Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يجب مكافحة جيش ماسك وترمب دفاعا عن الحد بين الواقع والكذب

من خلال إطلاق العنان لوابل من المعلومات المضللة عبر الإنترنت يدمر أشخاص مثل الرئيس الأميركي السابق والرئيس التنفيذي لشركة "إكس" قدرتنا على التمييز بين الحقيقة والخيال

ماسك إلى جانب روبرت مردوخ أعظم عامل تمكين لترمب (أسوشيتد برس)

ملخص

يدق الصحافي ألان رسبريدجر ناقوس الخطر داعياً لتعزيز معايير حماية صدقية الإعلام وموثوقية المعلومات

تعد مهاجمة وكر دبابير بعصا فكرة سيئة بصورة عامة، وهذا يسري على قول أشياء غير لطيفة عن إيلون ماسك. ذلك أن سربه من الحشرات المحبة لحرية التعبير يبذل قصارى جهده للدغكم بصمت مؤلم.

وفي غضون دقائق من كتابتي مقال رأي الأسبوع الماضي حول السبب الذي ربما يجعل الأوان قد آن لكي يفكر الأشخاص المحترمون في مغادرة "تويتر"/ "إكس"، شن السرب هجومه. وصفت بأنني ناطق شيوعي من بلد "يقبع في المرحاض". ووصفني مستخدم مجهول (معظم المستخدمين كذلك) بأنني أصرخ "مثل إحدى النسويات في مسيرة للمطالبة بسدادات صحية مجانية" وأشعر "بقلق لصغر العضو الذكري". في الأقل هذه هي الترجمة: ربما كانت اللغة أسوأ في اللغة الليتوانية الأصلية.

"كم هو مثلي الجنس"، هكذا وصفني شخص أظهره ملفه الشخصي وهو يدخن سيجاراً كبيراً (لا قلق من صغر العضو الذكري هنا!). "يبدو مثلي الجنس في صورة مخيفة جداً"، قال آخر ساخراً "هذا المجال مخيف للجبناء مثلك". وقيل إنني "ليبرالي مزيف" يطلق "نوبات غضب سوقية". ومن بين التفسيرات الأخرى التي قدمت لتفسير عدم موافقتي على ما يفعله ماسك أنني فاشل ويهودي ومروج للهراء ونخبوي من هامبستيد [حي لندني راق]، ويساري نموذجي و/ أو قذارة دون البشر.

وجاءت الجملة المفضلة لدي من شخص، معجب كبير بتومي روبنسون ودونالد ترمب وناجل فاراج، كما يتبين من خلال الجدول الزمني لحسابه، تكبد مشقة إرسال رسالة خاصة إليّ نصحني فيها بما يلي "افحص هرمون التستوستيرون الخاص بك، يبدو منخفضاً. لا أمزح [أنا جدي]".

إذاً ها نحن ذا، إذا شكك المرء في ماسك ونهجه في الكلام يترتب على ذلك أنه شيوعي بالتأكيد في أحسن الأحوال، ومخنث فاشل جنسياً في أسوأ الأحوال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

علاوة على ذلك كله اتهمني رجل يكسب رزقه من الكتابة في صحيفة "تلغراف" بالرغبة في إنشاء "يوتوبيا يسارية متعجرفة" بديلة، وتساءلت كيف يمكن لصحافي في "تلغراف" أن تفوته الفكرة المحورية في صورة مذهلة إلى جانب المتشدقين الآخرين على المنصة، و(ربما) الحسابات الروبوتية.

هل ثمة حقاً من يرغب في إنشاء "يوتوبيا يسارية متعجرفة"؟ تدور وسائل التواصل الاجتماعي في أفضل حالاتها، حول مواجهة المرء وجهات نظر مختلفة، مع حجج وتشكيك ونقاش متماسك. ولا يتعلق اعتراضي على الطريقة التي تدار بها "تويتر"/ "إكس"، أو لا تدار، بالشأن السياسي. هو يتعلق بالطريقة التي تستخدم بها المنصة لإثارة الكراهية إن لم يكن العنف الفعلي. والأهم من ذلك ربما هو تآكل أي شعور بأن بعض الأشياء قد تكون صحيحة في صورة يمكن التحقق منها، في حين أن البعض الآخر ليس كذلك. كان ذلك مهماً للصحافيين العاملين في "تلغراف".

