Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة ماسك وحكومة بريطانيا... تدخل خارجي أم صراع المدينة العالمية؟

على رغم القلق من انتشار رسائل اليمين المتطرف فإن يد الحكومات مكبلة أمام سلطة شركات المنصات الاجتماعية

أثار ماسك غضب الحكومة البريطانية بتغريداته حول الاحتجاجات العنيفة (رويترز)

ملخص

يأمل أعضاء حزب العمال البريطاني في استجواب ماسك، لكن الاستدعاء يثير احتمال نشوب صراع كبير بين ماسك والبرلمان البريطاني، كما ربما يتحول إلى جدل أوسع في شأن حرية التعبير

لجأت حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أخيراً إلى الاستعانة بسرد المؤامرة في ما يتعلق بالاحتجاجات العنيفة التي تشهدها البلاد رداً على مقتل ثلاث فتيات صغيرات في هجوم بسكين استهدف حفلاً راقصاً للأطفال في ساوثبورت قرب ليفربول. 

وقالت الحكومة البريطانية الأسبوع الجاري إنها تبحث دور دول أجنبية في تضخيم معلومات خاطئة على الإنترنت مما ساعدت في إشعال الاحتجاجات العنيفة، وكذلك دعت شركات منصات التواصل الاجتماعي إلى ضرورة اتخاذ مزيد من الإجراءات لوقف المعلومات المضللة. 

وكانت تقارير على المنصات الاجتماعية أفادت بأن المشتبه فيه بقتل الفتيات مهاجر مسلم، مما دفع المحتجين المعادين للهجرة والمسلمين إلى الاحتجاج في مدن عدة. 

تغريدات ماسك

لأعوام اتهمت بريطانيا دولاً مثل روسيا بالسعي إلى بث الفتنة، وقالت الحكومة إنها تتطلع لمعرفة مدى التأثير الذي أحدثته الدول الأجنبية في الترويج للرسائل الكاذبة، ومع ذلك لم تسمِّ "داونينغ ستريت" هذه المرة دولة بعينها أو تكشف عن تفاصيل وعما إذا كانت لديها أدلة على تورط دول أخرى في استغلال الاحتجاجات، غير أن رئيس الحكومة البريطانية خاض اشتباكاً كلامياً مع الرئيس التنفيذي لمنصة "إكس" الملياردير الأميركي إيلون ماسك الذي أثار غضب حكومة ستارمر وأعضاء حزب العمال هذا الأسبوع، بعدما غرد معلقاً على لقطات للاحتجاجات العنيفة التي يقودها اليمين المتطرف أن "الحرب الأهلية لا مفر منها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسارع مكتب ستارمر لإدانة التغريدة قائلاً إنه "لا يوجد مبرر" لتعليقات ماسك. ومع ذلك، لم يتوقف المياردير الأميركي عن تغريداته حول الوضع في بريطانيا، فبعدما تعهد ستارمر بأن حكومته "لن تتسامح مع الهجمات على المساجد أو الجاليات المسلمة"، اتهم ماسك رئيس الوزراء البريطاني بارتداء غمامات، مغرداً "ألا ينبغي لك أن تشعر بالقلق إزاء الهجمات على جميع المجتمعات؟"، وقال في منشور ثالث إن التعامل مع الاضطرابات "يبدو من جانب واحد". وأضاف مع التغريدة هاشتاغ "#twotierkeir"، في إشارة إلى سرد يميني شائع مفاده بأن الشرطة البريطانية تعامل الاضطرابات التي يرتكبها البيض بصورة مختلفة عن تلك التي ترتكبها الأقليات. 

ووصفت وزيرة العدل هايدي ألكسندر ماسك بأنه "مؤسف"، وفي الوقت نفسه تقدمت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر بقائمة طويلة من الشكاوى حول الطريقة التي تتعامل بها شركات التواصل الاجتماعي العملاقة مثل "إكس" مع التحريض والتضليل على منصاتها. وقالت كوبر لهيئة الإذاعة البريطانية الإثنين الماضي "هناك بعض الأشياء التي تعتبر إجرامية بوضوح، إذ سنحتاج إلى تدخل الشرطة واتخاذ إجراءات لملاحقتها"، و"هناك مجالات أخرى حيث تفرض شركات التواصل الاجتماعي متطلبات واضحة في الوقت الحالي لإزالة المواد الإجرامية، ويجب أن تفعل ذلك، ولكن في بعض الأحيان يستغرق الأمر وقتاً طويلاً للقيام بذلك".

وترغب النائبتان عن حزب العمال تشي أونوراه وداون بتلر اللتان تتنافسان على رئاسة لجنة العلوم والابتكار والتكنولوجيا في البرلمان، في الضغط على مالك شركة "إكس" وغيره من المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا للإجابة عن أسئلة حول دور منصات التواصل الاجتماعي وسط الاضطرابات المتزايدة في المملكة المتحدة.

السلطة البريطانية محدودة

وعلي رغم من القلق في شأن انتشار رسائل اليمين المتطرف، فإن مجموعة الأدوات التي تمتلكها بريطانيا لإجبار شركات وسائل التواصل الاجتماعي على غلق مضمون ما تبدو محدودة، فالأمر لا يقتصر على حسابات المؤثرين من اليمين المتطرف على منصة "إكس"، إذ إن تطبيقات مثل "واتساب" و"تيليغرام" تم استخدامها لتنظيم احتجاجات وتجمعات، كما انتشرت دعوات على "فيسبوك"، فيما ضجت منصة "تيك توك" بمقاطع الفيديوهات الخاصة بالعنف. 

ويوضح مدير الأبحاث والسياسات لدى معهد الحوار الاستراتيجي في لندن جاكوب دافي أن طوفان المعلومات المضللة عبر الإنترنت ودور شركات التواصل الاجتماعي نفسها كانا عاملين رئيسين، قائلاً في تعليقات لوكالة "رويترز"، "لا أعتقد بأننا نستطيع التقليل من أهمية انتشار هذه المعلومات في الأحداث المروعة التي وقعت نهاية الأسبوع".

وغرد المستشار الخاص السابق في وزارة الخارجية البريطانية ديفيد كلارك، متهماً ماسك باستخدام منصته لزعزعة استقرار المملكة المتحدة عبر الأكاذيب، مضيفاً أنه "لا بد من أن يكون الرد على ذلك بتنظيم طال انتظاره لوسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك ترخيص المنصات وقواعد تعديل المحتوى الإلزامية واختبار المالك المناسب والسليم. لقد أصبحت هذه الآن قضية أمن قومي".

مدينة عالمية

يأمل أعضاء حزب العمال البريطاني في استجواب ماسك، فقالت بتلر إن "’إكس‘ قاعدة قوية للغاية، ونحن بحاجة إلى فهم هذه القوة والتأكد من أنها مسؤولة". لكن الاستدعاء يثير احتمال نشوب صراع كبير بين ماسك والبرلمان البريطاني، كما ربما يتحول إلى جدل أوسع في شأن حرية التعبير، خصوصاً أن الملياردير الأميركي كثيراً ما اتهم اليسار بتهميش الآراء المحافظة، لذا فللمعركة بُعد أيديولوجي. 

ففي بيان إعلانه عن صفقة شراء "تويتر" قبل عامين، قال ماسك، المعروف بتدويناته المازحة التي تنتقد اليسار المتشدد أو ما يُعرف بـ"اليسار التقدمي"، إن "حرية التعبير هي حجر الأساس لديمقراطية فاعلة، وتويتر ساحة المدينة الرقمية حيث تتم مناقشة الأمور الحيوية لمستقبل البشرية"، مضيفاً أن "لدى تويتر إمكانات هائلة. أتطلع إلى العمل مع الشركة ومجتمع المستخدمين".

وفي تغريدة أخرى أثارت غضب البريطانيين، شارك ماسك مقابلة مع "سكاي نيوز" حذر فيها النائب العام في إنجلترا وويلز ستيفن باركنسون من أن السلطات البريطانية ستعتقل وتقاضي المواطنين الذين يعيدون نشر أي مادة تعتبر "تحريضاً على الكراهية"، وقال "ستاسي المستيقظ" و"ستاسي- Stasi" هو اسم جهاز أمن الدولة سيئ السمعة في ألمانيا الشرقية قبل سقوط جدار برلين. 

وتتمتع لجان مجلس العموم بسلطة "استدعاء الأشخاص والأوراق والسجلات"، ويمكنها، كملاذ أخير، إصدار استدعاء رسمي للحضور، ولكن فقط للأشخاص الموجودين حالياً داخل المملكة المتحدة، فيما يتمتع المسؤولون التنفيذيون في مجال التكنولوجيا في الخارج بالقدرة على تجاهل الاستجواب.

 وكان مؤسس "فيسبوك" مارك زوكربيرغ استُدعي من قبل لجنة برلمانية لحضور تحقيق بدأ في أعقاب فضيحة "كامبريدج أناليتيكا"، لكنه رفض المشاركة، وفي ذلك الوقت هددت اللجنة بإصدار استدعاء رسمي في المرة التالية التي يدخل فيها زوكربيرغ البلاد.

ويقول مراقبون إن النظر إلى "إكس" وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي كـ"ساحة مدينة" عالمية حيث يمكن للناس أن يقولوا أي شيء باسم حرية التعبير بلا خوف من التدخل، سيمثل مشكلة بالنسبة إلى حكومة المملكة المتحدة، أو في الواقع أي ديمقراطية أخرى. وربما يسعى ماسك إلى الدفاع عن حرية التعبير وعن مصالحه في الوقت نفسه من التنظيمات الحكومية. 

المزيد من تقارير