Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة قانونية خفية بين إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ وأسرته حول تركته

الأبناء الكبار يتمسكون بالوصية القديمة التي يريد تغييرها للحفاظ على التوجه اليميني لشركاته

"اتفاق الوديعة" الذي صدق عليه مردوخ قبل ربع قرن يترك إدارة الشركات الإعلامية بالتساوي بين أبنائه الأربعة الكبار (رويترز)

ملخص

يلجأ الأثرياء إلى محاكم ولاية نيفادا للأحوال الشخصية في مثل تلك القضايا، بسبب قوانينها التي تمنح قدراً أكبر من الخصوصية 

تنظر محكمة الأسرة والوصايا والإرث في رينو بولاية نيفادا الأميركية في سبتمبر (أيلول) المقبل قضية مثيرة، يختلط فيها المال بالسياسة والصحافة والإعلام.

وسببت القضية بالفعل قبل الحكم فيها انشقاقاً واضحاً في أسرة الملياردير الأسترالي روبرت مردوخ، الملقب بإمبراطور الإعلام، على أساس ملكية شركاته لشبكات تلفزيون وصحف كبرى مهمة في الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا.

ويلجأ الأثرياء إلى محاكم ولاية نيفادا للأحوال الشخصية في مثل تلك القضايا بسبب قوانين الولاية التي تمنح قدراً أكبر من الخصوصية.

وتقدم مردوخ (93 عاماً) إلى المحكمة نهاية العام الماضي بطلب تعديل في وصية وضع ممتلكاته في "وديعة إرث" ليجعل ابنه لاكلان المسؤول الوحيد عن إمبراطوريته الإعلامية بعد وفاته، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها.

وكان اتفاق الوديعة الذي صدق عليه مردوخ قبل ربع قرن يترك إدارة الشركات الإعلامية بالتساوي بين أبنائه الأربعة الكبار، لاكلان وإليزابيث وجيمس من زوجته الثانية، وبرودنس من زوجته الأولى.

ومع أن طريقة وديعة الإرث تعني استمرار تلك الوصية إلا أن بها فقرة تسمح ببعض التعديلات على أساس "حسن النية"، طالما هي للحفاظ على مصالح الورثة المسجلين فيها، وتلك هي الثغرة التي يريد الإمبراطور العجوز استخدامها لضمان استمرار التوجه اليميني المحافظ لمؤسساته الإعلامية بعد وفاته، إذ يرى أن لاكلان هو المؤهل لذلك، على عكس الثلاثة الآخرين ممن تشملهم وديعة الإرث.

خلافات أسرية

وتشمل إمبراطورية مردوخ الإعلامية ملكية "فوكس نيوز" و"وول ستريت جورنال" و"نيويورك بوست" وعدد من المنافذ الإعلامية في بريطانيا وأستراليا، وتنقسم المجموعة إلى شركتين هما "فوكس" التي تشمل "فوكس نيوز" وشبكة "فوكس الإذاعية"، والشركة الثانية "نيوز كورب" وتشمل منافذ الاعلام الأخرى والإصدارات الصحافية في أستراليا وبريطانيا إلى جانب الولايات المتحدة.

وعلى رغم أن وديعة الإرث التي بدأت عام 1999 توصي بنصيب متساو من أسهم شركاته لأبنائه الستة، بمن فيهم ابنتاه كلوي وغريس من زوجته الثالثة، إلا أنها تقصر حق الإدارة على الأربعة الكبار، وذلك بعد وفاة مردوخ، أما حالياً فتقرير عمل المجموعة يتم من خلال الأربعة ومعهم الوالد، لكن القرار النهائي للوالد ولا يمكنهم حالياً معارضته.

وفي عام 2019 حصل كل من أبناء مردوخ الستة على نحو ملياري دولار من صفقة بيعه أستوديوهات إنتاج وأصول أخرى لشركة "والت ديزني"، وفي العام نفسه عيّن مردوخ نجله لاكلان على رأس "فوكس نيوز كورب" بعدما كان يديرها مشاركة مع أخيه جيمس، وحينها استقال جيمس من المجموعة اعتراضاً على توجه شبكة "فوكس نيوز" المتطرف نحو اليمين السياسي، وتأييدها المطلق للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعود الخلافات بين مردوخ وأبنائه الثلاثة، برودنس وإليزابيث وجيمس، إلى ما قبل ذلك، إذ اعترضت إليزابيث وجيمس على التوجهات المحافظة جداً والقريبة من اليمين المتشدد لمنافذ المجموعة الإعلامية، وكثيراً ما وجهت إليزابيث وجيمس انتقادات غير صريحة لتغطيات منافذ المجموعة في أميركا وأستراليا.

ونتيجة الشقاق الأسري على خلفية التوجهات السياسية لمنافذ مردوخ الإعلامية فإن الأبناء الثلاثة لم يحضروا حفل زواج أبيهم الخامس قبل أشهر، بينما حضره لاكلان.

ودفع روبرت مروخ في طلبه تعديل وصية وديعة الإرث بأنه يريد أن يحمي التركة من التدهور نتيجة خلافات الرأي بين أبنائه الأربعة، إذ يقتنع أن لاكلان هو القادر على استمرار التوجه اليميني لوسائل الإعلام بما يحافظ على تركته ويحول دون تدهورها.

حماية من الاعتدال

ويتولى تمثيل روبرت مردوخ في المجموعة حالياً اثنان، أحدهما وزير العدل السابق في عهد الرئيس الأميركي السابق ترمب، وقبله في عهد جورج دبليو بوش، وليام بار.

وحاول مردوخ إقناع الأبناء الثلاثة بأن يتركوا مسألة إدارة المجموعة لأخيهم لاكلان خلال لقاءات مع ابنته إليزابيث في ديسمبر (كانون الأول) 2023، ومع ابنه الأكبر برودنس، ومبرره في ذلك أنه يريد حماية التركة من التوجهات المعتدلة التي قد تضر بقيمتها وثقلها في السوق، وأيضاً خوفاً من أن التوجهات المعتدلة لابنه جيمس يمكن أن تسبب مشكلات بينهم بعد وفاته.

لكن الأبناء رفضوا وزادت حدة الشقاق، خصوصاً مع جيمس الذي يرى مردوخ أن زوجته كاترين أثرت فيه وجعلته غير محافظ سياسياً كما والده.

وكانت كاترين من النشطاء في مكافحة التغير المناخي، وانتقدت هي وزوجها توجهات المنافذ الإعلامية التي تقلل من خطر التغير المناخي، ومع عدم الاقتناع بتسوية سلمية تقدم مردوخ بطلب إلى المحكمة لتعديل وصية الوديعة.

إلا أن مراجعة مفوض الإرث في نيفادا للطلب، والتي اطلعت "نيويورك تايمز" عليها، لم تحسم مسألة ما إذا كان التعديل يندرج تحت "حسن النية" أم لا، وما إذا كان في مصلحة الأربعة الذين لهم صوت في إدارة وتوجه الإمبراطورية الإعلامية، وقد تضامن الإخوة الثلاثة في القضية ليجادل محاموهم معاً ضد محامي والدهم في المحكمة.

وعلى رغم أن الحكم بالسماح لمردوخ بالتعديل والزام الورثة بتولي ابنه لاكلان منفرداً إدارة المجموعة أو رفض طلبه بالتعديل، يعد مسألة "أحوال مدنية" تتعلق بالوصية والتركة العائلية، إلا أن أبعادها في مجال الأعمال والسياسة ستجعل المحاكمة في سبتمبر المقبل محط اهتمام واسع جداً.

اقرأ المزيد