Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صراع البحث عن هوية في "العميل"

مسلسل معرب عن الدراما التركية "في الداخل" من بطولة أيمن زيدان ويارا صبري وسامر إسماعيل وطلال الجردي

يضم العمل عدداً كبيراً من الممثلين السوريين واللبنانيين (مواقع التواصل)

ملخص

تدور أحداث المسلسل حول شقيقين تفرقهما الحياة في الطفولة وتعيد الجمع بينهما في مرحلة الشباب ليتواجهان طوال الأحداث، أحدهما يعمل في سلك الشرطة والآخر عضو بارز في واحدة من أشهر عصابات المافيا، وذلك ضمن أجواء من التشويق والإثارة.

خلال تسعينيات القرن الماضي، اجتاحت المسلسلات المكسيكية المدبلجة شاشات عربية وبخاصة اللبنانية منها، فتعرف الجمهور على نوع جديد من الدراما والعادات والتقاليد والقضايا الاجتماعية.

وتميزت هذه الأعمال بجرأة لقطاتها أحياناً، حتى تسمر بعض من الجمهور لمتابعة فقط جمال البطلة أو الفتاة التي تلعب دور الخادمة نظراً إلى ما تقدمه من إغراء. ومن أبرز الأعمال التي قدمت في تلك الحقبة التلفزيونية "ماريا ابنة الحي" و"خوان الغول" و"ماريا مرسيدس" الذي حصد نسبة مشاهدات عالية ولعبت بطولته المغنية الجميلة تاليا.

الدبلجة

وتطور الأمر لاحقاً، فتمددت الدبلجة صوب أعمال هندية وكورية قُدمت باللهجة الخليجية إلى أن وصلنا إلى دبلجة مسلسلات تركية فباتت ركناً أساساً في سهرات العائلات، وراح الجمهور يتناقل أحداث القصص المعروضة ويترقب أحداثاً مقبلة. وتنوعت هذه المسلسلات بين الحب والدراما وإبراز القومية التركية وسرد أحداث تاريخية من حقبة العثمانيين.

تعريب

لم يتوقف الأمر عند الدبلجة بل تخطاها إلى تعريب مسلسلات تركية جمعت بين ممثلين لبنانيين وسوريين، ومن أبرز الأعمال المعربة "عروس بيروت" المقتبس عن "عروس إسطنبول" و"ع الحلوة والمرة" المقتبس عن "في السراء والضراء" و"ستيليتو" المقتبس عن "جرائم صغيرة"، و"الثمن" المقتبس عن "ويبقى الحب" و"كريستال" المقتبس عن "حرب الورد".

 

 

ومما لا شك فيه أن بعض هذه الأعمال حقق نجاحاً في العالم العربي وحظي بنسبة مشاهدات عالية، لكن هل الجمهور دوماً على حق؟ وهل المشاهد البسيط قادر على تقييم ما يقدم له؟

اتسمت تلك الأعمال المعربة بشيء من المبالغة في تقديم مشاهد الثراء والغنى وبدت بعيدة من الواقع العربي، على عكس المسلسل الجديد "العميل" المعرب عن العمل التركي "في الداخل" (أنتج عام 2016)، والذي يعرض حالياً على قناة "أم بي سي" ومنصة "شاهد".

ولكن قبل الحديث عن "العميل" ثمة أسئلة لا بد من طرحها حول الدراما المعربة. هل نعاني أزمة كتاب سيناريو مثلاً، ولا نجد نصوصاً لمَّاعة لإنتاجها؟ أم أن المنتج العربي يستسهل الحصول على قصة معروضة سابقاً ونجاحها مضمون، ومتى تنافس الدراما العربية التركية وغيرها؟

تزخر المنطقة العربية بكم كبير من المشكلات والقصص التي لم ترو بعد ولدينا عديد من القصص التاريخية التي يمكن العمل عليها، كما نملك كتاباً قدموا أعمالاً روائية شيقة وفي الإمكان تحويلها إلى أعمال درامية أو تاريخية، لكن يبدو أن الواقع يختلف عن التمنيات.

