ملخص
قال مسؤولون إسرائيليون إن نتنياهو يواجه إحباطاً متزايداً داخل إسرائيل وخارجها بسبب أسلوب تعامله مع المحادثات المتعثرة الرامية إلى تأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
أعلن الدفاع المدني في غزة أنه تسلم جثثاً مجهولة الهوية لـ80 فلسطينياً من إسرائيل اليوم الإثنين، ودفنها في مقبرة جماعية، بينما قالت الأمم المتحدة إن تسعة موظفين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) "قد يكونون شاركوا" في الهجوم الذي شنته "حماس" على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي تسبب بالحرب في غزة، موضحة أنهم فُصلوا.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، "لدينا معلومات كافية لاتخاذ الإجراءات التي نتخذها، أي إنهاء خدمات هؤلاء الأشخاص التسعة".
الجثث المجهولة
وبالعودة إلى تسليم الجثث المجهولة، قال مدير الدفاع المدني في خان يونس يامن أبو سليمان لـ"وكالة الصحافة الفرنسية"، "تسلمنا 80 جثة داخل 15 كيساً، في كل كيس أكثر من أربعة قتلى". وأضاف أن السلطات الإسرائيلية لم تقدم أية معلومات عن الجثث، بما في ذلك أسماء أصحابها أو المكان الذي عثرت فيه عليها أو نقلتها منه. وتابع أبو سليمان "لا نعلم هل هم شهداء أم أسرى في سجون الاحتلال".
وأفاد صحافيون ميدانيون لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" برؤية رجال يرتدون بدلات واقية وهم يتفقدون الجثث الملفوفة في أغطية بلاستيكية زرقاء، قبل إفراغها من حاوية وصلت فيها.
ولاحقاً رُصفت الجثث تمهيداً لدفنها في مقبرة جماعية حُفرت في الرمال تحت أنظار عشرات الفلسطينيين الذين تجمّعوا على مقربة من الموقع.
وقال صحافيون في "وكالة الصحافة الفرنسية" إنه تم دفن الجثث في المقبرة التركية قرب خان يونس، المدينة الرئيسة في الجزء الجنوبي من قطاع غزة.
وقال طبش أبو عطا العامل في المقبرة التركية إن السبب الذي يستدعي الدفن في مقابر جماعية هو "عدم وجود إمكانات لدفن 80 شخصاً، إذ لا قبور ولا حجارة ولا بلاط ولا أي شيء".
وقالت سلوى كرز، وهي نازحة من مدينة غزة في الشمال، إنها جاءت إلى المقبرة التركية على أمل العثور على ابنها مروان (32 سنة) الذي انقطعت أخباره في يناير (كانون الثاني) الماضي وترك وراءه طفلاً يبلغ ثمانية أشهر. وأضافت المرأة البالغة 59 سنة، "عندما علمنا بتسليم 80 جثة، جئنا للبحث على أمل العثور عليه بينها"، مردفة بحزن "حتى الآن، لم نصل إلى أي شيء".
وأوضحت "سنحاول التعرف إليه من ملابسه، كان يرتدي سروالاً بني اللون وقميصاً أزرق داكناً وسترة سوداء وحذاء رملي اللون". وفي آخر مرة رأته فيها، غادر على دراجته الهوائية ملجأهم في دير البلح، وسط قطاع غزة.
من جهتها، قالت حركة "حماس" في بيان اليوم إن تسليم إسرائيل جثثاً من دون هويات خطوة تضاعف معاناة ذوي الضحايا والمفقودين الذي يسعون إلى معرفة مصير أبنائهم، أو دفن قتلاهم بصورة تليق بهم.
ولم يصدر عن الجيش الإسرائيلي أي تعليق فوري.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023، قالت مصادر حكومية تابعة لـ"حماس" إن إسرائيل أعادت جثث 80 فلسطينياً قُتلوا في غزة بعد أخذها من المشارح والمقابر للتأكد من أنها لا تعود لرهائن. وأضافت المصادر أنه تم دفن الجثامين في غزة.
نتنياهو والإحباط الداخلي
من جهة أخرى، قال ثلاثة مسؤولين إسرائيليين إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يواجه إحباطاً متزايداً داخل إسرائيل وخارجها بسبب أسلوب تعامله مع المحادثات المتعثرة الرامية إلى تأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
كما ظهرت الانقسامات بين نتنياهو والجيش في ما يتعلق بالاتفاق في تصريحات علنية وخلف الأبواب المغلقة وخلال مشادات غاضبة سُربت أول من أمس السبت إلى الصحافة الإسرائيلية.
وعلى مدى الأسابيع الأربعة الماضية عبَّر ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، أحدهم في فريق التفاوض واثنان على دراية وثيقة بالمحادثات، عن قلقهم من أن تكون السياسة سبباً في تقويض فرص التوصل إلى اتفاق.
وقال أحد المسؤولين لـ"رويترز" أمس الأحد، "نشعر بأن رئيس الوزراء يتجنب اتخاذ قرار في شأن الاتفاق ولا يدفع تجاهه بكل قوته".
ويهدد عدد من شركاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم من اليمين المتطرف استقرار الحكومة إذا أقدم على إنهاء الحرب قبل إلحاق الهزيمة بـ "حماس".
وقال نتنياهو مراراً إن إطلاق سراح الرهائن المتبقين من المحتجزين في غزة، وعددهم 115، على رأس أولوياته.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
انكشاف التوتر
وظهر التوتر جلياً بين نتنياهو، الذي يصر على أنه يحمي أمن إسرائيل، وبعض أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي، في تصريحات لرئيس الوزراء أمس، وقال نتنياهو في تصريحات أذاعها التلفزيون خلال اجتماع لمجلس الوزراء، "أنا مستعد للذهاب بعيداً جداً من أجل إطلاق سراح جميع رهائننا (لكن) مع الحفاظ على أمن إسرائيل". وأضاف "التزامنا يتناقض بصورة كاملة مع التسريبات والإفادات الصحافية الكاذبة في شأن قضية رهائننا".
وكانت الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة ومصر وقطر للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و"حماس" قد اكتسبت قوة دافعة خلال يوليو (تموز) الماضي، ولكنها توقفت تقريباً منذ ذلك الحين بعد إدخال شروط جديدة على إطار العمل المتفق عليه الذي طرحته واشنطن في مايو (أيار) الماضي.
ويتضمن الإطار ثلاث مراحل، تشمل الأولى وقف إطلاق النار لستة أسابيع وإطلاق سراح النساء وكبار السن والمصابين الرهائن في مقابل الإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل.
لكن مصادر قالت لوكالة "رويترز" إن من بين النقاط الشائكة، الشرط الإسرائيلي الجديد الذي يقضي بفحص أمني للنازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع عندما يبدأ وقف إطلاق النار.
وأدى اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية في طهران الأربعاء الماضي إلى تعقيد الأمور غير أن الحركة لم توصد الباب تماماً أمام المفاوضين.
وقال نتنياهو "سنواصل الضغط العسكري على ’حماس‘ وكبار قادتها حتى عودة جميع رهائننا وتحقيق كل أهداف الحرب". وأضاف "من يرد إطلاق سراح رهائننا فليضغط على ’حماس‘، وليس على حكومة إسرائيل".
"توقف عن الكذب"
وجاءت تصريحات نتنياهو رداً على سلسلة من التقارير التي ظهرت في مطلع الأسبوع. ونقل تقرير أذاعته القناة 12 الإخبارية عن الرئيس الأميركي جو بايدن قوله لنتنياهو في مكالمتهما الهاتفية الخميس الماضي "توقف عن الكذب عليّ" في شأن المضي قدماً في المحادثات.
وقال مكتب نتنياهو إنه لا يعلق على محادثاته مع بايدن. ولم يرد البيت الأبيض حتى الآن على طلب للتعليق على التصريحات التي أوردتها أيضاً صحيفة هآرتس نقلاً عن مسؤول كبير في إدارة بايدن.
وقال مسؤول إسرائيلي رابع لـ"رويترز" اليوم، "من يسربون هذه الأمور من الاجتماعات يريدون الضغط على رئيس الوزراء لإبرام اتفاق سيئ. غير أن هذه التسريبات تشجع "حماس" على إضافة مزيد ومزيد من المطالب".
خطوط حمراء
وذكر تقرير ثانٍ للقناة 12 الإخبارية أن رؤساء أجهزة الأمن الإسرائيلية، ومنهم وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) رونين بار، أثاروا شكوكاً خلال اجتماع عقد الأربعاء الماضي إزاء التزام نتنياهو باتفاق في شأن الرهائن.
وبحسب التقرير، أبلغ غالانت نتنياهو بأن الشروط الجديدة التي قدمها جعلت التوصل إلى اتفاق أمراً مستحيلاً.
وأشار غالانت ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي إلى أنه بعد أشهر من بدء العمليات ضد "حماس" في غزة صارت القوات قادرة على التعامل مع أي تحديات يفرضها وقف إطلاق النار، كما أكدا أهمية التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن.
وكانت رسائلهما على مدى الأسابيع القليلة الماضية متناقضة بصورة صارخة مع ما كان نتنياهو يشير إليه بصورة متكررة من "خطوط حمراء" في شأن أمن إسرائيل في أي اتفاق. وينفي نتنياهو تقديم شروط جديدة ويتبادل مع "حماس" اتهامات تحميل المسؤولية عن تعثر المحادثات.
وقال نتنياهو أمس "شددنا على خطوطنا الحمراء، وسنواصل التشديد عليها، سواء في مواجهة أعدائنا أو لأصدقائنا".