Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يقيم أطباء الأعصاب صحة بايدن العقلية؟

نظرة حول الاختبارات الإدراكية التي يواجه الرئيس الديمقراطي مطالب بالخضوع لها

بايدن أثناء تعثره في حفل تخرج لأكاديمية القوة الجوية في صيف 2023 (أ ف ب)

ملخص

هفوات بايدن الكلامية تزداد ولا تنقص، وتركيزه يبدو مشتتاً، وبعد المناظرة الأخيرة مع ترمب، تزايدت المطالب بأن يجري اختباراً إدراكياً، فما هي فكرة هذا الاختبار، وما أنواعه، وكيف يمكن تطبيقه؟

جو بايدن الرئيس ليس جو بايدن نائب الرئيس أو السيناتور، تلك الحقيقة التي تأكدت لدى ملايين الأميركيين بعد أدائه الضعيف في المناظرة الأخيرة مع دونالد ترمب، وذلك أيضاً الواقع الذي بدأ سيد البيت الأبيض بالإقرار به، فبعد أيام من المناظرة قال بايدن لأنصاره "أعلم أنني لست شاباً ولم أعد أتحدث بسلاسة أو أنظر جيداً كما كنت في الماضي، لكني أعرف ما أعرفه، أعرف كيف أقول الحقيقة وأميز الصواب من الخطأ".

"بايدن ليس طبيعياً"

لكن هفوات بايدن الكلامية تزداد ولا تنقص وتركيزه يبدو مشتتاً ووضعه "ليس طبيعياً"، كما يصفه طبيبا أعصاب تحدثا إلى "اندبندنت عربية"، وأشارا إلى أن إطلالة الرئيس في المناظرة كشفت عن إشكالات إدراكية، إضافة إلى ملاحظات حركية، لافتين إلى مجموعة من الاختبارات الإدراكية التي يمكن أن يخضع لها.

وقال طبيب الأعصاب المتخصص في أعصاب النفس والسلوك الدكتور هيثم طيب إن "الملاحظات على أداء الرئيس بايدن تشمل تلعثمه في الكلام وسوء انتقاء الكلمات وفقدان التركيز وضياع الأفكار، إضافة إلى ملاحظات حركية أخرى، لكن من الصعب الجزم بأن ما يمر به بايدن عبارة عن اضطراب من اضطرابات الخرف أو القصور الإدراكي أو الاضطرابات الضمورية أو الباركنسون أو اضطرابات الجلطات الصغيرة عبر مشاهدة أدائه في التلفزيون".

أما الاحتمال الآخر بحسب طيب فهو أن بايدن (81 سنة) "يمر بتغييرات نتيجة الشيخوخة، مثل صعوبة التركيز وانتقاء الكلمات والبطء في مناقشة الأفكار، وعلى رغم صعوبة تشخيص الحال عن بعد إلا أنه من الواضح أن قدراته تدهورت خلال الفترة الماضية، ولكن هذا لا ينفي أنه لا يزال يملك مخزوناً إدراكياً أو ما يطلق عليه العامة الذكاء، مما يجعله قادراً على اتخاذ القرارات والتفاعل العاطفي".

وعن قدرة الشخص على أداء مهمات عمله في حال ظهور علامات الشيخوخة، فالأمر يعتمد بحسب الطبيب على نوعية المهمات، فإذا وصل الإنسان إلى مرحلة معينة من الشيخوخة وتدهورت قدراته الإدراكية ولم يعد يستطيع القيام بمهماته السابقة، فمن المنطقي عدم تكليفه بمهمات صعبة.

"تدهور ذهني واضح"

من جانبه يقول طبيب الأعصاب الدكتور أحمد الثبيتي إن المقارنة بين أداء الرئيس بايدن الإعلامي اليوم وأدائه خلال أعوام سابقة شغل فيها مناصب سياسية، تظهر تدهوراً واضحاً في الأداء الذهني والجسدي له على حد سواء، ولا يمكن إيعاز تدهور الحدة الذهنية بأي حال من الأحوال للتقدم في السن، كون التدهور لا يمثل التقدم العمري الطبيعي.

وأشار الثبيتي إلى أن "هفوات بايدن، مثل الاستجابات المتأخرة وغير الطبيعية أحياناً للمؤثرات الخارجية، تجعلك تطرح أسئلة كثيرة حول سلامته الذهنية، وتزداد الشكوك قوة حينما يتمتم بكلمات غير مفهومة في غير وقتها أو داحضة لبعض أفكاره، كما ظهر في السجال الأخير مع ترمب".

وعما إذا كان هذا يعني معاناته من الخرف، أجاب الطبيب المتخصص بأن "السؤال في سياق تقييم الأداء الذهني للرئيس بايدن يعتبر غريباً جداً وفق الممارسات التقليدية في العمل الطبي، إذ جرت العادة أن يحضر المريض بنفسه طالباً مساعدة الطبيب في حال أنه كان متبصراً بنقص في بعض وظائفه الذهنية العليا، أو يحرص من حوله على إحضاره للطبيب إشفاقاً عليه من نفسه، أو من احتمال إضراره بغيره بسبب هذا القصور".

وأضاف، "دأب المجتمع العلمي على تطوير تعريف مصطلح الخرف باعتباره قصوراً في بعض أو كل الوظائف الذهنية العليا على نحو يمنع المريض من أداء مهمات الحياة اليومية من دون مساعدة، ولكن يجب لفت الانتباه أن مشكلات الإدراك هذه تمثل طيفاً يعد الخرف أسوأها، وفي الطرف المقابل أنواع أقل حدة من اضطرابات السلوك والذاكرة لكنها لا تتجاوز العرف العلمي الذي يجعلها تسمى خرفا، وهذا النوع من القصور يعتبر خطيرا لشخص في منصب بايدن".

أستاذ علم الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إيرك ميلر قال "إنني أقل قلقاً حيال مشكلات البحث عن الكلمات، وأكثر قلقاً بسبب الخطب الطويلة والمشوهة التي تنفصل عن الواقع"، أما طبيب الأعصاب الكندي الذي ابتكر "اختبار مونتريال"، زياد نصر الدين، فأكد أن "أداء بايدن المتعثر يشير إلى ضرورة خضوعه لفحص إدراكي"، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست".

ما هي الاختبارات الإدراكية؟

تزايدت المطالب لبايدن بإجراء اختبار إدراكي، حتى إن النائب الديمقراطي آدم شيف طالب بأن يجري المرشحان اختباراً إدراكياً، لكن بايدن رفض ذلك مشيراً إلى أنه "يواجه كل يوم اختباراً إدراكياً بينما يحكم العالم"، فما هو الاختبار الإدراكي؟

يجيب الدكتور طيب أن "الإدراك مجموعة من المهارات الذهنية التي يقوم بها عقل الإنسان ولها نطاقات محددة ومعروفة، منها الوعي والانتباه والقدرات اللغوية والذاكرة والقدرات البصرية الفراغية والقدرات التنفيذية وغيرها، وأُوجدت أنواع من الاختبارات لفحص هذه القدرات الإدراكية، مثل اختبار نسبة الذكاء أو IQ Testing المكون من فحوص عدة، مثل الطلب من المفحوص تذكر عبارات معينة وحل مسائل وأحجيات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقيم الاختبار الإدراكي الانتباه والتركيز والقدرات التنفيذية مثل التخطيط وانتقاء الأفكار، والقدرات اللغوية مثل الفصاحة والفهم، والذاكرة البصرية واللغوية، والقدرات الفراغية البصرية مثل قدرة الإنسان على التعرف على الأشياء من حوله والتحرك في المحيط بفاعلية، وقدرته على الرسم وإدراك الأشكال، إضافة إلى القدرات المتعلقة باستخدام الأدوات أو الآلات والتعامل مع البيئة المحيطة، وهناك كذلك اختبارات متعلقة بالقدرة على أداء وظائف الحياة اليومية.

ووفق الثبيتي فإن الاختبارات تتفاوت في ما بينها بمستوى السهولة أو التعقيد والوقت المستهلك لعملها، وطبيعة المحكم أو المقيم وخبرته، إلى غيرها من الاختلافات التقنية.

وتستطيع الفحوص، بناء على الهدف المزعوم وقت تصميمها، التشخيص وتحديد القصور ومراقبة الحالة وصياغة الخطط العلاجية والتعليمية لكثير من اضطرابات الذاكرة والإدراك.

ما أنواعها؟

هناك اختبارات مطولة مثل الفحوص العصبية النفسية السلوكي قد تستغرق ما بين ثلاث وأربع ساعات، وهناك فحوص أقصر تستغرق نحو ربع ساعة وتستخدم لتشخيص اضطرابي ألزهايمر والقصور الإدراكي، مثل اختبار القدرات العقلية القصير أو المبسط، واختبار "مونتريال للقدرات الإدراكية"، وتساعد هذه الاختبارات الطبيب في إعطاء المفحوص نتيجة من 20 أو 30، وتُترجم بحسب المعايير المحددة.

ومن أبسط الاختبارات اختبار Mini-Cog لفحص قوة الذاكرة عبر تكرار ثلاث كلمات ورسم ساعة ثم تذكر الكلمات الثلاث، أما "اختبار مونتريال" فهو من الاختبارات التي أجراها ترمب، وقد يطلب من المريض تكرار عبارات مثل "القطة تختبئ دائماً تحت الأريكة عندما تكون الكلاب في الغرفة"، أو عرض صور حيوانات والطلب من المريض تسميتها.

ويتم اختيار الاختبار المطول أو القصير بناء على رأي المريض أو الطبيب، فلو كانا يريدان تقييماً شاملاً فيمكن استخدام الاختبار المطول، أو القصير لإجراء مسح عام، كما يمكن للطبيب إجراء تقييم مطول في حال كانت نتيجة الاختبار القصير ضعيفة.

كيفية تطبيقها

يقول الدكتور طيب إن "الطبيب في الحالات العامة يجري بعض الفحوص الإدراكية القصيرة التي لا تؤكد بالضرورة وجود مرض، لكن إذا كان هناك شك فيُخضع الطبيبُ المفحوصَ لفحوص مطولة وأدق مع طبيب لأعصاب النفس والسلوك والإدراك، ومع اختصاصي نفسي لإجراء فحوص عصبية نفسية سلوكية مطولة، مثل "نسبة الذكاء" و"مقياس وكسلر للبالغين".

ويمكن اختبار المريض بالورقة والقلم، وحالياً يستخدم الحاسوب لتنفيذه، وبناء عليها يمكن مقارنة الأداء بالمعايير القياسية السابقة، ويمكن مقارنته مع أداء نظرائه من حيث العمر. 

وفي حال بايدن، يرجح طيب أن "تتدخل السياسة في القرارات الطبية، فهل يمكن أن يكون لدى طبيب بايدن بعض الشك، لكنه تجنب تصعيد الأمر كيلا يحدث لغط إعلامي؟ ذلك ممكن".

متى بدأ تطبيقها؟

هناك قائمة طويلة من الاختبارات الإدراكية يعود تاريخ بعضها لأكثر من قرن، وفي الحرب العالمية الثانية كانت تستخدم في عمليتي قبول المتقدمين إلى الجيش وفرز الطلاب المتقدمين إلى الدراسة في بعض المدراس الأميركية، ولا تزال تستخدم إلى هذا الوقت لأغراض طبية.

وتتباين صياغة الاختبارات باختلاف البلدان وبسبب الاختلافات الثقافية واللغوية والوراثية، والاختلافات في تكوين المخ التي وإن لم تكن جذرية، إلا أنها تقتضي تعديلات لمواءمة الفحص مع ثقافات أخرى، ولذلك ففي السعودية مثلاً عمل المتخصصون على صياغة نسخة سعودية من الفحوص الرئيسة لاضطراب ألزهايمر، ونسخ من "اختبار مونتريال" والاختبارات الوظيفية والنفسية.

المزيد من تقارير