ملخص
تعاني المنظمات الخيرية في الغرب صعوبات تواجه عملية جمع التبرعات والمساعدات الإنسانية للفلسطينيين في الداخل، هذا إضافة إلى أنها تخضع لتضييق الحكومة الإسرائيلية وتعطيلها وصول الدعم الإنساني إلى سكان الضفة الغربية وقطاع غزة سواء كان ذلك الدعم مادياً أم مواد غذائية أم طبية أم تعليمية.
يعمل الفلسطينيون في الغرب على توفير الدعم الإنساني والمالي لأهلهم في الداخل، وجهودهم تتنوع بين تمويل مشاريع مستدامة في مناحي الحياة كافة، ومساعدة العائلات الفقيرة والطبقات المهمشة، مروراً بدعم التعليم من خلال توفير منح لطلاب الدراسات العليا في الدول المتقدمة والمساهمة في إنشاء المدارس والجامعات، إضافة إلى تعزيز القطاع الطبي عبر توفير الأدوية وبناء المستشفيات أو تجهيزها أو تدريب الطواقم الطبية.
ويواجه الدعم الإنساني والمالي المقدم من الفلسطينيين والمتعاطفين مع قضيتهم في الغرب تحديات قانونية وإجرائية عدة تقلص قدرته على مساعدة الداخل، وبحسب الدكتور نهاد خنفر رئيس جمعية "أصدقاء نابلس" التي تأسست في بريطانيا عام 2008 وتعمل في مجالات دعم التعليم والصحة والزراعة، تخشى المنظمات الخيرية الفلسطينية في الغرب من شبهة "دعم المنظمات المحظورة" التي تحد من قدرتها على جمع التبرعات وإجراء المعاملات المصرفية لتوظيف الأموال في مساعدات إغاثية وتنموية مختلفة الأشكال.
ويلفت خنفر في حديث مع "اندبندنت عربية" إلى أن القيود الغربية على المعاملات المصرفية للجمعيات الخيرية الداعمة للفلسطينيين قد تصل إلى تجميد وإغلاق حساباتها، وإذا مرت من هذه القيود فإنها تواجه تعطيلاً من البنوك الإسرائيلية التي لا يمكن تحويل الأموال إلا عبرها، وكل هذا يقود إلى عزوف المتبرعين ويؤثر في حماسة المتطوعين وجامعي التبرعات عندما يخشون ربط عملهم بنشاطات مشبوهة واتهامهم بدعم الإرهاب.
ويوضح خنفر أن هناك تعاطفاً كبيراً من الشعوب الغربية مع القضية الفلسطينية، لكن التفاعل يكون أكبر في أوساط صغار المتبرعين وليس أولئك المصنفون من كبار المتبرعين بالمعنى التقليدي، منوهاً إلى أن كثيراً من الجمعيات الخيرية التي تعمل من أجل فلسطين هي مؤسسات يديرها غربيون وتعتمد مواردها على متبرعين غربيين في الغالب.
ويعمل في المملكة المتحدة عشرات الجمعيات الخيرية التي تقدم الدعم والمساعدة الإنسانية للفلسطينيين في الداخل، وكثفت هذه المؤسسات من عملها خلال الأشهر الماضية للتخفيف من وطأة الأزمة التي يعيشها الناس في غزة بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، وتجدر الإشارة إلى أن عدداً من هذه المنظمات تعود إدارتها لبريطانيين، وهي تعمل في دول مختلفة ومعروفة للحكومة البريطانية إلى حدود أنها تحصل على تسهيلات لوجستية ودعم مالي رسمي.
ثمة مجموعة من تلك الجمعيات الإنسانية الداعمة للفلسطينيين توجهت للحكومة البريطانية قبل أشهر برسالة تدعوها فيها إلى الضغط على إسرائيل لوقف الحرب على غزة، لكن حكومة لندن حينها التي كانت بقيادة حزب المحافظين لم تستجب لهذا المطلب، إنما أقر رئيس الوزراء حينها ريشي سوناك حزمة مساعدات بقيمة 20 مليون جنيه استرليني لتوفير الغذاء والماء والرعاية الصحية والمأوى للمتضررين من الحرب على قطاع غزة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"صندوق إغاثة أطفال فلسطين" أو ما يعرف اختصاراً بـ"BCRF" هو منظمة خيرية تأسست في أميركا عام 1991 بهدف معالجة الأزمات الطبية والإنسانية التي يواجهها أطفال الداخل، ويقول مديرها الدكتور سعيد شحادة إن العراقيل أمام الجمعيات الخيرية الداعمة للفلسطينيين في دول العرب تطال حتى المواد الطبية والغذائية وغيرها من أشكال المساعدات الإنسانية، وليس فقط الأموال التي تدعي إسرائيل أنها تذهب إلى الإرهابيين.
ويشير سعيد في حديث مع "اندبندنت عربية" إلى أن الغرب يتبنى مواقف وتقديرات إسرائيل للمساعدات المتوجهة إلى الداخل الفلسطيني، والبنوك الأجنبية تلتزم بالاتفاقات الخطية وغير الخطية المبرمة بين تل أبيب والحكومات الغربية في هذا المجال، كما أن الحكومة الإسرائيلية تمارس التأجيل والتعطيل في تسليم المساعدات إلى مستحقيها بذرائع مختلفة، حتى لو كانت التبرعات مواد غذائية أو كتب مدرسية على سبيل المثال، مما يضطر المنظمات أحياناً إلى التوجه للسفارات الغربية طلباً للمساعدة في تحرير تلك المساعدات.
وينوه سعيد إلى أن دول أوروبا وخصوصاً بريطانيا أكثر تشدداً من الولايات المتحدة في التعامل مع المؤسسات الخيرية الداعمة للفلسطينيين، وبخاصة تلك التي تكون صغيرة أو غير معروفة للحكومة، مشيراً إلى نوعين أساسيين من الشبهات في الغرب تلاحق عادة الجمعيات العاملة في هذا المجال، الأولى هي مساعدة المنظمات المصنفة على قوائم الإرهاب الغربية كحركة "حماس"، والتهمة الثانية هي دعم الأنشطة والممارسات المعادية للسامية.
ولعل أوضح مثال على صعوبة عمل الجمعيات الإنسانية الداعمة للفلسطينيين في الداخل هو "الأونروا" التي اتهمتها تل أبيب قبل أشهر بمساعدة "حماس"، مما أدى إلى توقف دول غربية عن تمويلها قبل أن يتراجع عدد منها عن هذا الإجراء، وتصدر في الـ12 من يوليو (تموز) الماضي مبادرة تجمع 118 دولة حول العالم لدعم المنظمة الأممية، فرد الكنيست الإسرائيلي بعد 10 أيام بالموافقة في قراءة أولى على تصنيف "الأونروا" كمنظمة إرهابية.