Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التاريخ سيذكر انتخابات 2024 كحقبة سياسية جديدة لا كفجر جديد لـ "العمال"

حدث كارثي بالنسبة إلى "المحافظين" وانتصار ساحق قاس لـ "العمال"، وفوز الإصلاح بزعامة فاراج بـ 15 في المئة من الأصوات [بعد حملة استمرت] ستة أسابيع فقط، وبدلاً من أن تكون هذه الانتخابات مجرد إعادة خلط للأوراق على النحو المعتاد فقد بدت وكأنها يمكن أن تغيّر ال

 رئيس الوزراء البريطاني الجديد رفقة زوجته فيكتوريا يحييان الحشود خارج مقر إقامة رئاسة الوزراء (غيتي)

ملخص

 سيذكر التاريخ أن انتخابات العام 2024 البريطانية لم تكن انتصاراً لحزب العمال فقط وإنما هزيمة لـ"المحافظين".

كل انتخابات عامة هي بطبيعتها تاريخية ولكن بعضها أكثر من غيرها، وعندما ننظر إلى انتخابات عام 2024 خلال الأعوام المقبلة فسنجدها من دون أدنى شك واحدة من أكثر الانتخابات أهمية على الإطلاق، ولا سيما أنها تكشف بطرق عدة كم تغيرت البلاد.

ويكمن التحول الأكثر وضوحاً في الخريطة السياسية لبريطانيا، فقبل وقت ليس ببعيد لم يكن من الممكن نهائياً تصور افتراض أنه لن تكون هناك مقاعد لـ "المحافظين" Conservative في وسط لندن أو ويلز أو أوكسفورد شاير أو كورنوال.

ومع ذلك فاعتباراً من اليوم أصبح من الممكن قيادة السيارة من شمال [مقاطعة] كِنت عبر العاصمة على طول الطريق السريع M4، وصولاً إلى لاندز إند، والمرور عبر خمس دوائر انتخابية فقط لحزب المحافظين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن فكرة أن جنوب إنجلترا أصبح الآن مكاناً يحتل فيه حزب المحافظين مواقع متفرقة فقط بدلاً من أن يهيمن عليه كله بصورة كاملة، فكرة تاريخية بالتأكيد، لكن لم يتعرض "المحافظون" إلى الهزيمة في الجنوب وحسب بل أيضاً في منطقة ميدلاندز وفي الشمال حيث تمت إعادة بناء "الجدار الأحمر" بشكل جيد وحقيقي، وحيث يمكنك أن تمضي بسيارتك من إيستبورن إلى جدار هادريان والمرور عبر دائرة انتخابية يتيمة فقط لـ "المحافظين"، والجدير بالملاحظة أن الدوائر الانتخابية التي كان مثّلها قادة "المحافظين" السابقين منذ عام 2010، وهي ويتني التي كانت لكاميرون، ومايدنهيد لماي، وأوكسبريدج لجونسون، وجنوب غرب نورفولك لتراس، قد تفادت هذه المرة انتخاب مرشحي حزب المحافظين، في خطوة تبدو كما لو كانت لفرك الملح على جروح حزب المحافظين العميقة.

يستطيع المرء أن يتأمل الخريطة الجديدة بحماسة لساعات ويجد كثيراً من التفاصيل الجيوسياسية الغريبة الأخرى، ولكن هناك بين الأحمر(العمال) والأصفر (الديمقراطيين الأحرار)، والأزرق (المحافظين) أيضاً ثمة علامات تفيض بالدلالات على التغيير الذي حصل والتغيير الآتي لا محال.

وتبدو هذه التفاصيل الغريبة من خلال البقع التسع ذات اللونين الأخضر (الخضر) والفيروزي (الإصلاح)، وهي المقاعد التي يشغلها حالياً حزبان لا ينبغي استبعادهما بعد الآن باعتبارهما مرشحين بشكل غريب أيضاً، وهما حزب الخضر  Greensوحزب إصلاح المملكة المتحدة "ريفورم" Reform. ربما يكون من السابق لأوانه أن نجزم بذلك، لكن وجودهما في مجلس العموم يشير إلى ثورة أو ثورة سياسية على حد تعبير فاراج، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حقيقة أن دائرة شمال أنتريم الانتخابية لم يعد يمثلها في البرلمان نائب من آل بيزلي للمرة الأولى منذ عام 1970. ومرة ​​أخرى تظهر بذور ثورة أخرى، وهي ربما كانت ثورة من أجل تفتيت الحزب الديمقراطي الاتحادي DUP، إلى جانب حقيقة أن حزب "شين فين" Sinn Fein أصبح الآن صاحب أكبر عدد من نواب إيرلندا الشمالية في مجلس العموم.

كانت الليلة الماضية تاريخية، ليس فقط بسبب انهيار حزب المحافظين بل وأيضاً نتيجة لانهيار حزب رئيس آخر وهو الحزب الوطني الاسكتلندي SNP. وبينما خسر حزب المحافظين ثلثي مقاعده فإن الحزب الثاني [الذي يقوده] جون سويني خسر أكثر من 80 في المئة من مقاعده، ولقد ولت أعوام عدة من الحديث عن استفتاء آخر حول استقلال اسكتلندا، وهو الأمر الذي بدا لفترة طويلة حتمياً أو قاب قوسين أو أدنى.

وسُتذكر أيضاً الانتخابات العامة لعام 2024 بسبب غياب الحماسة بين كثير من الناخبين، إذ كانت هذه انتخابات أدلى فيها الناس بأصواتهم ضد الأحزاب وليس في مصلحتها، وكان الفوز الساحق الذي حققه حزب العمال Labour في نهاية المطاف بمثابة تصويت احتجاجي حاشد، وتصويت ضد الأعوام الـ 14 الماضية، وبالكاد كان تصويتاً لمصلحة التمهيد لفجر جديد، كما حدث مع بلير عام 1997، وإلا فكيف نفسر نسبة المشاركة المنخفضة للغاية التي بلغت نحو 60 في المئة، وحصة ستارمر من الأصوات التي بلغت 33.8 في المئة فقط؟ قارن ذلك بنسبة 30.7 في المئة التي حصل عليها جون ميجور عام 1997 عندما تمت "إبادته" [انتخابياً] وستدرك أن غالبية ستارمر المذهلة لم تكن فعلياً مبنية على قاعدة من الحماسة الساحقة والواسعة النطاق.

إن الفوز الكبير الذي حققه حزب العمال يرجع بطبيعة الحال للتفاصيل الغريبة التي تميّز نظام الغالبية المطلقة الانتخابي الذي نطبقه، في حين أن الخاسرين يشككون في نزاهة هذا النظام بعد كل انتخابات، فحتى أكثر المعجبين بمشروع ستارمر تشدداً يجب أن يعترفوا بأن تكوين مجلس العموم بالكاد يشبه الإرادة الحقيقية للناخبين.

وسيكون 2024 العام الذي سيتساءل فيه المزيد من الناس، وخصوصاً من صفوف أبناء "الجيل زد" [الذين ولدوا بين أواخر تسعينيات القرن الماضي وبدايات العقد الأول من الألفية الثالثة]، لماذا لا يمثل مجلس النواب الشعب فعلياً؟ نعم، قد يكون من المطمئن بعض الشيء أن حكومة ستارمر ستضم في الغالب 10 في المئة فقط من الذين تلقوا تعليمهم في مدرسة خاصة، مما يعني أن تركيبتها مشابهة مع [خلفية] السكان بشكل عام، ولكن هذه الحقبة بالكاد تبدو وكأنها جديدة، ثم إن هناك عنصراً رئاسياً متزايداً في السياسة البريطانية، ومهما حاولنا أن نخدع أنفسنا بأننا نصوت لحزب ما أو لرجل أو امرأة محلية، فإننا في نهاية الأمر نصوت لشخصية ما، ولماذا تستخدم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وجوه قادة الأحزاب في مخططاتهم الغرافيكية للإشارة إلى الأحزاب؟ وإلا كيف يمكن تفسير التركيز إلى حد الهوس على رجل واحد ورحلته للوصول إلى رئاسة الوزراء أو الخروج منها؟ لقد كان الأمر كذلك دائماً، إلا أنه أصبح أكثر وضوحاً.

ويعرف ناجل فاراج هذا الأمر جيداً، فهل كنا لنتوقع حقاً أن يفوز حزب الإصلاح بمقعد واحد لو لم يتزعمه فاراج ويترشح في بلدة كلاكتون؟

يحتاج حزب الخضر إلى تعلم درس هنا، فلقد بقي لفترة طويلة مجموعة غير متجانسة من الأفراد، ويجب اليوم أن يلتفوا حول زعيم واحد ديناميكي وجذاب، وقد لا يكون هذا هو أسلوب حزب الخضر، ولكن يبدو أن أجواء النزعة شخص الرئيس هي السبيل الوحيد لتحقيق ذلك.

وكان الرجل الآخر الذي فهم هذه الحقيقة هو إد ديفي زعيم الديمقراطيين الأحرار Liberal Democrats الذي تعامل مع الحملة الانتخابية برمتها على أنها حلقة من مسلسل "إنها الضربة القاضية"، أو برنامج "دنكان داريس" التلفزيوني، وبالنسبة إلى أولئك الذين ولدوا منا قبل زمن طويل.

بالكاد مر يوم من دون أن يقوم هذا السياسي الذي لا يقهر بأمور غريبة، وكان هذا الشكل من الحملات بطريقة ما تاريخياً أيضاً لأنه أظهر أنه يمكنك مضاعفة عدد مقاعدك أكثر من خمسة أضعاف من دون أن تقول أي شيء تقريباً على الإطلاق، والتصرف كمهرج وحسب إلى حد ما.

كان النهج الذي تبناه ديفي أشبه بنسخة منشطة من نهج ستارمر: لا تقل الكثير، ودع الناس يصوتون لك ببساطة لأنهم لا يريدون أن يصوتوا لمصلحة "المحافظين"، قد يبدو هذا الأمر، وفق أي من المعايير السياسية، مثيراً للسخرية تماماً غير أنه نجح بشكل مذهل.

والسؤال الكبير الذي يطرح الآن هو ماذا يعلمنا التاريخ في شأن ما سيحدث تالياً؟ بطبيعة الحال لا يوجد موقفان متطابقان، وسيكون من المبالغة أن ندعي أن ستارمر سيكون كليمنت أتلي آخر الذي تمتع بغالبية ضخمة من حزب العمال عام 1945، وهي غالبية كان سيتم قلبها رأساً على عقب في غضون ستة أعوام فقط، ولعل هذا سيحدث بالفعل لأسباب ليس أقلها، كما لوحظ في كثير من الأحيان منذ الساعة الـ 10:00 مساء الليلة الماضية، أن غالبية ستارمر واسعة ولكنها ليست عميقة، وهو ما يجعله أكثر عرضة للخطر مما يبدو، وكما استنزف المحافظون الغالبية الكبيرة التي حققوها عام 2019، كذلك يمكن لحزب العمال أن يفعل.

ومع ذلك لم يكن هناك سياسيون يعرقلون النظام عام 1951، بل كانت حينذاك ثلاثة أحزاب فقط، وبدت عندها الأمور أكثر وضوحا بكثير، [أما] الآن فقد أصبح كل شيء أقل ترتيباً وانتظاماً بسبب الفوضى التي أحدثها [لاعبون من] أمثال حزبي "الخضر" و"الإصلاح".

لا ينبغي أن يخطئ المرء في تقدير مدى حرص هذين الحزبين وقدرتهما على سرقة الأصوات من الأحزاب الرئيسة الثلاثة، وقد كان الجانب التاريخي الذي لم يحظ بالتقدير الكافي في الليلة الماضية يتمثل في أن الحزب الذي يهدف إلى إعاقة "المحافظين" حصل أيضاً على عدد كبير من الأصوات التي كان من المحتمل أن ينالها حزب العمال، وانظر فقط كيف وصل حزب ستارمر إلى مستوى ثابت في أماكن مثل سندرلاند مع تأرجح في التصويت بلغت نسبته 10 في المئة لمصلحة حزب الإصلاح، وبالتالي فإن الانتخابات العامة لعام 2024 كانت بمثابة بداية حقبة جديدة، فبدلاً من مجرد خلط أوراق اللعب المعتادة التي تتألف من 650 بطاقة مألوفة لم تشهد الليلة الماضية طرح كثير من البطاقات الجديدة وحسب، بل ظهر فيها أيضاً ناخبون غير متحمسين ممن يتساءلون عما إذا كانت قواعد اللعبة في حاجة إلى التغيير بصورة كاملة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير