Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتخابات الرئاسة الجزائرية... حملات تخالطها فتن وشعوذة سياسية

تداول مشاهد لشاب يسجد أمام صورة تبون تعيد إلى الأذهان حقبة بوتفليقة

 رهان في الجزائر على نسبة مشاركة في التصويت بالانتخابات الرئاسية (رويترز)

 

 

ملخص

تعود الجزائريون على مظاهر توظيف منظمي المهرجانات الانتخابية أغاني شعبية تبث الحماسة في نفوس المواطنين، خصوصاً في حقبة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة كأحد أساليب الدعاية التي تدغدغ فئة من فئات الشعب رغبة في دفعهم نحو التصويت بكثافة.

دخلت حملة الدعاية لانتخابات الرئاسة في الجزائر أسبوعها الأخير والحاسم، وبينما شهدت منافسة المترشحين الثلاثة على عرض برامجهم على المواطنين في الميدان لاستقطاب أصوات الناخبين إلى صناديق الاقتراع، خطف عدد من المساندين لهم الأضواء بسبب جدل المبالغة في "التزلف" وهو الخطاب الذي باتت تمقته السلطة والجزائريون، ودعا متخصصون إلى ضبطه بعد الاقتراع من طريق مراجعة قانون الأحزاب.

وقبل نحو أسبوع من توجه الناخبين إلى صناديق التصويت في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل لاختيار "حاكم قصر المرادية"، الذي سيكون واحداً من بين المرشح المستقل الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون أو رئيس حركة "مجتمع السلم" عبدالعالي حساني أو ممثل جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، استحوذت نشاطات وسلوكيات وصفت بـ"المعزولة" على متابعي أجواء الحملة الانتخابية وتدُوولت بقوة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. فمن ولايتي الجلفة والأغواط، حيث نشط رئيس حركة البناء الوطني (إسلامية) عبدالقادر بن قرينة الموالي لتبون، ألقى شاعران جزائريان قصائد من الشعر الملحون في مدح الرئيس المترشح، إحداهما تتغنى بإنجازاته في عهدته الأولى.

دغدغة المشاعر

وتعود الجزائريون على مظاهر توظيف منظمي المهرجانات الانتخابية أغاني شعبية تبث الحماسة في نفوس المواطنين، خصوصاً في حقبة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة كأحد أساليب الدعاية التي تدغدغ فئة من فئات الشعب رغبة في دفعهم نحو التصويت بكثافة.

 

 

لكن سلوك أحد الشبان في العشرينيات من العمر الذي تدوول عبر مقطع مصور على شبكات التواصل ويظهر وسط العاصمة الجزائر يفترش قميصه على الأرض لينزل ساجداً أمام صورة كبيرة للرئيس الجزائري، أثارت انزعاجاً واسعاً من مديرية الحملة الانتخابية للمترشح تبون التي سارعت إلى منع الانسياق وراء "تأويلات مغرضة".

وقالت مديرية الحملة الانتخابية لتبون، في بيان لها، إنها "تابعت بغرابة فيديو متداولاً على وسائل التواصل الاجتماعي لأحد الشبان الذي انحنى وسجد تحت صورة معلقة للمترشح الحر لغرض انتخابي بوسط العاصمة، إذ دعا إلى التصويت لمصلحة المترشح الحر". وأضافت "مثل هذا السلوك لا يمكن أن يقبل به المترشح الحر عبدالمجيد تبون، وكثيراً ما حاربه ورفضه حتى وإن كان صادراً من أنصاره ومحبيه". ودعت "الجميع، إلى انتهاج السلوك القويم، إذ لا يكون الركوع أو السجود إلا لله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبذلك يكون المسؤولون عن إدارة حملة تبون جددوا القطيعة مع مظاهر التزلف التي تكرست خلال النظام السابق ما قبل عام 2019، حين صار تمجيد صورة الرئيس عبر سياسة "الكادر" في مختلف اللقاءات الرسمية وغير الرسمية، منهجاً لمسؤولين تسابقوا وقتها على تكريم رئيس كان غائباً تماماً عن المشهد طوال خمس سنوات بسبب المرض، لذلك دعا الرئيس تبون خلال أدائه اليمين الدستورية لدى تقلده العهدة الأولى إلى توجيه أوامر بالامتناع النهائي عن استعمال مصطلح "الفخامة" والاستعمال المبالغ فيه للعبارات السياسية النمطية التي تمجد الشخصيات وتقدسهم عبر أي وسيلة إعلامية توحي بأن كل نشاط حكومي، مهما كان نوعه، هو بتوجيه من رئيس الجمهورية.

فيديو "بن قرينة"

كما شهدت الحملة تداول مقاطع فيديو لوزير السياحة السابق رئيس حركة البناء عبدالقادر بن قرينة أثارت كثيراً من اللغط. ففي تجمع انتخابي جنوب البلاد، أبدى اعتزازه بكونه متزلفاً، قائلاً بصريح العبارة إن "الشيتة" وهي تعبير بالعامية الجزائرية عن المتزلف أنها شعبة من شعب الإيمان، مما اعتبره كثر كلاماً في غير محله.

ومنذ اليوم الأول من الحملة أعلن بن قرينة أن المرشح الحر - يقصد تبون - سيفوز بنسبة تراوح ما بين 80 و90 في المئة من الأصوات، ناصحاً منافسيه عبدالعالي حساني مرشح حركة "حمس"، ويوسف أوشيش مرشح "جبهة القوى الاشتراكية" المعارضة، إلى "التنافس على المرتبتين الثانية والثالثة".

ويحظى تبون بدعم أحزاب "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي" و"جبهة المستقبل"، التي تملك غالبية في البرلمان والمجالس المحلية، إلى جانب مجموعة واسعة من الأحزاب والنقابات والجمعيات.

وخرج مدير الحملة الانتخابية للمترشح عبدالمجيد تبون إبراهيم مراد في مناسبتين ليبدد مثل هذه التصريحات التي تزعم أن نتائج الانتخابات الرئاسية محسومة. واعتبر مراد خلال مقابلة تلفزيونية أن هذه التصريحات في شأنها تحييد الناخبين المقتنعين باستمرارية برنامج المترشح تبون لولاية ثانية عن المشاركة في العملية الانتخابية، على اعتبارها الآلية الوحيدة لتكريس هذه القناعة.

مراد أكد أن تبون على قدم المساواة مع منافسيه، قائلاً "إذا كنا نؤمن بأن النتائج محسومة لمصلحة مرشحنا، فما مبرر الخرجات واللقاءات المكثفة التي أقوم بها شخصياً عبر ولايات الوطن لحشد الناخبين". وعبر عن استغرابه من الترويج لما وصفه بـ"المغالطات" في ظل غياب أي مظاهر تؤكد مزاعم حسم العملية الانتخابية لمصلحة تبون، انطلاقاً من الالتزام بعدم استغلال موارد الدولة.

كما لم ينل الفيديو نفسه استحسان المرشح الرئاسي حساني الذي أخرجته عن صمته خلال تجمع شعبي انتخابي في مدينة تلمسان غرب البلاد، بدعوته إلى وقف الحملات التي تهدف إلى تشويه صورة المرشحين وزرع الفتنة بين الجزائريين.

 

 

ووصف المرشح أوشيش هذه التصريحات بأنها "شعوذة سياسية تهدف إلى إبعاد الشعب عن العملية السياسية بخطابات لا تمت إلى الواقع بصلة"، لافتاً إلى أن سياسات التملق السابقة قادت البلاد إلى الحراك، والآن هناك من يسعى إلى إعادة البلاد إلى المسار نفسه.

طابع شعبوي

ويقسم المحلل السياسي حكيم مسعودي ساحة الحملة الانتخابية إلى رواقين، الأول بين المتنافسين الثلاثة على اختلاف أهدافهم، والثاني يتعلق بتنافس الموالين للرئيس المترشح للظهور والترويج لحملته، معتبراً هذه الفئة أكثر تنافسية بين المترشحين أنفسهم.

ويشير مسعودي في حديث إلى "اندبندنت عربية" إلى طابع "الشعبوية" الذي وسم خطابات المساندين، وكذلك عمليات التعبئة وبعض التصريحات الاستعراضية و"الهزلية" التي تحاول لفت الانتباه على غرار ما يدلي به بن قرينة في كل مرة.

بدوره، يرى أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة المدية الجزائرية الدكتور عبدالحكيم بوغرارة في قراءة لمشهد الحملة الانتخابية، أن مستوى نوعية المترشحين وبرامجهم وقدرة تسويقهم لها تميزت بـ"الجودة"، وصيغت من قبل متخصصين.

لكن بوغرارة عبر عن أسفه الشديد لدخول "بعض الأحزاب والشخصيات بخطاب شعبوي تافه في كثير من المرات، بفعل ما عاشته الأحزاب السياسية سابقاً، فظهر أنها لم تتعلم أو تريد أن تفرض منطقها الشخصي أو لضمان تموقع ما في الخريطة المقبلة"، معتبراً أن تلك السلوكيات مشوشة للحملة وتقلل من قوة التنافسية.

 

 

وقال المحلل السياسي إن الجزائريين كانوا أمام صورة مشرفة من تنافس الأفكار والوعود والبرامج لولا تلك السلوكيات المقيتة، مقترحاً أن يتضمن مراجعة قانون الأحزاب القادم محاور عدة، منها التفريق بين الحزب الذي يريد الوصول إلى السلطة أو حزب معارض وتصنيف حزب موال بناءً على أسس علمية، إضافة إلى تقنين لجان المساندة ووضع شروط لعملها السياسي.

وذكر أن "الحملة الانتخابية بقدر ما حملت من إيجابيات تعرضت لنوع من التشويش في المضي بمستوى رهانات الجزائر الإقليمية". واستدرك بقوله، إنه مع ذلك احتضن الشعب الجزائري المترشحين ولم يرتكب أية تجاوزات على رغم الشكاوى من الواقع وغلاء المعيشة، وقدم صورة حضارية كبيرة بالمقارنة مع تجاوزات أجسام حزبية، مرجحاً عدم تأثر نسبة التصويت.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير