رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي خلال العام المقبل بمقدار 0.2 نقطة مئوية إلى 4.7 في المئة مقابل تقديراته السابقة في يونيو (حزيران) الماضي بنمو بنحو 4.5 في المئة.
في حين خفض الصندوق في تقرير له صادر اليوم الثلاثاء أرقامه لنمو اقتصاد أكبر مصدر للنفط في العالم خلال عام 2024 بمقدار 0.9 نقطة مئوية عن تقديراته في أبريل (نيسان) الماضي إلى 1.7 في المئة بضغط من خفوضات إنتاج النفط.
وذكر الصندوق في تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي - يوليو (تموز) 2024"، أن التعديل هو الأكبر بين الاقتصادات الكبرى، وأدى إلى تراجع توقعات نمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام الحالي نصف نقطة مئوية من مستواها قبل ثلاثة أشهر إلى 2.2 في المئة.
نمو الناتج المحلي السعودي
ووفق أحدث بيانات صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية، أظهرت انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في البلاد بنسبة 1.7 في المئة في الربع الأول من عام 2024، فيما سجل نمواً بنسبة 1.4 في المئة على أساس ربعي سنوي.
وهذه الأرقام تأتي أعلى من التقديرات الأولية في مايو (أيار) الماضي التي أظهرت انكماشاً بنسبة 1.8 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية، ونمواً بنسبة 1.3 في المئة على أساس ربع سنوي.
وأوضحت الهيئة في تقريرها الفصلي أن الأنشطة غير النفطية سجلت ارتفاعاً قدره 3.4 في المئة في الربع الأول على أساس سنوي، ونحو 0.9 في المئة على أساس ربعي.
وبحسب البيانات، شهدت الأنشطة النفطية انخفاضاً بنسبة 11.2 في المئة على أساس سنوي، بينما حققت صعوداً بنسبة 1.7 في المئة على أساس ربعي، في ظل التزام السعودية خفض الإنتاج اتساقاً مع اتفاق "أوبك+".
وتنفذ مجموعة "أوبك+" التي تقودها السعودية وروسيا حالياً خفوضات في الإنتاج بإجمالي 5.86 مليون برميل يومياً، أو ما يعادل 5.7 في المئة من الطلب العالمي، ووافقت المجموعة الشهر الماضي على البدء بالوقف التدريجي على مدى عام لخفوضات تقدر بنحو 2.2 مليون برميل يومياً تبدأ في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
توقعات الاقتصاد العالمي
قال صندوق النقد الدولي إن توقعاته المحدثة تشير إلى اتساق النمو العالمي مع تنبؤات أبريل 2024 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، إذ يصل إلى 3.2 في المئة عام 2024 و3.3 في المئة خلال 2025.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف الصندوق أن تضخم أسعار الخدمات يعوق التقدم المرجو نحو إبطاء معدلات التضخم، مما يصعب معه استعادة السياسات النقدية العادية.
وأفاد الصندوق بأن ذلك أدى إلى تصاعد خطر تجاوز التضخم لمستوياته المتوقعة، وبذلك زيادة احتمالات ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول، في سياق تنامي الاضطرابات التجارية وازدياد عدم اليقين إزاء السياسات، لذلك ينبغي تنفيذ مزيج السياسات اللازمة وفق تسلسل دقيق لتحقيق استقرار الأسعار وتعويض تراجع الاحتياطات الوقائية.
نمو متواضع
وذكر الصندوق أن الاقتصاد العالمي يمضي في مسار تسجيل نمو متواضع في العامين المقبلين وسط تباطؤ النشاط في الولايات المتحدة ووصول النمو إلى أدنى مستوى في أوروبا وزيادة الاستهلاك والصادرات في الصين، لكن الأخطار التي تهدد المسار كثيرة.
وحذر الصندوق من تباطؤ الزخم في جهود التصدي للتضخم، مما قد يرجئ خفض الفائدة ويبقي ضغوط قوة الدولار على الاقتصادات النامية.
وتتجلى في البيانات بعد تحديثها تغيرات عدة بين الاقتصادات الكبرى، فتم خفض توقعات النمو في الولايات المتحدة لعام 2024 بمقدار 0.1 نقطة مئوية إلى 2.6 في المئة، لتعكس استهلاكاً أبطأ من المرتقب في الربع الأول. وظلت أرقام الصندوق للنمو في الولايات المتحدة لعام 2025 من دون تغيير عند 1.9 في المئة، وهو تباطؤ أدى إليه تراجع قوة سوق العمل وتقلص الإنفاق استجابة للسياسة النقدية المتشددة.
اقتصادات أوروبا
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن المؤشرات على انتعاش الاقتصاد تتضاعف، خصوصاً في قطاع الخدمات. غير أن ذلك يتبلور بصورة غير متساوية مع بقاء التوقعات في شأن الاقتصاد الألماني ضعيفة ومن دون تغيير، أي بتحقيق نمو بنسبة 0.2 في المئة، بينما تتحسّن هذه التقديرات في أماكن أخرى.
كذلك، تمّ تعديل النمو في فرنسا صعوداً قليلاً، بمقدار 0.2 نقطة إلى 0.9 في المئة، مما يضع أرقام صندوق النقد الدولي بين تقدير البنك المركزي الفرنسي (0.8 في المئة) وتقدير المعهد الوطني للإحصاء (1.1 في المئة)، من دون أخذ نتائج الانتخابات التشريعية في الاعتبار.
نمو أكثر اتساقاً
وقال كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي بيير أوليفييه غورينشاس في تدوينة مرفقة بالتقرير "النمو في الاقتصادات المتقدمة الكبرى أصبح أكثر اتساقاً في ظل انكماش فجوات الناتج"، مضيفاً أن ظهور علامات التباطؤ يتزايد في الولايات المتحدة، في حين تتجه أوروبا نحو انتعاش.
اقتصاد الصين
وزاد صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني كثيراً إلى 5.0 في المئة، مما يتوافق مع هدف بكين لهذا العام، صعوداً من 4.6 في المئة في أبريل الماضي بسبب انتعاش استهلاك الأفراد في الربع الأول وقوة الصادرات، ورفع كذلك تقديراته لنمو الاقتصاد الصيني خلال 2025 إلى 4.5 في المئة صعوداً من 4.1 في المئة في أبريل.
وعلى العكس من ذلك، قد يكون أداء اقتصادات أميركا الجنوبية والبرازيل والمكسيك أقل جودة مما كان متوقعاً في البداية، بينما تبقى البيانات بالنسبة إلى روسيا من دون تغيير عند 3.2 في المئة لهذا العام.