Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صورة قاتمة للاقتصاد البريطاني بعد أول خطاب لرئيس الحكومة الجديد

ستارمر أشار إلى رفع الضرائب وخفض الإنفاق العام و"قرارات مؤلمة" لحكومته في الفترة المقبلة

تصل نسبة ضريبة التركات في المملكة المتحدة إلى نحو 40 في المئة حالياً (أ ف ب)

ملخص

ما الأكثر إثارة لغضب الجماهير في خطاب ستارمر، فتمثل في الإشارة المبطنة إلى زيادة الضرائب على البريطانيين، على رغم أنه أعاد التأكيد أن ضريبة الدخل ومستقطعات التأمينات وضريبة القيمة المضافة لن ترتفع

في أول خطاب شامل له منذ تشكيله الحكومة بعد فوز حزب العمال في الانتخابات العامة مطلع الشهر الماضي، رسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر صورة قاتمة للوضع الاقتصادي في البلاد ملقياً باللوم على حكومة حزب المحافظين السابقة.

وجاء خطاب ستارمر في حديقة الورد داخل مقر الحكومة (10 داوننغ ستريت) اليوم الثلاثاء قبل أيام من عودة البرلمان البريطاني من عطلته الصيفية، فحذر البريطانيين من "موازنة مؤلمة" ستعلنها وزيرة الخزانة، راتشيل ريفز في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وأثار خطابه حال إحباط بين البريطانيين، حتى بعض النواب في حزبه الحاكم، ولم يفلح تبرير رئيس الوزراء بأن "الأمور أكثر سوءاً مما توقعنا"، أي إن حكومة "المحافظين" تركت البلاد في وضع بغاية السوء، في تخفيف وقع خطابه السلبي.

وكانت أسئلة الصحافيين له واضحة تماماً وتشكك في أن الجمهور يمكن أن "يثق به وبحكومته" بعد النكوص عن الوعود قبل الانتخابات بإنعاش الاقتصاد وإصلاح الأمور لتخفيف الأعباء التي تثقل كاهل الشعب البريطاني، خصوصاً أن الرسالة الواضحة من كلمة رئيس الوزراء كانت تبرير أن ذلك الإصلاح سيتأخر وأن "التغيير سيأخذ وقتاً أطول" مما كان يأمله الناس بحسب برنامج حزبه الانتخابي، أما الأكثر إثارة لغضب الجماهير في خطاب ستارمر، فتمثل في الإشارة المبطنة إلى زيادة الضرائب على البريطانيين، على رغم أنه أعاد التأكيد أن ضريبة الدخل ومستقطعات التأمينات وضريبة القيمة المضافة لن ترتفع.

ضرائب ومصاعب

لكن الحديث عن التزام الوعد الانتخابي بعدم زيادة ضريبة الدخل يقابله استمرار حكومة "العمال" في تجميد رفع سقف الشرائح الضريبية، مما يعني دخول الملايين سنوياً في شريحة ضرائب أعلى، أي زيادة غير مباشرة في الضريبة على الدخل.

ورد رئيس حزب المحافظين المعارض ريتشار فوللر على مبررات ستارمر للنكوص عن الوعود الانتخابية أن الحكومة السابقة تركت ثغرة في المالية العامة بحدود 22 مليار جنيه استرليني (29 مليار دولار)، قائلاً إن "ذلك ليس صحيحاً".

ونقلت شبكة "سكاي نيوز" عن فوللر قوله "طبيعي أنه في منتصف أي سنة مالية تكون هناك زيادة إنفاق في جانب وخفض إنفاق في جانب آخر، ثم هناك عائدات الضرائب التي قد تكون قدر المتوقع أو أقل"، مستدركاً "لكن هذا ليس مبرراً لرفع الضرائب على الشعب العامل في موازنة أكتوبر المقبل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما معهد الشؤون الاقتصادية، (مركز أبحاث مستقل) فوصف خطاب ستارمر بأنه "يجهز الناخبين بهدوء" لمزيد من زيادة الضرائب على الأعمال والمدخرات.

وقال المدير التنفيذي للمعهد توم كلوفرتي "لنتذكر دائماً أن تأثير الضريبة لا يكون فقط في من يدفعها"، مضيفاً  أن "العاملين يخسرون أيضاً حين ترتفع الضرائب على الشركات"، وأردف أن "القول إن زيادة الضرائب لا تؤثر في العاملين والموظفين مجرد وهم".

ومع الإحباط الجماهيري من خطاب ستارمر، على رغم وعده بأن "الأمور ستزداد سوءاً قبل أن تبدأ بالتحسن"، لم تكن الردود المنتقدة مقصورة على المعارضة السياسية من حزب المحافظين وغيره فحسب، بل إن بعض نواب البرلمان من اليساريين الذين إما كانوا في حزب العمال الحاكم وخرجوا منه أو بقوا فيه، نشروا رسالة على مواقع التواصل تنتقد كذلك سياسات حكومة ستارمر، ومن بينهم شوكت آدم وأيوب خان وعدنان حسين وغيرهم.

وأورد النواب في خطابهم المفتوح "قالت الحكومة إنها ستخفض فواتير الطاقة، لكنها ألغت منحة الوقود لأصحاب معاشات التقاعد، ثم قالت الحكومة إنها تريد إنعاش الاقتصاد لكنها تريد خفض الاستثمارات العامة، كذلك قالت الحكومة إنها تريد أن تضع نهاية لفشل المحافظين على مدى 14 عاماً، لكنها أبقت على السقف المحدود للإعفاء الضريبي لرعاية الأطفال".

أخبار سيئة

على أية حال، ينتظر البريطانيون إذاً "أخباراً سيئة" مع إعلان أول موازنة لحكومة العمال الجديدة في أكتوبر المقبل، وبدا أن رئيس الوزراء يهيّئ الأجواء لوزيرة الخزانة عندما قال في كلمته اليوم إن على الناس أن "تقبل الآلام قصيرة الأجل من أجل الآمال بعيدة الأمد".

أما عن الأخبار السيئة التي ينتظرها الناس في إعلان وزيرة الخزانة راتشيل ريفز للموازنة، فبعضها يمس الاقتصاد بصورة عامة وبعضها يمس حياة الناس مباشرة، إذ من المتوقع أن تكشف عن خفض في الإنفاق العام والتراجع عن بعض الوعود بالنسبة إلى الاستثمارات الحكومية بهدف خفض العجز، ومن شأن ذلك أن يضر بفرص النمو الاقتصادي بصورة عامة، على رغم أن الوعد الانتخابي الأول لحزب العمال كان إعادة إنعاش الاقتصاد وزيادة نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي.

أما في ما يتعلق بالضرائب، فإلى جانب الضرائب غير المباشرة نتيجة تجميد سقف شرائح الضريبة على الدخل ومستقطعات التأمينات الاجتماعية، هناك ضرائب مرشحة للزيادة ومن بينها بداية ضريبة التركات (الضريبة على الإرث) التي تصل نسبتها حالياً إلى 40 في المئة على كل ثروة المتوفي بما فوق 325 ألف جنيه استرليني (430 ألف دولار).

وكي توفر الحكومة عائدات أعلى من تلك الضريبة للخزانة العامة، إما ستزيد نسبة الضريبة أو تقلل حد الإعفاء عن الوضع الحالي، وهناك بعض مكونات التركات معفاة من الضريبة، مثل الممتلكات الزراعية وغيرها التي يتوقع أن يلغى الإعفاء عليها أيضاً.

وستقلل الحكومة كذلك المدة التي تُعفى منها بعض الهدايا للورثة من قبل المورث قبل وفاته، فتشملها ضريبة التركات أيضاً.

وأشارت وسائل الإعلام إلى تسريب تسجيل للوزير الأول في وزارة الخزانة دارن غونز تحدث فيه في مارس (آذار) الماضي قبل فوز حزب العمال بفترة عن تلك الزيادات الضريبية التي من المنتظر أن تعلنها راتشيل ريفز في الموازنة المقبلة، معتبراً أن تلك التعديلات لزيادة حصيلة الضريبة على التركات "إعادة توزيع للثروة" وتضييق "الفجوة بين الأجيال".

ضريبة الحي

ومن الضرائب التي يتوقع أن تشهد زيادة أيضاً الضريبة على أرباح رأس المال، وهي ضريبة على فارق السعر بين الشراء والبيع لأي شيء يملكه الفرد سواء كان أسهماً في البورصة أو ممتلكات تجارية أو عقاراً ثانياً غير الذي يسكنه وأي ممتلكات أخرى باستثناء السيارة التي يقودها.

وربما تلغي الحكومة أيضاً الحد الأدنى للإعفاء من تلك الضريبة وهو 6 آلاف جنيه استرليني (8 آلاف دولار) من فارق سعر الممتلكات الذي يمثل ربحاً.

لكن الأهم والأخطر والذي يمكن أن يزيد من غضب غالبية البريطانيين حيال الحكومة، فهو أي زيادة متوقعة في ضريبة الحي (ضريبة تحصلها مجالس الأحياء والبلديات من السكان في نطاقها غير ضرائب الدخل والتأمينات)، إذ يرى بعضهم في حكومة ستارمر أن نظام ضريبة الحي "لم يعُد صالحاً" وأن بعض البيوت التي زادت قيمتها السوقية يتعين أن تدفع ضرائب أكثر مما هو عليه الوضع الآن.

وتحدد مجالس الأحياء قيمة الضريبة على سكان الحي طبقاً لشرائح معينة لقيمة البيوت والمباني في الحي بحسب تقدير قيمتها نهاية القرن الماضي في المتوسط، وكان حزب العمال تعهد في حملته الانتخابية ألا يغير شرائح البيوت بالنسبة إلى ضريبة الحي.

لكن في سياق ما هو متوقع من نكوص عن الوعود الانتخابية بذريعة أن "الأوضاع أسوأ مما قدّرنا"، من المرجح أن يتم تغيير الشرائح بما يزيد ضريبة الحي على المواطنين أو تقسيم البيوت بحسب قيمتها السوقية، بالتالي زيادة الحصيلة الضريبية، مما يثقل كاهل السكان أكثر.

وهناك أيضاً توقعات بزيادة ضريبة الدمغة العقارية وتقليل حد الإعفاء الحالي، وزيادتها بصورة واضحة على المشترين للبيت الثاني وعلى المشترين الأجانب للعقارات في بريطانيا، ومن شأن ذلك أن يحدث جموداً في السوق العقارية، بخاصة أن نسبة كبيرة من النمو في السوق تأتي من مشتريات الأجانب للعقارات البريطانية.

اقرأ المزيد