ملخص
يكشف تجار لـ"اندبندنت عربية" عن أن استقرار سعر الصرف عند 48 جنيهاً للدولار الواحد جعل الذهب أكثر ميلاً للتحرك وفق البورصات العالمية
صعدت أسعار الذهب في مصر على نحو لافت للمرة الأولى منذ قرارات البنك المركزي المصري في السادس من مارس (آذار) الماضي بتوحيد سعر الصرف وانتهاء نشاط المضاربة في السوق السوداء للعملة، في وقت أدارت سوق المعدن الأصفر النفيس في البلاد الظهر للدولار كمحرك رئيس لسعر الغرام.
وتبدو سوق الصاغة في البلاد منذ تحرير سعر الصرف، وانخفاض الجنيه المصري إلى مستوى 48 للدولار الواحد من 30 قبل القرار، أكثر تأثراً بسعر البورصات العالمية، إذ ارتفع سعر الأونصة (الأوقية) من الذهب متجاوزة مستوى 2400 دولار في الأيام الأخيرة، وهو ما دفع سعر غرام الذهب في مصر منذ الأسبوع قبل الماضي، بما يزيد على 100 جنيه (2.09 دولار).
سعر الذهب اليوم
وسجل سعر غرام الذهب في مصر من عيار 24 الأكثر نقاء نحو 3709 جنيهات (77.33 دولار)، وبلغ سعر الغرام من عيار 21 الأكثر مبيعاً 3245 جنيهاً (67.66 دولار)، في حين استقر سعر الذهب من عيار 18 عند 2781 جنيهاً (57.98 دولار)، وجاء سعر الذهب من عيار 14 الأقل نقاء عند 2163 جنيهاً (45.10 دولار)، في حين بيع الجنيه الذهب (8 غرامات من عيار 21) بسعر 25960 جنيهاً (541.27 دولار) من دون المصنعية والرسوم الأخرى.
وقال تجار في الصاغة المصرية لـ"اندبندنت عربية" إن استقرار سعر الصرف عند مستوى 48 جنيهاً في المتوسط للدولار الواحد جعل المعدن النفيس أكثر ميلاً للتحرك وفق سعر البورصات العالمية، مشيرين إلى أن معادلة سعر الذهب في السوق المحلية تخضع لمثلث (الدولار - السعر العالمي - العرض والطلب)، وأنه مع استبعاد عامل الدولار، يتبقى عاملا السعر العالمي والعرض والطلب، لافتين إلى أن الأخير يتسم بالهدوء ولا ينظر إليه كمحرك كبير في الزيادة الأخيرة بسعر المعدن.
الدولار يتنحى جانباً
يرى محمود الرفاعي وهو أحد تجار الذهب في الصاغة المصرية، أن الدولار تنحى عن معادلة تسعير المعدن الأصفر في الآونة الأخيرة، خصوصاً منذ توحيد سعر الصرف، بالتالي استقرار "دولار الذهب" عند سعر الصرف الرسمي، مشيراً إلى أن التسعير خاضع حالياً بصورة أكبر للسعر في البورصات العالمية.
ويضيف الرفاعي الذي يملك وشقيقيه محال لتجارة المصوغات، أن الطلب على الذهب تراجع في أعقاب تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، إذ لا معنى للتحوط من التضخم في ظل وفرة الدولار بالبنوك مع استقرار سعره، لكن هذا الطلب تحرك قليلاً في الآونة الأخيرة مدفوعاً بالطلب على شراء "الشبكة" قبيل حفلات الزفاف التي تنشط في أشهر الصيف.
استقرار سعر الدولار
وعلى الأرجح سيظل المعدن النفيس في سوق مصر أكثر ارتباطاً في تحركه بالسوق العالمية الفترة المقبلة، كما يوضح تاجر الذهب، طالما ظل سعر الدولار مستقراً، من دون أن يشعل الطلب على الذهب رغبة في التحوط من التضخم الذي بدأ ينحسر في مصر.
وتباطأ معدل التضخم لأسعار المستهلكين بمدن مصر في يونيو (حزيران) الماضي إلى مستوى إلى 26.6 في المئة على أساس سنوي مسجلاً أدنى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) 2023، نزولاً من 27.1 في المئة خلال مايو (أيار) الماضي. وبحسب بيانات حديثة للبنك المركزي المصري سجل معدل التغير الشهري في الرقم القياسي الأساس لأسعار المستهلكين، الذي يعده البنك المركزي 1.3 في المئة في يونيو الماضي، في مقابل 1.7 في المئة في الشهر ذاته من العام السابق وسالب 0.8 في المئة في مايو 2024، في حين أظهرت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية انخفض إلى 27.5 في المئة في يونيو الماضي من 28.1 في المئة في مايو السابق عليه.
رواج شراء "الشبكة"
أما أحمد الرديني وهو تاجر آخر للذهب فيشير إلى رواج عمليات الشراء بغرض الزواج خلال أشهر الصيف، لكن الطلب الحالي على المعدن لا يقارن بمستويات ما قبل قرارات "المركزي المصري" في مارس الماضي، حين كان دافع المستهلكين الشراء بغرض حماية وصون مدخراتهم في ظل انخفاض مستوى الجنيه المصري أمام مضاربات السوق السوداء آنذاك.
ويلفت الرديني في حديثه إلى أن المحرك الأساس في الوقت الراهن هو سعر الأونصة في الأسواق العالمية، الذي شهد ارتفاعاً كبيراً استفادة من التباين في تقديرات تراجع مجلس الاحتياط الاتحادي عن دورة التشديد النقدي، والاتجاه صوب خفض أسعار الفائدة، من دون إغفال التوترات الجيوسياسية التي يشهدها الإقليم في حرب غزة واضطراب الملاحة في البحر الأحمر، والتطورات العسكرية المتصاعدة في أوكرانيا كعامل آخر لدفع سعر الذهب عالمياً.
التلاعب في تسعير الذهب
وتبدو حالة الانسجام بين السوقين المحلية والعالمية أكثر تفضيلاً لدى متعاملين شكوا في السابق من التلاعب في تسعير الذهب محلياً وفق دولار السوق السوداء تارة وادعاء ارتفاع الطلب كمبرر لصعود أسعار المعدن في البلاد تارة أخرى على رغم غياب قاعدة بيانات توضح حجم المعروض ومستوى الطلب عليه، كما قال بعضهم لـ"اندبندنت عربية"، معتبرين أن اقتفاء سعر غرام الذهب في مصر الأسعار العالمية صعوداً وهبوطاً أكثر واقعية من أي اعتبارات أخرى محلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وارتفعت أسعار الذهب في مصر 0.5 في المئة خلال تعاملات الأسبوع الماضي، مقتفية مثيلاتها في البورصات العالمية 0.8 في المئة لتسجل الأوقية 2425 دولاراً قبل أن تختتم الأسبوع عند مستوى 2411 دولاراً، وهو ما علق عليه المدير التنفيذي لمنصة تداول الذهب والمصوغات في مصر "آي صاغة" سعيد إمبابي بالقول "سعر الغرام ارتفع في السوق المحلية بدعم من ارتفاع الأوقية عالمياً، بخاصة مع استمرار تباطؤ الطلب وتوجه السوق المصرية لتصدير الذهب الخام".
خفض الفائدة الأميركية
التصريحات الأخيرة لأعضاء "الفيدرالي" الأميركي عززت بما يكفي من اعتقاد إمبابي بتحول متحمل صوب سياسة نقدية أقل تشدداً مما هي عليه كما يقول، إذ أعربت رئيسة بنك الاحتياط الفيدرالي في سان فرانسيسكو ماري دالي عن دعمها لخفض سعر الفائدة، تزامناً مع إشارة رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في شيكاغو أوستن جولسبي إلى أن التضخم يبدو على المسار الصحيح نحو هدف بنك الاحتياط الفيدرالي البالغ اثنين في المئة، في حين حذر رئيس "المركزي الأميركي" جيروم باول في إفادته أمام مجلسي الشيوخ والنواب على مدار يومين خلال الأسبوع الماضي، من أن تحريك الفائدة في وقت مبكر جداً أو متأخر من شأنه إضعاف النمو الاقتصادي.
استمرار الضغوط التضخمية
ويعود مدير منصة "آي صاغة" للتأكيد على تقلبات أسعار الذهب العالمية الأسبوع الماضي، مدفوعة بتقارير التضخم المتضاربة، إذ كشفت بيانات مؤشر أسعار المستهلك عن إحراز تقدم في الحد من التضخم، في حين كشفت بيانات مؤشر أسعار المنتجين إلى استمرار الضغوط التضخمية على مستوى مبيعات الجملة بالأسواق، ما أدى إلى حال من الجدل حول موقف "الفيدرالي" من أسعار الفائدة.
وكشف تقرير مؤشر أسعار المستهلك عن تباطؤ في الضغوط التضخمية في يونيو الماضي، مع انخفاض التضخم الرئيس إلى معدل سنوي قدره ثلاثة في المئة من 3.3 في المئة في مايو الماضي، وهي البيانات التي عززت من اتجاه خفض أسعار الفائدة من "الفيدرالي" الأميركي، ودفعت الأوقية لتلامس 2425 دولاراً، وتقترب من أعلى مستوى لها عند 2451 دولاراً والمسجل في الـ20 من مايو الماضي.
في الغالب ستظل السوق العالمية هي المحرك لسعر الذهب المحلي طالما بقي سعر صرف الدولار موحداً في البلاد من دون معاودة نشاط السوق السوداء مرة أخرى، وطالما ظلت مستويات العرض والطلب متزنة من دون أي اختلال في جانبي السوق.