ملخص
يفضل أصحاب المشاريع الخاصة في مختلف المجالات العمال الأجانب عن الآسيويين باعتبار أن لديهم الاستعداد للعمل لساعات طويلة والقبول بكافة الأعمال بأجور زهيدة، ويلجأ بعضهم إلى المبيت في المكان الذي يعمل به لتوفير أجرة السكن.
يشكو علي صباح (23 سنة) صعوبة الحصول على فرصة عمل، لتفضيل أرباب العمل العمالة الأجنبية على المحلية. يقول صباح الذي كان يعمل في أحد مراكز التسوق "هناك تفضيل للأجانب لا سيما العمال البنغاليين على العراقيين كونهم يقبلون برواتب متدنية ويعملون لساعات متأخرة من الليل".
لم يقتصر الأمر على مراكز التسوق وإنما ذهب أبعد من ذلك، فهناك إصرار من قبل أصحاب المطاعم على استقطاب بعض الجنسيات العربية لا سيما السورية.
يفضل أصحاب المشاريع الخاصة في مختلف المجالات العمال الأجانب عن الآسيويين باعتبار أن لديهم الاستعداد للعمل لساعات طويلة والقبول بكافة الأعمال بأجور زهيدة، ويلجأ بعضهم إلى المبيت في المكان الذي يعمل به لتوفير أجرة السكن.
كما أن هناك سبباً آخر في عدم توظيف المواطنين من قبل أصحاب المشاريع الخاصة، يتمثل في الابتعاد عن المشكلات القبلية والاجتماعية التي قد يتسبب بها العامل العراقي في حال حصول أي خلاف، فضلاً عن عدم قدرته على الضغط عليه لزيادة ساعات العمل كما يحصل مع العمال البنغاليين، الذين يقيم غالبهم في العراق بصورة غير شرعية، فضلاً عن جنسيات من الفلبين وباكستان وجنسيات عربية من سوريا ولبنان وغيرهما.
يستغل الأجانب فترات الزيارة الدينية عند المسلمين الشيعة للحصول على تأشيرة السفر للعراق ومن ثم البقاء بعد انتهاء فترة إقامتهم. خلال إحدى المناسبات الشيعية، وهي زيارة الأربعين عند الشيعة، دخل العراق العام الماضي 3.5 مليون زائر أجنبي مما يشير إلى حجم الزائرين الأجانب الذين يدخلون الأراضي العراقية من جنسيات مختلفة. ويقدر عدد العمال الأجانب العاملين بالعراق نحو مليون، 10 في المئة منهم فقط يحملون إجازات عمل رسمية.
إبعاد 12 ألف أجنبي
يؤكد المتحدث باسم وزارة الداخلية مقداد ميري إبعاد 12 ألف أجنبي من العراق خلال الأشهر الستة الماضية، موضحاً في تصريح صحافي أن 2.2 مليون زائر أجنبي دخلوا الأراضي العراقية خلال الفترة نفسها، وبقي منهم ما يقارب 300 ألف، بعضهم كانت إجراءاتهم سليمة لعدم انتهاء سمة دخولهم، فيما تم إبعاد الـ 12 ألفاً".
وأضاف أن المقيمين بصورة غير شرعية دخلوا العراق بسمة دخول رسمية لغرض الزيارة أو العمل، أو جاؤوا من منافذ الإقليم وبقوا في العراق بصورة غير شرعية، مشيراً إلى أن العمالة الأجنبية غير المرخصة موجودة في دول العالم كافة وليس في العراق فقط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن الأسباب، أشار ميري إلى أن الأزمات التي مر بها العراق أفسحت المجال لانتشار بعض الأمور من ضمنها العمالة الأجنبية غير المرخصة وتجارة المخدرات وغيرهما، ومن ثم عند استقرار الأوضاع بدأ العمل على معالجة تلك الملفات.
وأوضح أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني شكل لجنة برئاسة وزير الداخلية والهجرة والمهجرين ووزارة العمل وجهاز المخابرات تتولى دراسة دخول الأجانب للأراضي العراقية.
وأشار إلى أن وزارة الداخلية أجرت عدداً من الحملات على المناطق التي تنتشر فيها الجريمة، ومن ضمنها منطقة "البتاوين" في بغداد، واعتقلت ما بين 800 و900 أجنبي.
