Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ميليسا دا كوستا الروائية الفرنسية الثلاثينية الأكثر مبيعا

بدأت بالنشر الشخصي على صفحات الإنترنت إلى أن اكتشفها ناشر صغير وحولها إلى الكاتبة الأولى رواجا

الروائية الفرنسية الشابة ميليسا دا كوستا الأكثر مبيعاً (أ ف ب)

ملخص

بعد 12 سنة من تربعه على عرش الكاتب الفرنسي الأكثر مبيعاً والأكثر قراءة في المكتبات الفرنسية، يجد الكاتب الفرنسي الذائع الصيت غيوم ميسو (1974) أن الكاتبة الفرنسية الشابة ميليسا دا كوستا (1990) قد حلت محله. فبحسب جريدة "لو فيغارو"، تخطت ميليسا دا كوستا رقم مبيعات ميسو وأرقام مبيعات كل من مارك ليفي (1961) وجويل ديكر (1985) وهي سابقة لم تشهدها فرنسا منذ سنوات.

منذ العام 2021 وروايات ميليسا دا كوستا موجودة في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، إلى أن تمكنت هذه الشابة الثلاثينية من التربع على عرش المرتبة الأولى هذا العام برقم مبيع يربو على 3 ملايين نسخة مبيعة. إنما مسيرة دا كوستا البالغة من العمر 34 سنة لم تكن سهلة، فدا كوستا بدأت بالكتابة منذ سن صغيرة، لكنها لإدراكها صعوبة النجاح في مجال الأدب تخصصت بالاقتصاد بين عامي 2008 و2011 لتعمل بعدها في وظيفة ثابتة في إحدى منشآت الدولة. وبعد كتابتها أربع روايات، قررت دا كوستا أن تنشر نصين من نصوصها أونلاين، أولاً عبر منصة "أمازون" ثم عبر منصة monbestseller.com. وتشرح دا كوستا خيارها بالنشر الذاتي والمجاني أونلاين قائلة: "من الواضح جداً أن دور النشر تتلقى المخطوطات بالمئات، وليس هناك فرصة لأن ينظروا حقاً إلى مخطوطتي. لماذا سيقرأون مخطوطة أرسلتها كاتبة مجهولة لا يعرفونها ولن يمنحوها الوقت الكافي؟ لم أكن لأطبع مخطوطاتي وأرسلها إلى 100 دار نشر أو أكثر، لتنال ربما إعجاب واحدة منها. كنت متشائمة أو واقعية لا أدري. أردت التواصل مباشرة مع القارئ وهذا ما حصل. قارئي هو الذي جذب انتباه الناشر إليَّ، وليس العكس. إن تعليقات القراء وإعجابهم بنصوصي هو الذي عرف الناشرين بي وليس العكس. وأظن أن النشر الإلكتروني الذاتي بات اليوم ملعب الناشرين المفضل ليعثروا فيه على كتابهم الجدد".

من الإنترنت إلى الأكثر رواجاً

بينما كانت دا كوستا ماضية في حياتها وعملها، يبلغها اتصال من دار نشر فرنسية صغيرة باسم Carnets nord تعلمها فيه برغبتها بنشر روايتها الأولى. فتظهر عام 2019 الرواية الأولى التي بها بدأت مسيرة النجاح وهي رواية "أزرق السماء كله" (Tout le bleu du ciel) والتي ستبث قريباً مسلسلاً على شاشة الـTF1. بعد صدور هذه الرواية الأولى ونيلها النجاح الباهر واستمرارها فيه حتى الساعة، تترك دا كوستا عملها لتكرس حياتها للكتابة، وهي التي باتت قادرة على العيش من رواياتها. لتبدأ منذ عام 2020 مسيرة نجاح أدبي في المكتبات ولدى النقاد.

فتكر سبحة الروايات، سبع روايات في خمس سنوات، تصدر هذه المرة عن دار النشر الفرنسية العريقة ألبان ميشال، آخرها رواية ثامنة صدرت منذ أيام قليلة بعنوان "الصلابة" (Tenir debout). ولا يمكن لأي قارئ أن يسير في شوارع باريس اليوم وأن يتفرج إلى واجهات المكتبات من دون أن يرى اكتساح غلاف هذه الرواية الأسود والأبيض الأعمال الأخرى كلها. وكأن ميليسا دا كوستا اكتسحت المشهد الأدبي بشخصياتها وقصصها وأعمالها، القديم منها والحديث.

بطلات مختلفات

أم لولدين، كاتبة مقيمة بهدوء بعيداً من الأضواء وصخب باريس، تظهر ميليسا دا كوستا كاتبة نسائية برواياتها وحبكاتها والشخصيات التي تقدمها. لكن بطلات دا كوستا النسائية تبدو بعيدة كل البعد من المتعارف عليه، بل بالأحرى هي شخصيات يكرهها القارئ في أحيان.

وتعترف الروائية بأن هناك دائماً شخصيات "بغيضة" في رواياتها مما يؤدي إلى توقف قراء كثر عن القراءة، لكن ذلك لا يهم، فدا كوستا تود مواجهة التحدي المتمثل في معالجة الأسوأ أيضاً. وتشرح دا كوستا خياراتها في خلق بطلات لسن بطلات في المعنى المتعارف عليه، قائلة في إحدى المقابلات المجراة معها: "أعشق البطلات اللاتي يزعجن القارئ. في الأدب، صورة المرأة هي إما أن تكون أماً طيبة مضحية مثالية ليس لديها كثير في حياتها، وإما أن تكون العشيقة أو الحبيبة، وهي حسناً، ليست امرأة شائكة أبداً. وفي الحالين ليس لهاتين المرأتين كثير لنقوله عنهما. البطلة في حالتي ليست امرأة سيئة، لكنها امرأة عاشت وعانت وصارعت واتخذت خيارات سيئة. يرغب القارئ في قراءة شخصيات تشبهه وحيوات يمكن أن يتماهى معها. هذا هو الأمر المثير للاهتمام أيضاً، ألا تكون لديك شخصيات بطولية ولطيفة ومتعاطفة طوال الوقت".

أدب "الفيل غوود"

ظهر حديثاً في السنوات القليلة الماضية في الأدب الأنغلوساكسوني فن جديد في الكتابة وهو فن الـfeel good أو منح الشعور الجميل، وهو أدب يتمثل بسمة رئيسة أساسية هي منح القارئ الشعور بالسعادة والراحة. يعد هذا الأدب بسعادة أقرب إلى أسلوب الكتابة الإيجابية، الهدف منها إعطاء رؤية إيجابية للحياة والناس والمجتمع والأحداث الجارية أو ببساطة إعطاء الأمل للقارئ.

ليس هذا الخط الجديد من الكتابة شبيهاً بكتابة تطوير الذات، بل هو فن أدبي يمكن إيجاده في الشعر أو في الرواية أو غيرهما، وهو يمنح القارئ الشعور بالسعادة بأحداثه ووصف الشخصيات وتتطور الأحداث من دون أن يعني ذلك خلو النص من نعرات أو مشكلات أو أحداث محزنة. وهذا التيار الجديد في الفن الموجود في الأدب والأفلام والموسيقى هو عنصر ثقافي تخلق رؤيته الإيجابية شعوراً بالرفاهية والفرح والأمان لدى متلقيه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يتميز هذا النوع من الأدب الذي أصبح رائجاً بعض الرواج منذ بداية هذا القرن بسهولة قراءته مهما كانت صيغه، وتعد ميليسا دا كوستا من رواده إلى جانب عدد غيرها من الكتاب، منهن الكاتبة التي تحصد حالياً نجاحاً باهراً أيضاً على قائمة المبيعات، الفرنسية فيرجيني غريمالدي.

لكن تصنيفها ضمن هذه الفئة لا يروق تماماً لدا كوستا فتقول: "هل أنتمي إلى أدب الـfeelgood أم لا؟ يختلف الأمر بحسب المعاني التي يحملها التصنيف. إن عني ذلك أن أدبي يحمل قوة مقاومة وحب الحياة، فنعم هو أدب الـfeel good. إن عني ذلك أنه يجعل القارئ يشعر بحالة جيدة وبالارتياح وبالتصالح مع نفسه، فنعم. إن كان أدبي يسمح للقارئ بالتأمل بذاته وبحياته وبمحيطه والعمل على نفسه وتهذيبها والمضي قدماً، فنعم. إن كان أدبي يساعد المتلقي على إعادة النظر في حياته وسعادته ويعيد له رغبته في الحياة، فنعم. إنما إن عني هذا التصنيف أن نصي خفيف وبسيط وسطحي وسريع القراءة فهذا يزعجني. لا أكتب روايات تقرأ بسرعة وتنسى بسرعة. لا أحب هذا النوع من الأدب".

ومن الجدير ذكره في نهاية المطاف أن أسلوب ميليسا دا كوستا بطيء في أحداثه عميق في وصفه، يتناول المجتمع والإنسان ومجريات الحياة اليومية وهو ما يختلف به عن الأدب الأميركي الزاخر بالحركة والأحداث والسرعة على رغم اعتناقه أسس الـfeel good. تغوص دا كوستا في شخصيات بطلاتها وعوالمهن ومشاعرهن وسماكاتهن النفسية، كاسرة الصور المتعارف عليها والمتوقعة في الأدب في إطار سردي هادئ متماسك ويبث الراحة.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة