Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مترو بغداد" قد يظهر بالفعل بعد 40 عاما من الكلام

كان من المفترض إنشاؤه عام 1983 وأخيراً اختارت الحكومة العراقية تحالف شركات وغموض حول الجدول الزمني وانتقادات لغياب الشفافية

مخطط أولي لمشروع مترو بغداد (مجلس الوزراء العراقي)

ملخص

يغطي مشروع مترو بغداد ما يقارب 85 في المئة من مساحة العاصمة بكلفة تصل إلى 18 مليار دولار ويشمل سبعة خطوط رئيسة بطول إجمالي يزيد على 148 كيلو متراً و64 محطة مترو.

يتداول العراقيون عبر منصات التواصل الاجتماعي قصاصة ورقية لإحدى الصحف المحلية الصادرة عام 1982 وعنوانها الرئيس "مترو بغداد أول نظام للنقل السريع تحت الأرض في الشرق الأوسط" وتشير تفاصيل الخبر إلى أن أغسطس (آب) من عام 1983 سيبدأ فيه العمل بتشييد مترو بغداد، وتشغيل المرحلة الأولى منه عام 1987 والمرحلة الثانية في التسعينيات، وتوقع الخبر أنه بحلول عام 2000 سيستخدم هذا المترو مليون راكب يومياً ، لكن هذا المشروع ابتلعته الحروب الطويلة ولم يرَ النور وبقي مجرد خبر قديم منشور في الثمانينيات يؤرخ لمشروع كان سيغير من خريطة الطرق في بغداد ويذلل من عقبات التنقل فيها .

بعد عام 2003 اكتفت الحكومات المتعاقبة بالتلويح بمشروع مترو بغداد كلما ضاقت الطرق بأهلها وتعالت أصواتهم لإيجاد حلول للازدحامات الخانقة، لا سيما أن مديرية المرور العامة تؤكد وباستمرار أن السيارات في العاصمة تتجاوز الطاقة الاستيعابية، إذ تقدر بنحو أربعة ملايين متجاوزة بذلك الطاقة الاستيعابية لشوارع العاصمة بثلاثة ملايين و750 ألف سيارة.

أدرج مشروع مترو بغداد في الـ29 من ديسمبر (كانون الأول) 2023 ضمن جداول الموازنة الاستثمارية لأمانة بغداد، وفي الـ25 من يوليو (تموز) الماضي أعلنت الحكومة العراقية عن اختيارها شركتي "سيسترا" و"أس أن سي أف" الفرنسيتين وشركات "ألستوم" و"تالغو" و"سينر" الإسبانية وشركات إنشاءات تركية عدة، فضلاً عن "دويتشه بنك" الألماني، لمشروع تصميم مترو بغداد وتنفيذه وتشغيله.

تفاصيل المشروع

تمثل أمانة بغداد الجهة القطاعية المسؤولة عن مشروع مترو بغداد، أما وزارة النقل فهي تمثل الجانب الفني للمشروع، ويغطي مشروع مترو بغداد ما يقارب 85 في المئة من مساحة العاصمة بكلفة تصل إلى 18 مليار دولار.

يوضح مدير المكتب الإعلامي لوزارة النقل ميثم الصافي لـ"اندبندنت عربية" أن المقترحات السابقة لمترو بغداد كان من المخطط لها أن تغطي مساحة العاصمة بنسبة لا تتجاوز 10إلى 15 في المئة وهناك مقترحات تصل لأقصى حالتها إلى 30 في المئة وبعد إعادة الدراسة وضع المشروع الحالي ليغطي 85 في المئة من مساحة بغداد ويمر على جميع المستشفيات، وكذلك المراكز الخدمية والحكومية والجامعات والمراقد الدينية ومراكز التسوق وملاعب الرياضة.

خطوط المترو

يتنوع مشروع مترو بغداد ليشمل خطوطاً فوق الأرض وتحت الأرض وأخرى معلقة، وتمر هذه الخطوط بمسارين للذهاب والإياب. ويتضمن سبعة خطوط رئيسة بطول إجمالي يزيد على 148 كيلو متراً و64 محطة مترو وأربع ورش ومستودعات للقطارات، ومراكز عدة للتحكم وإدارة قطارات المترو تسمى مراكز التحكم في العمليات وسبع محطات كهرباء رئيسة بقدرة 250 ميغاواط لتوليد الكهرباء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يبلغ عدد مسارات المترو سبعة بـ14 محطة طرقية متوزعة بين مناطق العلاوي والشعب وساحة الطيران والبلديات والكاظمية ومطار بغداد والدورة وساحة ميسلون والزعفرانية وساحة عدن والبياع والقادسية، ويمر في مسارات متعددة، بطاقة نقل استيعابية تصل إلى ثلاثة ملايين راكب يومياً. ولا توجد محطات يمكن اعتبارها محطات أساسية في المترو بل إن الطرق تتقاطع في ما بينها بمحطات كبيرة.

سرعة قطارات المترو

وتقدر سرعة القطارات في مشروع مترو بغداد  بـ80- 140 كم/ ساعة، بنظام مترو رقمي مؤتمت يعمل بالطاقة الكهربائية ومن دون سائق وتدخل مسارات السكة في أنفاق يصل عمقها إلى 20 متراً، لتجنب أي تعارضات مع الشوارع وخدمات البنى التحتية. أما مقاعد القطار فهي مقسمة إلى فئات منها الدرجة الممتازة والعادية ولذوي الاحتياجات الخاصة وعربات للنساء والأطفال، وكذلك للسياح.

أما المحطات التي تتضمن منشآت لاستقبال وتوديع الركاب، فستزود بمصاعد وسلالم متحركة وثابتة ومحال تجارية ومقاهٍ وحمامات وغرف إدارية وخدمية، إضافة إلى مواقف للسيارات والحافلات.

الإجازة الاستثمارية قريباً

 ومع إعلان أمين بغداد انطلاق المفاوضات مع ائتلاف الشركات المستثمرة لمشروع مترو بغداد، أشار مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون النقل ناصر الأسدي لـ"اندبندنت عربية" إلى أن عملية التفاوض مع المستثمر ستنتهي خلال هذا الشهر، وستكون الإجازة الاستثمارية جاهزة خلال أسبوع لتباشر الشركات عملها لإعداد المشروع.

الأسدي أوضح أن المشروع لن يجابه بعقبات، فالبنية التحتية للعاصمة تتحمله كما أن الخطوط المعلقة ستسهم في إيجاد حل للمناطق التي يصعب مد خطوط أرضية فيها، أما الطاقة الكهربائية التي ستغذي مشروع المترو فهي خارج الشبكة الوطنية، إذ توجد أربع محطات كهربائية مخصصة للمشروع، بالتالي لن يجابه المشروع بطوارئ تتعلق بانقطاع التيار الكهربائي. وتوقع الأسدي أن يسهم المشروع في حل مشكلات الاختناقات المرورية بنسبة 50 في المئة ويقلل من نسبة تلوث الهواء في العاصمة.

غياب الشفافية

بقي مشروع مترو بغداد مثاراً للجدل بين الرأي الحكومي الذي يرى أنه سيحقق نقلة نوعية في مجال النقل وقطاع الأعمال، وبين من يرى أن هناك جوانب مهمة لم تراعَ في تصميم المشروع وطريقة التعاقد مع الشركات الاستثمارية.

الاستشاري في اقتصاد النقل الدولي زياد الهاشمي يقول إن مشروع مترو بغداد سيسهم في إيجاد حلول للازدحامات التي تؤثر في الحركة التجارية وتنقل السكان بنسبة 25 إلى 35 في المئة، وسيتيح إنشاء أعمال ومشاريع جديدة بحسب انتشار خطوط شبكة المترو، مما يسهم في توسع قطاع الأعمال والتجارة داخل جغرافيا العاصمة، لكنه في الوقت ذاته يرى أن مشروع مترو بغداد تحيط به علامات استفهام، إذ تغيب الشفافية في طبيعة إدارة هذا الملف، وقال إن "هناك كثيراً من الغموض في تعامل المجموعة الاستشارية مع مجاميع الإنشاء والتنفيذ والتشغيل والإدارة والتمويل".

الجدول الزمني

بحسب هاشمي، فإن هذه السلبيات التي ترافق هذا الملف تضع علامات استفهام كثيرة على التزام الجدول الزمني لتنفيذ المشروع وإطلاقه، فالغموض في الجانب التعاقدي والتمويلي من قبل "دويتشه بنك" الألماني سيلقي بظلاله على نحو سلبي ومباشر على الجداول الزمنية في إكمال التصاميم ودراسة المشروع والبدء بمراحل التنفيذ وتشغيله، وأعرب عن اعتقاده بأن أفضل وسيلة لحل هذا الغموض تكون عن طريق "ضبط الجانب التعاقدي وضبط العلاقة بين كل الأطراف المعنية بهذا الملف ورفع مستوى الشفافية ومصارحة الجمهور وتحديد جداول زمنية واضحة حتى تتيح لقطاع الأعمال والجمهور البدء بعمليات التخطيط لتنفيذ مشاريع مرتبطة تلتحق على نحو متوازٍ مع مشروع المترو".  

غياب دراسة الجدوى

أما من ناحية تصميم المشروع، فيرى الباحث في مجال الطاقة دريد عبدالله أن مشروع مترو بغداد لا يعدو سوى كونه خطوطاً على الورق بين مناطق بغداد رُسمت على نحو متعجل بلا أدنى فكرة عن الكثافة السكانية للمناطق التي تمر بها خطوطه، ولا نوعية الأراضي التي يستهدفها المشروع، وقال  "ليست هناك أية دراسة جدوى، وهذه الحالة النادرة في مشاريع النقل، ومنها المترو لا تحدث كثيراً أو هي لم تحدث سابقاً".

ويقارن عبدالله بين مشروع مترو الرياض ومترو بغداد من ناحية المفاوضات حول التصميم ومراحل التنفيذ والشركات المساهمة ومصادر التمويل، قائلاً "استلزم مترو الرياض 15 شهراً من المفاوضات ثم التصميم والبناء في 10 أعوام وبمشاركة 52 شركة استشارية تتضمن البناء وتجهيز عربات وأنظمة وحفر بكلفة 22.5 مليار دولار"، بينما مترو بغداد "استلزم شهراً لتحديد خطوطه وشهراً آخر لتقديم العطاءات بلا مصدر للتمويل وستة أشهر لدراسة ثلاثة عروض لثلاث شركات محلية".

خطوط فوضوية

أما في ما يتعلق بخطوط المترو السبعة، فوصفها عبدالله بأنها "خطوط فوضوية"، منوهاً إلى أن واحداً منها يسير فوق أحد تقاطعات الرصافة تحت طريق مكتظ لا يزيد عرضه على ثلاثة أمتار والأدهى أن هذا التقاطع يضم محطة نزول وصعود".

ويختم عبدالله واصفاً الأرقام التي عرضتها هيئة الاستثمار حول عدد المسافرين السنوي وتفاصيل حركة عربات المترو بـ"بالمضخمة بصورة غير منطقية"، متسائلا عن ماهية الهدف من الإعلان عن مشروع المترو وهل هو إعلامي دعائي أم خدمي حقيقي؟.

عبدالله يرى أن هناك مشكلات أخرى أغفلها المشروع وهي كيف يمكن بناء شبكة مترو فوق سطح الأرض داخل عاصمة تعاني الاكتظاظ السكاني، وكيف سيعالج المستثمر قلة الأراضي القابلة لإنشاء خطوط المترو عليها، إذ إن امتلاك هذه الأراضي من قبل المستثمر لإكمال المشروع يحتاج إلى ثروات طائلة تعادل كلف مشروع المترو.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير