Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نجاحات المتفوقين في البكالوريا تثير فضول الجزائريين

من تحت خيمة في الصحراء نال أحدهم أعلى الدرجات 

الطالب محمد أمين مقران صاحب أعلى معدل بكالوريا بتاريخ التعليم بالجزائر (مواقع التواصل)

ملخص

قصة بوحفص أو "نابغة الخيمة" كما لقبه البعض تداولها ناشطون على نطاق واسع وأشادوا بإنجازه العلمي، لأنه تحدى الظروف القاسية ولم ينهزم من أجل نيل شهادة تعليمية تحظى برمزية لدى المجتمع الجزائري كمدعاة للفخر والتفاخر أيضاً. 

بسطاء وهادئون وفرحهم على المقاس، لا يتحدثون كثيراً وكلماتهم محسوبة، لكن نجاحهم لافت مما يجعلهم محط الأنظار. فما سر تفوق بعض التلاميذ على أقرانهم؟ وصفة سحرية يخفونها أم عبقرية فطرية، سؤال يتردد على ألسنة الجزائريين مع كل إعلان عن نتائج شهادة البكالوريا.

تفوق تحت الخيمة 

من تحت خيمة لا تقيه برد الشتاء ولا حرارة الصيف، انطلقت قصة نجاح بوحفص فضلاوي وهو شاب من أبناء مدينة سعيدة غرب الجزائر يعيش في البادية (البدو الرحل)، وعلى رغم كل ذلك نال شهادة البكالوريا بمعدل 17.42 خلال دورة يونيو (حزيران) 2024.

قصة بوحفص أو "نابغة الخيمة" كما لقبه البعض تداولها ناشطون على نطاق واسع، وأشادوا بإنجازه العلمي لأنه تحدى الظروف القاسية ولم ينهزم من أجل نيل شهادة تعليمية تحظى برمزية لدى المجتمع الجزائري كمدعاة للفخر والتفاخر أيضاً. 

يقول بوحفص "نحن نعيش في الريف وفي معزل عن المدينة وأقطع يومياً مسافة 48 كيلومتراً ذهاباً وإياباً، وخلال مشواري الدراسي أوصلني والدي بالدراجة النارية كل صباح. وخلال الأعوام الماضية كنت أدرس على ضوء الشمعة قبل أن يتم ربط الخيمة بالطاقة الشمسية مما خفف العبء على العائلة". 

ويضيف الطالب المجتهد "نعاني من ظروف مناخية صعبة وفي فصل الشتاء نستخدم الحطب من أجل التدفئة". وعن سر تفوقه يقول فضلاوي بوحفص إن الإرادة هي التي تصنع المعجزات.

وبإمكانات معدومة تمكن من النجاح إذ يقول "الظروف ليست حاجزاً لبلوغ النجاح فالطالب الذي يضع نصب عينيه الهدف ويتحدى الظروف سيصل إلى مبتغاه"، ويطمح هذا الشاب في دراسة تخصص الإعلام الرقمي.

 

 

متضامنون مع بوحفص وجهوا دعوات لمساعدته عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتكفل به، قبل أن تمنحه السلطات المحلية بولاية سعيدة "غرب الجزائر " مسكناً خاصاً برفقة عائلته.

أعلى معدل في تاريخ التعليم الجزائري

من ولاية سعيدة غرب الجزائر إلى مدينة تيبازة غرب العاصمة الجزائرية صنع الطالب في شعبة الرياضيات محمد أمين مقران الحدث بحصوله على معدل 19.62 من 20، وهو أعلى معدل سجل في تاريخ التعليم الجزائري.

وظهر محمد هادئاً أمام عدسات الكاميرا التي حاصرته من كل الجهات لافتكاك أسرار تفوقه، لكنه رد بكل رزانة أن التفوق لا يعني الدراسة على مدار اليوم، وإنما بذكاء عبر تنظيم الأولويات فقط".

واللافت أن محمد أمين كسر تلك الصورة النمطية التي تروج للدروس الخصوصية لتحصيل علامات جيدة، وهو الذي لم يعتمد في حياته على دروس الدعم التي انتشرت في الجزائر بصورة غير مسبوقة خلال الأخيرة. كما لم يتحدث عن تناوله مقويات الذاكرة أو مشروبات الطاقة التي تعرف ترويجاً كبيراً مع اقتراب مواعيد الاختبارات. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى هذا الأساس يقول محمد إن اتخاذ الأسباب لتحقيق النجاح ضروري من خلال تفادي الضغط والقراءة الذكية والتحضير النوعي من الجوانب المعرفية والمنهجية والنفسية، مما جعل مشواره الدراسي حافلاً بالنجاحات والمعدلات المرتفعة.

وتحدث الطالب المجتهد عن سر تفوقه الكامن في الانضباط والاستمرار وعدم إهمال مادة على حساب أخرى من دون أن ينعزل عن المجتمع، فالشاب يمارس هوايته المفضلة بصورة طبيعية وهي عزف البيانو ويلتقي أصدقاءه ويتنزه مع عائلته.

وبينما يفر أبناء اليوم أو "جيل زد" كما يوصفون والذين ولدوا في عصر التكنولوجيا من المطالعة ويعدون أنها مملة ويتوجهون نحو تصفح الإنترنت، يكشف الوالد أن ابنه يتميز بقابلية التعليم منذ طفولته، قائلاً "كان شغوفاً بالمطالعة ويميل إلى الكتب العلمية للبحث عن إجابات، بدليل أنه ينفق كل مدخراته على كتب تتجاوزه في مرحلته الدراسية".

الكلام المثير لمحمد عندما قال إنه يتحاشى الوقوع في فخ الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي والتي يستخدمها للتواصل فحسب، أكده والده عندما أوضح أن ابنه يقسم وقته من دون رقابة أو ضغط بخصوص مشاهدة التلفزيون والنوم باكراً.

تربية صحية وحوار أسري

ويرى متخصصون تحدثت إليهم "اندبندنت عربية" أن التربية الوالدية لها دور بارز في تفوق الأبناء، فوعي الأولياء بشخصية أولادهم والاجتهاد في معرفة طريقة تفكيرهم وميولهم واهتماماتهم لها سر في النجاح لأنها ركيزة لزرع الثقة بالنفس، فكل شيء ينطلق من البيت وما يتعلمه الطفل تحت سقف منزله هو وقوده في الحياة.

هذا الطرح يدعمه والد المتفوق محمد مقران ويقول إنه يقضي معه أطول فترة ممكنة بعد عودته من العمل كأستاذ للفيزياء، بصورة عوضته عن الأسئلة التي يبحث عنها في الشارع، مع ترك حرية الاختيار له ليقرر في النهاية مستقبله.

أما عن أمنيته فيميل صاحب أعلى معدل للبكالوريا في الجزائر إلى تخصص الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي، إذ يطمح أن يكون مهندساً كبيراً في مجال الذكاء الاصطناعي مما جعله محل إشادة على منصات التواصل الاجتماعي.

ويعزز تصريح والد محمد أمين مقران فكرة وجود عوامل عدة يمكنها مساعدة التلميذ في تحقيق النجاح، أبرزها التنشئة الاجتماعية وفتح قنوات الحوار في الفضاء الأسري، فالتلميذ عندما يجد وسطاً اجتماعياً مشجعاً على الدراسة وظروفاً ملائمة يحقق ما يصبو إليه، ويحثه كل ذلك على الانضباط والإصرار لتحقيق النجاح. 

الدليل أنه في بكالوريا خلال دورة يونيو (حزيران) 2024 عايش جزائريون قصصاً ملهمة لطلبة كسروا قواعد النجاح "المجتمعية" وأثبتوا أن التفوق يعيش داخل كل إنسان مؤمن بقدراته وواثق من نفسه.

أرقام تكشف التميز

وتفيد وزارة التعليم الجزائرية بأن التلاميذ الذين حصلوا على تقدير ممتاز أي 18 من 20 فما فوق، وصل إلى 2778 تلميذاً، أما عدد التلاميذ الذين نالوا تقدير جيد جداً أي معدل 16 وصل إلى 24041، فيما التلاميذ الذين حصلوا على تقدير جيد أي من 14 إلى 15.99 وصل 45 ألفاً و633، وعدد التلاميذ الذين نالوا أعلى تقدير قريب من الجيد وصل إلى 93 ألفاً و873.

وبناء على النتائج بادرت الجزائر وللمرة الأولى في تاريخها بإدراج صيغة "الشهادة المزدوجة"، التي تسمح للحائز على شهادة بكالوريا واحدة أن يحصل على شهادتين في تخصصين مختلفين في مساره التعليمي بالجامعة، وهذه التخصصات في غالبيتها تتماشى مع التطور التكنولوجي كالذكاء الاصطناعي ومعالجة البيانات الضخمة والبيو معلوماتية.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات