Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يوقظ مترشحو الرئاسة الجزائرية "الكتلة الصامتة"؟

تشمل كل الأيديولوجيات الفكرية والسياسية ولا ترتبط بحزب معين ولا توالي السلطة كما لا تعادي أي طرف

سجلت انتخابات ديسمبر 2019 نسبة مشاركة بنحو 39.93 في المئة فيما بلغت في رئاسيات 2014 نحو 51.7 في المئة (اندبندنت عربية)

ملخص

لعل اعتماد المترشحين على الملفات الاجتماعية والاقتصادية يندرج في سياق "إيقاظ" هذه الفئة، إذ وعدوا بتعزيز المكاسب الاجتماعية والاقتصادية عبر تكريس جملة من الإجراءات التي من شأنها الدفع بعجلة التنمية وضمان العيش الكريم للمواطن.

مع كل استحقاق انتخابي تنظمه الجزائر تطفو إلى السطح عبارة "الكتلة الصامتة" التي تأخذ حيزاً مهما لدى المرشحين، إذ يدعو الجميع هذه الفئة إلى المشاركة في الانتخابات والذهاب إلى صناديق الاقتراع، فمن تكون تلك الكتلة التي تشغل بال المرشحين الثلاثة لانتخابات الرئاسة المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول)؟

فئة لا تهتم

يشتد التنافس بين المرشحين مع اقتراب نهاية الحملة الانتخابية من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين، وكانت "الكتلة الصامتة" المستهدف الأول، على اعتبار أنها فئة لا تهتم بالانتخابات على اختلافها، فهي لا تتوافق مع السلطة، لكنها في الوقت نفسه لا تعاديها، كما أنها غير منتظمة في العمل الحزبي أو النشاط السياسي، وهي بكل بساطة لا تكون رأياً عند تنظيم الانتخابات، وتتسم بغموض الموقف، ما يترك انطباعاً بأنها كتلة ناخبة تمتاز بالحيادية السلبية.

وعرفت "الكتلة الصامتة" تداولاً خلال العشرية السوداء التي شهدتها الجزائر، إذ ظهر وجودها بعد انتخابات عام 1992 التي فاز بها حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلول، ومعظمها من المتعاطفين والمناضلين لهذا الحزب، إذ إن إلغاء المسار الانتخابي جعل الاستحقاقات التي تلت هذا الموعد تعرف عزوفاً من جهة أنصاره انتقاماً من "رفض" فوز حزبهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستمر الوضع مع مختلف الانتخابات إلى أن تلاشت الكتلة الصامتة مع انخفاض عدد المتعاطفين والمناضلين لأسباب مثل المرض والوفاة وتغير المعطيات واندماج بعضهم مع سياقات السلطة وانتظام آخرين في مختلف الأحزاب، غير أن هذه الفئة عادت لتظهر مرة أخرى لكن بصورة "لا إرادية"، وتشمل كل الأيديولوجيات الفكرية والسياسية من فئات المجتمع، ولا ترتبط بحزب معين ولا توالي السلطة، ولا تعادي أي طرف، وهي في صورة كتلة ملت من الفعل السياسي لعديد من الأسباب، ويئست من كل نشاط له علاقة بالحكم، وبقي البحث عن الاستقرار المادي والمعنوي أهم أهدافها بعيداً من السياسة.

ولعل اعتماد المرشحين على الملفات الاجتماعية والاقتصادية يندرج في سياق "إيقاظ" هذه الفئة، إذ وعدوا بتعزيز المكاسب الاجتماعية والاقتصادية عبر تكريس جملة من الإجراءات التي من شأنها الدفع بعجلة التنمية وضمان العيش الكريم للمواطن.

وسجلت انتخابات الـ12 من ديسمبر (كانون الأول) 2019 نسبة مشاركة بنحو 39.93 في المئة، فيما بلغت في رئاسة 2014 نحو 51.7 في المئة.

كتلة براغماتية نفعية

في السياق يرى النائب البرلماني علي محمد ربيج في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن "الكتلة الصامتة التي تعد بالملايين تقرر في كل مرة بصورة إرادية أو غير إرادية عدم المشاركة في العملية الانتخابية". وقال إن "هذه الكتلة براغماتية نفعية ربما تشارك وفق مجموعة من الشروط"، مشيراً إلى أنها تتساءل عند كل استحقاق حول قدرة الانتخابات على تغيير الحياة اليومية للمواطن، وتحسين ظروفه المعيشية، وإن كانت العملية الانتخابية محسومة مسبقاً أو لا، وغيرها من الأسئلة التي تطرحها هذه الكتلة الصامتة في كل مرة.

ويضيف ربيج أن "هذه الكتلة قررت اعتزال العمل السياسي، وهي كتلة سلبية ترفض المشاركة في العملية الانتخابية، لذا فإن تركيز المرشحين الثلاثة على استمالتها إنما من أجل رفع نسبة المشاركة لأهميتها في المشهد السياسي"، موضحاً أن "موقف هذه الكتلة الصامتة هو شبه استقالة من العمل السياسي، وهو ليس قراراً سياسياً مقارنة بالمقاطعة التي تعد سلوكاً سياسياً انتقامياً من المشهد السياسي"، وأبرز أن ظروف انتخابات 2024 مغايرة من خلال دخول مجموعة من الشخصيات المهمة والأحزاب المعارضة المعترك الانتخابي، والتي من شأنها استمالة هذه الكتلة الصامتة عبر توفير نوع من المنافسة التي تعطي إشارة إيجابية.

رفض التزكية

من جهته يعد الإعلامي المهتم بالشؤون السياسية حكيم مسعودي في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن ظاهرة العزوف السياسي ومقاطعة الانتخابات من طرف قطاع واسع من الجزائريين ليست وليدة اليوم ومرتبطة بمسألة رفضهم تزكية النظام السياسي ككل وتجاوز تطلعاتهم تغيير السلطة القائمة فحسب. وقال إن الأمر أصبح أكثر وضوحاً بعدما وجدت "الكتلة الصامتة" فضاءات اتصالية تعبر من خلالها عن نفسها وتوجهاتها.

ويواصل مسعودي أن "حراك 22 فبراير (شباط) 2019 حدد مجموعة من الترسبات السياسية، ومنها أن هذه الفئة لا تؤمن بتغيير تحمله الانتخابات يعبر عن تطلعاتها، في ظل غياب إرادة للذهاب إلى تغيير جذري وعميق من أجل الانتقال إلى دولة الحريات والقانون والكفاءات". وختم بأن هذه الفئة تعتقد أن الانتخابات لن تحمل معها أية حلول للمشكلات السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد.

محاولات استقطاب

وفي حين لم يتحدث المرشحان عبدالمجيد تبون وعبدالعالي حساني عن هذه الفئة صراحة على رغم أنهما قدما "مغريات" لاستقطابها إلى صناديق الاقتراع، قال المرشح يوسف أوشيش، إن لديه برنامجاً ثرياً ومتكاملاً يعطي اقتراحات وتشخيصاً حقيقياً وواقعياً في كل المجالات، داعياً "الكتلة الصامتة" إلى التصويت لصالحه، وأن تدلي بدلوها في انتخابات السابع سبتمبر لإحداث الرقي والتطور، مضيفاً "نرغب بمشاركة أفكارنا مع الجزائريين لإحداث التغيير وبناء الدولة الديمقراطية". وتابع، "نشجع الطبقة السياسة المبنية على نبل الأخلاق ونعارض الاسترزاق السياسي مهما كانت الظروف".

المزيد من متابعات