيضاء اللون، وكانت أعشاشها موجودة قرب الخيام تحديداً، ونشرت الذعر بين كثيرين، خصوصاً أنها سامة، وأمسك النازحون كذلك عدداً من السحالي والأفايع الصغيرة في معسكرات الإيواء".

تعيش نوال حياة غير طبيعية وتضيف "أصبحنا نمشي بين الرمال ونلتفت يميناً وشمالاً خوفاً من أن ندوس أفعى أو عقرباً تكون ألوانها قريبة من ألوان الرمل الأصفر".

براغيث وبعوض

الأمر في خيم النازحين لا يقتصر على ذلك، بل يواجهون سيلاً من الحشرات الكبيرة والصغيرة الطائرة والزاحفة إضافة إلى العناكب، ويقول فادي "نعاني الذباب والبراغيث والبعوض، لدغة الأخيرة تسبب الحكاك لفترة طويلة حتى يصل الأمر إلى خروج الدم بسبب شدة القرص".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورصد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" انتشاراً مستمراً للأمراض المعدية في ظل تفشي الحشرات والقوارض والثعابين بين خيام النازحين، والافتقار شبه الكامل إلى مواد النظافة ومرافق الصرف الصحي.

وبالفعل تعرض كثير من سكان غزة للدغ أثناء النوم، واضطر عدد منهم إلى زيارة النقاط الطبية للحصول على مراهم مضادة للالتهابات الظاهرة، لكن الرعاية الصحية هناك لم تكُن بأفضل حالاتها.

لا مبيدات

يقول أستاذ العلوم البيئية عبدالفتاح عبد ربه "بعض الحشرات التي نلاحظها لا تطير، لكن بيضها كثير، فالبيئة التي نعيش فيها جاذبة للحشرات والبكتيريا والعفن داخل الخيام وهذه عوامل تجذب القوارض والفقاريات والحشرات الضارة".

ومن بلدية دير البلح يشرح محمد أبو سرحي أنه "قبل الحرب كان يتم القضاء على الحشرات والقوارض من خلال المبيدات، خصوصاً في موسم الربيع، بهدف حماية المواطنين، لكن في الحرب لم نقُم بهذه الحملة، وبسبب الحرارة وطبيعة المنطقة الرملية تنطلق الزواحف للحصول على غذائها، وهذا التفسير العلمي لظهور تلك الكائنات".

ويقول "المشكلة الأساسية أن المساعدات التي تم إدخالها إلى قطاع غزة لم تتضمن مبيدات حشرية أو لوازم أخرى لمواجهة الحشرات بالمطلق، فما نفعله اليوم هو محاولة الإرشاد للتعامل مع تلك الحشرات وإغلاق الخيام بصورة محكمة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير