Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب لبنان "الثالثة" تنتظر استدراج عروض إسرائيل في أميركا

تتجه أنظار شعوب ودول الشرق الأوسط إلى انتخابات نوفمبر باعتبارها محطة أساسية في توجه سياسة واشنطن

تصاعد الدخان جراء قصف إسرائيل إحدى البلدات اللبنانية قرب الحدود بين البلدين (رويترز)

ملخص

تعتبر إسرائيل عاملاً مؤثراً في الانتخابات الأميركية المقبلة، إذ يحرص كل من المرشحين على تأكيد دعمهما لها، في حين تترقب شعوب الشرق الأوسط نتائجها نظراً إلى اختلاف التوجه في السياسة الخارجية بين الجمهوريين والديمقراطيين حول النفوذ الإيراني، إذ يتخوف اللبنانيون من صفقة أميركية-إيرانية تنهي الصراع في مقابل تعزيز هيمنة "حزب الله" في لبنان.

يبدو أن إسرائيل ستكون المؤثرة الكبرى في الانتخابات الأميركية المقبلة، ويبدي المرشحون الأساسيون للرئاسة الأميركية، الجمهوري دونالد ترمب والديمقراطية كامالا هاريس، حرصهما الشديد على تأكيد حمايتها من التحديات التي تواجهها في الشرق الأوسط، وكان لافتاً أيضاً انضمام المرشح المستقل روبرت كينيدي جونيور إلى حملة تأييد إسرائيل، إذ أبدى دعمه المطلق لها واعتبرها "أمة أخلاقية".

ومن هذا المنطلق تتجه أنظار شعوب ودول الشرق الأوسط إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، باعتبارها محطة أساسية في توجه السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، في موازاة استمرار حرب غزة والمخاوف من توسعها ومهاجمة إسرائيل "حزب الله" في لبنان.

 

وينقسم المراقبون حول تأثير نتائج هذه الانتخابات في نفوذ الفصائل التابعة لإيران في دول عربية عدة ولاسيما "حزب الله" الذي تعتبره طهران أبرز أذرعها الإقليمية، إذ يتخوف اللبنانيون من صفقة أميركية-إيرانية تنهي الصراع في المنطقة في مقابل مقايضة تسهم بإرساء هيمنة الحزب على لبنان، وعززت هذه المخاوف الجهود المكثفة التي يبذلها الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين لردع إسرائيل وتوسطه للتخفيف من اغتيال قادة عسكريين من "حزب الله".

ويرى محللون في الشأن الأميركي أن سياسة الديمقراطيين ترتكز على توازن بين المحور الإيراني والقوى العربية الصاعدة اقتصادياً وسياسياً، مما يسهل عليها التحكم بمفاصل سياسة الشرق الأوسط، في حين أن سياسة الجمهوريين، لا سيما الرئيس السابق دونالد ترمب، قائمة على الشراكة الاقتصادية والسياسية مع الدول العربية، والسعي إلى التطبيع العربي-الإسرائيلي وقيام دولة فلسطينية.

ويعتقد هؤلاء أن لبنان سيتأثر بصورة مباشرة بين سياستين أميركيتين مختلفتين الأولى تصبّ في مصلحة "حزب الله" وأخرى معاكسة، وذلك على خلفية الوضع الإيراني مع كلتا الإدارتين الجمهورية والديمقراطية، ويعتقد كثير أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة قبيل الانتخابات يندرج في إطار استدراج العروض من المرشحين حول إمكان استبدال الضوء البرتقالي الحالي بآخر أخضر أو أحمر، حول استكمال الحرب في المنطقة، ودور الرئيس المقبل في تأمين الحماية السياسية تجاه المجتمع الدولي وتزويد إسرائيل بالأسلحة المناسبة لحربها.

الملف اللبناني

ولواشنطن دور مؤثر جداً في ما خص لبنان، وتم أخيراً ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل والاتفاق على تقاسم مكامن النفط والغاز في حال استكشافها على الحدود المشتركة بين البلدين، بجهود أميركية واضحة، وكذلك وصلت المفاوضات إلى قواسم مشتركة عدة حول ترسيم الحدود البرية، إذ تم التوافق على سبع نقاط من أصل 13 نقطة متنازع عليها على طول "الخط الأزرق" (الخط الفاصل الذي رسمته الأمم المتحدة بين لبنان من جهة وإسرائيل وهضبة الجولان من جهة أخرى عام 2000). ولا يتوقف الدور الأميركي في الصراع مع إسرائيل، إنما ينسحب على أمور إستراتيجية أساسية، أبرزها دور الجيش اللبناني والشراكة معه بصفته أحد جيوش المنطقة المحاربة ضد الإرهاب، وأيضاً مصرف لبنان المركزي وارتباطه بالمصارف المراسلة الأميركية، وصولاً إلى ملفات سياسية عدة منها شراكة أميركا مع "اللجنة الخماسية" الدولية التي تعمل للتوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية.

 

ثلاثة ملفات

وفي السياق لفت رئيس التحالف الأميركي-الشرق أوسطي للديمقراطية، وعضو الحزب الجمهوري الأميركي توم حرب، إلى أن مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس قامت بـ "انقلاب" سياسي ضمن حزبها إذ باتت مرشحة الحزب خارج المعايير التي تم اعتمادها من قبل جميع المرشحين السابقين، مشيراً إلى أن ذلك يؤكد أن هناك "لوبياً" يمسك بقرار الحزب الديمقراطي ويسعى إلى إرساء سياسات داخلية وخارجية معينة، وهو مستعد لإبعاد، بشتى الطرق، أية شخصية لديها رؤية مختلفة سواء من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، كاشفاً عن وجود إشكالية قانونية في ترشيح هاريس إذ لا يمكن لمرشح الحزب الانسحاب من المعركة بعد تسميته رسمياً إلا في حال الموت.

ورأى حرب أن هناك ثلاثة ملفات أساسية تختلف مقاربتها في حال وصول دونالد ترمب إلى الرئاسة الأميركية، وهي الهجرة غير القانونية وحروب أوكرانيا والشرق الأوسط والتحدي الصيني، إضافة إلى التضخم المالي الذي بلغت نسبته 30 في المئة على المستوى الأميركي والدولي، مشدداً على أن ترمب لديه خطط جاهزة لإعادة الاستقرار إلى الشرق الأوسط وردع إيران وأذرعها، مذكراً أنه في  العام الأخير من ولايته السابقة وصل الوضع الإيراني الداخلي إلى حافة الانهيار نتيجة العقوبات والسياسات الحازمة التي اتبعها منها قرار اغتيال قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، واعتبر أن فوز الديمقراطيين أسهم بالتقاط إيران أنفاسها من جديد والإفراج عن أموال كانت مجمدة مما أدى إلى عودة دعم الميليشيات الموالية لها في المنطقة وعلى رأسها "حزب الله".

الملف الإيراني

في المقابل أشار الأستاذ في كلية باريس للأعمال والدراسات العليا محي الدين الشحيمي، إلى أن السياسة الخارجية الأميركية لن تتغيّر بالنسبة إلى لبنان سواء فاز الحزب الجمهوري أو الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المرتقبة، باستثناء بعض الأمور التفصيلية المتعلقة بالنهج اليومي أو التقني لمفهوم الصلاحيات والإجراءات التنفيذية.

وأوضح الشحيمي أن لبنان ليس دولة رئيسة بالنسبة إلى أميركا، إذ يأتي ضمن الملفات الملحقة وذلك على امتداد الأعوام الـ50 المنصرمة، "إذ كان لبنان ملحقاً بالقضية الفلسطينية ومن ثم أصبح ملحقاً ضمن الملف السوري وحالياً هو جزء من الموضوع الإيراني، لذلك لن يكون هناك أي تأثير مباشر في لبنان مع تغير الإدارة الأميركية". ولفت إلى أن هناك تأثيرات غير مباشرة تطاول لبنان ومنطقة الشرق الأوسط، لذا وصول المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس يعني استمرار السياسات الحالية المرتكزة على احتواء إيران والحوار معها، أما وصول ترمب فيمثل شبه انقلاب على مفهوم السياسة الحالية، "إذ ستكون هناك تغييرات كثيرة في كيفية التعامل والتعاطي مع إيران، وملفي الصين والحرب الروسية–الأوكرانية، والعلاقة الثنائية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سياسية أوباما

من ناحيته رأى الصحافي أحمد عياش أن التغير في الإدارة الأميركية يحمل تحولات كبيرة على الشرق الأوسط، مذكراً بالاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس الأسبق باراك أوباما مع إيران عام 2015، قبل أن يلغيه ترمب بعد فوزه بالانتخابات، وذهب حينها في الاتجاه المعاكس، مؤكداً أن هوية الرئيس الأميركي تحمل معها تغييراً في سياسة واشنطن، وبرأيه فإن "فوز ترمب سيأخذ الأمور مع نائبه الجديد في الاتجاه الذي يذكرنا بعام 2016 أي السياسة المواجهة لإيران في المنطقة في الأقل، والتغيير أيضاً في العلاقات مع روسيا والصين وغيرهما"، معتبراً في الوقت عينه أن فوز الإدارة الديمقراطية يعني استمرار المقاربة التي أرساها جو بايدن والتي تشكل امتداداً للرئيس الأسبق باراك أوباما.

النووي في مقابل النفوذ

وبرأي الأستاذ الجامعي هشام أبو نصيف، يبدو أن إدارة الديمقراطيين سواء في عهد باراك أوباما أو جو بايدن، "فالنقطة الأساسية هي الملف النووي الإيراني، إذ لا يمانعون إعطاء إيران منطقة نفوذ في العراق وسوريا ولبنان واليمن في حال أبدت مرونة حول الملف النووي، في حين كان واضحاً أن ترمب كان حازماً بالملف النووي وأنه ليس مستعداً للتخلي عن المنطقة كمقايضة لمصلحة إيران"، ولفت إلى أن سياسة ترمب ارتكزت بصورة أساسية على التقارب العربي-الإسرائيلي، وأنه في حال فوزه ستعود هذه الأولوية لتتصدر مشهد السياسة الخارجية الأميركية وصولاً إلى السلام العادل والشامل في المنطقة، وأوضح أنه في النهاية يجب انتظار تركيبة الحكومة المقبلة التي تلي الانتخابات لفهم ملامح السياسة تجاه الشرق الأوسط ومدى تأثر لبنان فيها.

المزيد من الشرق الأوسط