أعتقد أن هذه الردود ليست عرضية. ستتذكرون عبارة ستيف بانون [كبير استراتيجيي البيت الأبيض في عهد ترمب] الصارخة التي تعود إلى عام 2018 "إغراق المجال بالهراء". وأوضح الكاتب شون إيلينغ معناها، إذا أشبع المرء المنظومة الإعلامية بمعلومات مضللة يسحق قدرة أي شخص على تصحيحها.

وكتب إيلينغ يقول على موقع "فوكس" الإخباري "ما نواجهه هو صورة جديدة من الدعاية التي لم تكن ممكنة حقاً حتى حلول العصر الرقمي. هذا الصورة من الدعاية لا تنجح من خلال خلق إجماع حول أي سرد معين، بل من طريق تعكير المياه [جعل الأمور معقدة وغير واضحة] فيتعذر حقيق إجماع".

لفهم سبب أهمية هذه الظاهرة عليكم العودة إلى أساسات الطريقة التي كان أي شخص في مجتمع ديمقراطي يعرف فيها أن شيئاً ما كان صحيحاً، نظام المؤسسات والمعايير التي أبقتنا في صورة جماعية راسخين في صورة من صور الواقع وسمحت لنا بتسوية خلافاتنا بأسلوب حضاري.

أطلق الكاتب الأميركي جوناثان راوخ على هذا النظام اسماً أصبح عنواناً لكتابه الممتاز الصادر عام 2021 "دستور المعرفة".

يسرد راوخ المجالات الأربعة التي تمكننا مساعيها، تمكن معظمنا فقط، من العيش في مجتمع قائم على الواقع، العلوم والأوساط الأكاديمية والصحافة والقانون والحكومة. هذا هو دستور المعرفة، وهو دستور خدم الديمقراطيات الليبرالية في صورة جيدة لمدة ثلاثة قرون من الزمن أو أكثر.

من أجل الهرب من هذا الواقع يبدأون بمهاجمة العلماء والمحامين والصحافيين و"مستنقع" الحكومة أو "تكتلها". ثم يمضون إلى أبعد من ذلك.

كان دونالد ترمب بإدلائه بأكثر من 30 ألف تصريح كاذب خلال فترة رئاسته يخلق عمداً وابلاً من الأباطيل. كان يغرق المجال أو كما يقول راوخ "يمهد لمؤامرة"، فيقول المرء "إن نظرية المؤامرة هذه قد تكون صحيحة"، ثم يعممها – وفي مقاربة كلاسيكية أخرى يختطف الانتباه.

تابعوا ماسك من كثب، من الصعب عدم متابعته، وسترون أنه يفعل الشيء نفسه.

يقول راوخ "هذا ما يفعله [ترمب] من خلال التصرف في صورة شنيعة، التأكد من أننا لا نستطيع التفكير في أي شيء آخر. هذا تكتيك نشره هتلر في [سيرته بعنوان] "كفاحي"، لا يهم إذا كانوا يسخرون منا ما يهم كله هو أنهم لا يستطيعون التوقف عن التفكير فينا. أعتقد أن ترمب هو أعظم عبقري دعاية منذ غوبلز. وهو أفضل من بوتين [يتفوق عليه في هذا المضمار]".

وماسك كذلك إلى جانب روبرت مردوخ أعظم عامل تمكين لترمب، وليس ترمب فحسب. في مهمته المتسمة بحماسة شبه عمياء من أجل تحقيق حرية تعبير مطلقة من دون أي حدود، دعا الرجل-الطفل إلى منصته أشخاصاً يعرف أنهم كاذبون ومتخيلون [يسردون الأكاذيب والخرافات] ومروجون لمؤامرات وعنصريون مغرضون.

في الوقت نفسه قوض مجموعات حاولت مهما كانت محاولاتها غير كاملة [قدر المستطاع]، التصدي لأسوأ المعلومات الخاطئة وجربت تعزيز المعلومات الأكثر صدقية. هو حرفياً يغمر المجال بالهراء.

وحتى قبل أن يتسبب ماسك بتدهور هذا المجال قال راوخ "اعتبروا 'تويتر' نموذجاً مصغراً للحروب الأهلية والنزاعات العقائدية، أشياء مثل الحروب الدينية الأوروبية المروعة في القرنين الـ16 والـ17، التي تعايشت معها البشرية على أنها واقع الحال وسائدة حتى نحو عام 1700.

"اليوم نميل إلى افتراض أن ترك الناس يستخدمون أجهزتهم الخاصة سيجعلهم يجرون محادثات ممتعة ستكون محترمة وتبحث عن الحقيقة. هذا خطأ تماماً... في بيئة غير منظمة تماماً، مثل "تويتر"، تخلو من أية قيود حماية، لن يتحدث الناس مع بعضهم بعضاً.

"هم يتباهون بولاءاتهم القبلية، إهانة القبيلة الأخرى، والانخراط في التفوق والانغماس في تعظيم التحيز، هم ينحدرون تدريجاً إلى حرب قبلية".

هكذا تصرفت دبابير ماسك الأسبوع الماضي. أثبتت المطلوب إثباته.

استغرق الأمر قروناً من الزمن ومن السعي الدؤوب لبناء دستور المعرفة وذلك كما يقول راوخ من أجل "إنقاذنا من أنفسنا". أما وسائل التواصل الاجتماعي المطلقة العنان فتفعل خلاف ذلك وتؤدي إلى عالم، وفق ما يظهره عدد من الاستطلاعات، نجهل فيه في صورة متزايدة من نصدق أو ماذا نصدق.

هذا الأمر إشكالي في صورة خاصة داخل المملكة المتحدة حيث تتمتع وسائل الإعلام المسماة عريقة لدينا بأدنى مستوى من الثقة، نقبع عند 15 نقطة مئوية كاملة خلف ألمانيا أو إيطاليا مثلاً، وثماني نقاط خلف الولايات المتحدة. وليس من قبيل المصادفة أن تكون المؤسسة الإعلامية التي تحظى بأكبر قدر من الثقة [والموثقوقية] "هيئة الإذاعة البريطانية" "بي بي سي" هي الأكثر استهدافاً بإساءات سامة. إذا دمرت "بي بي سي" يصبح عالم مردوخ-ماسك أكثر قوة.

إذا كانت "تويتر"/ "إكس" تتجه إلى أن تصبح أسوأ وسائل التواصل الاجتماعي يقارنها راوخ بـ"ويكيبيديا"، "لأن ["ويكيبيديا"] منظمة وفق دستور المعرفة. لدينا حرية تعبير فيها لكن لدينا أيضاً انضباط حول الحقائق. يحتاج المرء إلى أن يكون مصيباً، أن يظهر أنه التزم بالمتطلبات. تنشأ خلافات وهذا أيضاً منظم من قبل الويكيبيديين الذين أنشأوا سجلات متابعة. لقد أظهرت ويكيبيديا أن المرء مع الحوافز الصحيحة يمكنه نقل بيئة البحث عن الحقيقة إلى عالم الإنترنت".

لذلك لا، لن أقيس مستوى هرمون التستوستيرون الخاص بي. أنا لا أتوق إلى يوتوبيا يسارية متعجرفة. أريد فقط مساحة تطمح في الأقل إلى أن ترتكز على الواقع والحقائق. يغمر مجال إيلون في صورة كبيرة وحقيقية بالهراء. حان الوقت لركوب المستخدمين قوارب النجاة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء