Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"إعادة ضبط" بريكست جذريا ليست اسما على مسمى

بينما يجري رئيس الوزراء محادثات في ألمانيا محاولاً تصويب بعض الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة السابقة، يزن المقال التالي الخيارات المتاحة لإصلاح علاقتنا مع الاتحاد الأوروبي

رئيس الوزراء يأمل في تجديد العلاقات مع ألمانيا (غيتي)

ملخص

يأمل كير ستارمر أن تعزز المعاهدة الجديدة مع ألمانيا علاقات بريطانيا المتوترة بالاتحاد الأوروبي، ولكن التوقعات الاقتصادية والتجارية محدودة، إذ إن أي تحسينات ملموسة تحتاج إلى مفاوضات مع المفوضية الأوروبية ولا يمكن أن تعيد بريطانيا إلى وضعها قبل بريكست.

يجب أن تحمل مهمة كير ستارمر إلى ألمانيا أملاً وتفاؤلاً في شأن علاقات بريطانيا المتصدعة مع أقرب الدول المجاورة لها، التي لا تزال إلى حد بعيد أكبر شريك اقتصادي لها ألا وهو الاتحاد الأوروبي.

لا يمكن لأحد يتمتع بعقل سليم، ومطلع قليلاً على التاريخ، أن يشكك في أن معاهدة بين البلدين، كما اقترحها ستارمر ورحب بها على ما يبدو نظيره أولاف شولتز، عبارة عن "أمر جيد". ويبدو أن ستارمر يتوقع منها نتائج مهمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن المعاهدة هي جزء من "إعادة ضبط" العلاقات البريطانية - الأوروبية التي ينادي بها ستارمر، وهي على حد تعبيره أيضاً ليست أقل من "فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل لتحقيق نتائج للعاملين في بريطانيا وألمانيا". ويزعم ستارمر أن المملكة المتحدة على وشك تنفيذ "تحول" في شأن بريكست.

لكن، لحظة... ماذا يعني ذلك تحديداً؟

يتسم الأمر بالغموض في شكل محبط، في الأقل في ما يتعلق بالأجندة الاقتصادية. يقول رئيس الوزراء من دون مبرر ملموس يذكر: "إن النمو هو الأولوية الأولى لحكومتي... وبناء العلاقات مع شركائنا هنا في ألمانيا وفي أنحاء أوروبا كلها أمر حيوي لتحقيق ذلك".

هذا صحيح، لكن ليس هناك كثير مما يعلن حتى الآن يشير إلى أن التغيير التدريجي في نمو الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة بات في متناول اليد، ناهيك بأي شيء من شأنه أن يفي بتعهد بيان حزب العمال الانتخابي المتهور إلى حد ما بـ"ضمان أعلى نمو مستدام في مجموعة الدول السبع".

لا شك في أن الالتزام الغامض بتحسين التعاون في العلوم والتكنولوجيا والتنمية والتجارة والأعمال سيساعد التجارة ويعزز البحث والتطوير والابتكار، لكنه لن يبدل التوقعات الاقتصادية الضعيفة للمملكة المتحدة في الأجل البعيد. ذلك أن الزيادة الهائلة في الاستثمار هي وحدها القادرة على القيام بذلك، وبغض النظر عن أي شيء بخلاف ذلك، لن تحقق معاهدة الصداقة الإنجليزية-الألمانية الجديدة أي شيء من هذا القبيل.

تذكر المعاهدة بواحدة من "اتفاقات التجارة الحرة" المثيرة للشفقة تلك التي اعتادت كيمي بادينوش وبيني موردونت على العودة بها بفخر إلى الوطن من ولايات أميركية فردية مثل تكساس ونورث كارولاينا وإنديانا، والتي كانت تزخر بالأفكار اللطيفة حول توأمة غرف التجارة والاعتراف المتبادل بالمؤهلات المهنية، لكنها كانت بديلاً يرثى له لاتفاق التجارة الحرة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة الذي كان من المفترض أن يلي توقيعه بسرعة بريكست وأن يساعد في "إطلاق العنان لإمكانات بريطانيا"، كما اعتاد بوريس جونسون القول.

الحقيقة المرة، التي لا يبدو أن أحداً في قاعات المؤتمرات في برلين على استعداد لقولها، هي أن أي تحسينات مادية في العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي لا بد من التفاوض عليها مع المفوضية الأوروبية – ولن تستطيع المملكة المتحدة، حتى بقيادة ديمقراطي لا تشوبه شائبة مثل ستارمر، اختيار اتفاق جديد من دون تقديم شيء في المقابل.

حتى لو كان ستارمر راغباً في إعادة انضمام المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي أو سوقه الموحدة أو اتحاده الجمركي، لا يستطيع للأسف العودة إلى الشروط المفيدة للغاية (لبريطانيا) التي كانت سائدة قبل بريكست. والواقع أن العوامل السياسية المحيطة بأي من هذه الأمور عوامل ضارة وستظل ضارة لبعض الوقت.

قال ستارمر نفسه إن المملكة المتحدة لن تعود إلى الاتحاد الأوروبي خلال حياته، ورئيس الوزراء رجل يتمتع بالعافية والصحة إلى حد ما. نحن نتطلع إذاً إلى أربعينيات القرن الـ21 ليتحقق ذلك المشروع. ستكون المراجعة التقنية لاتفاق التجارة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة المبرمة عام 2020 المقرر إجراؤها العام المقبل مجرد مراجعة تقنية. وليس أمام عشاق أوروبا إلا أن يصابوا بخيبة أمل.

يتلخص موقف الاتحاد الأوروبي في أن البريطانيين أحرار، كما اقترح بيان حزب العمال الانتخابي، في أن يتبنوا طواعية معايير الاتحاد الأوروبي لمساعدة المصدرين وتسهيل سلاسل الإمداد – لكن هذا لا يمثل اتفاقاً جديداً ومحسناً في شأن بريكست.

يعرف ستارمر، بالطبع، الحقائق تلك كلها، ويعترف أحياناً بها. ومع ذلك، هو يصر على استخدام كلمات مثل "إعادة الضبط" وتنفيذ "تحول" وفرص تسنح "مرة واحدة في كل جيل". يبدو هذا الكلام متعارضاً مع الديناميكيات السياسية في المملكة المتحدة، إذ لا يزال حزب العمال حذراً من تلقي اتهامات بـ"خيانة بريكست" (على رغم سخافة ذلك بكل ما للكلمة من معنى)، وحذراً في شكل ذي صلة أكبر من أن يعاود المرور بصدمات الفترة 2016-2020.

سيتعرض أي اقتراح بأن المملكة المتحدة قد تعاود تبني "حرية الحركة" الخاصة بالعمالة إلى تشويه وإساءة استخدام من قبل اليمين باعتباره "حدوداً مفتوحة". لا يستطيع ستارمر أبداً التحدث عن ذلك، حتى الأفكار غير الضارة حول الشباب الذين لديهم إمكانية الوصول إلى العمل والدراسة ستبدو مرفوضة.

وبطبيعة الحال، لدى أوروبا مسائل أخرى مثل الهجرة والعدوان الروسي يجب التعامل معها. ربما يكون ستارمر قادراً على تحويل خطابه إلى واقع من خلال الاستفادة من القدرة الدفاعية للمملكة المتحدة، وإن كانت مفرغة في العقود الأخيرة من الزمن، كورقة مساومة كبيرة في إعادة تفاوض أكثر طموحاً على الاتفاق الخاص ببريكست. من الصعب تحديد الخطوط، لكن اللغة حول "البناء على" المعاهدة الإنجليزية-الألمانية الحالية المبرمة عام 2010، التي ركزت أيضاً على الدفاع والأمن، تشير إلى أن تلك اللعبة تسير على قدم وساق.

بعبارة غير منمقة وشبه حرفية سيتلخص الاتفاق في أن تساعد المملكة المتحدة أوروبا في الدفاع عن نفسها شرط أن نحصل على بعض التنازلات الجادة في العلاقات التجارية والاقتصادية. إن المزايا المتبادلة في عقد اتفاقات كهذه واضحة، ومعاهدات المملكة المتحدة المماثلة مع ألمانيا وفرنسا (حيث يتجه ستارمر بعد ذلك) ستكون الأساس لاتفاق جديد أوسع حول التجارة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

سيتذكر أولئك الذين لديهم ذاكرة أبعد في الزمن أن هذه الصيغة كانت، في الواقع، ما تصورته تيريزا ماي عندما كانت رئيسة للوزراء وكانت تحاول "الترويج" لخطتها في هذا الصدد المعروفة بخطة تشيكرز [المقر الريفي لرئاسة الوزراء البريطانية حيث أقر مجلس الوزراء الورقة ذات الصلة] لدى كل من حزبها والاتحاد الأوروبي. كان القسم المتعلق بالدفاع جزءاً لا يتجزأ من اقتراح ماي، لكنه حذف وفق الأسس الشوفينية المعتادة المشككة في أوروبا عندما أطاح جونسون ماي عام 2019.

الآن، في الأقل سيعاد إحياء هذا الجزء من خطة تشيكرز المحتضرة وذلك وفق تعبير ستارمر: "في قلب هذه المعاهدة سيكون هناك اتفاق دفاع جديد، اتفاق يبني على تعاوننا الدفاعي الهائل بالفعل، لكنه يوسع تلك العلاقة لنواجه معاً التهديدات الناجمة عن عالم متقلب". في الواقع، تعرض المملكة المتحدة على أوروبا علاقة دفاعية أقوى وأكثر حميمية، وبوليصة تأمين إذا تخلت أميركا عن حلف شمال الأطلسي وأصبحت انعزالية، في عهد بقيادة دونالد ترمب أو أي شعبوي آخر مؤيد لبوتين.

هل ستقبل بروكسل اتفاقاً كهذا؟ هل يمكن أن ينجح اتفاق كهذا حتى؟ هل يستطيع ستارمر الصمود أمام الاتهامات بأنه على وشك إنشاء جيش أوروبي متعدد اللغات تحت سيطرة الاتحاد الأوروبي؟ ستكون "إعادة الضبط" التاريخية هذه عملاً شاقاً للغاية.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء