Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتقام الإيراني الصعب: من الجائزة واغتيال ترمب إلى الملاحقة القانونية

قال خامنئي في وقت سابق إن الانتقام من قتلة سليماني في أقرب وقت ممكن أمر مؤكد لا رجعة عنه

لطالما طالب أنصار النظام الإيراني وقادته بالانتقام لمقتل قاسم سليماني (فارس)

ملخص

خلال الأعوام الأربعة الماضية اتخذ النظام الإيراني إجراءات وفاء بوعد "الانتقام الصعب"، ومن بينها رفع دعوى قضائية ضد المسؤولين ومنفذي عملية اغتيال قاسم سليماني، وإقرار "قانون الانتقام الصعب" في البرلمان وزيادة نحو 200 مليون دولار في موازنة "فيلق القدس".

خلال الثالث من يناير (كانون الثاني) 2022 وبعد يوم من قتل قاسم سليماني أثناء مغادرته مطار بغداد، هدد المرشد علي خامنئي الأشخاص المتورطين في مقتل قائد "فيلق القدس" بـ"الانتقام الصعب".

وقام أنصار النظام الإيراني الذين يعرفون في الفضاء الافتراضي بـ"الجيش السيبراني" بنشر هذه العبارة على شبكات التواصل الاجتماعي في وقت قصير، وزعموا بأن "الانتقام الصعب سيكون قريباً".

وبعد ثلاثة أيام شن الحرس الثوري الإيراني هجوماً صاروخياً على قاعدة "عين الأسد" الأميركية في العراق، بدعوى "الوفاء بالوعد بالانتقام الصعب". وعملت وسائل الإعلام الحكومية التي تعد الأذرع الدعائية للنظام الإيراني على تضخيم الهجوم العسكري المباشر على القاعدة الأميركية، لتظهره كبيراً ومدمراً.

وأيضاً قال خامنئي في خطابه الشهير في مدينة قم إن الأميركيين "تلقوا صفعة" لقتلهم قاسم سليماني. بينما زعم قائد الحرس الثوري حسين سلامي أنه مع الهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد "اختلت المعادلات الأميركية في المنطقة".

دعاية النظام

في الواقع لم يسفر الهجوم الصاروخي على القاعدة الأميركية في العراق عن أية أضرار. لكن النظام الإيراني قام بأول "انتقام صعب" من الإيرانيين بإطلاق "الحرس الثوري" صاروخين على طائرة مدنية أوكرانية وقتل جميع ركاب الرحلة البالغ عددهم 176 شخصاً.

وبعد تلك الحادثة تحدث المسؤولون في النظام الإيراني مراراً وتكراراً وفي أكثر من مناسبة عن الانتقام الصعب من الأميركيين، وبخاصة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

وقال الرئيس الإيراني آنذاك حسن روحاني إن على الولايات المتحدة أن تتوقع "انتقاماً صعباً" من إيران. وأعلن وزير خارجيته في حينها محمد جواد ظريف مرات عدة أن الإجراء الأميركي لن يمر من دون رد.

وإضافة إلى المسؤولين الحكوميين الإيرانيين هدد كبار العسكريين في النظام أيضاً الرئيس السابق دونالد ترمب ومسؤولين أميركيين آخرين بـ"الانتقام الصعب".

إسماعيل قاآني الذي خلف قاسم سليماني في قيادة "فيلق القدس" ومحمد باقري رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية وعلي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في حينها ومحمد علي جعفري قائد "الحرس الثوري" وقتها، كانوا من بين الذين وعدوا بـ"الانتقام الصعب".
وعدا عن تأكيد المسؤولين الإيرانيين الانتقام لمقتل قاسم سليماني طالبوا أيضاً بانسحاب القوات الأميركية من المنطقة، إذ قال حسن روحاني في خطاب وجهه للأميركيين "لقد قطعتم يد الجنرال قاسم سليماني وسنقطع أرجلكم من المنطقة".  

تهديدات ضد الغرب

وفي أقل من عام بعد مقتل قاسم سليماني تحول ادعاء "الانتقام الصعب" إلى الدعامة الأساس لتهديدات المسؤولين الإيرانيين ضد الغرب، بدء من المرشد علي خامنئي إلى أعضاء شورى البلديات في إيران.

هذا وقد أصبح موضوع "الانتقام الصعب" محط اهتمام وسائل الإعلام الدولية، وأثار قلق المجتمع الدولي. لكن بعد أقل من عام وبينما لم ترد أي أنباء عن "الانتقام الصعب"، قتل رئيس منظمة الأبحاث والابتكار الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع وإسناد القوات المسلحة محسن فخري زاده.

وبعد مقتل فخري زاده تحدث المسؤولون الإيرانيون مرة أخرى عن "الانتقام الصعب". إذ قال المرشد علي خامنئي في الذكرى السنوية الأولى لمقتل قاسم سليماني إن الانتقام من قتلة سليماني في أقرب وقت ممكن أمر مؤكد لا رجعة عنه.

وفي الذكرى السنوية الثانية لمقتل سليماني، هدد خامنئي من جديد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بـ"العقاب الدنيوي". واستمرت هذه التهديدات إذ نشرت مجلة "بوليتيكو" في سبتمبر (أيلول) 2020 نقلاً عن مصادر أميركية تقريراً قالت فيه، إن "النظام الإيراني خطط لاغتيال السفير الأميركي لدى جنوب أفريقيا انتقاماً لمقتل قاسم سليماني".

وفي ذلك الوقت كانت السفيرة الأميركية لدى جنوب أفريقيا لانا ماركس صديقة قديمة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. إذ وفقاً لتقرير مجلة "بوليتيكو" فإن صداقة لانا ماركس الطويلة وترمب يمكن أن تجعلها هدفاً لانتقام النظام الإيراني لمقتل قاسم سليماني.

وبعد أن كشفت مجلة "بوليتيكو" عن خطط النظام الإيراني لاغتيال السفيرة الأميركية في جنوب أفريقيا، خاطب قائد "الحرس الثوري" المسؤولين الأميركيين وصعد من تهديداته قائلاً "تظنون أننا سنقتل سفيرة ’أميركية‘ في جنوب أفريقيا مقابل دم أخينا ’قاسم سليماني‘. ويجب أن تعلموا أن كل من شارك في هذه المغامرة سيقتل، وهذه رسالة صريحة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وحدة تابعة لـ"حزب الله"

وبعد نحو ثلاثة أشهر من تهديد حسين سلامي أعلنت قناة "الجزيرة" في تقرير لها أن الوحدة "910" التابعة لـ"حزب الله" اللبناني ستنفذ "الانتقام الصعب" لمقتل قاسم سليماني. وبناء على تقرير "الجزيرة" فإن هذه الوحدة الخاصة بالعمليات خارج الحدود اللبنانية ولديها عناصر في جميع أنحاء العالم، تأخذ أوامرها مباشرة من أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله.

وفي السياق نفسه وفي تلك الفترة الزمنية قال إبراهيم رئيسي الذي كان رئيساً للسلطة القضائية في حينها، "لم يعد منفذو جريمة اغتيال الجنرال قاسم سليماني آمنين على كوكب الأرض. وسيشهد الأعداء انتقاماً صعباً ستحدد المقاومة زمانه ومكانه".

"الانتقام الصعب" للنظام الإيراني خرج تدريجاً من مستوى الصراخ والتهديدات الشفوية وأخذ صوراً أكثر علنية، لدرجة أن نائب قائد "الحرس الثوري" علي فدوي قال وبوضوح إن "الحرس الثوري ينتهج أساليب مختلفة للانتقام من مقتل سليماني".

شروط خاصة

وأكد قائد "الحرس الثوري" في أحد البرامج التلفزيونية رداً على سؤال مقدم البرنامج أنه "لماذا لم يحدث بعد "الانتقام الصعب" حتى الآن، قائلاً إن الانتقام له شروطه الخاصة ومن هذه الشروط "الزمان والمكان والطريقة والظرف المناسب". وفي الواقع إنه وعد إذا ما توافر الزمان والمكان والظرف المناسب فإن هذا العمل سيتم وبطريقة خاصة.

وقال قائد البحرية في الحرس الثوري الإيراني علي رضا تنكسيري إنه "نحن من يحدد الزمان وجغرافية الانتقام".

وعلى رغم التهديدات المستمرة والمتكررة من قبل المسؤولين السياسيين والعسكريين الإيرانيين، لم يتحدث أي من هؤلاء بوضوح عن أسلوب "الانتقام الصعب". وأسندوا هذه القضية وفقاً للإجراءات المتعارف عليها في النظام الإيراني إلى العناصر المرتبطة بالمؤسسات الدينية والبرلمان.

وبعد أقل من شهر على مقتل قاسم سليماني ادعى ممثل مدينة كهنوج بمحافظة كرمان في البرلمان الإيراني أحمد حمزة أنه "بالنيابة عن المواطنين في كرمان، ستمنح مكافأة قدرها 3 ملايين دولار لأي شخص يقتل دونالد ترمب".

وبعد ذلك أعلن الرادود الحسيني الناشط على وسائل التواصل الاجتماعي والمحسوب على النظام الإيراني، في برنامج تلفزيوني أنه و"باسم الشباب الإيراني" سيمنح مكافأة قدرها 50 مليون دولار من يغتال دونالد ترمب.

"الصبر الاستراتيجي"

وخلال الأعوام الأربعة الماضية اتخذ النظام الإيراني إجراءات أخرى من أجل الوفاء بالوعد بـ"الانتقام الصعب" ومن بينها رفع دعوى قضائية ضد المسؤولين ومنفذي عملية اغتيال قاسم سليماني، وإقرار "قانون الانتقام الصعب" في البرلمان وزيادة نحو 200 مليون دولار في موازنة "فيلق القدس". ومن ناحية أخرى كشفت الإجراءات أن الحكومة وفي محاولة يائسة لتحقيق الوعد بـ"الانتقام الصعب" لجأت إلى أساليب بديلة ومنها إنتاج الموسيقى والفيديوهات الموسيقية، والرسوم الكرتونية والمؤتمرات الشعرية ومسابقات ألعاب الكمبيوتر والفعاليات الثقافية وتصميم برمجيات تتناول موضوع قاسم سليماني.

ومع مرور الوقت حل مصطلح "الصبر الاستراتيجي" محل مصطلح "الانتقام الصعب" في النقاشات السياسية للمسؤولين الإيرانيين. وعليه فإن تحديد مكافأة مالية لاغتيال ترمب وإعلانها من المنصات الإعلامية الرسمية للنظام الإيراني بما في ذلك البرلمان والإذاعة والتلفزيون، يدل أن اغتيال مسؤول أميركي لا يمكن أن يكون إلا بضوء أخضر ومخطط هادف تشرف عليه الأجهزة الأمنية للنظام الإيراني.

أما الآن وبعد أسبوع من محاولة الاغتيال الفاشلة لدونالد ترمب خلال الحملة الانتخابية، تشير بعض التقارير الإعلامية ومنها "بوليتيكو" و"سي أن أن" إلى احتمال تورط النظام الإيراني في محاولة اغتيال ترمب. لكن القائم بأعمال وزير الخارجية علي باقري ومن دون أن يذكر أكثر من أربعة أعوام من التهديدات المستمرة والمتكررة من قبل الحكومة وأنصارها، قال إن بلاده ستلجأ إلى الإجراءات والأطر القانونية والقضائية على المستويين الداخلي والدولي لمحاكمة من قتلوا قاسم سليماني.

نقلا عن "اندبندنت فارسية"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير