Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النزاع على رئاسة المصرف المركزي يهدد ليبيا بـ"العزلة"

توقف القطاع المالي محلياً والبنوك الدولية تطعن في "الثقة" الخارجية للاقتصاد

مصرف ليبيا المركزي (مواقع التواصل)

ملخص

النزاع المحتدم لبسط النفوذ على المصرف المركزي الليبي ظهرت تداعياته بسرعة على المستوى الاقتصادي، إذ أعلنت غالب المصارف الليبية توقف كل خدماتها، وتلقى المصرف الخارجي الليبي الذي تصب فيه عائدات النفط قبل انتقالها إلى البنك المركزي، تحذيرات من المؤسسات المالية الدولية بوقف التعامل المالي مع ليبيا حتى تحل هذه الأزمة.

في تطور خطر لأزمة النزاع على رئاسة المصرف المركزي الليبي، أقدمت لجنة مشكلة من المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي بإسناد من قوة مسلحة على اقتحام المصرف، وتسليم إدارته للمحافظ الجديد محمد الشكري الذي عينه المنفي في تضارب مع قرار البرلمان بتثبيت مجلس الإدارة الحالي برئاسة الصديق الكبير الذي تمسك بمنصبه ورفض التسليم لمجلس الإدارة الجديد.

هذا النزاع المحتدم لبسط النفوذ على المصرف المركزي ظهرت تداعياته بسرعة على المستوى الاقتصادي، إذ أعلنت غالب المصارف الليبية توقف كل خدماتها، وتلقى المصرف الخارجي الليبي، الذي تصب فيه عائدات النفط قبل انتقالها إلى البنك المركزي، تحذيرات من المؤسسات المالية الدولية بوقف التعامل المالي مع ليبيا حتى تحل هذه الأزمة.

الأخطر من كل هذا، كان إقدام مجموعة محلية في منطقة الواحات التي تعد أكبر المناطق إنتاجاً للنفط في ليبيا على وقف الإنتاج تماماً، مطالبة بالتوزيع العادل للثروات بين أقاليم ليبيا قبل إعادة فتح الحقول، مما يعني عودة ليبيا إلى النقطة صفر بالمربع الأول قبل توقيع الاتفاق السياسي في جنيف، وهو مربع خطر يحمل في طياته تهديدات أمنية وسياسية كبيرة.

اقتحام المركزي

وحدث كل هذا التصعيد بعدما تمكنت لجنة التسلم والتسليم المكلفة من المجلس الرئاسي، أمس الأحد، من دخول مقر مصرف ليبيا المركزي بالقوة، لتنفيذ قرار المجلس الرئاسي بتغيير إدارة المصرف، وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على منصات التواصل الاجتماعي عضو اللجنة علي الشتيوي وهو يدخل المصرف وسط إجراءات أمنية مشددة.

ورد محافظ المصرف المكلف من مجلس النواب الصديق الكبير، بسرعة على هذا التصعيد، بتقديم بلاغ إلى النائب العام يتهم فيه اللجنة بـ"الاقتحام غير القانوني للمصرف"، مشيراً إلى أن "هذا الاقتحام يشكل تهديداً خطراً لأهم مؤسسة مالية في البلاد، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الصعيدين المحلي والدولي".

وقال الكبير في خطابه للنائب العام، إن "جهاز الأمن الداخلي قام باختطاف أربعة من موظفي المصرف المركزي أثناء تأديتهم واجبهم".

وأضاف الكبير، أن "المصرف المركزي مؤسسة سيادية تتبع السلطة التشريعية، وفقاً للقانون رقم 1 لعام 2005 وتعديلاته (لا يزال سارياً) بالتالي قرارات المجلس الرئاسي في هذا السياق غير قانونية وصادرة عن غير ذي اختصاص".

من جانبه، أعلن المجلس الأعلى للدولة، "رفضه القاطع لتصرفات المجلس الرئاسي"، ودعا المجلس المجتمع الدولي والجهات المحلية لعدم الاعتراف بالإدارة الجديدة للمصرف باعتبارها "غير شرعية ومغتصبة للسلطة".

وأكد المجلس أنه سيتخذ، "إجراءات قانونية للحفاظ على حقوقه التشريعية طبقاً للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري".

تجميد تصدير النفط

ورد الطرف الثاني في الصراع على صلاحيات تعيين مجلس إدارة المصرف المركزي وهو البرلمان في بنغازي، على تصعيد المجلس الرئاسي بتصعيد أكبر، إذ نفذ تهديد رئيسه عقيلة صالح، قبل أيام قليلة، بإغلاق حقول النفط في شرق ليبيا إذا فُرض قرار إقالة المحافظ الحالي الصديق الكبير بالقوة، مما يهدد بعودة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عاشتها البلاد ما بين عامي 2013 و2016 عندما حدث إقفال مماثل للحقول ذاتها.

إغلاق الحقول النفطية في الشرق الليبي تم على يد مجموعة أطلقت على نفسها اسم "شباب المناطق النفطية والفعاليات الاجتماعية في مدن الواحات"، التي قالت في بيان، إن "هذه الخطوة الاحتجاجية ستستمر حتى تتحقق مطالبهم العادلة والمشروعة، التي تتمثل في توزيع عادل للموارد النفطية بين مختلف الأقاليم الليبية، بما يضمن حقوق كل إقليم ويعطي كل ذي حق حقه".

وتنتج حقول النفط في شرق ليبيا قرابة ثلثي إنتاج النفط الليبي، ويصدر جلها من موانئ الهلال النفطي شرق سرت، إذ سيؤدي إقفال حقول الواحات النفطية بها إلى توقفها عن التصدير للخارج.

تداعيات اقتصادية سريعة

وسط هذه التطورات المتسارعة، بدأت تظهر التداعيات الاقتصادية لأزمة المصرف المركزي بسرعة أكبر، مع توقف الخدمات المصرفية في عدد من البنوك ومحلات الصرافة، وسط تخوفات من أن تمتد لجميع البنوك الليبية التي لن تستطيع التعامل مع الجمهور إذا ما علق المركزي أعماله بصورة كاملة بسبب الأحداث التي يشهدها حالياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأصاب القطاع المصرفي منذ أمس الأحد شلل تام بتوقف جميع الخدمات المالية المقدمة والممررة عبر مصرف ليبيا المركزي، مثل شراء العملة الأجنبية وقبول الصكوك وتنفيذ الحوالات المحلية، وتمرير الاعتمادات والحوالات الخارجية "سويفت".

وأثار هذا الانقطاع في الخدمات المصرفية مخاوف كبيرة في الشارع الليبي من تأثير هذه الأزمة على الأوضاع المعيشية للمواطنين، لا سيما أن المصرف المركزي مسؤول عن حوالات الرواتب الشهرية، كما أن هذه الأزمة تأتي في ظل تفاقم الأسعار ونقص حاد في الوقود.

كما تخوف آخرون من أن تمتد الأزمة إلى القطاعات الخدمية في البلاد مثل الصحة والتعليم وغيرها من القطاعات الحيوية، التي لن تقوم بواجباتها الكاملة في حال تعطل الخدمات المصرفية.

إنذار خطر

في المقابل، حذر المصرف الليبي الخارجي، من دخول مؤسسات الدولة الليبية في عزلة عن أهم ركائز المنظومة المالية والمصرفية الدولية جراء الإجراءات المتخذة من قبل بعض الجهات في الدولة تجاه المصرف المركزي. 

وفي خطاب وجهه رئيس لجنة إدارة المصرف الليبي الخارجي، محمد علي إلى مدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد، أشار إلى استفسارات تصل إليهم من مؤسسات مالية ومصرفية دولية تنبه إلى الخطورة المترتبة على صدور تعليمات أو قرارات منها على تصنيف المصرف الخارجي.

وتلقى المصرف الخارجي استفسارات من بعض البنوك المراسلة التي يتعامل معها في جميع عملياته بعملة الدولار الأميركي، وأخرى من سلطات رقابية على القطاع المصرفي في دول المقر لمساهماته، التي تعد أهم ركائز العمليات المصرفية بالنقد الأجنبي للقطاع المصرفي الليبي.

وقال علي، إن "هذه الجهات تشير خلال الاتصالات إلى فقدان الثقة في القطاع المصرفي الليبي، الأمر الذي سينتج منه قرارات صارمة من الجهات المعنية، بما في ذلك السلطات النقدية بالولايات المتحدة والمتمثلة في وزارة الخزانة الأميركية التي تعد المسؤولة على إضفاء الموافقات الرسمية على الجهات الرسمية المخولة بالقيام بجميع العمليات المصرفية بعملة الدولار الأميركي".

وأوضح علي أنه من شأن هذه الإجراءات أن "تجعل مؤسسات الدولة الليبية في عزلة عن أهم ركائز المنظومة المالية والمصرفية الدولية، فضلاً عن تعريض أموال الدول الليبية لمزيد من الأخطار التي قد تترتب عليها أي إجراءات قانونية ناتجة من القضايا المرفوعة عن الدولة الليبية للحجوزات والتجميد، نتيجة الإخلال بمبدأ استقلالية المصرف المركزي والجهات التابعة له". 

توتر في العاصمة

وشهدت العاصمة طرابلس تحشيدات عسكرية كبيرة، خصوصاً في محيط المصرف المركزي، بعد ساعات قليلة من اقتحامه، كما ظهر قادة خطرون لجماعات مسلحة في طرابلس بعد غياب عن المشهد لأعوام، على رأسهم القائد العسكري في مصراتة صلاح بادي، المسجل على قائمة المطلوبين دولياً، بناء على مذكرات قانونية صادرة عن الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تتهمه بتدمير مطار طرابلس في 2013، الذي لا يزال موقوفاً عن العمل حتى يومنا هذا.

هذه التحركات أثارت مخاوف أخرى من تدهور الأوضاع الأمنية الهشة أصلاً، خصوصاً في ظل التحشيدات العسكرية الكبيرة في محيط المصرف المركزي، واستمرار توافد المجموعات المسلحة إلى طرابلس منذ أمس.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير