Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصراع على "حماس" ومشروع مستقبل المنطقة

إيران تراهن على خيار جذري: إما أن يرسم "محور المقاومة" المستقبل وإما أن تهيمن عليه إسرائيل

أطفال في غزة يتزاحمون للحصونة على معونة غذائية (أ ف ب)

ملخص

لا أحد يعرف إلى أين يقود التصعيد الحالي، لكن الكل يرى أن المخرج من المأزق هو وقف النار في غزة. وهناك إلى جانب نتنياهو من يتصور المخرج على طريقة الرئيس إيزنهاور القائل "لكي تحل مشكلة كبرها". وهذه لعبة خطرة جداً. فلا شيء يضمن أن يقود تكبير الحرب إلى تسوية.

جوهر الصراع هو ذاته، قبل تجرؤ إسرائيل على اغتيال فؤاد شكر في ضاحية بيروت وإسماعيل هنية في طهران وبعد الاغتيال. قبل الرد الحتمي من إيران و"حزب الله" وفصائل المقاومة الإسلامية في العراق والحوثيين في اليمن وبعد الرد والرد على الرد.

والهدف الاستراتيجي لإسناد "حماس" في حرب غزة عبر "وحدة الساحات" ثابت ولو لم يحدث الاغتيال، لكن حسابات الرد بسيطة ومركبة في آن. بسيطة لجهة كونها قراراً متخذاً منذ البدء ولا بد منه. ومركبة لجهة الأخذ بالاعتبار مجموعة عوامل هي الإصرار على الهدف الاستراتيجي، والنظر إلى المصلحة الوطنية والقومية، وضمان القدرة، والامتناع عما يقود إلى حرب إقليمية لا أحد يريدها ولا مصلحة لأحد فيها إلا نتنياهو، والتدقيق في دور العامل الأميركي ودور العامل الروسي ودور العامل الصيني، فضلاً عن أن ما سماه السيد حسن نصر الله "الرد القوي الفاعل والمؤثر" محكوم بأن يكون "عملية نوعية" لا مجرد هجوم أكبر وأعمق مما يدور يومياً في الميدان، لأن ما قامت به إسرائيل كان عملية نوعية.

والكل في المنطقة والعالم يحاول أن يتكهن بنوع الرد وحجمه وزمانه وهل هو بالمفرق أم بالجملة، لمرة واحدة أم على دفعات، لكن الغموض هو سيد الموقف. والشيء الوحيد الواضح هو تحديد الأدوار. إيران ترد بقوة مرة واحدة لأنه "ليس المطلوب من طهران الدخول في قتال دائم" كما أعلن السيد نصر الله. أما جبهات المساندة، فإنها تكرر القول يومياً التزام القتال الدائم حتى وقف الحرب على غزة. والمؤكد أن المرحلة الحالية من الصراع ليست مرحلة الاندفاع في حرب لتحرير فلسطين بل مرحلة الصراع على مصير "حماس" في قطاع غزة والضفة الغربية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"محور المقاومة" بقيادة إيران يخوض حرب الحفاظ على "حماس" والضغط على إسرائيل لوقف النار في غزة. وحكومة نتنياهو الأشد يمينية وتطرفاً في تاريخ إسرائيل تخوض حرب القضاء على "حماس". وكل هذا جزء من الصراع على مستقبل المنطقة. ذلك أن "اليوم التالي" في غزة هو عملياً رمز لـ"اليوم التالي" في المنطقة. بقاء "حماس" في غزة يعني انتصار "محور المقاومة" على الطريق إلى تحرير فلسطين حسب الخطاب الراديكالي. والقضاء على "حماس" يعني نهاية المقاومة على أرض فلسطين وانتصار إسرائيل التي ستكون الضفة الغربية جائزتها الكبرى.

وحتى الآن، فإن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها على مدى 10 أشهر من الحرب على غزة. وبالعكس فإن "حماس" نجحت في المقاومة وبقيت إدارة التفاوض على الهدنة وتبادل الرهائن في يدها، وردت على اغتيال إسماعيل هنية باختيار القائد السياسي والميداني الذي يدير المقاومة يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي بعد هنية. وما كانت مديرة معهد الاستراتيجية والتكنولوجيا في كارنيغي أودري كيرث كرونين الصوت الوحيد الذي علا بالقول في مقال نشرته "فورين أفيرز" إن "’حماس‘ أثبتت أن إزالتها بالقوة العسكرية صعبة إن لم تكن مستحيلة". و"أول حصيلة لحرب لا متماثلة في غزة هي أن القوات المسلحة لعبت في أيدي ’حماس‘ بمجرد الغزو البري، وهو ما أرادته ’حماس‘".

خلال الأيام الأولى من حرب غزة بعد "طوفان الأقصى" كتب الدبلوماسي والبروفيسور والمفاوض السابق مع سوريا إيتمار رابينوفيتش أن حرب غزة هي "حرب إسرائيل-إيران الأولى". وهذا هو العنوان الذي يبدو كأنه يختصر ما يحدث في صراع مصيري يأخذ طابع صراع وجود. فحرب الإسناد عبر "وحدة الساحات" تصبح بلا هدف إذا لم تبق "حماس" في غزة. والمشروع الإقليمي الإيراني يفقد زخم العمل تحت شعار "إزالة إسرائيل" إذا انهزمت "حماس" ولم تبق غزة أرض مقاومة.

وفي المقابل، فإن مشروع "إسرائيل الكبرى" يصبح مهمة مستحيلة إذا بقيت "حماس" في غزة بالتالي في الضفة. وما دام "محور المقاومة" يدعم "حماس" في الصراع من أجل فلسطين من البحر إلى النهر، فإن خطة الكيان الصهيوني الرافض لأية دولة فلسطينية والمصر على دولة واحدة هي إسرائيل من البحر إلى النهر تصبح خارج العالم الواقعي. وبكلام آخر، فإن طهران تضع المنطقة في مهب خيار جذري، إما أن يرسم "محور المقاومة" مستقبل المنطقة وإما أن تهيمن إسرائيل على هذا المستقبل. إما شرق أوسط إيراني تحت عنوان "محور المقاومة" وإما شرق أوسط إسرائيلي. والأمر صعب في الحالين، فلا العالم العربي جغرافياً بلا شعوب وقوى لها مواقع ومصالح ومبادئ ولا الدول الكبرى المتصارعة على النفوذ في الشرق الأوسط تسمح بأن تعيد إسرائيل أو إيران تشكيل المنطقة.

ولا أحد يعرف إلى أين يقود التصعيد الحالي سواء بحسابات صحيحة أو خاطئة، لكن الكل يرى أن المخرج من المأزق هو وقف النار في غزة. وهناك إلى جانب نتنياهو الذي قال في حديث مع مجلة "تايم" إنه "مستعد لمغامرة حرب إقليمية" من يتصور المخرج على طريقة الرئيس إيزنهاور القائل "لكي تحل مشكلة كبرها"، وهذه لعبة خطرة جداً. فلا شيء يضمن أن يقود تكبير الحرب إلى تسوية ولا مجال لاستعادة تجارب ماضية دمرت مستقبل المنطقة.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء