ملخص
قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيريلو إنه وصل القاهرة لإطلاع وزير خارجية بلاده أنتوني بلينكن الذي يزور مصر حالياً وكبار المسؤولين المصريين على جهودهم الدبلوماسية الجماعية الجارية في سويسرا بين طرفي الحرب السودانية.
تبدأ اليوم الثلاثاء في مصر اجتماعات الوساطة السعودية - الأميركية الخاصة بحل الأزمة السودانية ووفد الحكومة السودانية، لمناقشة رؤية الأخيرة لتنفيذ إعلان جدة الموقع بين الجيش وقوات "الدعم السريع" خلال مايو (أيار) 2023، الذي اعتبرته حكومة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان شرطاً أساساً للمشاركة في مفاوضات جنيف الجارية منذ أيام.
وكان مجلس السيادة السوداني أكد قبل يومين أن إرسال بلاده هذا الوفد جاء بناءً على اتصال تم من الحكومتين الأميركية والمصرية لبحث آليات تنفيذ اتفاق جدة بغية التوصل إلى تفاهمات في هذا الشأن تمهد لانخراط الجانب السوداني في المحادثات المتواصلة في سويسرا بمشاركة قوات "الدعم السريع"، التي تهدف إلى توسيع نطاق إيصال المساعدات الإنسانية بالدرجة الأولى، فضلاً عن وقف العدائيات بين الطرفين المتحاربين.
تقدم ملحوظ
في غضون ذلك، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيريلو إنه وصل القاهرة لاطلاع وزير خارجية بلاده أنتوني بلينكن الذي يزور مصر حالياً وكبار المسؤولين المصريين على جهودهم الدبلوماسية الجماعية الجارية في سويسرا لتعزيز وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين والامتثال لإعلان جدة ووقف الأعمال العدائية في السودان.
وأكد بيريلو، في منشور له على منصة "إكس"، أنه "سيلتقي وفد الحكومة السودانية لبحث مشاركة الجيش السوداني في محادثات جنيف". وكان بيريلو أشار خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت أمس الإثنين إلى أن المحادثات التي انطلقت في سويسرا خلال الـ14 من أغسطس (أب) الجاري لمناقشة أزمة السودان مستمرة وتمضي قدماً. وأضاف "المفاوضون على اتصال منتظم بالجيش عبر الهاتف، وهو شكل جديد من المفاوضات تبين أنه مثمر للغاية، ومؤكد أن مشاركة الجيش في هذه المفاوضات ستسهل سيرها، بيد أننا نأخذ مباعث القلق التي طرحها قائد الجيش السوداني على محمل الجد".
وزاد بيريلو "لقد حققت المفاوضات كثيراً من التقدم، لكننا لسنا راضين بعد، فنحن فقط في بداية ما نأمل في تحقيقه هنا". وواصل "إننا نرغب في العمل على وقف الأعمال العدائية، وهذا أمر أكثر صعوبة" إذا لم يكن جميع الأطراف حاضرين في جنيف. وتابع "لقد سألنا مرتين رؤساء الوفود عما إذا كانوا يرغبون بإنهاء المهمة قبل الموعد المحدد، وكانوا واضحين للغاية حول هذه النقطة، لأنهم يعتقدون أننا نحقق نتائج حقيقية معاً".
ومضى المبعوث الأميركي في القول "إن أولويتنا تمثلت في دراسة آلية فتح ثلاثة طرق لإيصال المساعدات الإنسانية لـ20 مليون شخص محرومين حالياً كلياً أو إلى حد كبير من الغذاء والدواء، لذلك أعطينا الأولوية لطريق الدبة ومفرق سنار ومعبر أدري"، مؤكداً أن معبر أدري "على وشك أن يفتح مع أكثر من 100 شاحنة جاهزة للمغادرة". وأوضح "هذا يعني أننا قد نشهد وصول الغذاء والدواء إلى مناطق مثل مخيم زمزم، إذ يعاني أكثر من 400 ألف شخص الجوع والمجاعة. ولهذا السبب نحن هنا. نحن هنا لتحقيق نتائج ونتفاوض بجد كل يوم مع الجيش و’الدعم السريع‘".
فاعلين جدد
وحول مدى إحداث لقاء القاهرة التشاوري اختراقاً يؤدي إلى مشاركة الجيش السوداني في مفاوضات جنيف، قال الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية اللواء أمين إسماعيل مجذوب "في تقديري أن إصرار الحكومة السودانية على اللقاء التشاوري مع المسؤولين السعوديين والأميركيين هو ترتيب وتكتيك مهمين للغاية قبل انخراطها في أي مناقشات من خلال منبر جديد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف مجذوب "هذه الحرب معقدة للغاية ومركبة في الوقت نفسه فضلاً عن أن أطرافها متعددة سواء كانت داخلية أم خارجية، لذا فإن تعدد جولات التفاوض والانتقال من مكان لآخر يضعف حجة حكومة السودان، لذلك جاء إصرار حكومة السودان على تنفيذ ما اتفق عليه في الجولة الأولى من مفاوضات جدة قبل الذهاب إلى منبر آخر". وأردف "كذلك نجد أن ’الدعم السريع‘ من ناحية تكتيكية عسكرية توسع وانتشر في مناطق أخرى غير العاصمة الخرطوم، لذلك فهو يريد أن يفاوض على نتائج الحرب بعيداً من اتفاق جدة المحصور في الخرطوم ومروي فحسب، لذا فإن أي منبر جديد سيوسع من دائرة التفاوض وسيعطي ميليشيات ’الدعم السريع‘ امتيازات وأحقية أكبر على الأرض، لهذا تصر الحكومة على حصر المطلوبات في جدة حتى تستطيع إخراج هذه الميليشيات من المعادلة تماماً".
ولفت الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية إلى أنه إذا صدقت التنبؤات والنيات فإنه قد ينتقل الوفد السوداني عقب لقائه الوساطة السعودية - الأميركية في القاهرة للتشاور في شأن الاتفاق على الآليات الخاصة بتطبيق اتفاق جدة إلى جنيف، باعتبار أن الأولوية ستكون لآليات تطبيق مقررات جدة ثم الانتقال للشق الثاني المتمثل في المساعدات الإنسانية بعد الاتفاق على الآليات الخاصة بها ومن ثم الذهاب إلى البند الثالث المتعلق بوقف إطلاق النار وتجميع قوات "الدعم السريع" في معسكرات خاصة، وأخيراً بحث ترتيبات الفترة الانتقالية وخروج كل الفاعلين في الحرب ليحل محلهم فاعلون جدد داعمون للسلام.
شراء الوقت
من جانبه، قال القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم" شهاب إبراهيم الطيب إن "مقاطعة الجيش السوداني مفاوضات جنيف وإصراره على تنفيذ اتفاق جدة محاولة لشراء الوقت، ولا أعتقد أن اجتماع القاهرة سيضيف موقفاً جديداً من قبل قائد الجيش عبدالفتاح البرهان. فنية الجيش واضحة تتمثل في لعب دور التمنع فحسب، كما أن أخطر ما في هذا الموقف هو اعتماد الجيش على تباينات العلاقات الدولية سواء علاقات إيران أو إسرائيل أو روسيا أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، مما سيعقد الحرب في السودان أكثر مما هي معقدة".
وواصل الطيب حديثه "كما أن طريقة إدارة الملف السوداني من قبل المبعوث الأميركي توم بيريلو من خلال تقديم تحفيزات وتطمينات تغري الجيش غير موفقة وستجعله يتعنت أكثر ولن تكون ناجحة، فالصحيح ممارسة الضغط بصورة أكبر تمكن قادة الجيش من استقلال قرارهم بعيداً من الحركة الإسلامية التي لن تترك أي فرصة لسلام لا يضمن عودتها للحكم".
وختم القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية حديثه "للأسف في ظل استمرار المفاوضات بهذه الطريقة ستكون جميع السيناريوهات السيئة حاضرة من خلال توسع الحرب إلى مناطق جديدة ودخول أطراف إقليمية ودولية في الصراع، فضلاً عن زيادة حال الانقسام المجتمعي".
قصف مدفعي
عسكرياً تكثف قوات "الدعم السريع" هذه الأيام قصفها المدفعي باتجاه مدينة أم درمان انطلاقاً من مدينة بحري، إذ سقطت أكثر من 14 قذيفة أمس الإثنين في منطقة "الشاهيناب" الواقعة غرب النيل بالريف الشمالي لأم درمان.
وتستخدم "الدعم السريع" قذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا، بخاصة في منطقة كرري ووسط أم درمان، مما أدى إلى تدمير أعمال التحضير والصيانة التي نفذتها السلطات في موقف الشهداء للمواصلات.
وبحسب مصادر عسكرية فإن قوات "الدعم السريع" استقدمت مدافع كانت تقصف المنطقة المحيطة بسلاح الإشارة المطلة على النيل في مدينة بحري وتستخدمها حالياً في قصف مدينة أم درمان.
وشوهدت هذه القوات وهي تنقل المدافع على شاحنات عبر شارع المعونة ببحري قبل أيام، فيما تركت عدداً من المدافع الأخرى قرب سوق سعد قشرة وداخل مصرف الأمطار الكبير المجاور للسوق. كما نصبت أيضاً عدداً من المدفعية البعيدة المدى حول منطقة الجيلي شمال الخرطوم بحري، وتقصف بها مناطق عدة في الريف الشمالي لأم درمان، من بينها منطقة الشاهيناب.
وتسبب القصف المستمر في تعطيل محاولات أهالي شمال بحري نقل بعض الإمدادات الغذائية عبر النيل من أم درمان، كما ينقل الأهالي المرضى إلى غرب النيل بالقوارب لتلقي العلاج.
وتدور اشتباكات بين الحين والآخر غرب الحارات بأم درمان بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، لكنها لا تشهد أي تقدم لأي من الطرفين، فيما تستمر الاشتباكات المتقطعة خارج حيي المهندسين والدوحة.