Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دفتر أحوال شرطة القتل والتعذيب في إيران

أظهر مقتل مير موسوي أن عناصرها يأتمرون بأوامر قادتهم لاستخدام العنف ضد المواطنين خارج إطار القانون

إن أهم الأساليب المعتادة في مراكز الشرطة منذ سنوات ضرب وتعذيب المتهم للحصول على اعتراف (أ ف ب)

ملخص

لا يقتصر عنف الشرطة الذي أدى إلى مقتل عدد من المواطنين في الأشهر الأخيرة على قضية مقتل موسوي. إن نشر مقاطع فيديو تظهر السلوك العنيف لضباط دورية "شرطة الأخلاق" أثناء اعتقال فتاتين مراهقتين، وكذلك مقطع فيديو محاولة نقل الأشخاص الذين تم اعتقالهم في صندوق سيارة الشرطة في الأيام الأخيرة، كلها تصرفات تنتهك حقوق المتهم أثناء الاعتقال.

إن خبر مقتل محمد مير موسوي في مركز احتجاز شرطة مدينة لاهيجان تحت الضرب والتعذيب هو أحدث أعمال العنف التي تمارسها الشرطة في إيران، إذ أظهر هذا الخبر الذي انتشر كالنار في الهشيم عنف عناصر الشرطة الذين يأتمرون بأوامر كبار قادة الشرطة في إيران لاستخدام العنف ضد المواطنين العاديين.

وحدث الضرب والتعذيب الذي أدى إلى وفاة مير موسوي في مركز احتجاز الشرطة بعد أن حذر رئيس الشرطة الإيرانية العميد أحمد رضا رادان في 24 يوليو (تموز) الماضي، مهدداً الأشخاص الذين يهينون ضباط الشرطة قائلاً، "إذا تجرأ شخص ما في أي مكان في البلاد أن يعتدي على ضباط الشرطة، أقل ما يمكن فعله أن نمشي على جثته". وحديث رئيس الشرطة الإيرانية يتوافق مع رواية مركز الشرطة في مدينة لاهيجان إذ ادعت أن "الضابط فقد السيطرة بعد إهانة المتهم له".

دفتر العنف

ولا يقتصر عنف الشرطة الذي أدى إلى مقتل عدد من المواطنين في الأشهر الأخيرة على قضية مقتل محمد مير موسوي. إن نشر مقاطع فيديو تظهر السلوك العنيف لضباط دورية "شرطة الأخلاق" أثناء اعتقال فتاتين مراهقتين، وكذلك مقطع فيديو محاولة نقل الأشخاص الذين تم اعتقالهم في صندوق سيارة الشرطة في الأيام الأخيرة، كلها تصرفات خارج إطار القوانين المتعلقة باحترام حقوق المتهم أثناء الاعتقال.

ومع تولي العميد أحمد رادان منصب رئاسة الشرطة في إيران، حذر المدافعون عن حقوق الإنسان من أن سجل رادان خلال فترة توليه رئاسة شرطة العاصمة طهران يظهر أن عنف الضباط والعناصر الشرطية تجاه المواطنين ازداد بشكل كبير.

إن تدمير ممتلكات المواطنين وحالات الاعتداء على المتظاهرين خلال احتجاجات عام 2022، هي أمثلة على عنف الشرطة الإيرانية، كما تعتبر جزءاً من أداة الترهيب والقمع بحسب وجهة نظر قادة الشرطة في إيران. 

 

 

يعود عنف الشرطة في إيران إلى الأيام الأولى لاستيلاء الثوار على السلطة عام 1979. ومع قيام الجمهورية الإسلامية أدى كثرة مراكز الشرطة مثل "الشهرباني" و"الباسيج" ولجان الثورة الإسلامية (كميته هاى انقلاب إسلامى) إلى إنشاء مراكز اعتقال مختلفة، كان كل واحد من هذه المراكز مكاناً لمعاملة المعتقلين والمتهمين بشكل غير إنساني.

وتظهر تجربة سنوات القمع في الثمانينيات من القرن الماضي أن غياب المؤسسات الرقابية وعدم تمكن وسائل الإعلام من الوصول إلى مراكز الاعتقال للاطلاع على أوضاع المعتقلين والمتهمين، أدى إلى حدوث أعمال عنف غير إنسانية في معتقلات الـ"باسيج" واللجان الثورية. وكان تنفيذ أحكام الجلد من دون أمر قضائي بسبب تناول المشروبات الكحولية، أو ضرب الشباب بسبب نوعية الملابس التي كانت تعتبر مخالفة لنمط الحياة في حينها، من بين الأعمال غير القانونية الشائعة في هذه المراكز.

وفي ظل القمع وأجواء الحرب الإيرانية العراقية، لم يتم الكشف عن بعض الجرائم التي كانت ترتكب في مراكز الاعتقال من قبل وسائل الإعلام، إلا أن العنف الذي يمارس من قبل عناصر الشرطة كان حديث الناس.

ومع دمج الشهرباني واللجان الثورية في إطار واحد وتأسيس الشرطة في إيران، كان من المعتقد أنه ستكون هناك رقابة قانونية على سلوك الضباط والعناصر الشرطية مع المواطنين، لكن العنف استمر وبوتيرة عالية. وعدا عن وفاة السجناء تحت التعذيب في السجون، هناك حالات مختلفة لوفاة معتقلين في مراكز الاحتجاز تؤكد السلوك غير القانوني لضباط الشرطة. 

ويعد ضرب وشتم الطلاب في الحي الجامعي خلال احتجاجات عام 1999 أحد الأمثلة التي تظهر شدة العنف ووحشية ضباط الشرطة في إيران. إذ اعتقل كل من الطالبة فرشته علي زادة والطالب سعيد زينالي خلال الهجوم الذي شنته عناصر الشرطة والقوى الأمنية على الحي الجامعي في طهران ولم يعرف مصيرهما لهذه اللحظة.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

طلب مساعدة الشرطة من الـ"باسيج" والقوى الأمنية أثناء قمع الطلاب واستمرار الاحتجاز غير القانوني، أصبح ذريعة بيد الشرطة استخدمتها في قضية اختفاء الطالبة زادة والطالب زينالي، إذ قالت الشرطة إنه لا علم لها باختفائهما.

ومن القضايا التي أكدت أن أعمال العنف أدت إلى حدوث حالات قتل في مراكز الشرطة، وفاة الطبيبة الشابة زهراء بني يعقوب، من سكان مدينة همدان. إذ اعتقلت في الـ 12 من أكتوبر (تشرين الأول) 2007، على أيدي عناصر هيئة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ونقلت إلى مركز التوقيف المخصص للجرائم الأخلاقية. واستلمت عائلة بني يعقوب جثة ابنتها هامدة بعد يومين من البحث عن مكان احتجازها.

وزعمت الشرطة أن الطبيبة الشابة انتحرت ليلة اعتقالها، لكن العائلة رفضت ما ورد على لسان الشرطة، واستناداً إلى وضع الجثة قالت العائلة إن ابنتها زهراء ماتت نتيجة للضرب.

وبعد ثلاثة أشهر، أثار خبر وفاة إبراهيم لطف اللهي في مدينة سنندج مرة أخرى مسألة عنف ضباط الشرطة. إذ كان إبراهيم طالب حقوق في السنة الرابعة، وتوفي بعد اعتقاله ونقله إلى مركز احتجاز الشرطة. وقالت الشرطة في حينها إنه انتحر. إلا أن هذا السيناريو الذي تكرر في أكثر من مناسبة رفضته منظمات حقوق الإنسان، وقالت إن لطف اللهي قتل تحت الضرب والتعذيب من قبل ضباط الشرطة في مدينة سنندج. 

مقتل الصحافية الإيرانية الكندية زهراء كاظمي أثناء استجوابها في السجن، يؤكد أيضاً أن عدداً من المعتقلين قتلوا تحت التعذيب في السجون الإيرانية.

المواطن الصحافي

إن أهم الأساليب المعتادة في مراكز الشرطة منذ سنوات، ضرب وتعذيب المتهم للحصول على اعتراف. وخلال احتجاجات عام 2009، ومع ظهور ظاهرة "المواطن الصحافي" الذي كان يصور قمع عناصر الشرطة للمحتجين، تأكد السلوك العنيف الذي يمارسه الضباط وعناصر الشرطة بحق المواطنين.   

مقاطع إطلاق النار بشكل مباشر على المتظاهرين وضرب الشباب في الشوارع واستخدام الهراوات والضرب على الرأس واستخدام الصعق بالكهرباء والغاز المسيل للدموع ما هي إلا جزء من المواجهات العنيفة من قبل الشرطة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.

كما أن العمل غير القانوني الذي قامت به قوات الشرطة في ضرب المتهمين بقضايا تسمى في إيران بـ "الشريرة" في الشوارع العامة وأمام أعين المارة، اعتُبر من قبل المحامين وفقهاء القانون مثالاً على عنف الشرطة غير القانوني.

 

 

وفي احتجاجات عام 2009، أثيرت مرة أخرى مسألة مراكز الاحتجاز غير الخاضعة للرقابة. وتسبب خبر وفاة محسن روح الأميني ومحمد كامراني وأمير جوادي فر ورامين قهرماني في 9 يوليو (تموز) 2009 بمعتقل "كهريزك" تحت التعذيب وفي غياب الرقابة على أوضاع المعتقلين، بإحداث ضجة كبيرة وصدمة في المجتمع الإيراني.

وبالنظر إلى الأدلة المتوافرة، فقد اضطرت الشرطة والمؤسسات الأمنية إلى قبول مسؤولية تعذيب المعتقلين في سجن "كهريزك". إلا أن تساهل المحكمة مع المتهمين أكد أن هذه الجرائم تتم بموافقة الحكومة والنظام الإيراني.

في احتجاجات عام 2009، أكدت مقاطع الفيديو الذي سجلها "المواطن الصحافي" بشكل مباشر جرائم قوات الشرطة. في يوم عاشوراء عام 2009 سجل أحد المتظاهرين مقطع فيديو يظهر أن سيارة الشرطة دهست أحد المتظاهرين في ساحة "وليعصر" في طهران. وروى بعض الشهود في ما بعد أن "الشاحنة جاءت لغرض محدد وهو دهس المتظاهرين. إذ بعد أن تحركت الشاحنة إلى الأمام عادت إلى الخلف ودهست المتظاهر مرة أخرى. "ولا يزال جسد ذلك المتظاهر أمام عينيّ. وهو يرتجف تحت عجلات الشاحنة. وتكرر العمل نفسه مرة أخرى".

وفي عام 2012، أصبح خبر مقتل الشاب ستار بهشتي وهو عامل ومدون، أحد أكثر قضايا جرائم الشرطة إثارة في إيران. وما فضح الشرطة تلك الرسالة التي بعثها 41 سجيناً سياسياً من سجن "إيفين"، إذ تبين أن ستار بهشتي كان في الزنزانة رقم 350 يومي 31 من أكتوبر والأول من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2012، وكانت آثار التعذيب واضحة على جميع أنحاء جسده.

وكان قد ورد في الرسالة أن من اعتدى على ستار بهشتي هم ضباط الشرطة في مركز الاحتجاز، وأن ستار بهشتي تعرض للضرب، وعلق في السقف ويداه مقيدتان، وركل على رأسه ورقبته.

ومن الحالات الأخرى التي تثبت عنف ضباط الشرطة الإيرانية، الضرب والشتم اللاإنساني الذي تعرض له دراويش غنابادي خلال احتجاجات شتاء 2017. إذ بلغ عنف ضباط وعناصر الشرطة حداً دفع ما لا يقل عن 180 من الدراويش المحتجين إلى التوجه إلى مراكز الطبية.

وبالتوازي مع وفاة السجناء في السجون الإيرانية، فإن عنف عناصر دورية الأخلاق ومكافحة جرائم المخدرات والسرقة واقتحام المنازل ضمن الخطط التي تهدف إلى منع إقامة المناسبات المختلطة وجمع أطباق استقبال الأقمار الاصطناعية ما هي إلا أمثلة حية وواضحة على انتهاك حقوق المواطنين في إيران.

 

 

وتعتبر وفاة مهرداد سبهري في 18 أكتوبر 2020 في مدينة مشهد مثالاً آخر على العنف الذي يمارسه ضباط الشرطة بحق المواطنين الإيرانيين. في هذه الحالة أظهرت الصور ومقاطع الفيديو أن سبهري كان مقيد اليدين وتم تعذيبه بالبنادق الصاعقة ورذاذ الفلفل. إذ أعلنت حينها عائلة مهرداد سبهري أنه توفي بسبب استنشاق غاز الفلفل والتعذيب أثناء نقله إلى مركز الاحتجاز.

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، أبلغت منظمات حقوق الإنسان عن حالات عدة. وإضافة إلى وفاة السجناء في السجون التابعة للسلطة القضائية، هناك من توفي في مراكز احتجاز الشرطة قبل نقلهم إلى السجون. 

وكانت ذروة هذه الأحداث، وفاة مهسا أميني في معتقل "شرطة الأخلاق" في طهران، مما أدى إلى بدء احتجاجات واسعة على مستوى البلاد. قتل مهسا أميني أعاد العنف الذي كان يمارس من قبل عناصر شرطة الأخلاق أثناء اعتقال الفتيات والنساء الإيرانيات.

أثار الشتم والضرب والاعتقال العنيف للنساء والسلوك غير الأخلاقي والعنيف لدوريات "شرطة الأخلاق" انتقادات بعض المسؤولين الحكوميين. ومقطع الفيديو الذي انتشر لأم تحاول منع "شرطة الأخلاق" من اعتقال ابنتها المريضة قبل أيام قليلة من فاجعة وفاة مهسا أميني، والتي وصل الأمر إلى أن تدهس سيارة الشرطة أم البنت، ما هي إلا أمثلة واضحة على هذا العنف غير القانوني الذي تمارسه الأجهزة التابعة للنظام بحق المواطنين الإيرانيين في أنحاء مختلفة من البلاد.

وكما يبدو فإن أحد أسباب ارتفاع القتلى في احتجاجات الشوارع على أيدي ضباط الشرطة هو السماح لهؤلاء الضباط بإطلاق النار مباشرة على المواطنين. إذ أكدت الأحداث منذ عام 2009 مروراً بأحداث 2017 و2018 و2019 و2022 حقيقة هذا الواقع، إذ قتل نحو 1500 شخص في احتجاجات عام 2019، ونحو 500 وما لا يقل عن 58 طفلاً دون الـ 18 سنة في احتجاجات عام 2022.     

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

المزيد من تقارير