ملخص
يؤمن بليكس بـ"تعددية الأطراف" في السياسة الدولية، ويضيف بابتسامة سنوات الخبرة المتراكمة في الدبلوماسية "ثمة كمية من المشكلات في عالم معولم لا يمكن إدارتها في حال كنت معزولاً" عن بقية الدول.
رأى كبير مفتشي الأمم المتحدة عن أسلحة الدمار الشامل في العراق سابقاً هانس بليكس، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يخاطر بالتسبب بكارثة في محطة "زابوريجيا" للطاقة النووية التي تسيطر عليها قواته في أوكرانيا، وسط مخاوف دولية متزايدة في شأن سلامة هذه المحطة، وهي الكبرى في أوروبا.
واعتبر بليكس، خلال مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية بمنزله في ستوكهولم امتدت ساعة وقارن خلالها بين "خطأين" يفصل بينهما عقدان من الزمن: حرب الولايات المتحدة على العراق، وحرب روسيا على أوكرانيا، أن بوتين "عقلاني جداً، ويدرك ما يقوم به".
كان خطأ فادحاً
وتولى وزير الخارجية السويدي السابق الذي أتم الـ96 من العمر، منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بين عامي 1981 و1997. وارتبط اسمه بصورة وثيقة بالعراق، حين قاد فريقاً من المفتشين الذين عملوا على التحقق مما إذا كان نظام الرئيس السابق صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل.
لكن الفريق الدولي لم يعثر على أسلحة كهذه على رغم المزاعم الأميركية بامتلاك صدام حسين لها، التي كانت من الأسباب التي عرضتها الولايات المتحدة لتبرير غزوها العراق عام 2003.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأى بليكس أن ما جرى كان "خطأ فادحاً من جانب الولايات المتحدة، ومبنياً على معلومات خاطئة وغطرسة تقضي بأن الاستخبارات الأميركية تعرف أكثر مما نعرفه".
وأضاف "حرب العراق كانت انحرافاً".
واعتبر أن الولايات المتحدة لم تكن تواجه خطر تدخل روسيا أو الصين، وأخذت واشنطن ولندن على عاتقهما أن تكونا "شرطيي العالم".
تفاؤل حيال النزاعات
لكن الدبلوماسي المخضرم يبدو أكثر تفاؤلاً حيال مصير النزاعات في العالم، ونشر العام الماضي كتاب "وداعاً للحروب". ويقر بأن عنوانه "شديد الاستفزاز" نظراً إلى الرياح الجيوسياسية التي تهب في العالم، خصوصاً مع الحربين في أوكرانيا وغزة.
وكما غزو الولايات المتحدة العراق، اعتمد بليكس التوصيف نفسه (انحراف) في الحديث عن الهجوم الروسي على أوكرانيا اعتباراً من فبراير (شباط) 2022. وأضاف "بوتين ارتكب خطأ، وأنا واثق بأنه نادم عليه".
وحذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الـ17 من أغسطس (آب) من أن وضع السلامة في محطة "زابوريجيا" يتدهور بعد ضربة غير بعيدة منها بطائرة بلا طيار.
وسيطر الجيش الروسي على المحطة في مطلع الحرب، وتعرضت لهجمات تبادل طرفا النزاع الاتهام بالمسؤولية عنها.
لكن بليكس الذي كان يشرف على الوكالة الذرية الدولية لدى وقوع كارثة مفاعل "تشيرنوبل" الأوكراني عام 1986، أعرب عن اعتقاده أن روسيا لن تهاجم المحطة النووية عمداً. وقال "لا أعتقد أن الروس سيقومون بذلك عمداً، كلا. سأفاجأ للغاية في حال لم يكن الروس قد أصدروا تعليمات لجيشهم بتجنب إلحاق ضرر بالغ" بالمحطة.
كذلك فإن بليكس ليس قلقاً من تلويح بوتين المتكرر منذ بدء الحرب في أوكرانيا بالسلاح النووي في مواجهة الغرب الذي يمد كييف بالدعم العسكري. وأوضح أن بوتين "يلوح بالأسلحة النووية ويهدد، لكنه ليس غبياً. ما دام بقي احتمال الضربة الثانية قائماً ثمة خطر تصعيد". وشدد على أن "القوى الكبرى، الولايات المتحدة وروسيا والصين، لا تريد بلوغ وضع مواجهة مباشرة في ما بينها".
قوة المعادلة البسيطة
يبقي بليكس على تفاؤله لما بعد الحرب الأوكرانية، وهي نزاع لم تشهد أوروبا له مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية.
يراها معادلة بسيطة: على روسيا في نهاية المطاف "أن تعود إلى العالم وأوروبا"، على رغم أن ذلك "سيتطلب وقتاً".
ليس هذا كل ما في الأمر، بل "ربما سيكون ثمة شعور بأن علينا الآن بطريقة ما، أن نصحح الوضع ونحسنه".
يؤمن بليكس بـ"تعددية الأطراف" في السياسة الدولية، ويضيف بابتسامة سنوات الخبرة المتراكمة في الدبلوماسية "ثمة كمية من المشكلات في عالم معولم لا يمكن إدارتها في حال كنت معزولاً" عن بقية الدول.
ويؤكد المسؤول السويدي السابق أن على المجتمع الدولي التعاون لمواجهة التحديات الكبرى، بما فيها الاحترار المناخي الذي يثير قلقه "بصورة أكبر" من أخطار الحروب، إضافة إلى الأوبئة ومواجهة شبكات الجريمة المنظمة.