فالأعمال المعربة تكون شبه مطابقة للأعمال الأصلية، والتغييرات إن وجدت تكون فقط في لون السيارة مثلاً أو اللعب على الأحداث وتقديمها بطريقة مختلفة، لكن النتيجة ستكون واحدة.

"العميل"

تدور أحداث المسلسل حول شقيقين تفرقهما الحياة في الطفولة وتعيد الجمع بينهما في مرحلة الشباب ليتواجهان طوال الأحداث، أحدهما يعمل في سلك الشرطة والآخر عضو بارز في واحدة من أشهر عصابات المافيا، وذلك ضمن أجواء من التشويق والإثارة.

 

 

ويضم العمل عدداً كبيراً من الممثلين السوريين واللبنانيين أبرزهم أيمن زيدان وسامر إسماعيل ووسام فارس وفادي صبيح، وطلال الجردي وأيمن رضا ويارا صبري وعبدو شاهين ورشا بلال، وميا سعيد وهند باز وحازم زيدان وهمام رضا. وأعد السيناريو والحوار للنسخة العربية رامي كوسا ويحمل توقيع المخرج بارباروس بيلجن وإشراف عام سارة دبوس.

ثمة ما هو فريد في العمل. الحبكة الدرامية وتشابك الأحداث واستعمال الـ"فلاش باك" لتوضيح قصص من الماضي، حتى العقلية التي يدير بها المجرم جرائمه ممتعة ومتقدمة على حرص رجال الأمن.

لكن حين نتكلم هنا عن كل ذلك فإننا نمتدح الأتراك على ما فعلوه، وهذه عقبة من عقبات المسلسلات المعربة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نجح العمل في تقديم نوع من الإبهار في تواتر الأحداث على رغم أن بعض القصص كان من الممكن الاستغناء عنها، وهي قصص جانبية لا تؤثر في سياق العمل الدرامي، وبخاصة أن المسلسلات التركية تتسم بإطالة الأحداث وبطء سيرها. 

وهنا من الممكن ألا يستثمر المنتج العربي في ذلك وأن تكون حلقات المسلسل المعرب 15 مثلاً ومكثفة، مما يمنح مسلسلنا الجديد تميزاً عن التركي. لكن يبرز هنا العامل التجاري - الترويجي، فالمنتج يريد ربحاً مادياً أيضاً وإلا لماذا استثمر في مسلسل ناجح؟

هو صراع ما بين الخير والشر، ما بين ضابطين في السلك العسكري بين أمير (سامر إسماعيل) ووسام (وسام فارس). الأول يتفق مع رئيسه (طلال الجردي) لاختراق عصابة تتاجر بكل ما هو ممنوع، فيحبكان قصة تُدخل أمير السجن ومن ثم تتوالى الأحداث ليصبح في قلب العصابة.

أما الثاني الذي انتشله زعيم المافيا (أيمن زيدان) من حياة الشارع وعلمه وكبره، يصبح عيناً للعصابة لدى القوى الأمنية وبذلك تسبق المافيا دوماً الشرطة بخطوة. 

 

 

والملاحظ في العمل، تفاوت الأداء بين مشهد وآخر. فالمشاهد التي جمعت أبطال العمل تتسم بالقوة والحضور البارز، في حين أن المشاهد الجانبية تبدو ضعيفة ولا ترقى إلى مستوى العمل.

وقد يكون ذلك ضعفاً في المسلسل الأصلي إذ غالباً ما تكون المشاهد الجانبية هامشية، لكن كان بإمكان كاتب العمل إبراز بعض الشخصيات في المشاهد غير المرتبطة بالقصة. وهنا يبرز دور الممثل المساعد في هكذا مواقف، وهذه نقط ضعف عامة في الدراما العربية التي تركز على النجوم، وتهمل مواهب شابة.

ومن جهة ثانية، تبدو مشاهد القتال غير مقنعة في "العميل" وبخاصة في مشهد السجن، حين يهاجم العساكر سامر إسماعيل للانتقام منه لكنه يدافع عن نفسه بصورة جيدة. ثمة ما هو غير حرفي في المشهد فالممثل لا يتقن الفنون القتالية، ولإتقانها يحتاج إلى وقت كاف لذلك. ويبرز هنا الفرق في المسلسل الأصلي إذ في المشهد ذاته يتميز الممثل التركي بليونة وسرعة في الحركة وإتقان لبعض حركات الأكشن.

وفي سياق متصل، يتميز العمل بسرعة أحداثه في عدد من الحلقات، لكن سرعان ما تهدأ هذه السرعة ما بعد الحلقة الـ15. ويبدو واضحاً الحضور القوي للممثلين كل في دوره، فيسير أيمن زيدان مثلاً على خط ثابت طوال الحلقات مما يذكرنا بقوة الأدوار التي قدمها سابقاً في "نهاية رجل شجاع" و"إخوة التراب". وقدم أداء مقنعاً لرئيس المافيا المحلية وطريقة تعامله مع العمليات والتخطيط لها. 

 

 

وقد يكون هذا العمل انطلاقة جديدة للممثل السوري في الدارما المشتركة، في حين قدم طلال الجردي دور رئيس مكتب الأمن المراقب لتصرفات ضباطه، والمنتظر منذ 35 عاماً للقبض على هذه العصابة التي تتاجر في المخدرات وأشياء أخرى.

وفي المقابل، قد لا يترافق كل هذا النجاح في الأداء والتمثيل والحبكة الدرامية مع صورة العمل. ولم نشهد لقطات جميلة فيه لا داخلية ولا خارجية، كأن التركيز كان فقط على القصة، وهنا يبرز ضعف المخرج في اختيار كادراته، وبخاصة أن الأعمال المعربة كثيراً ما تميزت بقوة حضورها وصورتها الجميلة.

ومن المشكلات التي تبرز في الدراما المعربة أخيراً الجمع ما بين اللهجتين السورية واللبنانية، وبات ذلك ثيمة أساس للتعريب. والعمل أساساً منقول عن التركية، فلم هذه التوليفة التمثيلية ما بين بيروت ودمشق؟ وبخاصة أن البلدين يملكان ممثلين جيدين وقادرين على تقديم أدوار مختلفة. فلتجتمع الدراما المشتركة في الأعمال ذات الإنتاج الضخم.

ويمكن القول إن مسلسل "العميل" على رغم بعض الهفوات فيه قد يكون من أفضل الأعمال الدرامية المعربة التي قدمت خلال الأعوام الأخيرة، وأقلها في مظاهر الفحش والثراء. وأهم ما يميز العمل فتحه باب الأفكار الاستخباراتية والعمليات العسكرية التكتيكية للمشاهد، مما قد ينعكس لاحقاً على أعمال عربية أصلية.

وفي حديثه عن دوره في "العميل" قال الفنان أيمن زيدان "أجسد من خلال الأحداث شخصية ملحم متلون عشت معه معركة مع الشخصية من أجل إظهارها بصورتها النهائية، كونه رجلاً كان يعمل في عالم اللحوم ومن ثم صاحب مطعم وتحول إلى رجل عصابات وزعيم مافيا شرس".

وأضاف "كنت حريصاً على الابتعاد من النمطية في تجسيد أدوار الشر، وحرصت أن يكون ملحم إنساناً من لحم ودم، بالتالي هو شخص يفرح ويحزن ويحب على رغم أنه شرير. كاركتر مرهق فهو أب من نوع خاص تُختبر أبوته على أكثر من صعيد، وهناك جانب عاطفي في حياتي ممتع في أدائه".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون