ملخص
قرر رئيس إيران مسعود بزشكيان أن تكون أول زيارة رسمية له خارج البلاد منذ تسلمه المنصب إلى العراق، وذلك قبل أن يتوجه إلى نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتحديداً الأربعاء المقبل، تلبية لدعوة رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
يعتزم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان زيارة العراق الأربعاء المقبل تلبية للدعوة الرسمية التي وجهها إليه رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، إذ سيجري رئيس إيران أول زيارة رسمية له خارج البلاد منذ تسلمه المنصب، والتي تأتي قبل أن يتوجه إلى نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وكان رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وجه في يوليو (تموز) الماضي دعوة رسمية إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لزيارة العراق خلال اتصال هاتفه جمعهما.
وتأتي زيارة بزشكيان إلى بغداد "في أيام عصيبة" تمر بالشرق الأوسط، وفقاً لما يراه السياسي والنائب السابق مثال الآلوسي، من تنافس وتدافع أميركي إيراني، بعد انتخاب رئيس جديد ليقود طهران.
ويقول الآلوسي في تصريحات صحافية على هامش زيارة بزشكيان إن زيارة الرئيس الإيراني الأولى إلى العراق "ستتضمن إرسال رسائل من النظام الإيراني الجديد لأميركا وللخليج بأن العراق تابع لطهران والحديقة الخلفية والأمامية لها، وعلى الجميع أن يقبل بهذا".
وأضاف أن غالب العراقيين في الحكومة أو البرلمان أو باقي المؤسسات السياسية الأخرى، إيران "ليست معنية بإعطائهم رسائل، لأنهم جزء من اللعبة ومساحة إيران"، مبيناً "فلا ترشيح بالبرلمان أو رئيس للبرلمان أو رئيس وزراء ولا حتى قصف الفصائل لمواقع أميركية إلا بموافقة طهران".
ويؤكد النائب السابق أن "هذه الزيارة خطرة وفيها تأكيد ونصر واضح للمعسكر الإيراني داخل العراق، بالتالي على المعارضين للتمدد الإيراني أن يحذروا من عمليات تصعيد بالقصف أو الاغتيالات السياسية والتصفية الجسدية".
ويرى الآلوسي، وهو عضو سابق في لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان أن "زيارة الرئيس الإيراني ستتضمن رسائل أخرى إلى واشنطن وإسرائيل بأن دعونا نتقاسم النفوذ، وثبتوا مناطق النفوذ في المنطقة ومنها العراق وسوريا ولبنان ونحن نسيطر على الفوضى في غزة".
واعتبر الآلوسي أن الزيارة على رغم أنها تظهر تصعيداً إيرانياً على فرض الهيمنة على العراق، لكنها أيضاً "علامة يأس من إصلاح الأمور داخل إيران وهرب إلى الخارج من المشكلات الأمنية والسياسية والاقتصادية في طهران".
وأوضح النائب السابق أن إيران "تريد أن تظهر إلى أميركا وإسرائيل بأنها إذا ردت سترد عبر جيوب ما تسمى (المقاومة العراقية والسورية واليمنية) لأنها تريد إبعاد الضرر عن طهران".
دلالات واسعة وأهمية كبيرة
في المقابل يرى المتحدث باسم "ائتلاف النصر" عقيل الرديني أن زيارة بزشكيان إلى العراق بالتأكيد لها دلالات واسعة وأهمية كبيرة من حيث التوقيت والحدث والأهمية.
ولفت الرديني إلى أن الدور الاقتصادي المهم للعراق في ظل هذه المرحلة وعلاقاته السياسية التي جعلته ممكن أن يلعب دوراً مهماً في التواصل العربي والإسلامي والإقليمي والدولي تجاه ما يحدث، أما من حيث الحدث فهنالك حالة من اللااستقرار في كل العالم، وبخاصة منطقة الشرق الأوسط والحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا وإمكانية توسع حالة الصراع، والحرب في المنطقة تنذر بالخطر الشديد في أكثر منطقة حيوية في العالم، وهي الشرق الأوسط، وتحديداً في العراق والخليج العربي التي تحوي أكثر من نصف نفط العالم ومصادر الطاقة على الكرة الأرضية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووصف الرديني الزيارة بأنها تحظى بأهمية بالغة لوجود علاقات متينة بين البلدين والمنطقة اليوم تعد على صفيح ساخن وتسارع الأحداث وخوفاً من اتساع رقعة الصراع تجاه لبنان والعراق جراء الدعم الأميركي والغربي للكيان الإسرائيلي وسكوت وانحياز المنظمات الدولية والإقليمية لإسرائيل حيال المجازر الذي يقترفها الكيان الإسرائيلي في غزة أمام مسمع ومرأى كل العالم، ومن المؤكد أن الزيارة أيضاً ستبحث العلاقات الثنائية بين البلدين على الصعيد السياسي والاقتصادي.
طبيعة الزيارة وتوقيتها الحساس
وقال المحلل السياسي علي البيدر إن "هذه الزيارة ذات أهمية بالغة للبلدين، إذ إنها تبوح بمدى إمكانية وحضور العراق في المشهد الإقليمي وشدة تأثيره عليه من جانب، ومدى رغبة إيران في تعميق العلاقات مع العراق في مرحلة جديدة يقودها رئيس إصلاحي يريد صناعة واقع سياسي في المنطقة من جانب آخر".
وأوضح البيدر أن "هذا الواقع قد يسهم في تهدئة المنطقة ونقلها إلى مراحل أكثر استقراراً"، مشيراً إلى أن "المشتركات بين العراق وإيران كبيرة وكثيرة تتجاوز حدود الجغرافيا والتاريخ"، كما أن هناك أهدافاً مشتركة بين البلدين، وكلما استغلت بصورة أمثل كلما كان الواقع المصنوع بين الدولتين بعيداً من فرض الإرادات وبعيداً من التشنج في العلاقات الثنائية، بحسب البيدر.
وأضاف المتحدث أن "طبيعة الزيارة وتوقيتها الحساس من الممكن أن يلعب دوراً في امتصاص التشنج الحاصل بين الأطراف المتصارعة في المنطقة خلال هذه المرحلة"، مؤكداً أن "الزيارة تدل على مكانة العراق وأهميته بالنسبة إلى الجميع إمكاناته التي يمتلكها، ولربما قد تكون نجاحاته هي من دفعت إلى القيام بهذه الخطوة".
الاهتمام الإيراني بالأسواق العراقية الاستهلاكية
كان السفير العراقي لدى إيران نصير عبدالمحسن عبدالله أكد في وقت سابق، أن التجارة الاقتصادية بين البلدين تجاوزت 10 مليارات دولار، معرباً عن أمله أن يرتفع الرقم إلى 20 مليار دولار.
إلى ذلك، اعتبر الباحث الاقتصادي بسام رعد أن هناك عديداً من المقومات والعوامل الدينية والاقتصادية والجغرافية المشتركة بين العراق وإيران، ومكنت هذه المقومات البلدين من تعميق تعاونهما وتوثيق الروابط التجارية بينهما.
واعتبر رعد في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن العراق يعد أهم الشركاء الاقتصاديين لجمهورية إيران وعليه فإن اختيار الرئيس الإيراني الجديد للعراق كأول وجهة خارجية ليتم زيارتها يعكس مدى الاهتمام الإيراني بالأسواق العراقية الاستهلاكية، حيث تجاوزت صادرات إيران من السلع والخدمات إلى العراق 10 مليارات دولار، وفي خضم الضيق الذي ألم بالاقتصاد الإيراني إثر العقوبات الدولية، فإن التجارة البينية مع العراق تعد منفذاً اقتصادياً حيوياً لدعم النمو والتنمية.