Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"العشاء الأخير" على ضفاف السين

تجاوزت هذه الأزمة الأبعاد الدينية لتشمل أيضاً نقاشاً حول حدود الحرية الفنية والتعبير

لوحة العشاء الأخير تمثل رمزا دينيا مهما لدى المسيحيين (أ ف ب)

ملخص

تؤثر أزمة "العشاء الأخير" في مسائل مثل العلاقة بين الأديان والثقافات، مما يهدد السلم الاجتماعي، كما يخشى أن تعمل على تقوية الخطاب المتطرف في كلا الجانبين يميناً ويساراً، مما يؤدي إلى زيادة التطرف والكراهية.

كتبت هذه المقالة عبر "تشات جي بي تي" وأجريت عليها تعديلات لغوية بما يناسب أسلوب "اندبندنت عربية"

شهد حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 على ضفاف نهر السين جدلاً واسعاً على مستوى العالم بسبب فقرة مستوحاة من لوحة "العشاء الأخير" للفنان ليوناردو دافنشي، وهذه الفقرة التي قصد بها الاحتفال بالتعددية الثقافية والتسامح، أسيء فهمها من قبل بعضهم، مما أدى إلى اتهامات بالازدراء للدين المسيحي.

الفقرة المثيرة للجدل تضمنت مجموعة من الأشخاص يجلسون حول مائدة مستديرة، في إشارة واضحة إلى لوحة "العشاء الأخير"، واعتبر كثير من المسيحيين أن هذا التمثيل هو استخفاف بعقيدتهم وأن استخدام صورة دينية بهذه الطريقة أمر غير مقبول.

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي ردود فعل غاضبة من قبل المسيحيين الذين رأوا في هذه الفقرة إهانة لمشاعرهم الدينية، وانتقد بعضهم القائمين على الحفل لعدم احترامهم للرموز الدينية، مطالبين باعتذار رسمي.

من جانبها، حاولت اللجنة المنظمة للأولمبياد التوضيح أن الهدف من هذه الفقرة هو الاحتفال بالتسامح والتنوع الثقافي، وأنها لم تكُن ترمي إلى الإساءة لأي دين أو عقيدة، ومع ذلك لم تتمكن هذه التوضيحات من تهدئة الغضب واستمرت الانتقادات.

أبعاد الأزمة

تجاوزت هذه الأزمة الأبعاد الدينية لتشمل أيضاً نقاشاً حول حدود الحرية الفنية والتعبير. فمن جهة، يدافع بعضهم عن حق الفنانين في التعبير عن أنفسهم بحرية، حتى لو كان ذلك يعني استفزاز آخرين. ومن جهة أخرى، يؤكد آخرون ضرورة احترام المعتقدات الدينية وعدم استخدام الرموز الدينية بطريقة مسيئة.

وأثارت أزمة "العشاء الأخير" كثيراً من الأسئلة حول العلاقة بين الفن والدين، وحول حدود الحرية الفنية في المجتمعات متعددة الثقافات، وسلطت الضوء كذلك على أهمية الحوار والتفاهم بين مختلف الأديان والثقافات.

من الواضح أن تنظيم فعاليات عالمية مثل الألعاب الأولمبية يتطلب حساسية كبيرة تجاه القضايا الدينية والثقافية، فيجب على المنظمين أن يتوخوا الحذر في اختيار العناصر التي يتم تضمينها في الحفل الافتتاحي وأن يتأكدوا من أنها لن تثير أي جدل أو استياء.

تحليل ومعانٍ

تُعدّ لوحة "العشاء الأخير" واحدة من أعظم الأعمال الفنية في التاريخ، تتجاوز قيمتها الجمالية لتصل إلى أعماق المعاني الدينية والثقافية، وتصور اللوحة اللحظة التي أعلن فيها يسوع لتلاميذه عن خيانته، مما يجعلها لحظة محورية في المسيحية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحمل اللوحة رموزاً دينية عميقة مثل الخبز والخمر اللذين يرمزان إلى القربان المقدس، وتعبيرات التلاميذ المتباينة التي تعكس حال الاضطراب والقلق التي سبقت صلب المسيح، وتتميز اللوحة بمنظورها الفريد وتكوينها المتوازن وتعبيرات الشخصيات الحية، مما جعلها نموذجاً للفن الغربي.

وعلى صعيد الأبعاد الإنسانية، تتجاوز اللوحة الأبعاد الدينية لتستكشف جوانب إنسانية عميقة مثل الخيانة والأمل والخوف.

مقارنات وردود فعل

لم تكُن هذه هي المرة الأولى التي تثير فيها أعمال فنية مستوحاة من الدين جدلاً، ففي الماضي شهدنا كثيراً من الحالات المشابهة مثل الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد التي أثارت موجة من الغضب والاحتجاجات في العالم الإسلامي، وكذلك تعرضت تماثيل عدة تصور المسيح المصلوب للتخريب أو الإزالة بسبب اعتراضات دينية.

تظهر المقارنة أن ردود الفعل على مثل هذه الأحداث تتأثر بعوامل عدة، منها طبيعة العمل الفني ومدى تحريفه للرموز الدينية أو إساءته للمعتقدات، وكذلك السياق الثقافي والسياسي لجهة حال التوتر بين الأديان والثقافات والسياسات الحكومية تجاه حرية التعبير، أما وسائل التواصل الاجتماعي فلها دورها في تضخيم الجدل ونشره بسرعة كبيرة.

تأثير الأزمة

تؤثر أزمة "العشاء الأخير" في مسائل مثل العلاقة بين الأديان والثقافات، مما يهدد السلم الاجتماعي، كما يخشى أن تعمل على تقوية الخطاب المتطرف في كلا الجانبين يميناً ويساراً، مما يؤدي إلى زيادة التطرف والكراهية.

وأثارت هذه الأزمة نقاشاً واسعاً حول دور الفن في المجتمع وعلاقته بالسياسة والديني، ويمكن تلخيص النقاط الرئيسة في هذا النقاش كما يلي:

حرية التعبير، هل يجب أن تكون هناك حدود لحرية التعبير الفني، بخاصة عندما يتعلق الأمر بالرموز الدينية؟.

احترام المعتقدات، هل يجب على الفنانين احترام المعتقدات الدينية حتى لو كانت تتعارض مع رؤيتهم الفنية؟.

دور الفن في الحوار، هل يمكن للفن أن يكون أداة للحوار بين الثقافات والأديان، أم أنه يزيد من الانقسام؟.

مسؤولية الفنان، هل يتحمل الفنان مسؤولية الآثار الاجتماعية لعمله الفني؟.

خاتمة

أزمة "العشاء الأخير" هي تذكير بأن الفن، مهما كان جميلاً أو مبتكراً، يمكن أن يثير جدلاً واسعاً عندما يتعلق الأمر بالرموز الدينية، فيجب على الفنانين والمنظمين أن يكونوا على دراية بهذه الحساسيات وأن يعملوا على بناء جسور التواصل بين مختلف الثقافات والأديان.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء