Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يكون دعم الأمن بوابة واشنطن لاستعادة زخم العلاقات مع تونس؟

تتصاعد المخاوف الغربية من أن تنجح روسيا والصين في استمالتها إلى معسكرهما كما حدث مع دول أفريقية أخرى

تسعى الولايات المتحدة إلى قطع الطريق أمام روسيا في أفريقيا (أ ف ب)

ملخص

دخل التعاون الأمني بين أميركا وتونس "مرحلة جديدة، إذ سيتم تجهيز 35 ألف عنصر من الحرس الوطني التونسي بمعايير دولية مما سيزيد من حرفيتهم"

أماطت الولايات المتحدة الأميركية اللثام عن حجم التعاون الأمني مع تونس في خطوة تفتح باب التساؤلات حول العلاقات بين تونس وواشنطن خصوصاً في ظل مخاوف غربية من تقرب روسيا والصين من البلد الواقع شمال أفريقيا.

وقال السفير الأميركي، جوي هود، خلال مؤتمر صحافي إن بلاده دعمت تونس منذ 2011 في المجال الأمني بأكثر من مليار دولار وإن التعاون في هذا المجال بين البلدين دخل الآن مرحلة جديدة، إذ سيتم "تكوين 35 ألف عنصر من الحرس الوطني التونسي بمعايير دولية مما سيزيد من حرفيتهم".

وجاءت تصريحات هود، التي أدلى بها على هامش يوم إعلامي نظمته السفارة الأميركية بالتعاون مع الإدارة العامة للحرس الوطني، في وقت يخيم فيه الفتور على العلاقات بين تونس وواشنطن بسبب الوضع السياسي وحقوق الإنسان بعد المنعطف الذي شهدته البلاد في الـ25 من يوليو (تموز) 2021، حين أطاح الرئيس قيس سعيد آنذاك النخب السياسية التي حكمت تونس بعد انتفاضة 2011 والتي كان ينظر إليها على أنها حليفة للغرب وواشنطن بصورة كبيرة.

منع التقارب مع روسيا

الإعلان الأميركي الأخير حول حجم التعاون الأمني بين تونس والولايات المتحدة الأميركية بدا لافتاً في توقيته، إذ يأتي في خضم مخاوف غربية من تقارب بين موسكو وبكين من جهة وتونس من جهة أخرى.

وعكست هذه المخاوف بصورة واضحة تقارير غربية حول وجود عناصر من مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية الروسية في جزيرة جربة التونسية وتحركات عسكرية لموسكو في البلاد، وهي تقارير لم تتردد السلطات التونسية في شجبها.

وقال هود إن "الدعم تمثل في توفير التكوين اللازم والتجهيزات"، مشيداً بـ"مجهودات قوات الأمن التونسي في المحافظة على الأمن في تونس وجعلها وجهة آمنة وجالبة للاستثمار"، وأشار إلى أنه "اليوم هناك مرحلة مهمة من التعاون بين البلدين في مجال الأمن الذي سيمثل ثورة في تكوين أكثر من 35 ألف عنصر من الحرس الوطني".

وقال الباحث السياسي التونسي ماجد البرهومي إن "الكشف عن حجم التعاون الأمني بين تونس والولايات المتحدة الأميركية يأتي كمحاولة لقطع الطريق أمام التقارب بين روسيا والصين وتونس، لكن مع الأسف الدعم الذي قدمته واشنطن لنا لا يرتقي إلى المستوى المأمول".

وتابع البرهومي أن "موقع تونس الجغرافي وخصوصاً إطلالتها على مضيق صقلية يحتم دعماً أكبر من الولايات المتحدة الأميركية التي لها مصالح في المنطقة، وأعتقد أن عليها التمسك بورقة التقارب مع روسيا والصين من أجل الضغط على واشنطن، عليها عدم التفريط في هذه الورقة كما فرطت في ورقة الهجرة في علاقتها بالاتحاد الأوروبي".

وشدد على أن "العلاقات بين تونس والولايات المتحدة مرت بنوع من الفتور أخيراً بسبب الوضع السياسي، لذلك قد يكون هذا التعهد بمزيد من الدعم على مستوى التكوين والتدريب الهدف منه ترميم العلاقات".

ولم تتوان الولايات المتحدة في انتقاد إيقافات طاولت سياسيين وصحافيين ومحامين في تونس في خطوة رفضتها السلطات التونسية واعتبرتها تدخلاً في شؤون البلاد، فيما تتصاعد المخاوف الغربية من أن تنجح روسيا والصين في استمالة تونس إلى معسكرهما كما حدث مع دول أفريقية أخرى على غرار مالي وبوركينافاسو والنيجر.

وسبق أن أعرب الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيف بوريل، عن قلق الاتحاد من تقارب تونس مع الصين وروسيا وإيران.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حسابات إقليمية

في المقابل، أرجع الدبلوماسي التونسي السابق أحمد الهرقام الإعلان الأميركي إلى حسابات إقليمية تتعلق بالوضع في منطقة الشرق الأوسط.

وقال الهرقام في تصريح خاص إن "السفير هود لم يقدم شيئاً جديداً أو غير ذلك بل اكتفى بذكر رقم وتعهد بمزيد من الدعم، لكن يبدو أن الأمر مرتبط بالتصعيد في الشرق الأوسط وبالموقف التونسي حيال ذلك".

وكانت تونس قد دانت "بأشد العبارات" اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران، كما نددت بالغارات التي شنتها إسرائيل على الضاحية الجنوبية لبيروت.

تكريس للشراكة

وترتبط تونس والولايات المتحدة الأميركية بشراكة مميزة إذ تم منذ أعوام اعتبار تونس حليفاً من خارج حلف شمال الأطلسي، وهي صفة مكنت من تعزيز التعاون العسكري والأمني بين واشنطن والعواصم الغربية وتونس ضمن مساعي التصدي للتهديدات الإرهابية على مدى الأعوام الماضية.

وتم إسناد هذه الصفة إلى تونس خلال زيارة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي إلى الولايات المتحدة عام 2015، وأعلن عن ذلك حينئذ الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

وقال المحلل السياسي محمد صالح العبيدي إن "الإعلان الأميركي يأتي كتكريس في الواقع للشراكة المتميزة بين تونس والولايات المتحدة في سياقات إقليمية ومحلية تبدو صعبة سواء في ظل التوتر في الشرق الأوسط أو الانتخابات الرئاسية الحاسمة في كل من تونس وواشنطن".

وأبرز العبيدي في تصريح خاص أن "الولايات المتحدة تريد تحقيق أهداف عدة أهمها جعل تونس بعيدة من التحالف مع روسيا والصين، لأنه لا يمكن لها أن تخسر مزيداً من الحلفاء في المنطقة بعيداً من تقييم الوضع السياسي في تونس، كما تسعى الولايات المتحدة إلى استعادة العلاقات مع تونس زخمها بعد حالة الفتور التي طبعتها أخيراً بسبب الواقع السياسي في البلاد".

وفي ظل الزيارات المتواترة بين تونس وروسيا وما يحيط بذلك من اتهامات غربية إلى تونس، فإن الغموض يكتنف مصير العلاقات بين تونس والقوى الأوروبية والولايات المتحدة التي تسعى إلى قطع الطريق أمام روسيا في أفريقيا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير