Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قرارات قضائية ضد مرشحين للرئاسة تربك المناخ الانتخابي في تونس

يحذر مراقبون من تداعيات عزوف التونسيين عن الشأن العام والمشاركة السياسية

دخلت تونس رسمياً في الفترة الانتخابية استعداداً لانتخاب رئيس جديد للبلاد في السادس من أكتوبر المقبل (موقع الرئاسة التونسية)

ملخص

بينما دخلت تونس رسمياً في الفترة الانتخابية استعداداً لانتخاب رئيس للجمهورية في السادس من أكتوبر المقبل، تتوالى القرارات القضائية ضد عدد من المرشحين في تزامن يراه البعض تضييقاً ومساً بحقوق التونسيين في الترشح للانتخابات والمشاركة السياسية.

أعاد صدور حكم قضائي ضد الوزير السابق والمرشح للانتخابات الرئاسية في تونس عبداللطيف المكي إلى الواجهة مسألة الإقامة الجبرية في الواقع السياسي والقضائي التونسي. وتباينت المواقف إزاء هذا الحكم بين من يرى أنه قرار قضائي متعلق بقضية منشورة ولا بد من احترام استقلالية القضاء، ومن يعده حداً من حرية التنقل ومساً بالحريات العامة في زمن انتخابي يفترض أن يتوافر فيه مناخ من الحرية والتنافس النزيه بين المرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة في تونس في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وكان عميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس أصدر قراراً بمنع ظهور وزير الصحة السابق عبداللطيف المكي في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام ومنعه من السفر، وذلك إثر مثوله أمامه الجمعة الـ12 من يوليو (تموز) الجاري على ذمة القضية المتعلقة بوفاة السجين الجيلاني الدبوسي عقب أحداث 2011 إلى حين استكمال التحقيقات.

وتزامن هذا الحكم القضائي مع إعلان عبداللطيف المكي نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة مما أثار جملة أسئلة حول هذا التزامن، الذي فهم على أنه إقصاء بواسطة القضاء لمرشح للانتخابات الرئاسية.

ضغوط على المرشحين للرئاسية

ويؤكد أستاذ التنظيم الإداري المتخصص في الحوكمة المحلية محمد الضيفي أن "القانون الانتخابي الجديد نص على ضرورة أن يتمتع المرشح للانتخابات الرئاسية بحقوقه السياسية والمدنية، التي تشمل حرية التنقل وحرية السفر والمشاركة السياسية كالترشح للانتخابات وتقلد المناصب السياسية والوظائف العليا في الدولة، وفي واقع الحال فإن "الحقوق السياسة والمدنية على إطلاقيتها قد تضع بعض المرشحين في إشكال ويتعذر عليهم ممارسة حقوقهم المدنية، بما في ذلك حرية التنقل وجمع التزكيات للانتخابات الرئاسية وأيضاً كل ما يتعلق بأنشطة الحملة الانتخابية".

ويشدد الضيفي على أن "القرار القضائي بالإقامة الجبرية والمنع من السفر قد يدفع الهيئة إلى عدم قبول ترشح المعني بالأمر للانتخابات الرئاسية لعدم تمتعه بحقوقه السياسية والمدنية".
ويرى أستاذ التنظيم الإداري المتخصص في الحوكمة المحلية أن "تقييد الترشحات وتوظيف الجهاز القضائي والإداري في الشأن الانتخابي، كوضع شرط بطاقة السوابق العدلية التي لم ينص عليها القانون الانتخابي بينما تمت الإشارة إليها في القانون الترتيبي الذي يضبط شروط الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، سيربك المشهد الانتخابي".  

ويقر محمد الضيفي بوجود "ضغوط على المرشحين على غرار التزكيات التي تفرض الهيئة تسلمها مباشرة من مقارها المركزية والفرعية، بينما هناك مساجين يرغبون في الترشح إلا أن إدارة السجون تمنعهم من ذلك"، مؤكداً أن "تلك الإجراءات لا تخلق مناخاً انتخابياً سليماً".

ويعد الضيفي أن "الهيئة مدعوة إلى توضيح إجراءات الترشح وتفسيرها وتبسيطها من دون فرض تضييقات، وذلك لفسح المجال أمام ترشح شخصيات وازنة حتى تكون الانتخابات تعددية وحرة ونزيهة، لأن تونس تحتاج إلى مناخ سليم يضمن حرية التعبير والتنقل لجميع المرشحين من دون استثناء، وتنظيم حملات انتخابية متنوعة ومتعددة في ظل إعلام حر حتى لا تكون هذه المحطة الانتخابية مخيبة للآمال، وحتى لا يتم الطعن في مشروعية رئيس الجمهورية الذي يجب أن يكون منتخباً في الأقل بنسبة تفوق 45 في المئة من الجسم الانتخابي".

ويستنتج أستاذ الحوكمة المحلية أن "هيئة الانتخابات بإصدارها بلاغاً تحذر فيه التونسيين من الخوض في الشأن العام الانتخابي في مختلف منصات التواصل الاجتماعي "فرضت على التونسيين صمتاً انتخابياً دائماً"، محذراً من "تداعيات عزوف التونسيين عن الشأن العام والمشاركة السياسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إجراءات تعسفية

وكان نائب الأمين العام لحزب "العمل والإنجاز" المكلف بالملف السياسي أحمد النفاتي أكد في تدوينة نشرها عبر حسابه على "فيسبوك"، أن الحكم الصادر في حق عبداللطيف المكي يعني أنه "لا يمكنه خوض حملة انتخابية ولا يستطيع زيارة الجهات لجمع التزكيات ولا يمكنه الظهور الإعلامي للتأثير في الناخبين، ولا نشر فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي".

ودان حزب "العمل والإنجاز" بشدة في بيان ما وصفها بـ"الإجراءات التعسفية" في حق أمينه العام عبداللطيف المكي معتبراً أن "التضييق على المرشحين يربك المناخات السياسية العامة في البلاد، ويمس بصدقية المسار الانتخابي ويسيء إلى صورة تونس"، مضيفاً أن ما حصل هو "استهداف سياسي لمرشح جدي للانتخابات الرئاسية".

احترام القرارات القضائية

وفي المقابل يشدد النائب عن "حركة الشعب" عبدالرزاق عويدات على ضرورة احترام القرارات القضائية لافتاً إلى أن "الملف القضائي للسيد عبداللطيف المكي قائم على تهم بارتكاب جرائم"، متسائلاً "هل ترقى تلك الجرائم إلى مستوى حرمان المعني بالأمر من حقوقه المدنية والسياسية أم لا؟"، ومشيراً إلى أن "القضاء هو من سيبت في هذا الأمر". ويضيف عويدات أن "المجلس الوطني في حركة الشعب قرر ترشيح أحد قادة الحركة للانتخابات الرئاسية المقبلة. وطالبت الحركة بضرورة توافر مناخ سياسي سليم وبحياد الإدارة والمساواة أمام القانون الانتخابي، وأن تقوم الهيئة المستقلة للانتخابات بدورها من أجل ضمان تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين".

وفي تعقيبه على توظيف القضاء والإدارة في الشأن الانتخابي أكد النائب في البرلمان أن "الحقوق المدنية والسياسية يتمتع بها كل مواطن تونسي والمنع لا يكون إلا بحكم قضائي".

وعبر عويدات عن "تخوفه من حال العزوف التي تربك المناخ السياسي في البلاد لأن المواطن التونسي يرى الفعل السياسي عملاً فوقياً بعيداً من واقعه اليومي، لأن السياسة لم تغير واقعه الاقتصادي والاجتماعي وهو ما يهدد هذه المحطة الانتخابية ويجعلها محل تشكيك".

ويذكر أن الإقامة الجبرية هي إجراء إداري مقيد للحرية يعتمد في عدد من دول العالم ومن بينها تونس وينظم هذا الإجراء القضائي الأمر رقم 50 لعام 1978 والمؤرخ خلال الـ26 من يناير (كانون الثاني) 1978، والمتعلق بتنظيم حالة الطوارئ في تونس.

وتعالت الأصوات في تونس خلال الأعوام الأخيرة للمطالبة بتغيير قانون الطوارئ لما تضمنه من إجراءات مقيدة للحريات ولاختلاف السياقات السياسية والمجتمعية التي تم فيها وضع هذا القانون الذي يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي.

مرشحون في السجون

ويقبع عدد من قيادات المعارضة في السجون التونسية بتهم مختلفة، بينهم من عبر عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة على غرار الأمين العام الحزب الجمهوري عصام الشابي (67 سنة) الموقوف منذ فبراير (شباط) 2023، بتهمة "التآمر على أمن الدولة". وأعلن الحزب "الدستوري الحر" ترشيح رئيسته عبير موسي القابعة في السجن منذ أكتوبر 2023 بتهمة "الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة".
ومن جهته أعلن الأمين العام لحزب "الاتحاد الشعبي الجمهوري" لطفي المرايحي في أبريل (نيسان) الماضي اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية، إلا أن وحدات الأمن اعتقلته بتهمة غسل الأموال وفتح حسابات بنكية في الخارج من دون ترخيص".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي