Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا وأسعار النفط

توقف صادراتها ليس الأول وأثره الحالي قد يرفع سعره لسبعة دولارات للبرميل

حقل الشرارة النفطي الليبي  (رويترز)

ملخص

أخطار توقف صادرات النفط الليبي لا تقتصر على فقد الكمية، بل تمتد إلى النوعية أيضاً، وهذا يعني أن الأثر سيكون في الأسعار من جهة، وفي الفروقات السعرية بين أنواع النفط المختلفة من جهة أخرى.

أعلنت الحكومة الليبية في بنغازي أمس الإثنين حالة القوة القاهرة على كل المنشآت النفطية ووقف إنتاج وتصدير النفط، وجاء القرار بسبب خلاف حول قيادة المصرف المركزي وتوزيع إيرادات النفط.  

منذ الأسبوع الماضي بدأت التصريحات تنتشر، وتفيد بأنه سيوقف إنتاج النفط، وهذا يتضمن بعض القبائل التي تطالب باستثمار بعض الإيرادات في مناطقها وتنميتها. وقبل ذلك بأسبوع تقريباً أغلق حقل شرارة، أكبر حقل نفط في ليبيا، الذي تديره شركة ريبسول الإسبانية، احتجاجاً على قرار محكمة إسبانية ضد صدام حفتر، ابن خليفة حفتر، بتهمة التجارة بالسلاح. 

وأعلنت شركة سرت الليبية لإنتاج النفط والغاز أمس أنها ستبدأ خفضاً تدريجاً للإنتاج بسبب الاحتجاجات والضغوط من فئات مختلفة، وفي رد فعل على ذلك وجه رئيس الوزراء الليبي (حكومة طرابلس) عبدالحميد الدبيبة وزير النفط المكلف بعدم السماح بإقفال حقول النفط، كما طالب الجهات المتخصصة بمحاسبة من يغلق الحقول. المشكلة أن كبار الحقول خارج سيطرة حكومة طرابلس، ومن ثم ليس هناك طريقة لمنع إغلاق بعضها.

بحسب الإحصاءات الأخيرة تصدر ليبيا أكثر من مليون برميل يومياً، كما أنها تصدر كميات ضئيلة من الغاز إلى إيطاليا عبر خط أنابيب غرين ستريم أو "الخط الأخضر". توقف صادرات النفط كلياً سيؤثر في الأسواق، وإذا استمر التوقف لفترة طويلة فإنه سيؤثر في قرارت "أوبك+".

 إلا أن توقف ضخ الغاز إلى إيطاليا لن يكون له أثر بسبب ضآلة الكميات من جهة، وارتفاع مستويات المخزون إلى مستويات تاريخية بالنسبة إلى هذا الوقت من العام، إذ بلغ مستوى المخزون 90 في المئة من إجمالي الطاقة الاستيعابية، وكان الوصول إليه قبل الموعد المحدد بشهرين، ويمكن لإيطاليا التعويض بسهولة عن هذه الكميات عن طريق استيراد مزيد من الغاز المسال. 

يذكر أن صادرات ليبيا من الغاز تتأثر كثيراً بالأجواء السياسية من جهة، والطقس في الصيف من أخرى، بعبارة أخرى موجة حر في ليبيا تعني بالضرورة انخفاض صادرات الغاز إلى إيطاليا بسبب زيادة الاستخدام المحلي. 

أغلب صادرات النفط الليبية تذهب إلى الدول الأوروبية، بخاصة إيطاليا. وتشير بيانات شركة كبلر لمراقبة السفن إلى أن ليبيا صدرت خلال الشهر الماضي 360 ألف برميل يومياً إلى إيطاليا، و122 ألف برميل يومياً إلى بريطانيا، و80 ألف برميل يومياً إلى إيطاليا، و80 ألف برميل يومياً إلى فرنسا، و72 ألف برميل يوميا إلى اليونان، و40 ألف برميل يومياً إلى ألمانيا و40 ألفاً أخرى يومياً إلى السويد، و58 ألف برميل يومياً إلى الولايات المتحدة، كما أنها صدرت كمية قليلة نسبيا إلى هولندا ورومانيا والصين وتايلند.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقف صادرات ليبيا كلياً حصل سابقاً ولفترة طويلة نسبياً في 2020 وبشكل جزئي في ربيع 2022، ثم عادت الإصدرات بعد تدخل دول مختلفة لحل المشكلة بين الفريقين المتصارعين في ليبيا، وهذا يساعد في دراسة أثر خسارة النفط الليبي، ولكن ضمن حدود معينة.  

إلا أن أثر فقده حالياً أكبر من ذي قبل، وسيكون له أثر كبير نسبياً، وقد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط ببضع دولارات قد تصل إلى سبعة دولارات للبرميل. والسبب أن الأثر لا يقتصر على فقد الكمية، بل يمتد إلى النوعية أيضاً، وهذا يعني أن الأثر سيكون في الأسعار من جهة، وفي الفروقات السعرية بين أنواع النفط المختلفة من جهة أخرى.

 فالنفط الليبي من النوع الخفيف الحلو، عندما توقفت الصادرات في الماضي كان البديل جاهزاً: النفط الصخري الأميركي وانتعاش إنتاج النفط النيجري، في فترة انخفض فيها الطلب على النفط. الآن ليس هناك بديل. 

فقد تباطأ نمو إنتاج النفط الصخري الأميركي بشكل كبير، بينما تنتج نيجيريا بطاقتها القصوى.  من أين ستحصل أوروبا على الخام الخفيف؟ يمكنها الحصول عليه من دول الخليج إذا دفعت أسعاراً أعلى من الأسعار السائدة في آسيا، وهذا يؤدي، كما ذكر أعلاه، إلى ارتفاع أسعار النفط من جهة، وزيادة الفروق السعرية بين النفط الخفيف والمتوسط من جهة أخرى. وما يجعل الوضع صعباً هو أن الولايات المتحدة نفسها، وهي أكبر منتج للخام الخفيف، تستورد من ليبيا.  وذلك لأن بعض الولايات في شمال شرقي الولايات المتحدة تحتاج إلى النفط الخفيف الحلو، ولا تستطيع نقله من خليج المكسيك لعدم وجود ناقلات نفط أميركية، ويمنع "قانون جونز" الناقلات الأجنبية من نقل النفط بين الموانئ الأميركية إلا إذا حصلت على تصريح من الحكومة الأميركية وهذا أمر صعب. 

خلاصة القول إن فقدان النفط الليبي الآن سيكون له تأثير أكبر في أسواق النفط مما كان عليه في الماضي، ورأينا ذلك أمس عندما ارتفعت أسعار النفط بأكثر من دولارين.

ومع ذلك إذا اقتنعت "أوبك+" بأن التوقف سيستمر لفترة طويلة، فقد تمضي قدماً في الإلغاء التدريجي للخفض الطوعي البالغ 2.2 مليون برميل يومياً اعتباراً من الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

ففي ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية وغياب النفط الليبي، تستطيع زيادة الإنتاج من دون أن تنخفض الأسعار. الخطورة في الموضوع أن النفط الليبي يمكن أن يعود في أية لحظة، ما يخفض أسعار النفط وقتها.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء