Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نساء عائلة ترمب يروجن للجانب الطيب من شخصيته

بمساندتهن له، يسعى ترمب إلى تقديم صورة عن نفسه تستقطب الناخبات. لكن أي نظرة عن كثب تكشف بشكل أكبر مشهداً مثيراً للاضطراب

يشعر المرء بأنها محاولة لاستخدام النساء بغية التمويه عن تصرفات مسيئة جداً وخطاب معادٍ للنساء وراء الكواليس (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

منذ فترة طويلة، أصبح من شبه المتعذر تمييز الحزب الجمهوري عن الاستبداد الديني، وهذا الأسبوع نشاهد انحسار السياسة أكثر بعد لمصلحة القومية المسيحية اليمينية. وفي هذا الموقع، تبدو النساء اللامعات حول ترمب مثل خادمات العصر الحديث - كأنهن موجودات هناك لتمهيد الطريق أمام الرجال الأقوياء، كي يخلقوا عالماً يحتلون فيه موقع السيطرة بصورة كبيرة. 

"لا تنخدعوا"، كما قالت ووبي غولدبيرغ محذرةً بقوة الخميس الماضي. كانت الممثلة المؤيدة للحزب الديمقراطي تتحدث في برنامجها الحواري، "ذا فيو" The View، وتطرقت إلى موضوع الخطابات العاطفية التي ألقاها أعضاء العائلة الأسبوع الماضي في المؤتمر الوطني الجمهوري.  

فيما كان دونالد ترمب يقبل ثالث ترشيح له من الحزب الجمهوري للمنافسة على منصب الرئاسة، انضم إليه أفراد من أسرته إضافة إلى أسرة المرشح لمنصب نائب الرئيس، جي دي فانس. وتحدث ترمب عن الوحدة فيما تدافع أفراد جمهوره المعروف بـ"عيونه وأسنانه" لكي يعثروا على موقع لهم خلفه. كان الوضع أشبه بحلقة من مسلسل الخلافة Succession .

وقالت غولدبيرغ للمشاهدين "أعلم بأن حفيدته ظهرت في ذلك المكان وأنهم يحاولون أنسنة ’ترمب‘ وتغيير رأيكم في شأن هذا الرجل. فلا تنخدعوا بذلك".

في اليوم السابق لهذا الكلام أي الأربعاء، صعدت ابنة دونالد ترمب الابن، كاي ترمب، إلى المنبر لكي تلقي خطاباً يثير المشاعر. وقفت الصبية ذات الـ17 ربيعاً بثوب أبيض أشبه بثوب الزفاف أمام جمهور معجب بها لتقول إنها تتكلم لكي تبين "جانباً من جدي غالباً ما لا يراه الناس". 

وأضافت بنعومة ولطف أن "الإعلام يجعل جدي يبدو كشخص مختلف لكنني أعرف حقيقته. إنه مراعٍ ومُحب".

أكدت الصبية في خطابها ما جاء في كلمة لارا ترمب، زوجة إريك نجل دونالد ترمب الثلاثاء الماضي عندما صورت ترمب على أنه قدوة وجدّ محب متفانٍ لولديها. وقالت للجمهور المسحور بكلامها "ربما رأيتم يوم السبت جانباً من دونالد ترمب لم تعرفوا تماماً أنه موجود قبل أن تروه بأم العين".

ومن ناحيتها أيضاً، أصدرت ميلانيا، زوجة ترمب (الغائبة معظم الأحيان)، بياناً مطولاً بعد عملية إطلاق النار على زوجها قالت فيه إن "وحشاً" حاول "أن يقضي على شغف دونالد- وعلى ضحكته وإبداعه وحبه للموسيقى وإلهامه".      

وتابعت بقولها بحماسة مفرطة "دُفنت الجوانب الأساسية لحياة زوجي- جانبه الإنساني- تحت الآلة السياسية. دونالد، الرجل الكريم والمُحب الذي رافقته في أفضل الأوقات وأسوأها".

اعتلت مسرح المؤتمر كما لو أنه منصة عرض أزياء، وانضمت إلى ابنته إيفانكا وسائر أفراد الأسرة المتألقين، فاكتملت بذلك اللوحة اللامعة للنساء المتفانيات اللواتي يقفن خلف رجالهن (بكل ما للكلمة من معنى).     

تقوم كل واحدة من هؤلاء النساء بدور أساسي في رسم شكل عصر جديد لعائلة ترمب وإعادة كتابة العصر الأخير. ودخلت ميلانيا المسرح على الأنغام الدرامية لسيمفونية بيتهوفن التاسعة وظهرت كأنها الزوجة التقليدية المثالية. 

 

وكان ابتعادها من السياسة منذ ترك الزوجان البيت الأبيض عام 2021 موثقاً جيداً لكن وجودها هذا الأسبوع إلى جانب ترمب لم يكن فقط التصرف الملائم باعتبارها زوجته التي تدعمه، بل جاء أيضاً كتعزيز لرجولة ترمب. 

كما ظهر أن تعيين لارا ترمب في منصب الرئيس المشارك للحزب الجمهوري طريقة ملائمة لتبيان كرم ترمب الظاهر في السماح للنساء بالوصول إلى مراكز سلطة.

إن أضفنا إلى ذلك دفء كاي- "إنه مجرد جدّ عادي"-، يبدو لنا ترمب فجأة مثال الطيبة والتقدم، وشخصية مسنة محبة لا تريد سوى الأفضل للنساء في حياتها، ومثال الرجولة الشابة في آن، مقارنة ببايدن الذابل الضعيف. 

كما يدرك مستشاروه تماماً، يحتاج ترمب كثيراً إلى إحاطة نفسه بمجموعة من النساء بغية تلطيف غرائزه "المتوحشة". وكما أشارت صحيفة "نيويورك تايمز"، فالصورة التي تعكسها نساء ترمب خاصة جداً لأنهن يتشاركن في الشكل، من الشعر الكثيف المموج بدرجة كافية والرموش الطويلة والشفاه اللامعة والترنح فوق الكعب العالي.     

أو كما كتبت فانيسا فريدمان في "نيويورك تايمز"، إنهن "مزيج بين المتسابقة على لقب ملكة جمال أميركا والمذيعة في قناة ’فوكس‘، وكلهن يشاركن في برنامج ترمب للواقع السياسي". 

قد يكون هذا المشهد مضحكاً جداً لو لم يبدُ خبيثاً للغاية وجزءاً من محاولة متعمدة لاستخدام النساء بغية التمويه عن تصرفات مسيئة جداً وخطاب معادٍ للنساء وراء الكواليس. لكن لا شك في أن تقديم نساء مفوهات لتطهير التاريخ المسيء لرجل قوي كثيراً ما كان جزءاً من اللعبة السياسية. 

 

ومن الأمثلة الكلاسيكية على ذلك دفاع هيلاري كلينتون الشرس عن بيل كلينتون، الرئيس في ذلك الوقت، خلال قضية علاقته الجنسية مع مونيكا لوينسكي، إضافة إلى هوما عابدين التي شكلت الدواء المثالي لفضائح المراسلات الجنسية المتعددة التي تورط فيها النائب الديمقراطي السابق أنثوني وينر في العقد الثاني من القرن الحالي.  

ويوافق معظم الناس على أن نساء ترمب يتقنّ هذه المواقف. فمقارنةً بأوشا فانس زوجة المرشح على منصب نائب الرئيس جي دي فانس التي قد تصبح السيدة الثانية المقبلة والتي وصلت إلى المؤتمر الوطني الجمهوري من دون أي تضع أي مساحيق تجميل تُذكر، ظهرت نساء ترمب متأنقات إلى آخر درجة. وكثيراً ما كانت حملات ترمب الانتخابية شخصية للغاية وليست مدفوعة بالسياسة لكن الرسالة التي يوجهها الآن أقوى من أي وقت مضى: أي صوت له هو أيضاً بمثابة صوت لعائلته المحافظة- إذ تبدو النساء بالطريقة التي يريدها الرجال ويقلن كل الأمور المناسبة.        

والآن بعدما أصبحت لترمب مرتبة جديدة باعتباره ناجياً ومستفيداً من التدخل الإلهي برأي كثير من مؤيديه- "أقف أمامكم في هذا الملعب اليوم بفضل الله وحده"- كما أعلن أمام المؤتمر الوطني الجمهوري الأسبوع الماضي- فإن هذه الطبقات تتكاثر وتتراكم.

منذ فترة طويلة، أصبح من شبه المتعذر تمييز الحزب الجمهوري عن الاستبداد الديني، وهذا الأسبوع نشاهد انحسار السياسة أكثر بعد لمصلحة القومية المسيحية اليمينية. وفي هذا الموقع، تبدو النساء اللامعات حوله مثل خادمات العصر الحديث- كأنهن موجودات هناك لتمهيد الطريق أمام الرجال الأقوياء، كي يخلقوا عالماً يحتلون فيه موقع السيطرة بصورة كبيرة. 

ولا يخفف إرث ترمب خلال فترته الرئاسية من هذه الصورة. ففي 2016، دعا إلى إنزال "نوع من العقاب" بالنساء اللواتي يخضعن لعمليات إجهاض، بينما وعد بإلغاء حكم "رو ضد وايد"، فمهّد الطريق فعلياً لحصول ذلك عام 2022.   

 

كما تعهد بإلغاء إجراءات الحماية ضد التحرش الجنسي في مكان العمل والاعتداء الجنسي والفجوة في الأجور بين الجنسين. ودافع عن أصحاب العمل الذين يدفعون للأمهات أقل من الرجال وحارب من أجل إلغاء قانون الرعاية الصحية الميسرة، مما سمح لشركات التأمين الصحي الأميركية بفرض رسوم أعلى على النساء من الرجال.  

وهو يشتهر بتصريحاته المسجلة على أشرطة حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست" خلال الانتخابات الأولى، حين قال إنه يستطيع أن يفعل "أي شيء" يريده بالنساء، وقال "أمسكوهن من…. يمكنكم أن تفعلوا ما تشاؤون". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلينا ألا ننسى كذلك أنه قبل محاولة الاغتيال في عطلة نهاية الأسبوع تلك، قضى الجزء الأكبر من سنته متورطاً في محاكمة بتهمة دفع مال الصمت، ودانته المحكمة بتهمة بتزوير سجلات الدفعات التي سددها لمحاميه السابق مايكل كوهين.  

دفع كوهين لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز 130 ألف دولار لكي تلتزم الصمت حيال العلاقة الجنسية التي أقامتها مع ترمب. وقالت دانييلز لاحقاً إنها شعرت "بالترهيب" من ترمب ومناصريه.

لكنه الآن يقف متوسطاً النساء في حياته- وجميعهن يرتدين ألوان الأسود والأبيض من العصر الفيكتوري والأحمر المخصص للخادمات - وقد طوى النسيان كل هذا الماضي على ما يبدو. إنه بيان ذكي وقوي، بيان من الأفضل للنساء أن يدققن فيه، كما قالت غولدبيرغ. 

مساء الخميس الماضي، انتشرت صورة عائلة ترمب مجتمعة على مسرح المؤتمر الوطني الجمهوري، على نطاق واسع. تُظهر الصورة الرجال ببدلات زرقاء داكنة والنساء بثياب حمراء إجمالاً، والجميع يبتسم ويضحك. وتُعدّ الصورة مثال الوفاق والوحدة. لكن ربما تكشف ألوان ثيابهم أكثر من الوطنية التي يمثلها جمهوريو ترمب. فوراء هذا الحريم تجد نهج ترمب المختبئ أمام الملأ، وهو مثال التمييز العنصري والقمع.  

ربما تكون خادماته مؤشراً إلى أن الآتي أعظم.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات