Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيلينسكي يبحث عن وسطاء لطلب "السلام" مع موسكو

أكدت السلطات الروسية أكثر من مرة كامل استعدادها للتفاوض مع كييف والمتغيرات الجديدة تفرض حضورها

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع ثنائي في لندن (أ ف ب)

ملخص

مراقبون خلصوا إلى رؤى تقول بضرورة أن يأخذ الأوكرانيون في اعتبارهم ما تشهده الساحة من متغيرات وحقائق، وهو ما يحاول زيلينسكي اليوم التحول إليه في إطار "استباقه لبعض الأمور غير السارة ولكنها حتمية".

ما إن تحول اتجاه الرياح في واشنطن وظهرت بوادر الرحيل المرتقب للرئيس الأميركي جو بايدن، حتى ظهر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في "ثوب آخر"، متخلياً عما سبق وأعلنه من تشدد، ليطلب لقاء مع المرشح الرئاسي الأميركي الجديد دونالد ترمب، لتبادل الآراء حول رؤيته للسلام في أوكرانيا.

ولم يكتف زيلينسكي بذلك، إذ بادر بإيفاد دميتري كوليبا وزير خارجيته إلى بكين بحثاً عما يمكن أن تقدمه الصين في هذا الشأن، وهي التي سبق وأوفدت مبعوثها إلى كييف حاملاً رؤيتها (خطتها) ذات النقاط الـ12، وذلك في وقت يواصل فيه رئيس الحكومة المجرية رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي فيكتور أوربان اتصالاته مع كل من دونالد ترمب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وها هو زيلينسكي يستقبل سكرتير دولة الفاتيكان بيترو بارولين، مؤكداً أن زيارته "إشارة قوية من جانب الفاتيكان"، وكذلك اعتقاده بأنه يدرك ضرورة "إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن بالطبع" على حد تعبيره.

وكان زيلينسكي تناول هذه المسألة أيضاً في حديثه الأخير إلى "بي بي سي"، الذي أشار فيه إلى إمكان إجراء مفاوضات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على رغم المرسوم المعمول به في أوكرانيا الذي سبق وأصدره حول فرض الحظر التام لإجراء مثل هذه المفاوضات، وقال كذلك إن "أحداً لن يوافق على صراع مسلح، من الممكن أن يستمر لـ10 سنوات أخرى أو سنوات عديدة".

وكان زيلينسكي سبق وأعلن موافقته على قبول الجلوس إلى مبعوثي موسكو، بقوله "إن الممثلين الروس يجب أن يشاركوا في المؤتمر الثاني لحل النزاع الأوكراني"، بحسب مقررات "قمة السلام" التي عقدت في سويسرا في منتصف يونيو (حزيران) الماضي.

موسكو تعود لتأكيد سابق شروطها

أما عن استعداد موسكو لهذه المحادثات فأكدت السلطات الروسية أكثر من مرة كامل استعدادها للتفاوض مع كييف، وقالت إن العقبة الرئيسة تظل في ما أصدره زيلينسكي من مرسوم يحظر الاتصال مع موسكو والتفاوض معها، وما أعلنه من شروط ثمة من يقول باستحالة قبولها ومنها العودة لحدود أوكرانيا في عام 1991، وغير ذلك من الشروط التي سبق وتندر بها مسؤولون روس كثر بوصفها غير قابلة للتطبيق.

كما أن الواقع الراهن وبحسب موسكو يشهد تمسك السلطات الروسية بما أشار إليه الرئيس بوتين حول عدم شرعية زيلينسكي كرئيس لأوكرانيا، بعد أن انتهت مدة رئاسته في مايو (أيار) الماضي، وما قاله حول "مع من يكون من الضروري، ومن الممكن التعامل معه من أجل التوقيع على وثائق ملزمة قانوناً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان بوتين حدد في اجتماعه مع قيادات وزارة الخارجية الروسية في الـ14 من مايو (أيار) الماضي شروط موسكو لحل الأزمة الأوكرانية، وقال إن منها "انسحاب القوات المسلحة الأوكرانية من دونباس ونوفوروسيا إلى الحدود الإدارية لهذه الأقاليم الأربعة، وضرورة إعلان أوكرانيا عن رفضها الانضمام إلى الناتو". وأشار أيضاً إلى ضرورة رفع كل العقوبات، التي فرضتها الدوائر الغربية على روسيا منذ اندلاع الازمة الأوكرانية في عام 2014، وإعلان أوكرانيا وضعيتها الجديدة كدولة محايدة خالية من الأسلحة النووية. ولم يكتف الرئيس الروسي بذلك، بل وقال أيضاً باحتمالات تغيرها في المستقبل، في حال رفض أوكرانيا لخطة السلام الروسية، في إشارة إلى احتمالات طرح مزيد من بنودها، في صيغ أكثر تشدداً.

ظهور واقع جديد

وها هي الاوضاع في الولايات المتحدة الأميركية تكشف عن متغيرات حادة جديدة لا بد وأن تترك أثرها في كثير من الأوضاع في الخارج، بعد إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن انسحابه من الترشح لفترة ولاية ثانية، وإقرار مؤتمر الحزب الجمهوري لترشيح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لمنصب الرئيس، فضلاً عن إعلان ترمب اختياره للسيناتور جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس، وهو المعروف بتشدده تجاه إمداد أوكرانيا بمختلف أشكال الدعم المالي والعسكري.

وفي تناولها لهذه المتغيرات التي وصفتها بالحادة أشارت صحيفة " Dziennik Gazeta Prawna"  اليومية البولندية، إلى ما تشهده الأوضاع على الصعيد الأوكراني تحت عنوان "محادثات السلام في الأفق؟ دونالد ترمب يضغط، وزيلينسكي يستسلم، وبوتين ينتظر". وقالت إن اعتراف زيلينسكي بإمكان إجراء المفاوضات مع بوتين يعكس واقعاً جديداً، وتغييراً حاداً في موقف أوكرانيا.

ونقلت الصحيفة عن الخبير السياسي فيتولد سوكالا ما قاله حول أن "المهم اليوم على طاولة المفاوضات ليس التقدم على الجبهة أو من احتل أخيراً بضعة هكتارات من الأرض، بل إنه يتلخص في ما هو موجود من الموارد والقدرة على القتال لفترة طويلة". وأشار سوكالا إلى ما نشهده من تغيرات في المواقف، و"تغير" في لهجة زيلينسكي، الذي اعترف بإمكان إجراء مفاوضات مع بوتين، وهو ما قال بضرورة "ألا توافق عليه أوكرانيا وحلفاء الناتو تحت أي ظرف من الظروف"، وذلك ما قد يكون اعترافاً بوجود من له مصلحة مباشرة في استمرار "الأزمة الأوكرانية"، وهم وبحسب اعترافات مراقبين بولنديين موجودون على مقربة مباشرة من الأراضي الأوكرانية.

ولعل تعجل زيلينسكي الاتصال بالمرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترمب، وما طرحه من طلب اللقاء معه للاطلاع على رؤيته للسلام في أوكرانيا، الذي سبق وقال إنه على استعداد لتحقيقه في غضون 24 ساعة، وكذلك إيفاده لوزير خارجيته كوليبا إلى الصين في مهمة تستهدف الغرض نفسه، يؤكد مدى حساسية الموقف الراهن على صعيد العودة لما سبق ورفضه زيلينسكي من خطط سلام لطالما حرص كثيرون من زعماء العالم على التقدم بها منذ بداية العملية "العسكرية الروسية الخاصة" في أوكرانيا، وذلك ما أوجزه المراقبون في ما خلصوا إليه من رؤى تقول بضرورة أن يأخذ الأوكرانيون في اعتبارهم ما تشهده الساحة من متغيرات وحقائق، وهو ما يحاول زيلينسكي اليوم التحول إليه في إطار "استباقه لبعض الأمور غير السارة ولكنها حتمية"، على حد قولهم. وفي هذا الصدد ثمة من يشير إلى أن ما طرحه المرشح الرئاسي الأميركي ترمب يستند ضمناً إلى إمكان تلبية بعض المطالب الروسية، بما قد يعني ضرورة قبول أوكرانيا بالتنازل عن بعض الأراضي التي تحولت تبعيتها إلى روسيا.

أما عن العودة ثانية للصين وما قد يطرحه وزير الخارجية الأوكرانية على نظيره الصيني، فيأتي في إطار طلب الوساطة والقبول بما قد يندرج تحت بند "ما لا يدرك كله، لا يترك كله"، وذلك استناداً إلى ما ترتبط به الصين من علاقات وثيقة مع روسيا، وعودة أوكرانيا للقبول بالدور المتزايد لبكين في السياسة الدولية بعد فترة طويلة من الارتماء في أحضان الاتحاد الأوروبي، وتسليمها لكل ملفات الأزمة إلى الولايات المتحدة وحلف الناتو، على حد تعبير مراقبين كثر.

أوربان يعود للوساطة بمبادرة جديدة

وعلى رغم اعتراض السلطات الأوكرانية التي سبق وأعلنت عدم استحسانها للزيارة التي قام بها إلى موسكو رئيس الحكومة المجرية رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي فيكتور أوربان، في أعقاب زيارته لكييف ولقائه مع زيلينسكي، فقد مضى أوربان في طريقه إلى ما هو أبعد، إذ أعقب تلك الزيارة بأخرى إلى بكين، سرعان ما رفدها بلقاء جديد مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بعد مشاركته في قمة "ناتو" التي عقدت في واشنطن في يوليو (تموز) الجاري، بحث خلاله ما توصل إليه من نتائج في كل من موسكو وبكين حول السلام في أوكرانيا.

وحول ما يمكن تسميته بـ"مبادرة أوربان للسلام في أوكرانيا"، قال إن "مبادرته للسلام لحل الصراع الروسي - الأوكراني تختلف عن المفهوم الرسمي للاتحاد الأوروبي". وأضاف أن "المبادرة تسير بشكل جيد واتخذت بالفعل الخطوات الأولى المخطط لها"، كما قال أيضاً إن "جوهر مفهومنا يختلف عن المفهوم الرسمي، فالاتحاد الأوروبي ليس منفذاً للسياسة الخارجية الأميركية"، فضلاً عما أوضحه حول اعتباره أن أهم شيء الآن هو وقف إطلاق النار وبدء المفاوضات. وكشف المسؤول المجري الأوروبي عما أعلنته الدول الغربية الأخرى، كما سبق واعترف به كثيرون من ممثلي الأوساط القيادية في الاتحاد الأوروبي، من رغبة وأمل في حسم الصراع مع روسيا في ساحات القتال.

وكان أوربان التقى كذلك مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في واشنطن على هامش القمة الأخيرة لحلف الناتو، كما قدم رؤيته للسلام في أوكرانيا إلى المجلس الأوروبي سعياً وراء تطوير "أساليب جديدة لحل الصراع الروسي - الأوكراني"، استناداً إلى ما خلص إليه من نتائج زياراته إلى كل من كييف وموسكو وبكين، فضلاً عما توصل إليه في لقائه مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، لكن أعضاء البرلمان الأوروبي وممثلي المفوضية الأوروبية يظلون عند رأيهم وموقفهم المتشدد الرافض لأي دور يقوم به فيكتور أوربان بحجة أنه "لا يحمل تفويضاً بأي مهمة سلام".

وفي معرض تناوله للأزمة الأوكرانية قال أوربان إن محاولتي الاغتيال الأخيرتين لكل من رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو، والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، "كانتا في حقيقة الأمر موجهتين ضد جميع السياسيين الذين ينتمون إلى ’حزب السلام‘"، وإنهما وبحسب اعتقاده "محاولة من جانب القوات العسكرية لتصفية مؤيدي السلام من المسرح أو من مركز الأحداث". وخلص إلى القول إن ترمب وفي حال فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين ثاني) المقبل وعاد للبيت الأبيض، فإنه "سيحل هذه المشكلة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير