Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حقيقة مرة: ترمب يتفوق على هاريس في جانب حاسم

على رغم تصدرها استطلاعات الرأي في بعض الولايات المتأرجحة هذا الأسبوع، فإن هذا التقدم يعزى بشكل كبير إلى الأجواء الإيجابية المحيطة بحملتها أكثر من كونها برامج سياسية ملموسة، لذا فإن إغفالها تقديم برنامج سياسي متكامل قد يكلفها الفوز في الانتخابات المقبلة

كامالا هاريس تتقدم في استطلاعات الرأي، لكنها تواجه ضغوطاً متزايدة للكشف عن برنامج سياسي شامل (أ ب)

ملخص

هاريس جديدة في السباق الرئاسي، لقد مر أقل من شهر منذ انسحاب جو بايدن، وأسبوعان فقط منذ بدء عملية الترشيح، و11 يوماً فقط منذ تسمية تيم وولز نائباً لها. فالتطورات التي شهدتها الساحة السياسية كانت متسارعة ولم تترك لها الوقت الكافي لصياغة سياسات مدروسة بعناية

لا أعلم ما نوع الموسيقى التي تستمع لها كامالا هاريس أثناء تنقلاتها في سيارتها المصفحة، ولكن من غير المستغرب أن تستمع ابنة ولاية كاليفورنيا إلى أغنية "المشاعر الإيجابية" لفرقة The Beach Boys الشهيرة. تركز الحملة الانتخابية الحالية بشكل متزايد على "الإيجابية" مثل كثرة الابتسامات والضحكات المتكررة، وإشاعة أجواء من التفاؤل والإيجابية، والحرص على إظهار روح متفائلة ومشرقة. وكل ذلك يأتي في إطار محاولة واضحة منها لخلق تباين صارخ مع الصورة القاتمة والمتشائمة التي يرسمها منافسها دونالد ترمب.

وتواصل كامالا هاريس "ركوب موجة" الحماس والتفاؤل في حملتها الانتخابية، مستلهمة روح أغاني فرقة The Beach Boys الشهيرة. غير أن هذا النهج قد يشهد تحولاً جذرياً قريباً مع اقتراب موعد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو الأسبوع المقبل، إذ من المؤكد أن تتراجع موجة الحماس والتفاؤل الموسيقي لمصلحة النقاشات الجادة، لا سيما أنه قد حان الوقت لفريق هاريس للانتقال من الشعارات الرنانة إلى طرح سياسات ملموسة وجادة.

وعلى رغم الصورة التفاؤلية التي تقدمها كامالا هاريس، فإن حملتها الانتخابية تفتقر حتى الآن إلى التفاصيل السياسية الملموسة، بخاصة عند مقارنتها بمنافسها دونالد ترمب. كما أن المبادرة السياسية الوحيدة التي أعلنت عنها هاريس حتى الآن كانت في الواقع، ومن دون خجل، "اقتباساً" من أفكار ترمب - وهي حظر فرض الضرائب على الإكراميات "Tips" المقدمة للعاملين في قطاع المطاعم. ففي الولايات المتحدة، إذ يتقاضى العاملون في مجال خدمات الضيافة أجوراً زهيدة، تعد الإكراميات جزءاً حيوياً من دخلهم، لذا فإن دفع أقل من 20 في المئة من قيمة فاتورتك كإكرامية قد يعرضك لموقف محرج ومن المحتمل أن يلاحقك العاملون للمطالبة بحقهم.

أما في ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية الأوسع نطاقاً التي يتبناها الثنائي المتفائل هاريس وولز، فلا تزال الصورة غير واضحة المعالم. ومع ذلك، بدأت بعض التفاصيل في الظهور. وتشمل هذه المبادرات حزمة من التدابير الفيدرالية الرامية إلى الحد من التلاعب بالأسعار من جانب الشركات الكبرى لحماية المستهلكين، وخاصة في قطاعات مثل الأغذية والأدوية.. كما تشمل الخطة المقترحة وقف عمليات الدمج والاستحواذ التي قد تضر بمصالح المستهلكين، إلى جانب طرح سياسة جديدة للتعريفات الجمركية.

ولكي نكون منصفين، هناك سبب لهذا الطرح البطيء: هاريس جديدة في السباق. لقد مر أقل من شهر منذ انسحاب جو بايدن، وأسبوعان فقط منذ بدء عملية الترشيح، و11 يوماً فقط منذ تسمية تيم وولز نائباً لها. فالتطورات التي شهدتها الساحة السياسية كانت متسارعة ولم تترك لها الوقت الكافي لصياغة سياسات مدروسة بعناية.

وتبرز قضية حساسة أخرى في حملة هاريس، وهي مقدار المسافة التي تخلقها هاريس بينها وبين بايدن، بخاصة بالنظر إلى أن سجله في القضايا الحاسمة مثل كلفة المعيشة أبعد ما يكون عن المثالية.

وفي تصريح لافت، نقلت وسائل إعلام عن أحد مساعدي هاريس قوله إن ما ستقدمه المرشحة هو "نفس القيم، لكن برؤية مختلفة". وبالفعل، بدأت المرشحة الرئاسية بإظهار رغبتها في تمييز نفسها عن بايدن، بخاصة في ملف إسرائيل وغزة، إذ أبدت هاريس انتقادات علنية، معربة عن استيائها من الارتفاع الكبير في عدد الضحايا المدنيين بين الفلسطينيين.

والأمر الآخر يتعلق باستراتيجية "الانطباعات الإيجابية" التي تتبعها هاريس. فما دامت هذه الاستراتيجية تحقق نجاحاً ملموساً لها، فما الداعي إلى تغييرها قبل أن تفرض الظروف ذلك؟ أضف إلى ذلك أن الساحة الإعلامية الأميركية تشهد حالة من التململ المتصاعد إزاء عدم عقد هاريس مؤتمراً صحافياً شاملاً أو إجراء مقابلات معمقة منذ ترشيحها رسمياً عن الحزب الديمقراطي. وهذا الصمت قد يطول أمده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من وجهة نظر حملتها الانتخابية، لماذا قد تغامر بتغيير نهجها في وقت تحقق فيه نجاحاً ملحوظاً؟ لقد كشفت استطلاعات حديثة أجرتها صحيفة "نيويورك تايمز" بالتعاون مع مؤسسة "سيينا" Sienna عن تقدم مثير للاهتمام لهاريس في الولايات المتأرجحة الحاسمة في منطقة الغرب الأوسط بأميركا - التي تعد حاسمة للفوز في هذه الانتخابات. ففي ولايات ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا، تشير النتائج إلى تفوق هاريس بفارق أربع نقاط على منافسها دونالد ترمب، منذ تصدرها قائمة الحزب الديمقراطي.

الجدير في الأمر هو أن بايدن، وقبيل انسحابه من السباق الرئاسي، كان متأخراً عن منافسه ترمب في هذه الولايات بحسب استطلاعات الرأي. كما أعلن تقرير كوك السياسي، المعروف بحياديته وتأثيره الكبير، عن تغيير تصنيفه للولايات الحاسمة الواقعة في ما يسمى "حزام الشمس"، أريزونا ونيفادا وجورجيا، من "ميلها لمصلحة ترمب" إلى "متأرجحة".

وبدأ الحزب الديمقراطي يستعيد الأمل في إمكانية المنافسة بولايات كثيراً ما عدت خارج متناولهم ويعيد النظر في استراتيجيته بولايتي فلوريدا وأوهايو. وهذا التحول في الخريطة الانتخابية يعد "كابوساً مرعباً" بالنسبة إلى ترمب، بخاصة أن التقارير تشير إلى أن تجمعات هاريس استقطبت حشوداً فاقت تلك التي حضرها.

وتكشف مقارنة بين النظامين الانتخابيين الأميركي والبريطاني عن فروق جوهرية في آلية عرض البرامج السياسية للأحزاب المتنافسة. ففي الولايات المتحدة، يغيب مفهوم "البيان الحزبي" المعروف في بريطانيا، ليحل محله ما يعرف بـ"المنصة الحزبية". وعلى رغم افتقارها إلى التفاصيل الدقيقة التي تميز البيانات الحزبية البريطانية، فإن هذه المنصة تحدد الأولويات الاقتصادية للحزب وخططه لمعالجة قضايا ملحة مثل كلف الرعاية الصحية والهجرة، إضافة إلى القضايا الأخرى التي من المتوقع أن تؤدي دوراً حاسماً في تحديد نتيجة الانتخابات في نوفمبر (تشرين الأول) المقبل.

في الأسبوع المقبل في شيكاغو، وسط ضجة البالونات الحمراء والبيضاء والزرقاء، واللافتات، والنقانق، والاحتفالات، من المرجح أن نسمع المزيد من التفاصيل حول ما قد تقدمه إدارة هاريس بالفعل إذا ما حصلت على الرئاسة.

بعد أن أربكته في البداية الهزة التي أحدثتها هاريس في السباق، استعاد ترمب تركيزه، وضاعف من التركيز على القضايا الأساسية مثل كلفة المعيشة والهجرة غير الشرعية. وفي الخميس، عقد مؤتمراً صحافياً في نادي بيدمنستر للغولف، متناولاً صعوبات تدبير نفقات المعيشة. ويرى محللون أن اختيار هذا المكان الفاخر للحديث عن معاناة العمال ذوي الياقات الزرقاء يحمل مفارقة صارخة، لكنه يؤكد إدراك ترمب أهمية هذا الموضوع المحوري في الانتخابات المقبلة. كما أثار ترمب ضجة إعلامية بحركة ذكية خلال تجمع انتخابي هذا الأسبوع، مستخدماً علبة حلوى "تيك تاك" بطريقة مبتكرة حيث انتشر "ميم" بشكل فوري على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي خبر سار للمستهلكين الأميركيين، أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة انخفاض معدل التضخم إلى ما دون ثلاثة في المئة للمرة الأولى منذ تولي الرئيس بايدن منصبه. وهذا التطور يأتي في صالح حملة هاريس. غير أن الصورة ليست وردية تماماً إذ إن أسعار السلع الأساسية لا تزال أعلى بكثير مما كانت عليه قبل جائحة كورونا، وهذه فرصة ذهبية لحملة ترمب.

وشهدت الدورة الانتخابية الحالية سلسلة من الأحداث الاستثنائية التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ السياسي الأميركي الحديث، من المناظرة الكارثية بين بايدن وترمب، مروراً بمحاولة الاغتيال المروعة لترمب، وصولاً إلى انسحاب بايدن المفاجئ، وظهور ما أطلق عليه المراقبون "كامالامانيا"، في إشارة إلى الحماس غير المسبوق الذي أثارته كامالا هاريس، وما عرف بظاهرة "الشابة المتمردة".

وعلى رغم هذا الزخم من الأحداث غير المسبوقة، فإن العامل الحاسم في تحديد نتيجة الانتخابات سيبقى، كما جرت العادة، هو الاقتصاد.

 

جون سوبيل شغل منصب رئيس تحرير قسم أميركا الشمالية في هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي ويقدم حالياً بودكاست "The News Agents" الشهير على شبكة Global

© The Independent

المزيد من آراء