وخلص ميري بالقول إن وزارة الداخلية لغرض السيطرة على الجريمة والمقيمين بصورة غير شرعية في العراق قامت بربط جميع الفنادق بقاعدة بيانات، وعند دخول الزائر تسجل بياناته لدى وزارة الداخلية للمراقبة، مؤكداً قرب افتتاح المنظومة.
وتشير إحصائية صادرة من وزارة الداخلية إلى أنه في عام 2023 دخل الأراضي العراقية 9 ملايين أجنبي من الجنسيات كافة.
شركات غير مرخصة
معاون مدير قسم العرب والأجانب في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إياد عبدالكريم، أكد اتخاذ إجراءات قانونية في حق شركات العمالة غير المرخصة. وأضاف "يومياً نسمع عن اعتقالات تطاول المقيمين بصورة غير شرعية من قبل وزارة الداخلية، إذ إن من واجبها التفتيش والبحث عن المقيمين غير الشرعيين".
وأكد أن هناك شركات متخصصة للعمالة الأجنبية مسؤوليتها استقدام هذه العمالة، وهي شركات مرخصة من وزارة العمل، وقد تم اتخاذ إجراءات قانونية في حقها وأيضاً في حق الشركات غير المرخصة. موضحاً أن "هناك شروطاً وضعت في شأن استقدام العمال الأجانب من حيث الخبرة والتقرير الصحي، وفرضنا على القطاع الخاص الذي يستقدم أجانب تشغيل 50 في المئة من قوة العمل باستخدام العمالة المحلية".
ولعل وجود العمالة الأجنبية في العراق ترك المجال لشراء الدولار من السوق الموازية وتحويله خارج العراق من خلال تحويل هؤلاء العمال، الذين يناهز عددهم المليون، هذه الأموال إلى أسرهم.
بحسب المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، فإن أعداد العمالة الأجنبية التي تقدر بمليون عامل تبلغ تحويلاتهم الشهرية لذويهم قرابة 250 مليون دولار.
ويبين صالح "تنقسم العمالة الأجنبية الوافدة إلى صنفين، الذين يعملون بعقود رسمية وأصحاب المهارات العالية وهؤلاء في الغالب يعملون بعقود مع الشركات والمصالح المحلية للقطاع الخاص أو لدى الشركات والمقاولين الأجانب، وهم يشكلون 10 في المئة من إجمالي قوة العامل الأجنبية الوافدة إلى البلاد.
أما النوع الآخر من العمالة الوافدة بحسب صالح، فهي العمالة الأجنبية (غير الرسمية) التي دخلت البلاد بشتى الوسائل ولا تزال تعمل في اقتصاد الظل، وغالبها أعمال تتركز في خدمة المنازل أو في أعمال النظافة، وتتلقى أجوراً هي بالعموم واطئة في معدلاتها لضمان بقائها، طالما أن وسائل إدامة الحياة اليومية متوافرة من مأكل ومأوى، وهي مستمرة بالعمل بصورة غير قانونية تحت تأثير الدوافع الإنسانية.
الزيارات الدينية
قدّر المختص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي، عدد العمال الأجانب غير الشرعيين بما يقارب 700 ألف، مشيراً إلى أن الأجانب يستغلون الزيارات الدينية للقدوم إلى العراق.
وقال قصي "العراق بحاجة إلى تنظيم العمالة المحلية والأجنبية وعملية منح الإجازات لشركات العمالة الأجنبية"، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من العمال الأجانب يستغلون الزيارة الدينية لدخول العراق بحجة السياحة الدينية ومن ثم البقاء بصيغ مختلفة.
ودعا صفوان الأجهزة الأمنية إلى التحري عنهم وإخراج من لا يملك رخصة عمل، فسوق العمالة الأجنبية تُستغل في موضوع غسيل الأموال وشراء الدولار من السوق غير النظامية، ومن ثم إخراج العملة الصعبة خارج العراق.
وبين أن أرباب العمل يفضلون العمالة الأجنبية لأنها لا تفتعل المشكلات لهم بعكس العمالة المحلية، لافتاً إلى أن السلطات يمكنها حصر العمالة الأجنبية وفرض غرامات على أرباب العمل الذين يستقدمون عمالة أجنبية غير مرخصة.
وفق أرقام وزارة التخطيط فإن نسبة البطالة في العراق وصلت إلى 15.6 في المئة، فيما تقول وزارة العمل إن نسبة العاطلين عن العمل المسجلين لدى الوزارة يبلغ أكثر من مليوني عامل.