السعودية: الهجمات الإسرائيلية في اليمن تضاعف التوتر بالمنطقة

أعلنت السعودية اليوم الأحد أنها تتابع بـ"قلق بالغ" تطورات التصعيد العسكري في اليمن غداة غارات إسرائيلية على أهداف في ميناء مدينة الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وأغارت مقاتلات إسرائيلية أمس السبت على أهداف للحوثيين في ميناء الحديدة، مما تسبب في اندلاع حريق هائل وسقوط ثلاثة قتلى غداة تبني المتمردين المدعومين من إيران هجوماً بمسيرة مفخخة أوقع قتيلاً في تل أبيب.

وأوردت وكالة الأنباء السعودية (واس) بياناً لوزارة الخارجية قالت فيه إنها "تتابع بقلق بالغ تطورات التصعيد العسكري في اليمن بعد الهجمات الإسرائيلية التي شهدتها محافظة الحديدة أمس السبت". وأكدت أن الغارات الإسرائيلية "تضاعف من حدة التوتر الحالي في المنطقة وتضر بالجهود المستمرة لإنهاء الحرب على غزة"، داعية "كافة الأطراف إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس والنأي بالمنطقة وشعوبها عن أخطار الحروب".

وجاء بيان الخارجية السعودية بعد ساعات من بيان لوزارة الدفاع نأت فيه بنفسها من هجمات اليمن. وأفاد الناطق باسم وزارة الدفاع السعودية العميد تركي المالكي بأن "السعودية ليس لها أية علاقة أو مشاركة باستهداف الحديدة، ولن تسمح باختراق أجوائها من أية جهة كانت".

أول ضربة

وهذه أول ضربة إسرائيلية علنية ضد اليمن الذي يشن منه الحوثيون هجمات بالصواريخ والمسيرات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها.

ويؤكد الحوثيون أن هذه الهجمات تأتي دعماً للفلسطينيين في قطاع غزة في ظل الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

عمود من النيران في أعقاب الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة الساحلية (أ ف ب)

وفيما استمرت محاولات إخماد النيران في ميناء الحديدة اليوم الأحد أعلن أن الحوثيين أطلقوا صواريخ باليستية في اتجاه مدينة إيلات الإسرائيلية على البحر الأحمر، فيما أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخ "كان يقترب من إسرائيل".

وأكد الجيش الإسرائيلي أن الميناء المستهدف يستخدم "طريق إمداد رئيساً لإيصال الأسلحة الإيرانية من إيران إلى اليمن، بدءاً بالمسيرة التي استخدمت في الهجوم صباح الجمعة" في تل أبيب.

ارتفاع حصيلة القتلى

وارتفعت حصيلة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت أمس ميناء الحديدة إلى ستة قتلى، وفق ما أفادت السلطات الصحية التابعة للحوثيين اليوم الأحد.

ولفتت وزارة الصحة التابعة للحوثيين في بيان نقله إعلام المتمردين إلى "ستة قتلى وثلاثة مفقودين و83 جريحاً نتيجة العدوان الإسرائيلي على الأعيان المدنية في محافظة الحديدة".

تهديدات لإسرائيل

وتوعد الحوثيون إسرائيل اليوم الأحد بالرد على الضربات الإسرائيلية المميتة، في فصل جديد من التصعيد الإقليمي المتصل بالحرب في قطاع غزة.

في ظل هذا السياق الشديد التوتر يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد غد الثلاثاء الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أن يلقي خطاباً أمام الكونغرس في محاولة لتمتين العلاقات مع الولايات المتحدة بعد أن شابتها توترات بسبب حرب غزة.

وفتح الحوثيون و"حزب الله" اللبناني، حليفا إيران والعدو اللدود لإسرائيل، جبهات ضد الدولة العبرية "دعماً" للفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر الذي يتعرض لقصف عنيف منذ اندلاع الحرب.

وتعهد المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع "رداً هائلاً على العدوان" الإسرائيلي بعد ساعات من توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بعمليات أخرى ضد الحوثيين "إذا تجرأوا على مهاجمتنا".

ونددت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمدعومة من السعودية في حربها التي تخوضها ضد الحوثيين منذ 2014، بالضربات الإسرائيلية، محملة الدولة العبرية مسؤولية "تعميق الأزمة الإنسانية". كما حذرت الحوثيين من "استمرار رهن مصير اليمن وأبناء شعبه والزج بهم في معارك الجماعة العبثية، خدمة لمصالح النظام الإيراني ومشروعه التوسعي في المنطقة".

وغطت سحابة كثيفة من الدخان الأسود اليوم الأحد أجواء الحديدة، وفق مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وقال موظف في الميناء فضل عدم الكشف عن هويته إن الحريق يتواصل في مستودعات الوقود ومحطة إنتاج الكهرباء، لافتاً إلى أن احتواء الحريق يتطلب أياماً عدة، مما أكده أيضاً مراقبون للشأن اليمني كون فرق الإطفاء تفتقر إلى المعدات اللازمة.

أشخاص في منطقة مطوقة حيث وقع انفجار في تل أبيب، 19 يوليو 2024 (أ ف ب)

وأورد كبير محللي الشرق الأوسط في مجموعة "نافانتي" الأميركية محمد الباشا أن الحريق قد يمتد إلى منشآت تخزين المواد الغذائية.

ويثير هذا الأمر مخاوف من ازدياد النقص في اليمن أفقر دول شبه الجزيرة العربية، إذ تسببت الحرب التي يشهدها منذ 2014 بين الحوثيين والحكومة في أزمة إنسانية كبيرة.

منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 يشن الحوثيون هجمات بالصواريخ والمسيرات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، كما أطلقوا صواريخ على بلدات إسرائيلية، اعترض معظمها.

بين غزة وجنوب لبنان

وتشهد الجبهة مع "حزب الله" في لبنان، وهي أقرب بكثير من اليمن الذي يبعد نحو 1800 كيلومتر من إسرائيل قصفاً شبه يومي بينهما.

بدوره أكد الجيش الإسرائيلي اليوم أنه استهدف مستودعين للأسلحة في منطقة جنوب لبنان تابعين لـ"حزب الله" يحويان قذائف صاروخية ووسائل أخرى.

وعلى رغم المناشدات الملحة لوقف إطلاق النار ومخاوف المجتمع الدولي من اندلاع نزاع إقليمي، فإن الحرب في غزة تتواصل مع استمرار الهجوم الإسرائيلي المدمر.

ونفذت إسرائيل عملية واسعة النطاق في رفح بجنوب القطاع ترافقت مع قصف مكثف وقتال مع "حماس". أدى هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر 2023 إلى مقتل 1195 شخصاً معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام إسرائيلية.

كذلك احتجز 251 رهينة لا يزال 116 منهم في غزة من بينهم 42 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم ماتوا.

وأدت الحملة الانتقامية الإسرائيلية إلى مقتل ما لا يقل عن 38 ألفاً و983 شخصاً في غزة، معظمهم أيضاً من المدنيين، وفقاً لبيانات وزارة الصحة في القطاع.