Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنهي إقالة شوبير فوضى الإعلام الرياضي المصري؟

أرجع متخصصون حال الارتباك إلى "تحكّم نجوم كرة القدم القدامى" في الخطاب الإعلامي مطالبين بأن يكون ولاؤهم للحقيقة والجمهور والابتعاد عن "الانحياز والمكايدة"

جاءت إقالة شوبير بسبب مخالفته القواعد المهنية للإعلام (مواقع التواصل)

ملخص

تشهد الساحة الإعلامية الرياضية في مصر حالاً من التوتر والأزمات المتلاحقة في الأوان الأخيرة وقد دفعت وفاة لاعب كرة القدم أحمد رفعت رياح التغيير نحو الشاشات

جاءت وفاة لاعب المنتخب الوطني المصري لكرة القدم ونادي مودرن سبورت (مودرن فيوتشر سابقاً) أحمد رفعت عن عمر يناهز 31 سنة أشبه بعاصفة قوية هبّت على المجال الرياضي وبطبيعة الحال الإعلام الرياضي المتداخل معه.

وتوفي رفعت إثر تدهور حاد في حاله الصحية، بعدما تعافى من أزمة قلبية تعرّض لها قبل نحو أربعة أشهر خلال مباراة فريقه مع الاتحاد السكندري في الدوري المصري الممتاز.

أزمتان في توقيت واحد

وعقب وفاة اللاعب استدعت جماهير كرة القدم المصرية التصريحات التي أدلى بها رفعت قبل أيام من وفاته متهماً بعض الأطراف الرياضية بـ"ظلمه"، وأنهم السبب الرئيس في ما تعرض له من أزمة صحية، ووسط ضغط شديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بدأت الصحف ووسائل الإعلام المحلية في نسج خيوط القصة، والبحث عن المتهمين في قصة رفعت.

ورداً على الضغط الإعلامي أعلن رئيس مجلس إدارة نادي مودرن سبورت وليد دعبس استقالته من منصبه وتنازله عن أسهمه إلى الملاك السابقين، مرجعاً قراره إلى "تشويه شخصه، وكيان النادي وتحريف تصريحاته ومحاولة تعمد الوقيعة بينه وأسرة الراحل المرحوم أحمد رفعت والرأي العام وكل محبي اللاعب الراحل"، بحسب بيان دعبس.

وفي خضم تصاعد التغطية الإعلامية للأزمة اندلعت مشكلة جديدة تخص مشاركة لاعبة مصرية شابة في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية (أولمبياد 2024)، التي تستضيفها العاصمة الفرنسية باريس بين الـ26 من يوليو (تموز) الجاري والـ11 من أغسطس (آب) المقبل، إذ انطلقت دعوات عبر منصات التواصل الاجتماعي لمنع مشاركة لاعبة المنتخب الوطني للدراجات شهد سعيد (20 سنة) في الألعاب الأولمبية، بسبب سوء السلوك الرياضي.

وسبق أن تعرّضت شهد للإيقاف المحلي عاماً مع غرامة مقدارها 5 آلاف جنيه (104 دولار أميركي) بعد تدخل عنيف ودفع بطريقة غير رياضية ضد منافستها جنة عليوة (16 سنة) خلال منافسات بطولة الجمهورية للدراجات في حادثة ترجع إلى أبريل (نيسان) الماضي.

وأثارت القضية انقساماً جديداً بين الإعلاميين المصريين ما بين مؤيد لمنع شهد سعيد من المشاركة في الألعاب الأولمبية، ومعارض لذلك ومدافع عنها، وكان أبرز الذين قادوا تيار الدفاع عن اللاعبة شهد سعيد هو الإعلامي أحمد شوبير، وانتهت أزمة سعيد بإعلان اللجنة الأولمبية حرمانها من المشاركة في الدورة الأولمبية بعدما ثبتت مخالفتها الضوابط واللوائح والأعراف والقيم والأخلاقيات الرياضية.

ويصنف شوبير الذي حرس مرمى منتخب بلاده لكرة القدم في كأس العالم 1990، بأنه الإعلامي الرياضي الأشهر في مصر وله باع طويل يمنحه أكبر نسبة تأثير في المشهد الرياضي المصري.

وفي مفاجأة مدوّية قرر مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المالكة لقنوات "أون تايم سبورتس" وقف البرنامج الذي يقدمه شوبير، وإنهاء التعاقد معه فوراً مبررة قراراها في بيان بأن "مخالفة القواعد المهنية وسياسات المحتوى الخاصة بالشركة أمر غير مقبول".

وكشف البيان أن الهدف وراء الخطوة هو "أن الفوضى في قطاع الإعلام الرياضي تستلزم مواجهة حاسمة، حرصاً على حق المواطن المصري في إعلام رياضي يحترم الحقيقة ويتوخى الصدق".

إعلام المكايدة

من جانبه يرى أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة محمود خليل، أن الإعلام الرياضي المصري يشهد "حال فوضى واضحة وقديمة"، تتمثل أبرز مظاهرها في "تحكّم نجوم كرة القدم القدامى في صناعته" موضحاً في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "هؤلاء النجوم قد يكونون أكفاء في تخصصهم (لعب الكرة، التدريب، الإدارة)، لكن هذه الكفاءة لا تكفي لوجودهم على منصات الإعلام فلا بد من أن يكونوا مؤهلين لذلك".

ويضيف خليل، "كثير من مقدّمي البرامج الرياضة اليوم يغلب عليهم الانحياز والاعتماد على خطاب (المصاطب) القائم في أحيان على المكايدة، وفي أحيان على التسفيه، وفي أحيان على محاولة التحطيم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي واقعة أحمد رفعت يلفت الأستاذ المساعد بكلية الإعلام محمد رشاد إلى انقسام الإعلاميين الرياضيين في تغطية وفاة رفعت إلى قطاعين "أولهما تبنى القضية بصورة مكثفة، والآخر تجاهل التغطية بصورة تامة". موضحاً أنه "قد يكون مفهوماً وفقاً لمحددات عمل كل مؤسسة، لكن السقطة الكبرى تمثلت في هجوم بعض الإعلاميين على زملائهم، لتغطي الغيرة على المعايير الإعلامية".

وفي رأي رشاد فإن الإعلام الرياضي يمر بـ"فترة فوضى وعشوائية وإثارة للتعصب بصورة غير مسبوقة" لافتاً إلى أنه "حتى التعليق على المباريات يشهد كثيراً من التحيز الواضح بحسب كل معلق"، ومشدداً على "ضرورة استكمال مسار التصحيح ومواجهة الفوضى والتحيز".

لكن محمود خليل يشير إلى أنه على رغم فوضى الإعلام الرياضي المصري فإنه يظل إحدى صور المحتوى التي يمارس فيها بعض "حقهم في التعبير بحرية أكبر من مضامين أخرى مثل السياسة والاقتصاد، فالبرامج الرياضية تستهلك ساعات طوال في طرح آراء مختلفة ومتضاربة حول ما تطرحه من مواضيع أو شخصيات أو مؤسسات" مستشهداً أنه "بعد ثورة يوليو (تموز) 1952 ترددت مقولة عن المصريين تصفهم بأنهم شعب يفطر فولاً ويتغدى كرة قدم ويتعشى أم كلثوم"، في إشارة إلى أن كرة القدم كانت وستظل أداة لشغل الناس عن القضايا الأساسية المتعلقة بحياتهم ومعيشتهم.

إضاعة الحقيقة لا كشفها

وعن تقييمه لتعامل وسائل الإعلام المصرية مع وفاة اللاعب أحمد رفعت قال إن الأمر أخذ "صورة تجارية تستهدف الوجود وسط منطقة الرواج (الترند)، وأن هذه الواقعة كشفت الطريقة التي يعتمدها الإعلام الرياضي وغيره من إنتاج المحتوى لإيجاد وقع للتصريحات ومقاطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي".

وأضاف أن الفقرات الجدلية أصبحت تطغى على الجزء الأكبر من المحتوى بهدف خلق الاستقطاب، إضافة إلى فقرات من البكاء والهجوم والاتهامات من دون دلائل وكثير من الفوضوية والمتاجرة بالجانب الإنساني. متابعاً "في كل الأحوال أحتكم إلى قاعدة أستطيع تلخيصها في عبارة: أهدِر دم الحقيقة بين مجموعة من الأطراف ولخبط (أربِك) الجمهور، إنه إعلام يستهدف إضاعة الحقيقة وليس كشفها".

ويتصوّر خليل أن أولى الخطوات لحل مشكلات الإعلام الرياضي خصوصاً والإعلام المصري عموماً تتمثل "في تمتع صناع المحتوى الإعلامي بأكبر قدر من الاستقلالية، وهم يقدّمون رسالتهم للجمهور، ولا بد من أن يكون ولاؤهم الأول للحقيقة والجمهور، لا لمؤسسة أو ناد أو شركة أو غير ذلك".

وأردف، "الفصل بين الإدارة والتحرير يعد فضيلة غائبة حالياً داخل عدد من وسائل الإعلام المصري، ثاني الخطوات ضرورة أن يحتكم الإعلام الرياضي إلى كود أخلاقي محدد في إنتاج المحتوى، يحدد مجموعة القيم المهنية والأخلاقية التي يجب أن يلتزم بها في إنتاج المحتوى".

وشدد خليل على "ضرورة الابتعاد عن قاعدة أن الإعلام الرياضي مهنة من لا مهنة له من نجوم اللعبة السابقين"، مطالباً بـ"أن تتوافر مواصفات معينة في من يُختار من نجوم الكرة العزف على أوتار الإعلام، مثل أن يكون لديه الخبرة الرياضية الحقيقية، وأن يؤهل نفسه للعمل الإعلامي، وأخيراً ضرورة الابتعاد عن تسييس الرياضة، فما تدخل السياسة مجالاً إلا وأربكته".

أما رشاد فيرى أن الحل في مشروع قانون أو ميثاق واضح لتنظيم التغطية الإعلامية الرياضية للقضايا المختلفة، واشترط بأن يطبق على الجميع مع وضع عقوبات واضحة ومحددة ومعروفة سابقاً للمخالفين.

وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها الإعلام الرياضي المصري أزمة في الشأن العام، ففي فبراير (شباط) 2023، اجتمع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لبحث تقارير لجنتي الرصد والشكاوى الخاصة بتجاوزات البرامج والقنوات الرياضية خلال الفترة الأخيرة، على إثر الأزمة التي جرت بين قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك، بعدما شهدت مصر للمرة الأولى في تاريخها حبس رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور بتهمة سب رئيس النادي الأهلي محمود الخطيب، وهو ما أحدث حالاً من البلبلة لم يكن الإعلام الرياضي بعيداً منها.

ووصف رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام كرم جبر، حال الإعلام الرياضي في البلاد وقتها، بأنه "يمر بحال من الخطر". مؤكداً أن "بعض البرامج الرياضية والقنوات الفضائية تعمل على بث الكراهية والتعصب والحقد والخوض في السمعة الشخصية وانتهاك الحرمات".

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة