Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"من شان الله لا تتصالحوا"!

الاتفاقات الفلسطينية المتكررة التي تنقض قبل أن يعود موقعوها إلى أماكنهم أصبحت سبة في صفحة القضية

نائب رئيس اللجنة المركزية لـ"فتح" محمود العالول (يسار) ووزير الخارجية الصيني وانغ يي وعضو "حماس" موسى أبو مرزوق (أ ف ب)

ملخص

تلعب الصين دوراً على الساحة الدولية وهي تدرك أن من المحتمل جداً ألا تفي الفصائل الفلسطينية بالتزامات بكين كما لم تف بالتزاماتها في الماضي، لكن بكين تسجل حضوراً دبلوماسياً وثقلاً سياسياً في ملعب كان محتكراً لعقود طويلة للولايات المتحدة الأميركية.

توقيع تلو توقيع، واتفاق يلد اتفاقاً. الفصائل الفلسطينية تجتمع هذه المرة في بكين عاصمة الصين. "اطلبوا الاتفاق ولو في الصين". تواقيع تذيل اتفاقاً سبق أن ذيلت اتفاقات سابقة. كان أولها برعاية السعودية وفي مكة المكرمة عام 2007 بين "فتح" و"حماس"، أقسموا أغلظ الأيمان على احترام الاتفاق وأن الدم لن يراق، وأنه لا عودة للفراق، لكنهم بعد أيام اقتتلوا وتذابحوا بغزة. الإعلام العالمي يظهر صوراً لمسلحي "حماس" يلقون منافسيهم الفتحاوية من أعالي المباني. علق صديق معروف بأسلوبه اللاذع: إذا كانوا تحت بيت الله تعاهدوا واتفقوا وأقسموا ثم نقضوا اتفاقهم، فكيف لهم أن يحافظوا على اتفاقهم عند الشيوعيين الصينيين "الملاحدة"؟

آخر الاتفاقات الفلسطينية-الفلسطينية التي سبقت اتفاق بكين أول من أمس الثلاثاء لم يجف حبره بعد. وقعته الفصائل نفسها بالجزائر عام 2022. كانت مصر قد عملت جاهدة لأعوام طويلة لتوحيد الصف الفلسطيني، واستعادة الموقف الموحد في مواجهة عدوهم الإسرائيلي الذي يحتل أرضهم ويقتل شعبهم ويشرده. صار مشهد الوفود الفلسطينية بالقاهرة مكرراً وممجوجاً، مل المواطن الفلسطيني المنكوب من مشاهدة الزعامات نفسها والسيناريو نفسه، اثنان متقاربان يجلسان على طاولة ويوقعان على ورقة، ثم يقومان ويتصافحان ويقبلان بعضهما، وفي المشهد قبل واحتضان بين الشهود الذين ينهون القبلات الحارة بالتصفيق المدوي احتفالاً بالتوصل إلى اتفاق بين الفصائل الفلسطينية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قالت المحامية والناشطة في حقوق الإنسان التي عملت فترة مستشارة للرئيس الفلسطيني محمود عباس البالغ من العمر 88 سنة، ديانا بطو في تصريحات لـ"واشنطن بوست" إن عباس سيعمل على تخريب أي اتفاق فلسطيني-فلسطيني إما خضوعاً للضغط الأميركي-الإسرائيلي أو تمسكاً بالسلطة التي لا يريد التخلي عنها، هذا بالنسبة إلى "فتح" والسلطة الفلسطينية، أما بالنسبة إلى "حماس"، فإن رأي "حماس الفنادق" يختلف عن رأي "حماس الخنادق"، وتقول المصادر إن الاتصالات بين "الحماسين" متقطعة، ليس لأسباب لوجيستية وحسب وإنما لأسباب أمنية، فالاتصالات من الخنادق تشي بمكان قادة الحركة هناك، ولذلك فالاتصالات بين الطرفين شبه مقطوعة.

 الاتفاقات الفلسطينية المتكررة التي تنقض قبل أن يعود موقعوها إلى أماكن وجودهم أصبحت سبة في صفحة القضية الفلسطينية، حتى عدو الفلسطينيين بنيامين نتنياهو يتحجج دوماً بعدم وجود شريك فلسطيني واحد للسلام مع إسرائيل. وتكرار اتفاقات المصالحة هذه تعزز الصورة النمطية الظالمة التي يحاول أعداء الشعب الفلسطيني نشرها، لا أمان ولا كلمة ولا ثقة للفلسطينيين بين بعضهم البعض، فكيف يثق بهم الآخرون؟

تلعب الصين دوراً على الساحة الدولية وهي تدرك أن من المحتمل جداً ألا تفي الفصائل الفلسطينية بالتزامات بكين كما لم تف بالتزاماتها بالماضي، لكن بكين تسجل حضوراً دبلوماسياً وثقلاً سياسياً في ملعب كان محتكراً لعقود طويلة للولايات المتحدة الأميركية. فبعد اتفاق الرياض-طهران الذي وقعه الطرفان العام الماضي برعاية صينية، ها هي بكين تلعب دوراً في قضايا الشرق الأوسط المعقدة وتقدم مبادرات بين روسيا وأوكرانيا وحتى الشرق الأوسط بكل تعقيداته.

مذابح ودمار وتهجير وتجويع لأهالي غزة منذ 10 أشهر، والإنسان الفلسطيني المنكوب يتابع هذه الاتفاقات بين فصائله العديدة بشعور من الخيبة والحسرة على ما آلت إليه قضيته العادلة في سوق نخاسة الساسة، ولسان حاله يقول بالفلسطيني القح: "من شان الله بطلوا اتفاقات ومعاهدات! فضحتونا"!

اقرأ المزيد

المزيد من آراء