Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المرشد الإيراني يقامر بأوراق خاسرة

البلدان التي تتظاهر بالتحالف مع طهران مثل الصين وروسيا ليست مستعدة للتضحية بمصالحها من أجل النظام

المرشد الإيراني على خامنئي والرئيس الصيني شي جينبينغ   (أ ف ب)

ملخص

يجب أن يعمل الشعب الإيراني مستقبلاً على إيجاد علاقات منطقية في السياسة الخارجية التي ينتهجها مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والصين وروسيا.

شهدنا خلال الفترة الماضية حدثين في الولايات المتحدة الأميركية والصين وكشفا عن تطورين كبيرين في الأحداث الراهنة، ويبدو أن النظام الإيراني بين هذين التطورين خسر لعبة قمار، ليس أمام أميركا فحسب، بل كذلك أمام بلدين كان يعول عليهما كثيراً ويتصور أنهما حليفان له أي الصين وروسيا.

التقى بنيامين نتنياهو خلال زيارته إلى أميركا الرئيس الأميركي ونائبته كامالا هاريس وكذلك المرشح الجمهوري دونالد ترمب، ومن جانب آخر استضافت الصين لقاء بين حركتي "حماس" و"فتح" من أجل التفاوض والمصالحة للتعاون المستقبلي بينهما.

 و"حماس" و"فتح" وهما عدوان لدودان لأحدهما الآخر وقّعتا في نهاية المفاوضات على بيان يؤكد الوحدة الوطنية في الضفة الغربية وغزة بعد انتهاء الحرب بين إسرائيل و"حماس".

والاتفاق الذي صدّق عليه في بكين وضم توقيع 12 فصيلاً فلسطينياً يمكن أن يكون بداية للعلاقات والمصالحة المحتملة بين التنظيمين الكبيرين اللذين اختلفا على إدارة الأراضي الفلسطينية.

و"فتح" منظمة علمانية و"حماس" تنظيم ديني ويخوض التنظيمان خلافات منذ عام 1980 بلغت أوجها بعد الانتفاضة الثانية التي انتهت في 2005، وفازت "حماس" على حركة "فتح" في انتخابات عام 2006 باختلاف جزئي وهيمنت بعد عام من فوزها في الانتخابات وتشكيل الحكومة، بالقوة على قطاع غزة.

وخلال هذه الاشتباكات قتل بعض منتسبي "فتح" واعتقل الآخر وحكمت "حماس" غزة منذ ذلك الوقت حتى السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتسيطر السلطة الوطنية الفلسطينية على أجزاء من الضفة الغربية وعملت خلال الأعوام الماضية على مطاردة أعضاء "حماس" واعتقالهم وغالبية هؤلاء مطلوبون لإسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والحرب التي تخوضها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر أدت إلى محاصرة "حماس" تحت الأرض وتعارض تل أبيب في الوقت الراهن أي مبادرة لتحويل إدارة غزة إلى "فتح". أما الاتفاق الذي حصل بين الفصائل الفلسطينية في الصين فيُعدّ مشروعاً عاماً يظهر كيفية التعاون بين "فتح" و"حماس".

وعلى رغم أن الحدثين أي زيارة نتنياهو والاتفاق في الصين ليست لهما علاقة ببعضهما بعضاً، إلا أن بكين كشفت عن أنها ترغب في طرح نفسها كوسيط وثيق في الدبلوماسية المتعلقة بالشرق الأوسط. وتؤدي الولايات المتحدة الأميركية هذا الدور بصورة تقليدية منذ أعوام طويلة، أما التنافس العسكري والاقتصادي والسياسي الذي تخوضه الصين ضد الولايات المتحدة الأميركية فيبين أن الصين عازمة على أداء هذا الدور في المستقبل القريب.
وعملت إيران خلال الـ40 سنة الماضية على بعثرة محاولات التفاوض بين العرب وإسرائيل من خلال دعم مجموعات إرهابية معارضة للسلام مع إسرائيل، وفي الوقت الحاضر نرى أن الصين التي تعتبرها إيران حليفاً أساسياً، تستضيف الفصائل الفلسطينية وتعمل على إيجاد تمهيد لمفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، وهذا التطور يقع في التناقض مع ما ترغب فيه طهران التي تدعم بعض المجموعات الفلسطينية.

أثبتت الصين وروسيا أنهما حتى إذا تظاهترا بالتعامل الجيد مع إيران ودعمهما لها، فإنهما في الباطن تعارضان المبادئ التي يروج لها النظام الإيراني، ومن التطورات التي تبين تناقض أدائها مع إيران السياسة التي تتخذها روسيا في أسواق النفط والغاز، كما أن الصين تقيم علاقات متينة مع السعودية وعدد من الدول العربية والفلسطينيين، مما يتعارض مع سياسات النظام الإيراني.

لذلك لا صديق للنظام الإيراني في العالم، كما أن الصين وروسيا لن تضحيا بمصالحهما من أجل النظام الإيراني. كما أن إسرائيل تسعى من خلال علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية إلى القضاء على غزة.

وفي الولايات المتحدة الأميركية وعد نتنياهو بأنه بعد تطهير غزة سيعمل على استئناف مفاوضات السلام في المنطقة. وإذا ما نجح الفلسطينيون في الاتفاق تحت مظلة واحدة الأمر الذي تدعمه الصين حالياً، فإنه من المتوقع إبرام سلام بين إسرائيل والفلسطينيين مما يفتح الطريق أمام السعودية من أجل السلام مع إسرائيل ولتعود العلاقة بين إسرائيل وبقية البلدان العربية إلى مسارها الطبيعي.
وإذا ما تحقق ذلك، فإن النظام الإيراني سيخسر ورقته الرابحة ليس أمام أميركا فحسب، بل كذلك أمام بلدين يعتبرهما حليفين له أي الصين وروسيا، وبعد هذه الخسارة سيكون النظام الإيراني في موقع ضعيف أمام الغرب والبلدان العربية المعتدلة في الشرق الأوسط، وهذا درس يكشف للشعب الإيراني والنظام عن المحاسبات الخاطئة للقادة الإيرانيين الذين يعولون على التحالف مع معارضي الولايات المتحدة الأميركية.

 لذلك يجب أن يعمل الشعب الإيراني مستقبلاً على إيجاد علاقات منطقية في السياسة الخارجية التي ينتهجها مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والصين وروسيا، وأن يتجنب خوض قمار من خلال الرهان على أوراق خاسرة كي لا يتحول إلى قطعة ثلج على حجر في ساحة السياسة العالمية.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل