Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خيارات صعبة للأردن أمام معاناة النزوح السوري

عمان تقول إنه لم يعد بإمكانها تحمل كلف اللجوء المادية وتدرس إمكانية عودتهم أو التوطين بدول أخرى

مخيم الزعتري للاجئين السوريين شمال شرقي الأردن (اندبندنت عربية - صلاح ملكاوي)

ملخص

95 ألف لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم منذ بدء الأزمة السورية و233 ألفاً ولدوا في الأردن منذ عام 2011. والتمويل الدولي لخطة الاستجابة للأزمة السورية لم يتجاوز 29 في المئة من حاجات الأردن في السنوات الأخيرة.

مع استمرار أزمة اللاجئين السوريين في الأردن وتراجع حجم المنح والمساعدات الدولية وتواضع الأرقام التي تتحدث عن عودتهم إلى بلادهم، اتخذ الأردن منحى جديداً في التعامل مع هذا الملف وفق استراتيجيات مختلفة تقوم على تقليل الأضرار الناجمة عن طول أمد استضافة اللاجئين على أراضيه.

ويستضيف الأردن حالياً على أراضيه أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري، في واحدة من أعلى النسب عالمياً من جهة عدد اللاجئين نسبة إلى عدد السكان، مما نتج منه تحديات وضغوط اقتصادية واجتماعية وسياسية.

لاجئون خارج المخيمات

ويقطن معظم اللاجئين السوريين في الأردن وفقاً لمفوضية اللاجئين خارج المخيمات، وتحديداً في العاصمة عمان ومدن إربد والزرقاء بينما يضم مخيما "الزعتري" و"الأزرق" نحو 18 في المئة من مجموع اللاجئين السوريين وبعدد يقارب 120 ألف لاجئ.

ويقول مراقبون وناشطون إن اللاجئين السوريين في الأردن يعانون صعوبات حياتية متعددة، إذ يعيش 66 في المئة منهم تحت خط الفقر، فيما يكابد معظمهم صعوبات في الحصول على الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم.

وفي عام 2022 أظهرت إحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أكثر من 80 في المئة من الأسر اللاجئة كانت مثقلة بالديون، ويضطر عديد منها للاقتراض لتغطية الحاجات الأساسية مثل الطعام وإيجارات المنازل حيث تلقت 26 في المئة من هذه الأسر إشعارات بالإخلاء بسبب عدم القدرة على دفع الإيجار.

وتعتمد نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين بسبب الفقر على المساعدات الإنسانية، وعلى رغم توسع الحكومة في منح تصاريح العمل لهم فإن عديداً منهم ما زالوا يواجهون صعوبات قانونية وبيروقراطية.

ويواجه عديد من الأطفال اللاجئين من الانقطاع عن التعليم، إما بسبب الفقر أو بسبب صعوبة الوصول إلى المدارس، أو حتى بسبب ظاهرة الزواج المبكر بالنسبة إلى الفتيات.

تشجيع التوطين والعودة الطوعية

وقال وزير الداخلية الأردني مازن الفراية إن ثمة توجهاً لدى حكومته بمراجعة سياستها واستراتيجيتها في شأن اللجوء السوري، بعد أن أصبحت قدرة الأردن على الاستمرار بتحمل كلف اللجوء صعبة ولا يمكن تحملها. وكشف الفراية عن عودة 93 ألف لاجئ سوري إلى بلدهم حتى اليوم وهو رقم متواضع، مع استمرار وجود أكثر من مليون آخرين على الأرض الأردنية بما يشكل ذلك من ضغط على البنى التحتية والخدمات العامة والمياه الشحيحة وفرص العمل.

وغادر 3162 لاجئاً سورياً الأردن خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي للعودة إلى بلادهم، وفق بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بزيادة قدرها 63 في المئة مقارنة بالفترة الزمنية ذاتها في عام 2023.

كما أفادت دراسة مسحية نفذتها الأمم المتحدة العام الماضي بأن 97 في المئة من اللاجئين السوريين في الأردن لا ينوون العودة إلى بلادهم خلال الأشهر الـ12 المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل ثمة 233 ألفاً ولدوا في الأردن منذ عام 2011، وهؤلاء انضموا إلى مجموع اللاجئين وفق الوزير الأردني الذي أكد أن بلاده لا تجبر أحداً من اللاجئين على العودة بصورة قسرية، وأن الأمر مقتصر على العودة الطوعية، لكن هذا الوضع قد تترتب عليه أزمة إنسانية مستقبلاً في صفوف اللاجئين بخاصة مع تزايد نسب الفقر وعمل القصر "لكن الأردن لا يستطيع تحمل كلفة اللجوء السوري مادياً فيما العالم يشيح بنظره عن هذه المعضلة، على رغم محاولة المملكة الوفاء بالالتزامات الدولية والمبادئ التي يتبناها حيال القضايا الإنسانية".

ويقول مراقبون إن الحكومة وفي إطار استراتيجيتها الجديدة باتت تساعد وتشجع على توطين اللاجئين السوريين في دول أخرى كالدول الأوروبية حيث تشير الأرقام إلى أنه جرى حتى الآن توطين 63 ألف لاجئ سوري في دول أخرى.

في السياق، شكا وزير الداخلية الأردني عدم بذل جهد كاف لتمويل اللاجئين أو إعادة توطينهم في بلد ثالث أو تأمين عودتهم إلى بلادهم، كاشفاً عن عدم رضا بلاده عن وضع اللجوء السوري حالياً.

 ظروف حياتية ضاغطة

كما يعاني اللاجئون السوريون في مخيم "الزعتري" شمال شرقي الأردن ظروفاً حياتية ضاغطة، كان آخرها تقليص عدد ساعات إيصال التيار الكهربائي إلى المخيم لمدة ست ساعات فقط خلال فصل الصيف، نزولاً من تسع ساعات، على رغم وجود محطة طاقة شمسية في المخيم.

ويعتمد المخيم حيث يقطن أكثر من 78 ألف لاجئ على الطاقة المستدامة، لكن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقول إن ثمة زيادة استهلاك في الطاقة خلال فصل الصيف، مما يؤدي إلى استهلاك الكهرباء المتاحة في وقت أقل، وهو ما يعد استهلاكاً مفرطاً.

وأعلن برنامج الأغذية العالمي في يوليو (تموز) الماضي تقليص مساعداته الغذائية والنقدية الشهرية المقدمة لنحو 465 ألف لاجئ، واستثناء نحو 50 ألف لاجئ تماماً من هذه المساعدات.

ومنذ بداية شهر أغسطس (آب) الجاري يحصل اللاجئون السوريون في المخيمات على تحويل نقدي قدره 21 دولاراً كل شهر للفرد بدلاً من 32 دولاراً. وما يزيد من معاناة هؤلاء اللاجئين أن 75 في المئة منهم تستضيفهم بلدان ذات دخل منخفض ومتوسط.

تراجع الدعم الدولي

ومع دخول الأزمة السورية عامها الـ14، تتزايد حاجات اللاجئين السوريين والمجتمعات المستضيفة لهم، بينما يستمر التمويل المخصص لدعمهم في الانخفاض. ووفقاً للمراجعة الاستراتيجية الإقليمية لعام 2024 لدعم اللاجئين السوريين والمجتمعات المستضيفة لهم، فإن الحاجات العاجلة لأكثر من 6.1 مليون لاجئ سوري و6.8 مليون من أفراد المجتمع المستضيف لا تلبى.

بدوره، أكد وزير الخارجية أيمن الصفدي أن التمويل الدولي لخطة الاستجابة للأزمة السورية لم يتجاوز 29 في المئة في السنوات الأخيرة، وأن ثمة تراجعاً خطراً للدعم الدولي للاجئين السوريين والدول المستضيفة.

وتشير التقديرات إلى الحاجة إلى نحو 4.9 مليار دولار أميركي للاستجابة للحاجات ذات الأولوية للفئات السكانية والمؤسسات المتضررة من الأزمة السورية في تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق. لكن في الأردن تحديداً أصبحت قدرة السلطات المحلية على الاستجابة للحاجات المتزايدة مقيدة بشدة في ظل التضخم، وارتفاع أسعار الغذاء والوقود، وارتفاع معدلات البطالة.

المزيد من متابعات