ملخص
يعد الصراع في السودان ذا أهمية استراتيجية بالنسبة لطهران، التي اعتادت توظيف التدخل في مناطق الصراع الأفريقي لتعزيز أهدافها العسكرية والتجارية وبخاصة الجيوسياسية. فمن جهة كانت صادرات الطائرات من دون طيار إلى القوات المسلحة السودانية بمثابة استمرار لتصرفات إيران منذ انتهاء حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عليها في أكتوبر (تشرين الثاني) 2020 لتصبح مورداً لتصدير الأسلحة.
منذ أيام تسلم رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان الأحد الماضي، أوراق اعتماد حسن شاه السفير الإيراني الجديد في السودان، بعد أكثر من ثمانية أعوام من القطيعة التامة بين البلدين.
وأشار وكيل وزارة الخارجية السودانية إلى بداية مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية وأكد على العلاقات القوية بين السودان وإيران.
وقال السفير الإيراني إن تقديم أوراق اعتماده يأتي في إطار التوافق المشترك بين البلدين في شأن تبادل السفراء وتعزيز العلاقات الثنائية
وكان السودان أعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران عقب لقاءات بين مسؤولين في البلدين استمرت أشهراً، إذ بدأ التقارب الجديد خلال المحادثات بين وزيري خارجية البلدين في أذربيجان في يوليو (تموز) 2023، على هامش اجتماع اللجنة الوزارية لحركة عدم الانحياز.
استعيدت العلاقات بعد قطيعة بين البلدين في 2016، عندما أعلنت حكومة الرئيس السوداني عمر البشير، قطع علاقاتها مع إيران وطرد سفيرها من الخرطوم.
إن استعادة العلاقات بين البلدين لها أهميتها سواء من حيث علاقة إيران بدولة تعاني حرباً أهلية لمدة عامين أو من حيث سياسة إيران النشطة في الممرات المائية ومحاولة طهران ترسيخ وجودها في دول القرن الأفريقي، وفي حين حظيت علاقة إيران بروسيا وإمدادها بالمسيرات من جهة ودعم وتمويل الفاعلين في ما يسمى "محور الممانعة" من جهة أخرى، لم تحظ علاقة إيران بالسودان والحرب الدائرة فيها بأية أهمية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ففي أعقاب اندلاع القتال مباشرة بين الفصيلين السودانيين، اقتصرت مشاركة إيران على تقديم المساعدات الإنسانية، لكن منذ مطلع العام الحالي زودت الرئيس عبدالفتاح البرهان بطائرات استطلاع وطائرات مقاتلة متوسطة المدى من طراز "مهاجر 6" عدة، مما مكن القوات المسلحة السودانية من استعادة أراض من قوات "الدعم السريع"، خلال هجوم في مدينة أم درمان.
ويعد الصراع في السودان ذا أهمية إستراتيجية بالنسبة إلى طهران التي اعتادت توظيف التدخل في مناطق الصراع الأفريقي لتعزيز أهدافها العسكرية والتجارية وبخاصة الجيوسياسية. فمن جهة كانت صادرات الطائرات من دون طيار إلى القوات المسلحة السودانية بمثابة استمرار لتصرفات إيران منذ انتهاء حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة عليها في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 لتصبح مورداً لتصدير الأسلحة.
ومن ثم صارت إيران تورد الطائرات من دون طيار بصورة متزايدة إلى دول خارج المنطقة مثل إثيوبيا وروسيا وطاجكستان وفنزويلا.
تقوم بذلك طهران من أجل إظهار القوة وتعزيز التحالفات والتأثير في الصراعات بالشرق الأوسط ومناطق أخرى، فضلاً عن كونه مصدراً اقتصادياً مربحاً وفرصة لتسويق إيران بصفتها مورداً للسلاح في السوق الدولية. كما أنه يتيح لها توفير سياق جيوسياسي تناطح فيه منافسيها الإقليميين.
كانت إيران تستخدم السودان وسيطاً لتهريب الأسلحة إلى حركة الجهاد الإسلامي في غزة، وخلال الحرب السودانية الحالية عرضت طهران أسلحة متقدمة على القوات المسلحة السودانية، في مقابل السماح بقاعدة بحرية إيرانية على ساحل البحر الأحمر السوداني.
رفض البرهان في البداية عروض المساعدة الإيرانية، لعدم رغبته في إثارة غضب واشنطن لكن عدوه حميدتي حقق انتصارات في الأوان الأخيرة، وفي موقف دفاعي بدأ الجيش السوداني بنشر طائرات إيرانية من دون طيار في محاولة لوقف تقدم حميدتي.
لا يوجد كثير مما تفعله واشنطن في شأن الدور الإيراني الجديد في وقت دعت فيه دول المنطقة لعدم تقديم دعم لأي من طرفي الصراع في السودان.
حتى الآن من غير المحدد مستقبل السودان في الدائرة الإيرانية، وإن كانت تلجأ أطراف الصراع إلى جهات خارجية من منطلق انتهازي مصلحي حتى الآن.