Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة "المصرف المركزي" تنهي سلام قطاع النفط الليبي

يشكل الإنتاج 93 في المئة من إيرادات البلاد مما يفسر استخدام إغلاق الحقول ورقة ضغط بين الفرقاء السياسيين

وقوع معظم الحقول تحت سيطرة سلطات شرق البلاد دفع نحو قبول طرابلس التوافق حول منصب رئيس مؤسسة النفط بعد إغلاقات 2022 (أ ف ب)

ملخص

يرى محللون أن الأزمة الحالية في قطاع النفط لم تكن مستبعدة في بلد غير مستقر مثل ليبيا

أنهى الصراع الأخير بين البرلمان الليبي والمجلس الرئاسي حول مصرف ليبيا المركزي حال الاستقرار الذي نعم به قطاع النفط الليبي طوال عامين، ليتوقف إنتاج وتصدير الخام بعد أسابيع فقط من تسجيل أعلى مستوى للصادرات النفطية بالبلاد خلال 22 شهراً.

وأدى الخلاف حول قيادة البنك المركزي الذي يتعامل مع عائدات النفط التي تشكل شريان الحياة في ليبيا إلى تحطيم هذا السلام الهش، على خلفية إطاحة المجلس الرئاسي بمحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير وتعيين مجلس آخر بقيادة المصرفي محمد الشكري، قبل أن يعتذر من قبول المنصب ليباشر مهمات المحافظ عبداللطيف عبدالغفار، مما أغضب البرلمان الذي رأى في خطوة "الرئاسي" مخالفة صريحة للقوانين التي تمنحه وحده حق تعيين المحافظ، ودفع المجلس وحكومته في شرق البلاد إلى إغلاق حقول وموانئ تصدير النفط الواقعة في غالبها شرقاً وجنوباً تحت سيطرة الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر كرد فعل مضاد، لحرمان حكومة غرب ليبيا المعترف بها دولياً من عوائد الصادرات.

خسارة نصف الإنتاج

وبعد يومين من وقف الإنتاج والتصدير، وتحديداً في الـ 28 من أغسطس (آب) الماضي، انخفض الإنتاج إلى 591 ألف برميل يومياً، بحسب ما ذكرت المؤسسة الوطنية للنفط، وهو ما يقارب نصف الإنتاج البالغ يومياً 1.15 مليون برميل قبل الأزمة، وفقاً لمسح "أوبك" الشهري، في وقت قدرت مؤسسة "بلاتس أس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" في الـ 30 من أغسطس الماضي حجم التراجع في الإنتاج بحوالى 63 في المئة.

وبحسب مذكرة حديثة لـ "بلاتس" فإن عمليات الإغلاق ستؤثر في أسواق مستوردة للنفط في حوض البحر المتوسط، في أسوأ أزمة نفطية في البلاد منذ صيف عام 2022 الذي شهد إغلاقاً للنفط وتراجعاً في إنتاجه إلى مستوى 600 ألف برميل يومياً.

"تكتيك وقف النفط"

وينظر كبير المحللين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة "فيريسك مابلكروفت" المتخصصة في تقييم الأخطار هاميش كينير إلى "تكتيك وقف إنتاج النفط" باعتباره طريقة مجربة ومختبرة ووسيلة ضغط لتحقيق أهداف سياسية، بخاصة إذا كانت هذه الطريقة في بلد يشكل النفط فيه المصدر الوحيد للدخل، وهو ما من شأنه إجبار الخصوم السياسيين عادة على التوصل إلى تسوية.

 

ويعد النفط عماد الاقتصاد الليبي إذ يسهم بنحو 93 في المئة من عائدات الحكومة، مما يجعل من التوافق بين الجهات الفاعلة الرئيسة في شرق وغرب البلاد ضرورة لاستدامة إنتاجه، ولعل صور هذا التوافق كانت أكثر وضوحاً في تعيين رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، المحسوب على شرق البلاد، كشرط لاستئناف الإنتاج، وأيلولة عوائده لمصرف ليبيا المركزي في العاصمة الواقعة غرب البلاد.

توازن نفطي هش

وقال كينير إنه "ساد توازن جديد للقوى في ليبيا بعد الاتفاق الذي أنهى حصار حقول النفط صيف عام 2022، مما سمح بإنتاج مستقر للنفط والغاز، لكن هذا التوازن للقوى كان هشاً دائماً وسرعان من انهار هذا التوازن في الـ 18 من أغسطس الماضي، حينما أقدمت سلطات المجلس الرئاسي غرب البلاد على الإطاحة بمحافظ المصرف المركزي الذي يوزع الأموال على بنغازي وطرابلس من جانب واحد، مما أثار انتقادات سلطات شرق البلاد".

وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً في طرابلس عبدالحميد الدبيبة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، حليفين سابقين قبل توتر العلاقات بينهما في الأشهر الأخيرة على خلفية الإنفاق الواسع من جانب رئيس الحكومة.

أزمة المصرف المركزي

لكن إطاحة المجلس الرئاسي بالصديق الكبير وتعيين محافظ آخر خلق أزمة جديدة تتعلق بقدرة المصرف المركزي على مباشرة مهماته، ووضع صدقيته على المحك، وهو ما يفسر طلب المجلس الجديد للمصرف أرقام المرور السرية للتمكن من الولوج إلى أنظمة المصرف، بما فيها منظمة "سويفت"، من المحافظ المقال والذي غادر البلاد خشية على حياته.

وفي بيان أخير على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي قالت المؤسسة الوطنية للنفط إن الإنتاج انخفض من 1.27 مليون برميل يومياً في الـ 20 من يوليو (تموز) الماضي إلى 959 ألف برميل يومياً في الـ 26 أغسطس الماضي حين توقفت الحقول، و783 ألف برميل يومياً في الـ 27 من أغسطس و591 ألف برميل يومياً في الـ 28 من أغسطس الماضي.

وقدر محللو "كوموديتي إنسايتس" خسارة الإنتاج بنحو 600 ألف إلى 800 ألف برميل يومياً مع ارتفاعها.

خفض الإنتاج

وقالت المؤسسة الوطنية للنفط إن شركاتها التابعة والمشاريع المشتركة مع شركات النفط العالمية خفضت الإنتاج، بما في ذلك شركة "الخليج العربي للنفط" بمقدار 150 ألف برميل يومياً، وشركة "الواحة للنفط" بمقدار 50 ألف برميل يومياً، وشركة "أكاكوس" بمقدار 246 ألف برميل يومياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكدت مجموعة الطاقة الإيطالية "إيني" أن "حقل الفيل" الذي ينتج 70 ألف برميل يومياً أصبح خارج الخدمة، كما صدرت تعليمات بإغلاق الموانئ والمرافق الرئيسة، إضافة إلى توقف "حقل الشرارة" الأكبر في ليبيا والذي ينتج 300 ألف برميل يومياً عن العمل منذ السابع من أغسطس الماضي، حين أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط حال القوة القاهرة.

اضطرابات متوقعة

لكن نائب رئيس أسواق النفط والطاقة والتنقل في "كوموديتي إنسايتس" جيم بوركارد لا يزال يرى أن الاضطرابات التي حدثت في ليبيا ليست أمراً مفاجئاً، على رغم أنه لا يمكن التنبؤ بالتوقيت وحجم الضرر، مضيفاً "لكن دولة بها حكومتان متنافستان ومسلحتان ستعاني حتماً عدم الاستقرار".

وفي بيانها الصادر في الـ 30 من أغسطس الماضي، دعت الشركة المملوكة للدولة إلى إنهاء الأزمة بسرعة من أجل الشعب الليبي والاقتصاد، مضيفة أنها لم تلعب أي دور في عمليات الإغلاق.

وأظهرت بيانات من "أس أند بي غلوبال كوموديتيز" انخفاض الصادرات خلال الأسبوع الذي بدأ في الـ 26 من أغسطس الماضي مع استعداد 3.4 مليون برميل من الخام لمغادرة الموانئ الليبية، انخفاضاً من 7 ملايين في الأسبوع السابق.

أوروبا والنفط الليبي

وأظهرت إدارة الإحصاءات الصينية أن المصافي الأوروبية زادت اعتمادها على الخام الليبي عام 2024 مع استقرار الإنتاج وابتعاد المشترين من شحنات الشرق الأوسط بسبب زيادة أخطار النقل عبر البحر الأحمر المرتبطة بالحرب بين إسرائيل و"حماس"، وأوقات الرحلة الأطول حول رأس الرجاء الصالح.

ويأتي إغلاق حقول وموانئ ليبيا النفطية في وقت يسير تحالف "أوبك+"، الذي تعد ليبيا عضواً فيه، على حبل مشدود بينما يتطلع إلى التخلص ببطء من 2.2 مليون برميل يومياً من الخفوض الطوعية اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مع الحفاظ على استقرار سوق النفط بعد أشهر من ضعف الأسعار.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز