Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي دلالات لعودة العلاقات الإيطالية مع سوريا؟

يرى المؤيدون أنها خطوة لكسر الحظر الأوروبي ويذهب المعارضون إلى أنها لن تؤثر في رفع العقوبات

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني   (رويترز)

ملخص

استدعت إيطاليا البعثة الدبلوماسية عام 2012 وعلقت نشاطها بعد اشتداد المعارك الشرسة التي أدت إلى مقتل مئات آلاف السوريين ونزوح الملايين، وتحولت إيطاليا مع تركيا إلى وجهة للباحثين عن مناطق آمنة.

إذا صدقت المقولة الشهيرة "كل الطرق تؤدي إلى روما"، فإن طريق إيطاليا الدبلوماسي لم يعُد متعثراً بينها والعاصمة دمشق بعد أن أعلنت الأولى فتح سفارتها في سوريا عقب قطيعة دامت 12 عاماً على خلفية حرب داخلية شديدة الضراوة في البلاد.

واتخذت روما قرارها إعادة العلاقات مع سوريا أول من أمس الجمعة بالتوازي مع تعيين المبعوث الخاص لوزارة الخارجية إلى سوريا ستيفانو رافاجنان سفيراً لها في دمشق، وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إن "سفير بلاده من الممكن أن يتولى عمله قريباً" ويأتي ذلك لتسليط الضوء على سوريا التي لا يزال مواطنوها يغادرونها بأعداد كبيرة.

واستدعت إيطاليا البعثة الدبلوماسية عام 2012 وعلقت نشاطها بعد اشتداد المعارك الشرسة التي أدت إلى مقتل مئات آلاف السوريين ونزوح الملايين منهم في أصقاع الأرض، وتحولت إيطاليا مع تركيا إلى وجهة للباحثين عن مناطق آمنة.

كسر الحظر الأوروبي

ويرى مراقبون أن الخطوة الإيطالية جاءت لتكسر الحظر الأوروبي والأميركي، لا سيما العزلة السياسة والاقتصادية التي بدأت بالاشتداد أكثر مع هدوء الميدان العسكري وثبات خطوط التماس عام 2019، في وقت ربط الاتحاد الأوروبي عودة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق بإحراز تقدم في العملية السياسية، بينما لم تأتِ العودة الإيطالية صادمة للأوروبيين، مما يفسر وصول مسؤول دبلوماسي إيطالي رفيع المستوى إلى العاصمة السورية قبل عام، تحديداً في يوليو (تموز) 2023.

وكان الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على السلطات السورية أو الداعمة كنوع من الضغط لتحقيق تسوية سياسية للأزمة السورية بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254، واستهدفت عقوبات الاتحاد على سوريا بالمقام الأول الأفراد والكيانات على نحو محدود، وشملت مؤسسات رسمية ورجال أعمال وقطاعات اقتصادية منذ عام 2011 وجددتها في 2015، إضافة إلى فرض واشنطن "قانون قيصر" (سيزر).

 في المقابل تتجنب العقوبات عرقلة تأمين المساعدات بحسب بيانات الاتحاد بما في ذلك الجهود للتصدي لجائحة كورونا وصادرات الغذاء والأدوية والتجهيزات الطبية كأجهزة التنفس وغيرها التي تُعدّ غير خاضعة للعقوبات، لكن الدعم الإيراني والروسي سدّ ثغرات النقص بالتوريد، خصوصاً في مجال الاعتماد على الطاقة.

أنصار ومعارضة

وتتضارب الآراء حيال هذا التطور الاستراتيجي، لا سيما أنه جاء بعد الانفتاح العربي وعودة سوريا لمجلس دول الجامعة العربية ونشاط تجاري مع حركة الطيران التي استؤنفت.

وفي حين رحب الجمهور الموالي بهذا الموقف، واصفين ذلك بالانتصار للسياسة السورية مع توقعاتهم بعودة دبلوماسية مرتقبة لعدد من الدول الأوروبية، حلّ الخبر كالصاعقة على الجمهور المعارض الذي يراه تجديداً للعلاقات سيحقق للسلطة عودة نحو أوروبا بعدما نجحت بإعادة الارتباط مع المحيط العربي.

ويرجح المفوض الدبلوماسي السوري السابق عبدالحميد فجر سلوم لـ"اندبندنت عربية" أن الانفتاح الأوروبي يحتاج إلى قرار من المفوضية، والمعلومات المتوافرة أن خطوة إيطاليا تتعلق بتدفق اللاجئين السوريين عبر المتوسط، فالتواصل بين روما ودمشق كان قائماً على المستوى الأمني فقط.

وأضاف أن هناك سبع دول أخرى تؤيد خطوة إيطاليا، وكلها تعاني أيضاً مشكلة اللاجئين، وهي دول مرور في وسط أوروبا مثل المجر والنمسا والتشيك وسلوفاكيا وغالبيتها تحكمها حكومات يمينية معارضة جداً لقدوم اللاجئين، وكانت لها دوماً مواقف مختلفة ومتشددة في هذا الموضوع خلافاً للدول الأوروبية الأخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد سلوم بأن هذا الموضوع كان بطبيعة الحال خلافياً داخل الاتحاد الأوروبي، وليس هناك توافق حوله، معتبراً أن  خطوة إيطاليا تبقى خرقاً للموقف الأوروبي، ولم تصدر أية ردود فعل عن الدول الفاعلة في الاتحاد مثل ألمانيا وفرنسا حتى اليوم، بينما رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص والتشيك والمجر فلديها بالأساس تمثيل دبلوماسي في دمشق.

وقال إن إزالة العقوبات الغربية على دمشق ليست بهذه البساطة، فالاتحاد الأوروبي يمدد العقوبات كل عام.

وكشفت وثيقة أوروبية ورسالة من وزراء خارجية سبع دول أوروبية، حصلت مجلة "المجلة" على نصها، عن دفع كتلة داخل الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة السياسة المعتمدة مع دمشق والتخلي عن "اللاءات الثلاث" المتعلقة بالعقوبات وعودة العلاقات والإعمار، ومبدأ أنه "لا يمكن تحقيق السلام في سوريا في ظل السلطة الحالية."

وجاء في الرسالة الوزارية أن الصراع السوري يستمر منذ أكثر من 13 عاماً، "متسبباً في معاناة إنسانية غير مسبوقة وأزمة نزوح هي الأكبر في العالم، إذ سجلت أعداد قياسية من اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة وأوروبا".

وأشارت إلى أن الاستراتيجية الأوروبية الحالية تعود لـ2017، ومنذ ذلك الحين تغير الوضع على الأرض في سوريا وما حولها بصورة كبيرة، فاستعاد النظام السوري السيطرة على نحو 70 في المئة من الأراضي، بينما استقرت المناطق خارج سيطرته نسبياً.

حل لقضايا الهجرة

يأتي ذلك في وقت تفتح ست سفارات تتبع لدول الاتحاد الأوروبي أبوابها في دمشق هي رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص والتشيك والمجر، فيما لم تقدم دول أخرى مثل اليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة على تعيين سفراء لدى سوريا.

وكانت إيطاليا وسبع دول أخرى في الاتحاد الأوروبي أرسلت رسالة إلى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في المفوضية الأوروبية جوزيف بوريل طالبت ضمنها الاتحاد بالاضطلاع بدور أكثر نشاطاً في البلاد، وجاء فيها "يستمر السوريون في المغادرة بأعداد كبيرة، مما يضع ضغطاً إضافياً على البلدان المجاورة في فترة تشهد توتراً شديداً بالمنطقة، ويعرضها لخطر موجات جديدة من اللاجئين".

يشار إلى أن المفوضية الأوروبية تتمسك بموقف ثابت حيال السلطة في سوريا، لكن بوريل أفاد في إحاطة بأن المفوضية على استعداد للمساعدة في إعادة إعمار سوريا عندما يحدث انتقال سياسي شامل وذو مصداقية، وقال "لن ندعم العودة المنظمة للاجئين إلى سوريا ما لم تكُن هناك ضمانات موثوقة بأن عمليات العودة هذه طوعية، وتحت رقابة المجتمع الدولي، ولن يعودوا قسراً إلى سوريا".

وتبقى قضايا الهجرة أبرز الملفات التي ستوضع على طاولة البحث بين روما ودمشق، ولعل العودة تشجع بقية الدول الأوروبية على استئناف علاقاتها، في حين يرى متابعون أن هذه الخطوة لن تفيد دمشق على المستويين التجاري والاقتصادي، بل إنها خطوة محدودة باتجاه الانفتاح السياسي والدبلوماسي.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات