Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جدل التحول الجنسي في عالم الرياضة: أسلوب جديد لاستهداف الضحايا

يطرح وجود المتحولين في المنافسات الكبرى إشكالية جدلية لم تتمكن الهيئات الرياضية من إيجاد حل لها حتى اليوم

يطرح دخول المتحولين جنسياً في مجال الرياضة في السنوات الأخيرة إشكالية كبرى، وتحولت إلى قضية مثيرة للجدل بين داعم ورافض (موقع بيكسلز)

ملخص

يطرح وجود المتحولين جنسياً في البطولات الرياضية الكبرى في السنوات الأخيرة جدلاً واسعاً. فهل تعد مشاركة متحولة جنسياً من رجل إلى امرأة في مباراة نسائية منصفة في حق باقي المشاركات؟

ككل حدث رياضي كبير، يتذكر من تابع أولمبياد عام 2024 في العاصمة الفرنسية باريس، والذي انتهى قبل ساعات، مشهديات كثيرة، لكن إن كان السؤال ما هي المشهدية الأهم وربما الأكثر متابعة، قد يأتي الجواب عن الملاكمة الجزائرية إيمان خليف والتي فازت بالميدالية الذهبية بعد تغلبها على الصينية ليو يانغ المصنفة ثانية بنتيجة 5-0 بإجماع الحكام، وأصبحت أول ملاكمة جزائرية وأفريقية تحصد ميدالية ذهبية في الألعاب الأولمبية.

من  خلال مشاركتها في الألعاب الأولمبية تعرضت إيمان خليف، 25 عاماً، لحملة تنمر واسعة في ظل الجدل الحاصل حول هويتها الجنسية، لكن بعد كل ما واجهته انتصرت على التنمر والنمطية والتحيز بميدالية ذهبية، واعتبرت أن فوزها في الأولمبياد كان "أبلغ رد على الحملة الشرسة التي تعرضت لها"، وعبرت في مؤتمر عقدته عن فخرها بهذا الفوز الذي أتى بمثابة رد اعتبار لها ولـ"شرفها" بعد كل الأقاويل التي طاولتها، معتبرة أن "أعداء النجاح" أعطوا لفوزها طعماً خاصاً، علماً أن الملاكمة كانت حريصة منذ انطلاق حملة التنمر عليها على الرد بشراسة على المتنمرين، مؤكدة أنها ولدت امرأة، وعاشت امرأة، وصولاً إلى تقدمها بشكوى بتهمة التحرش الإلكتروني الجسيم بعد فوزها بالميدالية، مما اعتبر تحركاً رسمياً لها في المعركة التي تخوضها.

وكان المتحدث باسم اللجنة الأولمبية الدولية مارك آدامز علق على حملة التنمر التي حصلت بحق خليف في دورة الألعاب الأولمبية 2024، وقال "ولدت أنثى، وهي مسجلة أنثى، وعاشت حياتها كأنثى، وتلاكم كأنثى، ولديها جواز سفر أنثى".

المتحولون جنسياً في مجال الرياضة

يطرح دخول المتحولين جنسياً في مجال الرياضة في السنوات الأخيرة إشكالية كبرى، وتحولت إلى قضية مثيرة للجدل بين داعم ورافض، بخاصة في البطولات الكبرى التي تتضمن جوائز يعدها البعض تاريخية له ولبلده.

وتبرز المشكلة الحقيقية مع مشاركة المتحولة جنسياً، أي من رجل إلى امرأة، في مباريات نسائية لاعتبارها تتمتع حكماً بقدرات جسدية كبرى بالمقارنة مع باقي النساء المشاركات. وعلى رغم أن هذا الموضوع يثير جدلاً واسعاً فإن الهيئات الرياضية لم تتمكن بعد من إيجاد حل له، على رغم قرارات محدودة اتخذت في هذا المجال لفرض قيود معينة. لذلك تكررت الحوادث في مسابقات رياضية كبرى بمشاركة متحولين جنسياً حققوا الفوز في مواجهة نساء رياضيات، على رغم الكفاءة العالية التي تمتعن بها وقدراتهن في المجال.

قرارات في مواجهة قضية شائكة

في عام 2015 أكدت اللجنة الأولمبية الدولية في اجتماعها الهادف إلى معالجة سياساتها المتعلقة بالتحول الجنسي وفرط الهرمونات في الجسم، رفضها فكرة استبعاد الرياضيين المتحولين جنسياً من فرصة المشاركة في المنافسة الرياضية. آنذاك، أصدرت قراراً سمحت بموجبه للرياضيين المتحولين جنسياً الذين حددوا أنفسهم على أنهم إناث بالدخول في منافسة ضمن هذه الفئة شرط أن تكون مستويات هرمون التستوستيرون، أي الهرمون الرئيس لدى الذكور، أقل من 10 نانومول/ليتر لمدة 12 شهراً في الأقل قبل المنافسة. هذا، قبل أن يخفض الاتحاد الدولي لألعاب القوى الحد الأقصى المسموح به إلى 5 نانومول/ليتر. لذا بات مسموحاً للرياضيين المتحولين جنسياً الذين يرغبون في المنافسة ضمن فئة الإناث تحقيق ذلك، ما دامت مستويات هرمون التستوستيرون ضمن المستويات المطلوبة. في الوقت نفسه، عدت اللجنة أن المطالبة بالتغييرات التشريحية الجراحية (أي التحول الجنسي الجراحي من رجل إلى امرأة) كشرط للمشاركة هو انتهاك لحقوق الإنسان. أما بالنسبة إلى المتحولين جنسياً الذين يتنافسون كذكور فلم توضع قيود عليهم.

من أبرز الشواهد على جدلية التحول الجنسي في عالم الرياضة ما حصل عام 1976، حينها لم تتمكن لاعبة التنس الأميركية رينيه ريتشاردز المتحولة جنسياً من اللعب كامرأة في بطولة الولايات المتحدة المفتوحة قبل أن تخضع لاختبار الكروموسومات للتحقق من جنسها. وعندما رفعت دعوى قضائية ضد اتحاد التنس الأميركي فازت بالحق باللعب كامرأة من دون الخضوع للاختبار في عام 1977.

وفي أولمبياد باريس 2024، كانت هناك مشاركة للعداءة الأميركية نيكي هيلتز ولاعبة كرة القدم الكندية ريبيكا كوين، وهما من المتحولات جنسياً. هذا، فيما أثير جدل حول الهوية الجنسية لكل من الملاكمتين الجزائرية إيمان خليف والتايوانية لين يو-تينج، خصوصاً أنهما كانتا قد استبعدتا من بطولة العالم 2023 في نيودلهي لعدم اجتياز اختبار الأهلية لدى الاتحاد الدولي للملاكمة.

المشاركة غير منصفة

مع السماح للمتحولين جنسياً بالمشاركة في المسابقات الدولية في السنوات الأخيرة وتزايد المشاركات، وضعت الاتحادات الدولية في حيرة في مساعيها إلى إيجاد الحلول، بما أن مشاركة متحولة جنسية في مباريات رياضية في مواجهة مع نساء لا تعد عادلة في حق باقي النساء المشاركات اللاتي يتمتعن حكماً بقدرات جسدية أقل مهما كان التغيير الحاصل في عملية التحول الجنسي. لذلك أثارت مشاركة المتحولين جنسياً في المنافسات الرياضية الدولية انتقادات كثيرة. هذا ما أدى إلى رفض بعض الرياضيات المشاركة في مباريات يسمح فيها بمشاركة متحولات جنسياً. حتى إنه ثمة دعوات رسمية، كتلك التي وجهتها وزيرة الرياضة البريطانية لوسي فريزر إلى الهيئات الرياضية في البلاد، لمراجعة القواعد المتعلقة بالرياضيين المتحولين جنسياً لاعتبار أن هذه المشاركة تعد ظالمة في حق السيدات، بعد سماح الهيئات الرياضية البريطانية للرياضيين المتحولين جنسياً بالمنافسة في الرياضات النسائية في حال إظهار مستويات منخفضة من هرمون الذكورة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، دعا عدد من النواب البريطانيين الاتحاد البريطاني لكرة القدم إلى منع المتحولين جنسياً من المشاركة في المسابقات النسائية.

قصة السباحة الأميركية ليا توماس

أثارت مشاركة السباحة الأميركية ليا توماس، المولودة ويليام توماس، جدلاً في قضية مشاركة المتحولين جنسياً في عالم الرياضة. فهي تعد الرياضية الأولى المتحولة جنسياً التي تفوز بلقب جامعي ضمن مسابقات النخبة في الولايات المتحدة بعد أن تفوقت على صاحبة الميدالية الفضية الأولمبية إيما ويانت في سباق 500 متر حرة، في مارس (آذار) 2022.

لكن فوزها أثار جدلاً كبيراً، وقال المنتقدون إنها تحظى بالأفضلية على مستوى البنية الجسدية على زميلاتها. ومنعت من المشاركة في منافسة السيدات في السباحة منذ أن أقر الاتحاد الدولي للسباحة قواعد جديدة تمنع الرياضيين المتحولين جنسياً من المشاركة في المسابقات النسائية لفئة النخبة شرط خفض مستويات هرمون التستوستيرون لديهم بعد أن كانوا سابقاً قادرين على المنافسة. وبذلك استبعد الاتحاد توماس من المسابقات الدولية النسائية مما جعلها غير مؤهلة للمشاركة في الأولمبياد في باريس.

وفي السياق نفسه، أعلن الاتحاد الدولي للسباحة في يونيو (حزيران) 2022، عن إنشاء فئة مفتوحة للرياضيين "العابرين جنسياً"، إلا أنه حصر المشاركة بالسيدات اللاتي أصبحن نساء قبل سن البلوغ.

وكانت الرابطة الدولية لرياضة الرغبي ثاني اتحاد رياضي عالمي يمنع المتحولات جنسياً من المشاركة في المسابقات الدولية الخاصة بالسيدات لضمان توازن حق الأفراد في اللعب، بعد أيام على قرار الاتحاد الدولي للسباحة الذي جدد قوانينه لمنع الرياضيين المتحولين جنسياً من المشاركة في المسابقات النسائية لفئة النخبة.

ماذا يقول الطب؟

في حديثه مع "اندبندنت عربية"، يؤكد الطبيب الاختصاصي في جراحة التجميل والترميم الدكتور جو خوري أنه من المنظار الطبي يعد الكل متساوين ولا يمكن التمييز بين شخص وآخر. لكن بعد المطالبات المستمرة في السنوات الأخيرة بتحقيق العدالة المجتمعية للمثليين وقبولهم في المجتمع، دخل العالم مرحلة فرض التحول الجنسي مما خلق إشكالات عديدة، منها في مجال الرياضة.

ويوضح خوري أن عملية التحول الجنسي تحصل عادة عبر الطب التجميلي بوجود دعم متعدد الاختصاصات، يؤكد أنها ليست من المسائل التي يمكن الاستخفاف بها لتداعياتها النفسية الخطرة. وفي هذه العملية، تجرى كل التغييرات اللازمة لشاب متحول إلى فتاة كتكبير الثدي، وتنحيف تركيبة العظام في الوجه والفك والحاجبين، وإلغاء "تفاحة آدم" أو جوزة الحلق البارزة لدى الرجل، وتكبير الشفتين، وخلق مهبل وأعضاء تناسلية أنثوية.

هذا، فيما تجرى عملية معاكسة للمرأة التي تتحول إلى رجل كاستئصال الثدي، وزرع شعر اللحية، وزيادة عرض الكتفين، كما تعطى الهرمونات الذكورية. وتجرى عملية التحول مع متابعة نفسية ليتقبل المتحول جنسياً هذا التغيير الذي لا عودة فيه إلى الوراء.

ويقول "في المشاركات الرياضية، لا يولد هذا التغيير مشكلة للمرأة المتحولة إلى رجل، إنما الإشكالية مطروحة في تحول الذكر إلى أنثى نظراً إلى انعدام المساواة في المباريات الرياضية، بغض النظر عن الهرمونات التي تعطى. ففي كل الحالات يتمتع الرجل بطبيعته ببنية جسدية مختلفة تجعله يتمتع بكتلة عضلية أهم وبعظام أكبر وبقدرة جسدية كبرى بالمقارنة مع المرأة، والعملية التي تجرى لا تحدث أي تغيير في هذا المجال. أياً كان التحول الذي يحصل هي أمور لا يمكن تغييرها طبياً. حتى إن الرجل يتمتع بسماكة كبرى في الجلد، وهي مسألة أيضاً لا يمكن تغييرها، إضافة إلى أن الرجل يتمتع برد فعل أسرع في اللعب بطبيعته، مما يجعله متمتعاً بقدرات أهم في عالم الرياضة، وهي مسائل لا تتغير في عملية التحول الجنسي. لذا تعد المنافسة التي يدخل فيها المتحول جنسياً مع نساء، غير منصفة حتماً في حق النساء المشاركات، وهذا هو موضوع الجدل تحديداً في عالم الرياضة".

ويشبه خوري الحالة هنا باستخدام المنشطات في عالم الرياضة، مما يعد ممنوعاً. بصورة عامة في الرياضة تعد البنية الجسدية وقوة العضلات التي يتمتع بها الرجل بطبيعته أساس المشكلة التي تجعل دخوله، حتى بعد تحوله جنسياً، في المنافسة مع نساء غير منصفة في حقهن، على حد تعبيره.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير