Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تغسل "مدونة الأخلاقيات" سمعة البرلمانيين في المغرب؟

تأتي في سياق المتابعات القضائية التي طاولت أخيراً عدداً من النواب بتهم مختلفة

وصل عدد النواب البرلمانيين الملاحقين بتهم الفساد المالي إلى 34 برلمانياً (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

جاء إرساء مدونة الأخلاقيات أو السلوك في سياق قضايا متتالية لبرلمانيين مغاربة بتهم الفساد المالي والتحايل في صفقات عمومية والارتشاء والابتزاز وغيرها من التهم الأخرى، والمنتمين إلى أحزاب في الغالبية الحكومية والمعارضة على السواء.

بتصديق البرلمان المغربي على تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب ومن ضمنه "مدونة السلوك والأخلاقيات" الخاصة بنواب الأمة، تكون المؤسسة التشريعية بالمغرب أشرفت على "مرحلة جديدة" تروم تصحيح الصورة السلبية عن البرلمانيين المنطبعة في أذهان عدد من المواطنين.

وسيكون النواب البرلمانيون بالمغرب مجبرين على توقيع "التزام بالشرف" خلال الولاية التشريعية التي تنطلق في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، يلتزمون من خلالها بالاطلاع على بنود مدونة الأخلاقيات واحترام تدابيرها ومقتضياتها.

ويرى مراقبون وبرلمانيون من الغالبية الحكومية والمعارضة أيضاً أن مدونة السلوك أو الأخلاقيات تأتي في سياق المتابعات القضائية التي طاولت أخيراً عدداً من النواب بتهم مختلفة، كما أنها تبغي بالأساس تجويد أداء المؤسسة التشريعية، ورسم صورة إيجابية عن النواب.

مضامين المدونة

وتتضمن مدونة الأخلاقيات البرلمانية وهي عبارة عن قوانين داخلية تنظم سير البرلمان وأداء النواب عدداً من البنود التي تستهدف خصوصاً البرلمانيين، الذين صدرت في حقهم أحكام قضائية تهم المس بالشرف أو الذمة المالية.

وهذه التهم تعني ارتكاب جنح أو جرائم بصورة عمدية تتعلق بالسرقة أو النصب أو خيانة الأمانة أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو اختلاس أموال عمومية أو تبديدها"، وفي المقابل يلغي كل حكم استئنافي بالبراءة جميع التدابير المتخذة.

ومن تلك القوانين التنظيمية التي وردت في مدونة الأخلاقيات التي صدق عليها البرلمان المغربي الثلاثاء الماضي، أن "يمتنع أو يتنحى عن الترشح والمشاركة والحضور للمهام والأنشطة البرلمانية كل نائب برلماني صدر ضده مقرر قضائي بالمتابعة من أجل جناية أو جنحة عمدية تمس بالشرف أو المروءة".

ووفق مدونة الأخلاقيات يتعين منع البرلماني الذي صدر في حقه حكم قضائي يتعلق بالمروءة والشرف والذمة المالية من حضور الجلستين الافتتاحيتين للبرلمان في دورتي الخريف والربيع، أو اكتساب عضوية في مكتب المجلس أو عدد من اللجان البرلمانية.

وفي ذات الاتجاه يمنع على كل نائب برلماني معني بأحكام قضائية تمس شرفه ومروءته أو أخلاقه وذمته المالية والمعنوية المشاركة في الأنشطة البرلمانية ذات البعد الدبلوماسي، أو المشاركة في الوفود البرلمانية التي تحضر الملتقيات الدولية، ويحظر عليه تمثيل البرلمان في المنظمات الدولية والإقليمية.

قضايا متتالية

ويأتي إرساء مدونة الأخلاقيات أو السلوك ضمن سياق قضايا متتالية لبرلمانيين متابعين بتهم الفساد المالي والتحايل في صفقات عمومية والارتشاء والابتزاز وغيرها من التهم الأخرى، والمنتمين إلى أحزاب في الغالبية الحكومية والمعارضة على السواء.

ووصل عدد النواب البرلمانيين الملاحقين بتهم الفساد المالي بسبب سوء تدبير عملهم بصفتهم رؤساء مجالس إدارة للمناطق التي انتخبوا فيها إلى 34 برلمانياً.

وجردت المحكمة الدستورية 10 برلمانيين من عضويتهم في مجلس النواب بعد صدور أحكام نهائية بحقهم، بينما تواصل ذات المحكمة البت في ملف 24 برلمانياً آخرين مستندة على قرينة البراءة قبل النطق بالحكم النهائي في قضايا الفساد والارتشاء والتلاعبات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي هذا الصدد أبرز رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب أن جديد مدونة الأخلاقيات يهدف إلى ضبط أداء النائب البرلماني ليكون في أفضل حالاته، حتى يكون أسوة لغيره في الأداء والسلوك السياسي والأداء النيابي.

ووفق رئيس مجلس النواب فإن مدونة الأخلاقيات تنطلق من توجيهات الملك محمد السادس في هذا الصدد من أجل إرساء جو من الثقة بين المواطن والمؤسسة التشريعية، وبين الناخبين والمنتخبين من أجل تعزيز الديمقراطية والفعل السياسي في البلاد.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس طالب صراحة خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي ضمن رسالة بمناسبة الذكرى الـ60 لتأسيس البرلمان المغربي، بـ"تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات الحزبية، وتخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها تكون ذات طابع قانوني ملزم".

ووفق الرسالة الملكية فإن "النموذج البرلماني المغربي أسس وفق رؤية سياسية متبصرة، تقوم على التدرج ومراكمة الإصلاحات الدستورية المتواصلة والحرص على مشاركة القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية الحية".

 تخليق الحياة البرلمانية

ومن جهته يعلق المتخصص في مجال العلوم السياسية محمد نشطاوي على الموضوع بقوله إن مدونة الأخلاقيات البرلمانية أتت في سياق ما تعرفه الساحة السياسية والبرلمانية من متابعات قضائية لعدد من البرلمانيين، تتعلق بالفساد والرشوة والمحسوبية واستغلال المناصب لمصالح شخصية وارتكاب جرائم مالية، مما أعطى صورة مشوهة للمواطن المغربي عن الأحزاب والبرلمان وفاقم من العزوف السياسي والمشاركة في الانتخابات.

وقال نشطاوي إن "السلطات الحكومية تروم من وراء مدونة الأخلاقيات البرلمانية تخليق الحياة البرلمانية والعمل على القطع مع الصورة المسيئة للبرلمانيين سواء في مجلس النواب أو المستشارين، وإبراز أن من حوكموا من البرلمانيين هم مجرد قلة قليلة من النواب".

وأضاف المحلل السياسي "أن مدونة السلوك والأخلاقيات البرلمانية جاءت بمضامين ومبادئ تحاول النأي عن ممارسات سيئة ومشينة وإعطاء صورة إيجابية عن البرلماني، وأيضاً لجم تصرفات البرلمانيين المتنافية مع القانون".

وشدد نشطاوي على أن البرلماني يتمتع بالحصانة لكن قبل ذلك يجب أن يتمتع بالأخلاق السياسية الإيجابية، وأن يكون بينه والناخبين عقد شفهي يلزمه بأن يكون في خدمة المواطنين لا أن يكون في خدمة مصالحه، بالتالي يجعل نفسه بعيداً من الأهواء والمصالح الشخصية.

وخلص الأستاذ الجامعي إلى أن "مدونة الأخلاقيات البرلمانية والسياق الذي جات فيه تعكس رغبة الدولة في تطهير الحياة البرلمانية، لكنها في حقيقة الأمر تروم أكثر وبالأساس إلى تكوين صورة أخرى مغايرة عن البرلماني في ذهن الناخب المغربي".

المزيد من العالم العربي