Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتين وخطة ترمب لتسوية الأزمة الأوكرانية

"لا يتعين على كييف التنازل رسمياً عن أراضيها، لكنه من المستبعد أيضاً أن تستعيد كل ما استولت عليه موسكو"

بوتين مستمعاً إلى فلاديمير سالدو، الرئيس المعين من موسكو لمنطقة خيرسون التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا، خلال اجتماعهما في الكرملين في 25 يونيو الحالي (أ ب)

ملخص

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية تمنح الاستطلاعات تفوقاً للرئيس السابق دونالد ترمب على منافسه الرئيس الحالي جو بايدن، وقد بدأ فريق المرشح الجمهوري عرض استراتيجيات وخطط عليه للتعامل مع الملفات الدولية الضاغطة ومن أبرزها ملف الحرب في أوكرانيا.

ما إن انتهت "قمة السلام" التي عقدت في سويسرا منتصف مايو (أيار) الجاري حتى عكف المراقبون ورجال السياسة على دراسة "الفروق والاختلافات" التي تفصل بينها وما طرحه الرئيس فلاديمير بوتين، من اقتراحات تعكس رؤيته لمحادثات السلام التي كثيراً ما أكد أنه على استعداد لقبولها وإن ربط ذلك ببعض التحفظات. وإذا كان الرئيس الأميركي جو بايدن يقف مؤيداً للخطة التي اقتصرت على ثلاثة من البنود الـ10 التي تضمنتها خطة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي تصفه موسكو بـ"المنتهي الصلاحية" فقد أعد اثنان من مستشاري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب "خطة"، أو مجموعة من الأفكار التي يمكن أن تكون بمثابة اقتراحات للخروج من الأزمة الراهنة. ولعل أبرز هذه المقترحات ما قاله حول "وقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا إذا لم تبدأ مفاوضات السلام مع موسكو" بهدف إنهاء الصراع الدائر في أوكرانيا، وذلك في وقت قال فيه رئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان "إن الشخص الوحيد القادر على إنهاء الصراع في أوكرانيا هو ترمب، وإن أوروبا تحتاج حالياً إلى سياسيين مثله".

الخطة المقترحة لمحادثات السلام

وكان مستشاران لترمب وهما الجنرال كيث كيلوغ وفريد فليتز وكلاهما شغل منصب رئيس أركان مجلس الأمن القومي الأميركي، طرحا عليه هذه الأفكار انطلاقاً مما يجب أن تكون عليه الخطوط الأمامية الحالية أساساً لوقف إطلاق النار، وبدء المحادثات.
وحددت العناصر الرئيسة للخطة في ورقة بحثية صدرت عن مركز أبحاث صديق لترمب يشغل فيه كيلوغ وفليتز "مواقع متقدمة"، في وقت ربط فيه كيلوغ تنفيذ هذه الخطة بفوز ترمب في الانتخابات المرتقبة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وبما يسمح باستمالة طرفي النزاع المباشرين (أي روسيا وأوكرانيا) إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن. وقال كيلوغ "سنقول للأوكرانيين، عليكم أن تأتوا إلى الطاولة وإذا لم تفعلوا ذلك فسينضب الدعم الأميركي". وأضاف أنهم سيقولون للرئيس الروسي فلاديمير بوتين "عليك أيضاً أن تجلس إلى طاولة المفاوضات وإلا فسنمنح الأوكرانيين كل ما يحتاجون إليه للتعامل معك في ساحة المعركة". وستجري محاولة وفقاً لما طرحاه من أفكار لإقناع موسكو بالجلوس إلى طاولة المفاوضات من خلال الوعد بتأجيل عضوية أوكرانيا في "الناتو" لأطول فترة ممكنة.
وقال فليتز إنه وفقاً لخطتهم لا يتعين على أوكرانيا التنازل رسمياً عن الأراضي لروسيا. ومع ذلك وبحسب ما قال، فإنه وفي المستقبل القريب فمن غير المرجح أن تستعيد أوكرانيا السيطرة الفعلية على كامل أراضيها. وخلص إلى القول "نشعر بالقلق من أن الصراع أصبح حرب استنزاف ستدمر جيلاً كاملاً من الشباب".

وكشف كيلوغ وفليتز عن أن "السلام الدائم سيتطلب ضمانات أمنية إضافية لأوكرانيا"، وأضاف الجنرال كيلوغ أنهما عرضا هذه الأفكار على ترمب وكان تعليقه عليها إيجابياً وبما هو أقرب إلى الاستحسان. ومن جانبه صرح فليتز بأن العنصر الأساس في العملية سيكون بالتأكيد "تسليح أوكرانيا إلى حد ما فوق الكفاية"، لكنه اعترف بأنه "لا يمكن أن يقول إن ترمب وافق على مجمل ما عرضناه عليه لكننا كنا سعداء بالحصول على مثل هذا الرد". 

وننقل عن مراقبين أميركيين ما قالوه حول أن "استراتيجية كيلوغ - فليتز" تعد الخطة الأكثر تفصيلاً التي حددها شركاء ترمب حتى الآن، وأنها يمكن أن تمثل تحولاً جذرياً في موقف الولايات المتحدة في الصراع، وأنها قد تواجه مقاومة ليس فقط من الحلفاء الأوروبيين ولكن أيضاً من أعضاء حزب ترمب".
وتعليقاً على هذه الاقتراحات قال المتحدث باسم الرئيس الأميركي السابق ستيفن تشون "إن تصريحات ترمب نفسه أو الأعضاء المصرح لهم في مقر حملته هي فقط التي يجب اعتبارها رسمية". وأضاف تشون "صرح الرئيس ترمب مراراً وتكراراً بأن الأولوية القصوى لولايته الثانية ستكون إنهاء الصراع الروسي - الأوكراني بسرعة"، معتبراً أن "القتال لم يكن ليبدأ بين روسيا وأوكرانيا لو كان دونالد ترمب رئيساً، وهذا أمر مؤسف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعليق الكرملين

أما عن رد فعل الكرملين فكشف عنه الناطق الرسمي باسم الرئيس بوتين دميتري بيسكوف بقوله إن أية خطة سلام تطرحها "إدارة ترمب المحتملة" يجب أن تعكس الواقع الراهن على الأرض، وأن يظل الرئيس الروسي منفتحاً على المفاوضات". وأضاف في تصريحات لوكالة "رويترز" أن "قيمة أية خطة تكمن في التفاصيل والفروق الدقيقة فيها وفي أخذها الوضع الحقيقي على الأرض في الاعتبار"، متابعاً "الرئيس بوتين أكد مراراً وتكراراً أن روسيا كانت وستظل منفتحة على المفاوضات مع أهمية مراعاة الوضع الحقيقي على الأرض، ولكن لتقييم الخطة فإن الجانب الروسي يحتاج أولاً إلى التعرف إليها، ونحن لا نعرف بعد نوع الخطة التي نتحدث عنها أو ما تقوله. وعموماً فإن روسيا منفتحة على المفاوضات وهو موقفنا الذي يظل ساري المفعول".

أما وزارة الخارجية الأوكرانية فلم ترد بعد على طلبات التعليق حول ما طرحه المستشاران لدى ترمب من أفكار.

موسكو تهدد بـ"عقوبات مميتة"

وجاءت الأفكار التي كشف عنها مستشارا ترمب مواكبة لما صدر عن موسكو من تهديدات بـ"عقوبات مميتة" جراء قصف ميناء سيفاستوبول، المقر الرئيس للأسطول الروسي في البحر الأسود. وكانت الخارجية الروسية استدعت السفيرة الأميركية لدى موسكو لين تريسي لتعلمها عن نيتها الرد على هجمات القوات الأوكرانية إلى جانب تحميل الولايات المتحدة مسؤولية هذه الهجمات التي "لن تمر من دون رد". وأضافت الخارجية الروسية أن الولايات المتحدة هي التي أمدت أوكرانيا بصواريخ أتاكمز ATACMS المزودة بالذخائر العنقودية المستخدمة لتنظيم الهجوم الإرهابي.
ويقول مراقبون روس إن خبراء أميركيين هم الذين يحددون المهام التي تستخدم فيها هذه الصواريخ على أساس معلومات الأقمار الاصطناعية الأميركية، وهو ما يحدد مسؤولية واشنطن بالدرجة الأولى عن الضربات الصاروخية التي وجهت إلى المدنيين في سيفاستوبول إلى جانب مسؤولية السلطات الأوكرانية التي انطلقت هذه الصواريخ من أراضيها. وكان المتحدث الرسمي باسم الرئيس بوتين قال بدوره إن "الكرملين على يقين من تورط الولايات المتحدة في هذه العملية الإرهابية وذلك لن يمر من دون رد".

أما المندوب الدائم لروسيا في الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا فأعرب عن دهشته من صمت وسائل الإعلام الغربية عن هذه الكارثة، وهو ما وصفه بأنه تعبير عن عدم اهتمامها بحياة المدنيين الروس، ووصف الموقف من الهجوم الأوكراني على البنية التحتية المدنية في سيفاستوبول بأنه "مثال على المعايير المزدوجة للأمانة العامة للأمم المتحدة".

وفي ما يتعلق بردود الفعل المحتملة من جانب روسيا، فثمة شواهد تقول إن موسكو سبق وردت على مثل قصف المدنيين في مواقع كثيرة في جنوب شرقي أوكرانيا ومناطق الجوار الحدودية المتاخمة للأراضي الأوكرانية، ومنها مقاطعة بلغورود على سبيل المثال بهجمات صاروخية مكثفة طاولت مواقع اتخاذ القرار العسكري والبنية التحتية في العاصمة كييف وغيرها من المدن الأوكرانية، وبما نجم عنه توقف الحياة في هذه المناطق فضلاً عن كثير من الدمار والخراب.

وننقل عن المتخصص العسكري قسطنطين سيفكوف بعضاً من تصريحاته التي أدلي بها إلى إذاعة "كومسومولسكايا برافدا" الروسية حول الرد المحتمل من جانب موسكو على هذا الهجوم الإرهابي، وهي التي قال فيها إنه "يجب تطبيق الرد على جميع مواقع الحكم السياسي في أوكرانيا". وأشار سيفكوف إلى أنه من "المحتمل أن يشمل ذلك الرد من جانب القوات الروسية مواقع إدارة الرئاسة الأوكرانية، ومنها مقر رئيس أوكرانيا وكذلك البرلمان الأوكراني وأماكن إقامة النخبة الأوكرانية وأقرب أقربائهم". وأشار أيضاً وكخطوة ثانية إلى ضرورة "إيذاء" الولايات المتحدة نفسها. وقال سيفكوف إنه لو كان رئيساً لروسيا الاتحادية فلن يتردد في نقل منظومات صواريخ "ياخونت" التي تحمل في حدود من 30 إلى 40 صاروخاً ومقذوفاً إلى الحوثيين لقصف حاملة الطائرات الأميركية "يو أس أس دوايت دي أيزنهاور"، بما يمكن تحويلها إلى "تشيرنوبل عائمة"، في إشارة إلى كارثة انفجار المفاعل الرابع في محطة تشيرنوبل النووية في مايو 1986، إبان زمن الاتحاد السوفياتي السابق. وقال إن "هذا قد يكون درساً تعليمياً جيداً للولايات المتحدة الأميركية". وأضاف أن "مثل هذه الردود ذات الطبيعة العسكرية والسياسية ستثبت لكييف وواشنطن أن موسكو تتجه نحو مبدأ جديد لإدارة الصراع وتزيل جميع القيود الموجودة سابقاً".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير