Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استهداف حيفا... الرعب الأكبر للإسرائيليين

تل أبيب تنسق مع التحالف الإقليمي... وتهديدات: "من يصل إلى فؤاد شكر يصل إلى حسن نصرالله"

مدينة حيفا والميناء التابع لها كما بدت في صباح الثالث من أغسطس الحالي (أ ف ب)

ملخص

يقض احتمال استهداف حيفا من قبل إيران و"حزب الله" مضاجع الإسرائيليين إذ تضم مواقع مهمة ومحطات تكرير نقط ومصانع تحوي مواد خطرة.

لم تعُد حيفا هذه الأيام "مدينة الحياة والاسترخاء"، كما يصفها كثيرون حتى إنها لم تعُد "عروس البحر"، كما سماها فلسطينيو الـ48، فما إن تطأها قدما أي شخص حتى ينتابه شعور بالخوف يلاحقه في كل زاوية.
شوارعها فارغة من السكان وجبل الكرمل المطل على مينائها يلامس حفيف أشجاره الكثيفة هدير طيران لا يتوقف، وأما بحرها الذي كثيراً ما شكّل ملاذاً لاستراحة ومتعة الباحثين عن الهدوء والطمأنينة، فبات لَجَب أمواجه الهادئة صفارة إنذار عالية يعكسها عراك المياه مع مولدات البوارج البحرية والسفن والمناورات الحربية، ليضاعف هذا المشهد، الرعب الذي يسود اليوم "عروس البحر".

ويزيد من تدهور الوضع، النقاش الحاد والخلافات بين القيادات السياسية والعسكرية والأمنية حول شنّ إسرائيل حرباً على لبنان أو انتظار الرد المتوقع على اغتيال القيادي في "حزب الله" فؤاد شكر، وهذه المرة ضمن جبهات عدة في آن واحد، وهنا يكمن القلق والذعر.

أقمار اصطناعية وسيناريو "المطر"

"من يصل إلى فؤاد شكر يصل إلى نصرالله"، بهذا التهديد من الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين اليوم السبت في مقابلة خاصة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، بدأ الإسرائيليون يومهم بعد ليلة من عدم اليقين وترقب ما إذا كانت هذه الليلة ستشهد بداية للهجوم من لبنان وإيران والحوثيين، والتزم السكان بيوتهم وتسمروا أمام شاشات التلفزيون التي خصصت برامجها لمناقشة الوضع وعرض تدريبات الجيش والجبهة الداخلية والتعليمات بالبقاء قرب أماكن آمنة مع أفضلية لمن يستطيع المغادرة إلى منطقة أكثر أماناً.

بحسب يدلين، فإن مختلف السيناريوهات مطروحة للنقاش وهناك استعدادات لمواجتها ولكن "هناك إرباكاً حول توقيت الضربة وطبيعتها، وأكثر التوقعات أن تكون عسكرية أو تستهدف شخصية بارزة، ولذلك على السكان الخروج من حال الضغط والذعر التي تسيطر عليهم، فعلى رغم ما نُشر من إقامة غرفة طوارئ مشتركة بين إيران ومحورها، لكني لا أرى أن ذلك يجب أن يقلقنا. شخصياً لم يؤثر فيّي مثل هذا الإعلان، ومن المهم التأكيد أن إيران و’حزب الله‘ لا يريدان الحرب و(الأمين العام للحزب حسن) نصرالله يعلم أن من يصل إلى نائبه شكر حتماً سيصل إليه ولذلك فهو سيفكر جيداً قبل أي رد. وفي ظل هذا كله الأميركيون لا يتحدثون فقط، إنما ينفذون خطوات عملية على أرض الواقع وهم قوى عظمى لها تأثير في المنطقة".

بمثل هذا السيناريو والتفكير الذي طرحه يدلين، يبحث رؤساء الأجهزة الأمنية في إسرائيل بحضور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.

ورأى يدلين شأنه شأن مسؤولين آخرين في إسرائيل، في استعداد واشنطن ونشر منظومات الدفاع وآلياتها في عرض البحر، تعزيزاً لقوة ردع إسرائيل "التي شهدت منذ اغتيال فؤاد شكر ثم إسماعيل هنية تعزيزاً استخباراتياً لها".

وتوجه يدلين إلى سكان إسرائيل بالقول، "على الجميع الخروج من حال الهستيريا التي أشعر بأنها تسيطر على كل واحد منهم. وكما تجاوزنا تحديات سابقة سنتجاوز هذه المرة أي تهديد تجاهنا".

مؤشرات توسع الحرب

لكن الاستعدادات والتحركات الخارجية والداخلية في إسرائيل تنذر بتوسع حرب "طوفان الأقصى"، إلى جبهات عدة، إذ ألغى الجيش إجازات جميع الجنود وبدأ بدعوة الاحتياط، ومع ارتفاع عدد جنود الاحتياط الرافضين العودة إلى غزة للقتال أو الامتثال لأوامر الحضور إلى القواعد العسكرية، التقى رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي، جنود احتياط في وحداتهم في الميدان وحاول رفع معنوياتهم وتعزيز ثقتهم بالقيادة وقراراتها.
وفيما اعتبر أن وحدات الاحتياط "مركزية ولها دوراً كبيراً ومهماً في القتال"، روّج هليفي لما سمّاه قدرات وتفوق الجيش الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، قائلاً "رسالتنا إلى الشرق الأوسط بأسره أن أيّاً كان من تسول له نفسه مهاجمة مواطني إسرائيل أو دولة إسرائيل فسنكون جميعاً على استعداد للذهاب بعيداً، وسنعرف كيف نبذل جهودنا للحصول على معلومات استخباراتية دقيقة للغاية، وإلحاق الأذى والضرر والقتل بكل هؤلاء كما سنعرف متى وكيف سنخاطر". وأضاف متوجهاً للاحتياط "نحن اليوم، وفي ظل التطورات الأمنية الأخيرة، نسعى إلى تكثيف التدريبات للاحتياط ليكون في حال جاهزية كبيرة جداً".
تزامناً، كثف سلاحا الجو والبحر التدريبات على التصدي للصواريخ والمسيّرات المتوقع أن تتعرض لها إسرائيل من مختلف الجبهات، خصوصاً تلك الدقيقة والمتوسطة والبعيدة المدى. وأجرى سلاح البحرية تجربة في عرض البحر على صاروخ دفاع جديد باسم "البرق الواقي" أُطلق من سفينة من نوع "ساعر" لمواجهة صواريخ متوسطة وبعيدة المدى.

وفي سياق حماية القيادة وضمان استمرار التواصل في ما بينها، عقد مدير عام ديوان رئيس الحكومة يوسي شيلي مداولات لتقييم الوضع مع جميع المديرين العامين للوزارات، وتلقى الجميع تعليمات خاصة حول كيفية التصرف في حال الطوارئ ضمن سيناريو أُطلق عليه اسم "المطر" ويتم خلاله تنفيذ إجراءات لحماية القيادة في أسرع وقت ممكن. ومن بين تدابير الجاهزية يتعين على المديرين العامين للوزارات دعم هواتفهم الخليوية بمولدات كهربائية وضمان أن تكون خزانات السولار فيها مليئة. من جهة أخرى تلقى الوزراء هواتف تعمل بواسطة الأقمار الاصطناعية تحسباً لاستهداف إيران و"حزب الله" البنى التحتية للاتصالات وانهيار شبكات الهواتف الخليوية، وبهدف ضمان استمرار عمل الوزارات خلال أخطر السيناريوهات المتوقعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تفقد الجاهزية

كذلك جرى تقييم الوضع بالنسبة إلى جاهزية المستشفيات لإخلاء مرضى بأعداد كبيرة إلى طوابق تحت الأرض.
هذه الاستعدادات والتحضيرات تشمل البلدات والمناطق كافة في إسرائيل من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، وسط تقييمات مستمرة لسبل ضمان مواجهة الهجوم وتداعياته، وبحسب الخبير العسكري يوآف ليمور فإن "رد محور المقاومة قد يتأخر من أجل التنسيق بين أطرافه وإبقاء إسرائيل في حال ترقب، وهذا الانتظار ليس في مصلحتها، فرحلات شركات الطيران تُلغى والدولار يرتفع وكثيرون يترددون جداً حيال مغادرة بيوتهم".

وبتقدير ليمور، مثل عدد من الأمنيين والعسكريين، فإن الرد سيكون قوياً وأبرز التوقعات تشير إلى أنه سيشمل تل أبيب وخليج حيفا، ويقول "إذا تلقت إسرائيل ضربة مؤلمة، فإنها ستضطر إلى الرد والتعرض لضربة مجدداً، والمنطقة ستنزلق إلى عتبة حرب شاملة".
وحذر ليمور من الاستجابة لدعوات مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين إلى شن حرب واسعة ضد لبنان، مضيفاً أنه "إذا تعلمنا شيئاً في غزة، فهو أن الحرب ليست رحلة في متنزه وتستغرق وقتاً ومعقدة وأن لها أثماناً باهظة. ولبنان أصعب بكثير من غزة، و’حزب الله‘ أقوى من ’حماس‘ بمئة مرة، ولن يكون ضده حسم سريع وانتصارات جارفة".

خليج حيفا وميناؤها

تحذيرات ليمور من حرب مع "حزب الله" لا تقتصر فقط على ما يملكه الحزب من صواريخ ومسيّرات متقدمة ودقيقة وذات أبعاد ومهمات مختلفة، وإنما لخطر إصابة عشرات المواقع الحساسة التي أظهر "حزب الله" في فيديوهات بثها لطائرة "الهدهد"، خريطة دقيقة تشمل أخطر المواقع الاستراتيجية وأهمها، خصوصاً خليج حيفا وميناءها.

فهذه المنطقة تضم بعض مصافي البترول، على رغم أن مصانعها الكيماوية نُقلت إلى الجنوب بعد معركة شعبية طويلة، لما شكلته من خطر خلال حرب لبنان الثانية (يوليو/ تموز 2006)، إذ أشار أكثر من تقرير إلى أن مجرد إصابة برميل فيها بصاروخ أو مسيّرة وانبعاث المواد منه سيصل الخطر إلى ما لا يقل عن ربع مليون إنسان في حيفا والمنطقة المحيطة بها المعروفة بـ"الكريوت".

رئيس بلدية حيفا يوني ياهف دعا جميع المسؤولين إلى اتخاذ خطوات فورية لحماية حيفا، نظراً إلى المصانع الموجودة فيها التي من شأنها أن تلحق أضراراً خطرة في حال وقوع حرب. وعقدت البلدية اجتماعاً لمنتدى رؤساء السلطات البلدية لحيفا والمنطقة للاستعداد لمواجهة الأخطار المحدقة بالمدينة وخليجها والمنطقة.

وشكلت المواد الخطرة الموجودة في خليج حيفا داخل مصانع هائلة أبرز اهتمامات المنتدى الذي دعا إلى إخلائها من جميع المواد الخطرة وكان المطلب الأبرز إخلاء مصانع تكرير النفط المعروفة باسم "الريفاينري"، وسبق أن توجه أكثر من مسؤول إلى الوزارات المختصة بطلب نقلها من المكان لكن من دون جدوى.

واتضح من خبراء ومسؤولين أن إسرائيل لن تكون قادرة على إخلاء المصانع الخطرة، وإذا باشرت اليوم في نقل هذه المصانع فهي تحتاج إلى أشهر طويلة لإخلائها.

كذلك يُعتبر ميناء حيفا موقعاً استراتيجياً خطراً لما يشمله من شحنات وكميات كبيرة من المواد الخطرة. وما بين الخليج والميناء هناك كثير من القواعد العسكرية ومخازن الأسلحة في حيفا و"الكريوت" وكلها بمثابة براميل بارود، أي شرارة تصيبها من شأنها أن تتسبب بكارثة، حذر خبراء وأمنيون من تداعياتها إذا ما دخلت حقاً هذه المنطقة في مرمى الصواريخ والمسيّرات من الجانب الآخر من الحدود.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات