Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ثلاث فرضيات قادت تقدم "إخوان الأردن" في الانتخابات البرلمانية

تأثير حرب غزة وتراكم أزمة الثقة بين الحكومات والشارع وسيادة الأحزاب الأيديولوجية على البرامجية

يأمل مراقبون ألا يحتكر الإسلاميون القرار تحت قبة البرلمان على وقع نشوة فوزهم الانتخابي (اندبندنت عربية - صلاح ملكاوي)

ملخص

يرى محللون أن ثلثي الشعب الأردني ما زالوا غير معنيين بالانتخابات والهيئة المستقلة تقول إن النتائج أفرزت تعددية سياسية.

أسدل الستار على انتخابات البرلمان الــ20 في الأردن، بعد إعلان النتائج النهائية التي أظهرت تقدماً للإسلاميين على حساب الأحزاب الوسطية واليسارية.

وأجمع مراقبون على نزاهة العملية الانتخابية وتراجع ظاهرة شراء الأصوات بشكل كبير، فضلاً عن عدم وجود أي تدخل حكومي في انتخابات برلمانية هي الأولى من نوعها من حيث عدد المقاعد الحزبية والمقاعد المخصصة للمرأة.

ووفقاً للهيئة المستقلة للانتخاب فاز 104 حزبيون بمقاعد في مجلس النواب، 41 منهم على القائمة الحزبية، و63 على القوائم المحلية.

وحصلت جماعة "الإخوان المسلمين" من خلال ذراعها السياسي في الأردن "جبهة العمل الإسلامي" على 31 مقعداً، فيما حصلت أحزاب "الميثاق" و"إرادة" الأكثر منافسة لـ"الإخوان" على 21 مقعداً و19 مقعداً على التوالي.


مؤشرات ودلائل

وحملت النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية الأردنية مؤشرات عدة، من بينها حصول جماعة "الإخوان" على أعلى عدد من المقاعد في تاريخ مشاركتهم في البرلمانات المتعاقبة، بهذه النتيجة تكون الجماعة سيطرت على نحو 24 في المئة من مقاعد البرلمان الجديد، وهو ما يعني، في حال تحالفها مع نواب معارضين آخرين، قدرتها على تشكيل ما يسمى في الأعراف البرلمانية بـ"الثلث المعطل".

وفشلت الأحزاب الأردنية بخاصة تلك التي تشكلت قبل نحو عام ونصف عام، التي تؤيد النهج الحكومي في سحب البساط من تحت "الإخوان المسلمين" كما كان متوقعاً، لأسباب موضوعية يرى محللون أنها تتعلق باتكاء الحملة الانتخابية للجماعة على القضية الفلسطينية، واستثمار ما يحدث في غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما أسهم في تعزيز شعبية مرشحي الجماعة وزيادة قاعدتهم الجماهيرية، بخاصة في مدن العاصمة والزرقاء وإربد التي تضم أردنيين من أصول فلسطينية.

في المقابل منيت الجماعة بفشل ذريع في المحافظات، إذ لم تتمكن من الحصول على أي مقعد في كل من مأدبا والمفرق والطفيلة ومعان، ودوائر بدو الوسط والجنوب والشمال.

كما تراجعت الجماعة في مدن كانت تعد معقلاً لها كالزرقاء وإربد، اللتين حصلت فيهما على ثلاثة مقاعد فقط، وبينما حققت تفوقاً من خلال مرشحيها على القائمة الحزبية، كانت نتائجها على القائمة المحلية أقل من المتوقع في العاصمة عمان.

فجوة ثقة

وفي تعليقه على العملية الانتخابية اعتبر الباحث السياسي حسن البراري أن "الحقيقة الثابتة في هذه الانتخابات هي أن ثلثي الشعب الأردني ما زالوا غير معنيين بهذه العملية لأنهم لا يثقون بأن مخرجاتها ستصنع الفارق"، وأضاف البراري أن "ثمة فجوة ثقة بن المجالس ’المنتخبة‘ والغالبية الساحقة من الشعب، وفوز الإسلاميين أمر طبيعي لأن لديهم امتداد اجتماعي قوي في الشارع على عكس الأحزاب الوليدة والجديدة، لكن عزوف الناس واستنكافهم عن المشاركة السياسية هي مشكلة تضعف من شرعية النتائج في نهاية المطاف".

ويعتقد مراقبون أن فوز "جبهة العمل الإسلامي" بعدد غير مسبوق من المقاعد البرلمانية ليس مستغرباً في سياق تأثير المعطيات المحلية والإقليمية والدولية، ووجود حالة تراجع جماهيرية لبقية الأحزاب الأردنية التاريخية الأخرى كالأحزاب القومية واليسارية والماركسية.

ويأمل هؤلاء المراقبون ألا يحتكر الإسلاميون القرار تحت القبة على وقع نشوة فوزهم غير المسبوق، وأن يكونوا تشاركيين بدل أن يتحولوا إلى معطلين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعددية سياسية

من جهته رأى رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب موسى المعايطة أن فوز مرشحي "الإخوان" بأكبر عدد من المقاعد، "يثبت أن الدولة الأردنية مصرة على التعددية السياسية، وعلى مشاركة جميع أفراد أبنائها في العمل السياسي وفي القرار". وقال إن نسبة المقترعين من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة بلغت 43.5 في المئة من إجمالي عدد المقترعين، كما أن عدد الفائزين في الانتخابات ممن تقل أعمارهم عن 35 سنة، بلغ ستة فائزين.

كما بلغت حصة المرأة الأردنية 27 مقعداً برلمانياً، وهو ما يشكل تقريباً ضعف عدد المقاعد التي كانت في مجلس النواب السابق.

ويقول الباحث في مجال حركات الإسلام السياسي محمد أبو رمان إن "المفاجأة الأكبر كانت تواضع نتائج الأحزاب السياسية المنافسة للإخوان المسلمين التي كان يعتقد أنها ستزيح الجماعة من المشهد"، وأضاف أن "النتيجة الأكثر أهمية هي استعادة صدقية العملية السياسية وشرعيتها"، مفسراً فوز "الإخوان المسلمين" عبر ثلاث فرضيات رئيسة، الأولى ما أسماه بـ"تأثير غزة"، والثانية هي تراكم أزمة الثقة بين الحكومات والشارع، أما الفرضية الثالثة فكانت سيادة الأحزاب الأيديولوجية على الأحزاب البرامجية.

ويعتقد أبو رمان أن "ما حصدته الأحزاب الأخرى، بخلاف الإخوان، لا يستهان به أيضاً، فالوصول إلى قواعد شعبية تصل الى نحو 100 ألف مواطن خلال أشهر قليلة من عمر هذه الأحزاب أمر مهم".


يمين أردني في البرلمان

في مقابل كل هذه الآراء ثمة من يرى في نتائج الانتخابات البرلمانية محاولة من "مطبخ القرار الأردني" لتصدير الإسلاميين كيمين متطرف في مواجهة اليمين المتطرف الإسرائيلي، وتوجيه رسالة إلى واشنطن التي تنتظر ساكن البيت الأبيض الجديد خلال أقل من شهرين.

ولا يعتبر المحلل السياسي صلاح ملكاوي نتائج الانتخابات البرلمانية مفاجأة، بل يرى أن "المفاجأة هي عدم حصول جبهة العمل الإسلامي على الثلث المعطل في المجلس المنتخب على رغم كل فرص الشعبوية وزيادة الرصيد الانتخابي التي منحت لهم طوال عام مضى".

وأضاف ملكاوي "لم تكن هناك أية محاولات للتضييق عليهم خلال المدة الماضية، ولا تقييد لأعداد قوائمهم ودوائر ترشيحهم، سواء في الدوائر المحلية ذات الصبغة العشائرية، أم الدائرة الوطنية الحزبية الكبرى، كما سمح لهم بترديد شعارات بسقوف عالية في مسيراتهم ووقفاتهم الاحتجاجية المؤيدة لغزة، بما فيها إعلان الولاء والبيعة لقادة ’حماس‘ كالسنوار والضيف وأبو عبيدة".

ويعتقد ملكاوي أن "نسبة تمثيل الإخوان المسلمين بين الأردنيين تتراوح ما بين 20 و25 في المئة، لكن لا بد من ملاحظة الزيادة السكانية خلال السنوات الأربع الأخيرة وزيادة عدد المقترعين، مما يؤكد على أن ارتفاع حصتهم في هذا المجلس دليل على تغير المزاج الشعبي الأردني، جراء الحرب في غزة".

من جهته اعتبر الباحث السياسي ماهر أبو طير أن "هذا الاستحقاق أعاد الثقة بالانتخابات النيابية منذ عام 1989 بسبب جملة مخالفات وتجاوزات شهدتها المرات السابقة"، وطالب أبو طير "الحركة الإسلامية في هذا التوقيت أن تقف إلى جانب الدولة، في ظل مهددات خطرة من اليمين الإسرائيلي، لأن التوقيت ليس توقيت لا صراعات ولا ممارسة أي شكل من التحدي والغضب".

وعبر أبو طير عن اعتقاده بأن "نتائج الانتخابات لها توظيفات سياسية أقلها القول للإسرائيليين إن حرب غزة تركت أثراً حاداً في البنية الأردنية، وإن مناخات العداء المرتبطة بالسياسة الإسرائيلية قاسم مشترك في التعبيرات الشعبية الأردنية، بما فيها تلك الحزبية، وحرب غزة كانت حاضرة في صناديق الاقتراع بسبب الصلة المباشرة بين الإسلاميين في الأردن وحركة ’حماس‘ من ناحية فكرية".

ورأى أبو طير أن "الشارع الأردني يميني بطبيعته الاجتماعية ويميل إلى الحركات السياسية الدينية أو الأحزاب العقائدية، أو الانتخاب على أساس عائلي، مع تغييب أي خيارات ثانية، يسارية أم ليبرالية، أم أي اتجاه برامجي".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات